أساطير الغاز وجيوبوليتيك شرق المتوسط

تاريخ الإضافة الأربعاء 8 آب 2012 - 7:24 ص    عدد الزيارات 815    التعليقات 0

        

 

 
أساطير الغاز وجيوبوليتيك شرق المتوسط
علي حسين باكير
درجَ عددٌ من المحلّلين المقرّبين من دائرة النظام السوري وخطّه السياسي والأيديولوجي في الآونة الأخيرة على نشر تصوّر ضمن سياق المؤامرات يقول إنّ كلّ ما يجري في سوريا اليوم إنّما يرتبط بخطط طويلة الأجل هدفها تعطيل دور سوريا جيوبوليتيكيّاً من جهة واستغلال الثورة الهائلة من الغاز غير المكتشف بعد على سواحلها.
ووفقاً لهذا التصوّر، فإنّ سوريا هي عقدة تقاطع مكامن الغاز الجديدة التي تربط شرق المتوسط (سوريا ولبنان) عبر العراق بإيران، وإنّ هذا الخط الذي تمسك سوريا به من شأنه تغيير الخريطة الجيوبوليتيكية للمنطقة نظراً لأهميته العالمية خاصة لأوروبا، في ظلّ التنافس الروسي – الاميركي للسيطرة على موارد الطاقة.
 
ويتمّ تفسير الموقف التركي من سوريا وفق نفس التصوّر بالقول إنّ أنقرة تبحث عن مقعد لها في النظام الدولي الجديد، ويشكّل الغاز أداة جيّدة لتحقيق ذلك، في الوقت الذي تسعى فيه للسيطرة على الثروة الغازية اللبنانية والسورية، بالإضافة الى عرقلة مرور النفط الإيراني مقابل الخدمات التي تقدّمها للغرب.
 
مثل هذا التصوّر الذي يستند إلى فكر مؤامراتي يتمّ تخريجه بطريقة عقلانية مرتبطة بالنفط والغاز، يستخدم كما تستخدم أدوات أخرى في تفسير ما يجري في سوريا بهدف واحد وهو التضليل عن الهدف الحقيقي، وهو يحمّل ثروات الطاقة الطبيعية السورية من النفط والغاز ما لا تحتمل.
 
يقول "صحبة كربوز" الخبير في الطاقة العسكرية لـ"الجمهورية": "موضوع الغاز له أهمّية جيوبوليتيكية بالغة لاسيّما في منطقة شرق المتوسط، لكن هناك مبالغات كبيرة، حول إمكانات بعض الدول كما بالنسبة الى التقليل من أهمّية تركيا كونها عقدة مواصلات غازية. أمّا بالنسبة الى المنطقة الممتدة بين لبنان وسوريا، فتكمن أهمّيتها في كونها منطقة عذراء خاماً، لم يتم التنقيب فيها من قبل بتاتاً، وهناك آمال في إيجاد كمّيات كبيرة من الغاز، لكنّها مرتبطة بشكل أساسي بالمنطقة قبالة المياه الاقليمية اللبنانية بشكل أساسي وليس سوريا".
 
ويضيف كربوز: البعض غير المتخصّص تقنيّاً بموضوع الغاز يستسهل التحليلات وإعطاء الأرقام والسيناريوهات. والاكتشاف الأوّلي للغاز لا يعني عمليّاً شيئاً، إذ يحتاج تطوير حقل على سبيل المثال قرابة 6 إلى 7 سنوات، وحوالي 5 سنوات لتطوير البنية التحتية، هذا من حيث الوقت. أمّا من حيث الناحية العملانية فيجب أن يتمّ الكشف بالحفر، وبعدها يتمّ تقييم إذا ما كان يصلح تجاريّاً أم لا، بعدها يتمّ البحث في البنية التحتية كأن تكون أنابيب أو منشأة للغاز المسال من دون أن ننسى العوائق الجيوبوليتيكية".
 
ويكشف الخبير الذي سبق له أن شغل منصباً في وكالة الطاقة الدولية ويعمل الآن مديراً لمجموعة صناعة الطاقة في فرنسا أنّ "إسرائيل تقوم الآن باستغلال ما يقوم به النظام السوري من أجل التنقيب على النفط في منطقة الجولان، مشيراً إلى أنّها قامت بإجراءات مسح وتنقيب من دون أن تشير أيّ من وسائل الإعلام العالمية إلى الخبر".
 
وعمّا إذا كان الغاز الإسرائيلي المكتشف حديثاً سيغيّر من المعادلات في المنطقة، أشار كربوز إلى أنّه لزمَ إسرائيل حوالي 50 سنة تقريباً حتى وجدت هذه الاحتياطات الضخمة من الغاز في المياه، مضيفا: "لا شكّ ستستفيد إسرائيل من الغاز المستكشف مؤخّراً وذلك في تخفيف الاعتماد على الغاز المصري وفي تطوير صناعة الغاز والبتروكيماويات، أمّا على المستوى الاقليمي، فالغاز قد يغيّر من بعض المعادلات لكنّه لن يغيّر من اللعبة".
 
وفي هذا الإطار يقول: "أدّى الغاز إلى نشوء محور إسرائيل - قبرص- اليونان، ومن المعروف أنّ اليونان وقبرص كانتا تاريخيّاً تدعمان القضيّة الفلسطينية، وبسبب الغاز فقد أصبحت هاتان الدولتان إلى جانب إسرائيل. لكنّ ذلك لا يفكّ من عزلة إسرائيل الآن، فتل أبيب تبحث عن طريقة لاستغلال الغاز عبر تصديره الى الخارج، وفي هذا المجال فهي تفتقر الى الخيارات الناجعة من دون تركيا، ولذلك فالغاز هنا لا يغيّر من اللعبة".
 
وعن الخيارات المتاحة يقول: "سيكون على اسرائيل إمّا بناء منشأة للغاز المسال، وهي عالية التكلفة ماليّاً بحدود 15 مليار دولار كما أنّ إجراءات حمايتها في منطقة غير مستقرّة ستكون معقّدة، ولذلك تقترح أوساط أمنيّة إنشاءَها في قبرص، ولعلّ هذا ما يفسّر المباحثات الأمنية التي جرت بين الطرفين والمعلومات التي نقلت عن استخدام إسرائيل لقاعدة عسكرية في قبرص مقابل تقديم الحماية لها".
 
أمّا الخيار الثاني فهو استخدام منشآت غاز موجودة في مصر والأردن، لكنّ هذا الخيار سيكون صعباً، كما أنّه قد لا يكون مجدياً في الحالة الأردنية. وفيما يتعلّق بالخيار الثالث فهو خيار تقليدي يقوم على إنشاء خطوط نقل، وهو يحتاج الى موافقات دول كثيرة وإلى اتّفاقات غالبها مع دول ليست على وفاق مع إسرائيل".
 
ويشير الخبير في شؤون الطاقة لـ"الجمهورية" إلى أنّ هناك رأياً في إسرائيل يقول بتصدير الغاز الطبيعي الى أسواق آسيا، لكن يغيب عن بال هؤلاء أنّه وحتى إتمام البنية التحتية اللازمة لمثل هذا الأمر ستكون أستراليا أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في العالم، ناهيك عن وجود واحات من الغاز في بلدان أخرى كتانوانيا وموزمبيق حيث الشروع في إعداد منشآت للغاز المسال.
 
ويتوقّع صحبة كربوز أن يتحوّل وضع الغاز في شرق المتوسط، إذا لم يتمّ اعتماد الشراكات في البحث والتنقيب والتسويق، إلى معضلة شبيهة بمعضلة بحر قزوين الذي تشكّل ثروته الغازيّة حوالي تريليون دولار ولا تزال تخضع لخلافات الدول المحيطة به.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,134,490

عدد الزوار: 6,755,821

المتواجدون الآن: 113