لنفقأ الدمّل كي نستعيد الصحة

تاريخ الإضافة السبت 30 حزيران 2012 - 5:40 ص    عدد الزيارات 854    التعليقات 0

        

 
بقلم مروان اسكندر

لنفقأ الدمّل كي نستعيد الصحة

 

الحياة السياسية ومن ثم الاقتصادية والاجتماعية في لبنان تشكو من تقيح يسمم جسد الكيان اللبناني في حياته اليومية.
لقد انتشر الدمّل على مساحة الوطن لأننا تقبلنا احلال المذهبية في موقع الوطنية فبات الولاء والالتزام للطائفة أو الحزب – الطائفي عادة – أو الزعيم الطائفي.
لم تشهد الادارة اللبنانية أي تطور منذ عام 1975 سوى انشاء دائرة الضريبة على القيمة المضافة على أسس حديثة، وتكريس الأدمغة الالكترونية في أكثر معاملات السجل العقاري، ومعاملات الجمارك، لكن اعتبارات المذهبية والطائفية أفسدت نسبة ملحوظة من الممارسات الحديثة المحدودة.
اننا نشكو من المراوحة والانتظار في غرفة العناية الفائقة التي صارت تضمّ كل الاقضية اللبنانية، ولم نشهد انجازاً واحداً على صعيد التجهيز البنيوي منذ عام 2000 سوى انهاء أعمال سد شبروح الذي يستوعب 10 ملايين متر مكعب من الماء، أي ما يوازي نسبة واحد في المئة من تساقط المياه على لبنان، وعلى رغم انجاز السد لم تنجز أو تحسن القنوات التي تنقل مياهه الى جونيه وجوارها، وسمعنا أخيراً عن مشروع لانجاز قناة لهذا الغرض سيستغرق سنتين على الاقل.
إذا كان مشروع لحفظ المياه متواضع الحجم يحتاج الى سنوات لانجازه، وقنوات نقل مياهه تحتاج الى سنوات أخرى، فكيف للبنانيين أن ينظروا الى المستقبل بتفاؤل؟
الحكم اليوم يظهر كأن فريقين يديرانه، الأول يلقي اللوم على التركة الثقيلة كلما تحدث عن مشكلة الكهرباء، ومنه السيد محمد رعد والدكتور نبيل نقولا، وهو يتجاوز الحقيقة التاريخية الحديثة ألا وهي ان وزراء الرئيس اميل لحود وحزب الله والتيار الوطني الحر، ولثلاثة اشهر فقط وزيراً من تيار المردة، تولوا مسؤولية وزارة الطاقة ولم يحرزوا مدى 14 عاماً أي تقدم، في حين ان المتهم بالتركة الثقيلة، أي الرئيس رفيق الحريري، أضاف الى طاقة انتاج الكهرباء في سنتين 1993 – 1995 ما يوازي 1080 ميغاوات أي مرة ونصف الطاقة المقترح زيادتها من دون أي تقدم منذ ثلاث سنوات.
في مقابل فريق التمسك نظرياً بالمصلحة المالية للبلد ولو على حساب خنق اقتصاده، هنالك فريق آخر في الحكم يمكن وصفه بفريق التنظير من زاوية الاستهدافات النظرية الدولية والتي تتمثل في المقام الاول في نظرة محاسبية منافية لمستوجبات النمو، والحاجة الملحة في لبنان هي الى دفع القطاعات الاقتصادية في مجالات النمو، لأن زيادة الدخل القومي، وتدفق رؤوس الاموال، واشراك المواطنين في تملك سندات أو أسهم المؤسسات العامة القابلة للتخصيص هي المنهج الوحيد الذي يؤدي الى نتائج مفيدة للبلد.
ومن اجل توضيح الصورة التي نعانيها سنعرض لتفصيل بسيط من منطلقات الفريق الثاني ونبين اضراره، ومن بعد نعود الى مواقف الفريق الاول ونبحث في مأساة الكهرباء وآثارها المضرة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في لبنان.
فريق التزمت المالي كان وراء انجاز اسوأ مشروع موازنة في تاريخ لبنان. والأخطر من ذلك ان هذه الموازنة في حال تبنيها في مجلس النواب تعدّل وجه لبنان الاقتصادي وتدفعنا بسرعة نحو ازمة مستحكمة لا نستطيع تجاوزها. ولنعط مثلاً واحداً على مدى إغفال الموازنة المقترحة لحاجات لبنان.
لقد واجه لبنان عام 2011 عجزاً على حساب ميزان مدفوعاته تجاوز الملياري دولار، والفصل الاول من هذه السنة يؤشر لتوقع عجز قد يكون أقل بقليل من عجز العام المنصرم، وخصوصاً بعد انخفاض اسعار النفط والمشتقات النفطية، واستمرار العجز نتيجة تمنّع المستثمرين عن الإقبال على لبنان يؤدي الى رفع معدلات الفائدة على سندات الخزينة، وتراجع الثقة بقدرة لبنان على الايفاء، وانخفاض معدلات النمو.
ان النتائج السيئة المشار اليها يمكن توقعها اذا ما قررنا زيادة الضريبة على فوائد الودائع من 5 – 7 في المئة بدل الغائها، ولعل المثل الآتي يساعد منظري وزارة المال على الاستفاقة.
زيادة الودائع في لبنان هدف حيوي للمحافظة على فائض في حساب ميزان المدفوعات واستمرار تمويل القطاعات الخاصة والقطاع العام، لكن المودعين لن يأتوا الى لبنان، بل ان مودعين لبنانيين سيحولون ودائعهم الى الخارج وربما الى مصارف لبنانية.
قبرص التي تعاني ازمة مالية ترتبط بحجم اقراض مصارفها لليونان تحوز تصنيفاً ائتمانياً على مستوى لبنان، لكن قبرص نتيجة انتمائها الى السوق الاوروبية تفرض معدل احتياط الزامي على الودائع على مستوى واحد في المئة، في حين يراوح المستوى بين 15 في المئة على الدولار و18 في المئة على العملة اللبنانية. والاحتياط الالزامي لا يؤتي فائدة وقبرص لا تفرض – كما مصر التي يتوقع استعادتها الاستقرار في وقت قريب – أي ضريبة على فوائد الودائع. وأخيراً وليس آخراً اقرت قبرص معدلاً ضريبياً واحداً لشركات المقيمين والقبارصة، وهذا المعدل هو 10 في المئة.
هنالك عدد من المصارف اللبنانية العاملة في قبرص ومنها عدد غير قليل ينتسب الى مصارف كبيرة في لبنان. هذه المصارف كما المصارف القبرصية، يمكنها على سبيل المثال تأمين معدل 4,5 في المئة على الودائع بالدولار وربما 4,75 في المئة، ومن ثم تسديد 10 في المئة على ارباحها بدل 21 في المئة قد ترتفع الى 23 في المئة بحسب مشروع الموازنة.
الى اين سيذهب المودعون قياساً بالمقارنة المدرجة، وهل من مصلحة لبنان ابعاد الودائع عن مصارفه في لبنان، وتعميق عجز ميزان المدفوعات؟
ليطرح منظرو وزارة المال على انفسهم هذه الأسئلة وليأتونا بجواب، ونذكرهم للمرة الثانية ان العجز على حساب مشتقات النفط للكهرباء يقدر أن ينخفض 500 مليون دولار هذه السنة، اي اكثر من مجمل الزيادات الضريبية المقترحة.
موضوع الكهرباء مأساة المآسي. منذ 1996 وهنالك دراسة موسعة من البنك الدولي عن التدرج نحو تحسين الادارة ومن ثم التوجه الى خفض الانتاج والتحصيل مع حصر حقوق النقل بالدولة. وبعد ذلك التقرير تسلم الوزير سليمان طرابلسي الذي سماه الرئيس لحود وهو قاض يتمتع بنزاهة مطلقة تقريراً تفصيلياً من البنك الدولي في تاريخ 8 تموز 1999 أي قبل 13 سنة. ومع تولي وزراء الرئيس لحود، وحركة امل، وحزب الله، والتيار الوطني الحر مقاليد الأمور في وزارة الطاقة منذ 1998، لم نشهد أي تطور على أي صعيد سوى خطوة تلزيم التحصيل لثلاث شركات انجزت حديثا، لكن المشاكل الرئيسية لم تحل. ومعلوم ان لبنان يستطيع انجاز محطات بطاقة 2500 ميغاوات خلال 30 شهراً وبكلفة قد تبلغ 2500 مليون دولار، لكن كلفة انتاج الكهرباء في معامل كهذه تشغل على الغاز تنخفض 1000 مليون دولار سنويا، فنستطيع ايفاء الكلفة اذا احتجنا الى ذلك، علما بأن الامكانات متوافرة لاستقطاب القسم الأكبر من التمويل من القطاع الخاص اللبناني وربما من بعض الشركات العالمية الكبرى التي تتولى انتاج الكهرباء وتوزيعها في كندا والولايات المتحدة وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا الخ.
كل ما يحتاج اليه لبنان للنهوض من كبوته، الثقة بالحكم ونزاهة وسرعة فض الخلافات، وابتعاد الكل عن التمسك بحلوله الخاصة للمشاكل العامة، خصوصا ان الحلول سواء بالنسبة الى المياه والكهرباء، والاتصالات، والنفط والغاز معروفة منذ زمن ولا اكتشافات في شأنها، وانما رغبة في الاستئثار بالقرار ولو على حساب اللبنانيين كشعب والاقتصاد اللبناني كمرتكز للعيش الكريم.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,784,541

عدد الزوار: 6,914,824

المتواجدون الآن: 96