ماذا يعني أن ينتهج الديموقراطيون سياسة اقتصادية جمهورية؟!

تاريخ الإضافة الأربعاء 13 حزيران 2012 - 6:25 ص    عدد الزيارات 828    التعليقات 0

        

 

ماذا يعني أن ينتهج الديموقراطيون سياسة اقتصادية جمهورية؟!
بول كروغمان()
ما الذي يجب فعله حيال الاقتصاد؟ الجمهوريون يزعمون أنهم يملكون الجواب: خفض الإنفاق والمزيد من الاقتطاعات الضريبية. ما يأملون أن لا ينتبه إليه الناخبون هو أنها بالتمام السياسة نفسها التي كنا ننتهجها خلال العامين الماضيين. وعلى الرغم من وجود الديموقراطيين في البيت الأبيض، فهذه هي تماماً السياسة الاقتصادية الحلم بالنسبة للجمهوريين.
إذاً، فإن الاستراتيجية الانتخابية الجمهورية هي في الواقع، لعبة خداع عملاقة: تعتمد على إقناع الناخبين بأن الاقتصاد السيئ هو نتيجة سياسات الإنفاق الكبيرة التي لم ينتهجها الرئيس الأميركي باراك أوباما (والسبب هو عدم سماح الحزب الجمهوري له بذلك) وأنه يمكن الخلاص من معاناتنا من خلال الاستمرار في السياسات نفسها التي أثبتت فشلها لغاية الآن. ولسبب ما، لم ينجح الإعلام ولا فريق الرئيس أوباما السياسي في فضح هذه اللعبة.
هل ما أعنيه بقولي هذا هو أن اقتصادنا اليوم هو فعلياً اقتصاد جمهوري؟ فلنتطلع أولاً إلى الإنفاق الحكومي العام الفدرالي والمحلي. فبعد تعديله ليتماشى مع نمو السكان ونسبة التضخّم، فإن هذا الإنفاق تراجع بنسبة لم نشهدها منذ مرحلة التسريح العام ألتي أعقبت مباشرة الحرب الكورية.
كيف ذلك؟ أليس الرئيس أوباما من المبذرين؟ في الواقع كلا. لقد كانت هناك فترة بسيطة من الإنفاق في أواخر العام 2009 ومطلع العام 2010 بعد أن بدأت مرحلة التحفيز، لكن هذه المرحلة أصبحت وراءنا، إذ بعدها لم نشهد سوى الانحدار في الإنفاق. لقد أقدمت الولايات التي تعاني من ضائقة مالية والحكومات المحلية على صرف الأساتذة، ورجال الإطفاء وعناصر الشركة، في حين أن تعويضات البطالة كانت تتأرجح على الرغم من أن نسبة البطالة كانت مرتفعة جداً.
وبشكل عام، فإن صورة أميركا في العام 2012 تحمل الملامح نفسها بشكل كبير للخطأ الذي ارتكب في العام 1937 عندما أقدم (الرئيس الأميركي الراحل) فرانكلين روزفلت على خفض الإنفاق بشكل مبكر، ما دفع بالاقتصاد الأميركي الذي كان في الواقع بدأ يتعافى بشكل ملحوظ في تلك المرحلة- إلى المرحلة الثانية من الركود الكبير. غير أنه في حالة الرئيس روزفلت، كان ذلك خطأ غير مقصود بما أنه كان يحظى بغالبية ديموقراطية في الكونغرس. أما في حالة الرئيس أوباما، وعلى الرغم من أن ذلك لا يعني أنه مسؤول بالكامل عن السياسة الاقتصادية الخاطئة، إلا أن الكونغرس مؤلف من غالبية جمهورية تعيق عمله.
وهذه الغالبية الجمهورية التعطيلية تحديداً، ابتزت الرئيس ودفعته الى الاستمرار في سياسة اقتطاع الضرائب عن الأغنياء ـ حيث تدنت الضرائب الفدرالية من نسبة الدخل العام إلى مستوى منخفض تاريخي- وفي الواقع أدنى مما كانت عليه في أي وقت من ولاية الرئيس الأميركي الجمهوري الراحل رونالد ريغان.
وكما قلت سابقاً، فهذا اقتصاد جمهوري بالفعل.
وبوصفي متفرجاً، أعتقد أنه من الملائم الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الأداء الاقتصادي كان مخيباً، لكي لا نقول أكثر، فإن أياً من الكوارث التي توقعها الجمهوريون لم تحدث. هل تذكرون كل تلك التأكيدات بأن العجز في الميزانية سوف يؤدي إلى ارتفاع في نسبة الفوائد؟ حسناً، فنسبة أكلاف الاقتراض الأميركي وصلت إلى أدنى مستوى تاريخي. وهل تذكرون تلك التحذيرات حول التضخم، وتزعزع قاعدة الدولار. لا يزال التضخم في مستوى منخفض، والدولار يتمتع بقوة أكبر من تلك التي شهدها في سنوات (الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو) بوش.
فلنقلها بهذه الطريقة: كان الجمهوريون يحذرون من أننا على وشك التحول إلى يونان ثانية لأن الرئيس أوباما يبذل جهداً كبيراً لتحفيز الاقتصاد. والاقتصاديون الكينزيون (نسبة إلى الاقتصادي البريطاني الشهير جون ماينارد كينز) أمثالي، حذروا في الواقع من العكس، وأننا نواجه خطر التحول إلى يابان ثانية لأن ما يقوم به (الرئيس أوباما) ليس كافياً. ونحن كذلك، غير أننا نعاني من بؤس لم يضطر اليابانيون إلى تحمله.
إذاً، لماذا لا يعرف الناخبون أياً من ذلك؟
جزء من الإجابة هي أن قسماً كبيراً من الإعلام الاقتصادي لا يزال يعتمد على أقوال فلان أو فلانة، ونقل اقتباسات مأجورين من كلا الجانبين. لكن الصحيح أيضاً أن فريق الرئيس أوباما فشل باستمرار في الإضاءة على المعوقات التي كان يضعها الجمهوريون، ربما خوفاً من الظهور بمظهر الضعفاء. وعوضاً عن ذلك، استمر مستشارو الرئيس في المسارعة إلى انتهاز فرصة انتعاش الاقتصاد لبضعة أشهر للزعم بأن سياساتهم تنجح، ثم الظهور مجدداً كأغبياء عندما تتراجع المؤشرات الاقتصادية. ولافت أنهم ارتكبوا هذا الخطأ ثلاث مرات على التوالي: في العام 2010، 2011 ثم الآن مجدداً.
غير أنه في هذه المرحلة، لا يبدو أن الرئيس أوباما وفريقه السياسي يملكون الكثير من الخيارات. يمكنهم الإشارة بفخر إلى بعض الإنجازات الاقتصادية الكبيرة، وفي مقدمها الإنقاذ الناجح لصناعة السيارات الأميركية الذي كان بشكل كبير مسؤولاً عن النمو في عدد الوظائف الذي نشهده الآن. لكنهم لن يكونوا قادرين على التسويق لنجاح اقتصادي عام، ويبقى رهانهم الأفضل هو تقليد ما قام به (الرئيس الأميركي الراحل) هاري ترومان، ومواجهة الكونغرس الجمهوري الذي لا يقوم بشيء سوى في الواقع، صد الاقتراحات مثل الاقتطاع الضريبي أو المزيد من الإنفاق- التي كان يمكنها أن تجعل من العام 2012 عاماً اقتصادياً أفضل مما يبدو أنه سيكون عليه.
ولذلك، فهذه هي أفضل حجة يمكنهم من خلالها مقارعة مزاعم الجمهوريين أن بإمكانهم إصلاح الاقتصاد. لقد شاهدنا كيف هو المستقبل الاقتصادي الجمهوري وهو لا ينفع.
 
ترجمة: صلاح تقي الدين
() عن "النيويورك تايمز " 3/6/2012
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,122,245

عدد الزوار: 6,754,626

المتواجدون الآن: 96