المصارف اللبنانية بين فكي الكماشة الأميركية!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 3 تموز 2012 - 5:31 ص    عدد الزيارات 836    التعليقات 0

        

 

المصارف اللبنانية بين فكي الكماشة الأميركية!
بقلم د. ماجد منيمنة
أَدرجت وزارة الخزانة الأميركية على لائحتها السوداء عمليات ونشاطات «حزب الله» في أميركا الجنوبية، إذ أعلنت عن «فرض سلسلة من العقوبات الجديدة ضد أربعة لبنانيين جدد بتهمة تبييض الأموال وتهريب المخدرات وتهريب العائدات المالية إلى الحزب عبر القطاع المالي اللبناني». كما أعلنت الخزانة عن فرض عقوبات اضافية ضد اللبناني أيمن جمعة المقيم في كولومبيا، وما سمته «شبكة جمعة» التي تنشط بين الأميركيتين والشرق الأوسط. كما فرضت الوزارة عقوبات ضد عباس حسين حرب وإبراهيم شبلي بتهم تهريب المخدرات وتبييض أموالها بالتعاون مع جمعة، واتهمت المنظمة التي يديرها حسين حرب في كولومبيا وفنزويلا بتبييض الأموال لمصلحة أيمن جمعة عبر المؤسسات المالية اللبنانية، واتهمت إبراهيم شبلي باستخدام منصبه كمدير لفرع العباسية التابع لبنك فينيسيا في لبنان لتسهيل تحويل الأموال لمصلحة جمعة وحرب. كما فرضت الوزارة عقوبات ضد اللبناني علي محمد صالح الذي يحمل جنسية كولومبية, وذلك وفق قوانين مكافحة الإرهاب بسبب دوره في توفير «الدعم المالي والمادي والتقني لحزب الله». وأضاف بيان وزارة الخزانة الأميركية بأن «صالح هو مسؤول بارز في إدارة وتنسيق عمليات «حزب الله» في كولومبيا»، لافتاً إلى أن «صالح كان مسؤولا في قسم العمليات الخارجية لـ «حزب الله» وكان على اتصال مع الناشطين التابعين للحزب في فنزويلا والمانيا والمملكة العربية السعودية». وكما هو معروف, تمنع هذه العقوبات أي مواطن أميركي أو مؤسسة أميركية من التعامل مع المستهدفين وتجميد أي عائدات يملكونها في أي مؤسسة مالية أميركية أو خاضعة للقوانين الأميركية أينما كانت في العالم.
وكان قد كُشف في تحقيق سابق من قبل وزارة الخزانة الأميركية بأن أيمن جمعة قام بغسل ما يقدر بـ200 مليون دولار أميركي بمعدل شهري, وهي الأموال التي تم تحصيلها من بيع الكوكايين في أوروبا والشرق الأوسط عن طريق عمليات جرى تنفيذها في لبنان وغرب أفريقيا وبنما وكولومبيا, باستخدام مكاتب الصرافة وتهريب كميات كبيرة من النقد. وعلاوة على ذلك، تم تصنيف عدة شخصيات وكيانات لبنانية وفقاً لـ «قانون تحديد رؤساء العصابات الأجنبية المتاجرة بالمخدرات»، بما في ذلك فندق لبناني وشركات تجارية أخرى. وبعد ذلك بأسبوعين، صنفت السلطات الأميركية «البنك اللبناني الكندي» والشركات التابعة له كـ «مؤسسة مالية لغسل الأموال بصورة رئيسية» بموجب المادة 311 من «القانون الوطني للولايات المتحدة الأميركية», ما أدى إلى إفلاس البنك وبيع أصوله إلى مصرف ناشط.
ويرى المعنيون بأن طبيعة الجريمة المنظمة عبر الحدود قد تغيرت من ثلاثة أوجه رئيسية:
أولاً، نوّعت منظمات الاتجار بالمخدرات من أنشطتها. فمن خلال استغلال الحدود المفتوحة والنمو السريع في حجم وسرعة التجارة العالمية وانتشار أدوات التكنولوجيا، فإن المنظمات التي لم تكن تتعامل إلا في المخدرات بدأت تتاجر في الأسلحة الصغيرة والخفيفة والبشر والبضائع المهربة والأموال مع استمرارها في شحن كميات هائلة من المخدرات عبر مجموعة موسعة من طرق النقل. كما أدركت المنظمات الإجرامية حجم المكاسب الإضافية والمرونة التشغيلية التي يمكن أن يجلبها التوسع في أنشطة الإتجار والتهريب.
ثانياً، استخدمت الشبكات الإجرامية طرقاً جديدة في أداء أعمالها. فما كان يُحتّم من قبل نقل البضائع المهربة عبر الحدود عن طريق شبكات ظل تحاكي الاقتصاد العالمي حتى توسعت لتشمل اختراق الأسواق الشرعية العالمية والشركات متعددة الجنسيات. كما أصبحت المنظمات الإجرامية عبر الحدود ماهرة في استخدام وسائل تكنولوجيا المعلومات مستغلة الفرص التي توفرها السرعة المتزايدة لتبادل المعلومات وزيادة حجم تحويل الأموال عبر الإنترنت والسرية العامة للتبادل الافتراضي من أجل زيادة حجم ومدى أنشطتها مع توزيع أو الحد من خطورة كشفها.
ثالثاً، تغير الهيكل التنظيمي للمجموعات الإجرامية. فقد كانت عائدات المنظمات الهرمية المركزية تعود في معظم الأحوال إلى شبكات مفككة وغير منتظمة يمكنها التأقلم بشدة فضلاً عن كونها غير مركزية. وبالطبع لا يزال هناك قادة، ولكنهم قادة للشبكات وليسوا قادة بالتسلسل الهرمي.
ويؤكد مصرفيون واقتصاديون أن البنوك اللبنانية التي أمضت سنوات في تعزيز أنشطتها تطّبق في هدوء عقوبات فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على دمشق وإيران لتفادي الإضرار بأنشطتها الدولية. ويصر المصرفيون اللبنانيون على أنهم ملتزمون قانوناً بتطبيق العقوبات الغربية التي تحظر التعامل مع عشرات المسؤولين والشركات السورية والإيرانية. وقد صرّح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مؤتمر مصرفي في بيروت الشهر الماضي «إن أي فرد أو مؤسسة على قوائم العقوبات الأميركية وعقوبات الاتحاد الأوروبي لا تستطيع التعامل مع البنوك اللبنانية». كما يحرص القطاع المالي في لبنان على تفادي أي اتهامات جديدة غير مرغوبة بعدما هزّته بالفعل اتهامات أميركية في العام الماضي للبنك اللبناني الكندي الذي كان يحتل المرتبة الثامنة على لائحة المصارف, لتورطه في شبكة غسل أموال, فما كان ردّ المصرف المركزي إلا بأن البنك يلتزم بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال، لكنه سرعان ما أعلن لاحقاً دمج البنك مع فرع بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي في لبنان في غضون شهر من هذه الواقعة. ومع تزامن تشديد العقوبات الغربية على دمشق أكد مسؤول بارز بوزارة الخزانة الأميركية زار بيروت مؤخرا «على الحاجة إلى حماية القطاع المالي اللبناني من محاولات التحايل على العقوبات وغسل الأموال عبر قنوات أضحت معروفة للمجتمع الدولي».
كما أن وزارة الخزانة تضغط على لجنة الرقابة والمنظمين الماليين في لبنان لتشديد الرقابة على المصارف المحلية التي تتعامل مع دمشق وطهران, كما يعتقد مسؤولون أن الرئيس السوري بشار الأسد يحاول استخدام هذه الارتباطات المالية للالتفاف على العقوبات بعد حظر القنوات الأخرى لنقل الأموال وبسبب العقوبات المفروضة على رموز النظام السوري, وهذا كله جاء رغم ما صرح به حاكم المصرف المركزي اللبناني بأن الحكومة اللبنانية كثفت من جهودها خلال العام الماضي لمكافحة غسيل الأموال مع التأكيد على انخفاض ودائع السوريين في المصارف اللبنانية بمعدل أربعين في المئة.
وعلى الرغم من كل هذه الإجراءات المشددة التي يتخذها المصرف المركزي إلا ان وزارة الخزانة الأميركية وإدارة المخدرات تخشى من أن مئات من الحسابات الصادرة عن المصرف اللبناني الكندي والمشتبه فيها قد تم نقلها إلى مؤسسات مالية أخرى تعمل في لبنان, ويعزز هذا الخوف أيضاً استمرار المدراء التنفيذيين للمصرف اللبناني الكندي بالعمل في النظام المصرف اللبناني وجسم مؤسساته المالية والنقدية.
وبرأينا وفي حال الرضوخ إلى المطالب الأميركية لإجراء عمليات استئصال سريعة، ومن دون ضمانات حكومية لتثبيت الاستقرار المالي والنقدي في الوطن، ومن دون العمل على فتح الطريق أمام المصارف الوطنية للعب دورها بشفافية وأمانة لتنشيط الاقتصاد الوطني وإعادة دوران العجلة المصرفية التي تعد الركيزة الأولى فيه, فإن القطاع المصرفي سوف يتعرض لهزيمة ضخمة و«ستكر السبحة» لتتحول إلى سيل جارف من الإفلاسات المصرفية لن يستطيع أحد إيقافه!.
* خبير مالي واقتصادي
* دكتوراه في المالية الدولية

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,160,430

عدد الزوار: 6,757,995

المتواجدون الآن: 124