تحديات تواجه لبنان

تاريخ الإضافة الجمعة 1 حزيران 2012 - 6:10 ص    عدد الزيارات 956    التعليقات 0

        


 
بقلم مروان اسكندر

تحديات تواجه لبنان

1/6/2012

 

لبنان اليوم يواجه اقتصادياً ثلاثة تحديات رئيسية:
- ضغوط على القطاع المصرفي ترتبط بتشريعات وممارسات أميركية تهدف الى ضبط عوائد المواطنين الأميركيين من ودائعهم خارج الولايات المتحدة من جهة وتحقيق نتائج العقوبات المفروضة على إيران وسوريا من جهة أخرى.
- انحسار في حسابات ميزان المدفوعات الذي شهد عام 2011 أول عجز وازى ملياري دولار، أي ما يساوي العجز في عمليات كهرباء لبنان الذي كان يعود في المقام الأول الى ارتفاع أسعار المحروقات، سواء لمعامل إنتاج الكهرباء أو للمولدات الخاصة، وكان هذا العجز هو الأول منذ عشر سنين. ومعلوم ان النمو المتحقق بسرعة خلال الاعوام الثلاث: 2008، 2009 و2010 كان يعود الى تدفق الأموال الى لبنان، سواء من اللبنانيين العاملين في الخارج أم من الاستثمارات الخارجية.
- انحسار التحويلات الى لبنان، ووقع تأزم الأوضاع في سوريا، الأمر الذي يحد من تدفق الزوار الى لبنان. هذا الانحسار الذي يتعزز بقرارات دولة الإمارات وقطر والبحرين والكويت نصح مواطنيها الابتعاد عن زيارة لبنان، سوف يساهم على الأرجح في مواجهة لبنان لسنة ثانية عجزا على حساب ميزان المدفوعات قد يفوق العجز المتحقق عام 2011، وحينئذٍ وعلى رغم الاحتياط من النقد الأجنبي والذهب الذي يتوافر للبنان، سيكون المطلوب رفع معدلات الفوائد على سندات الخزينة وتاليا على  القروض المصرفية، الأمر الذي يؤدي الى تباطؤ النمو الى مستوى يدنو من معدل النمو المرجح لدى صندوق النقد الدولي لعام 2011 والذي قدّر بثلاثة في المئة.
وبما ان نمو السكان في لبنان هو على الأرجح على مستوى 2,5 في المئة سنوياً، لن يكون ثمة نمو في معدل الدخل الفردي، وسيتآكل التضخم زيادات المعاشات وخصوصاً بعد توفير الزيادات لموظفي القطاع العام الذين ينتظرون قبضها بمفعول رجعي يعود الى مطلع السنة.
إضافة الى هذه المؤشرات التي تتناول الاقتصاد الكلي، هنالك التردي المتوسع في تأمين الخدمات الرئيسية وضرورات ترفيع التجهيز البنيوي الذي يقولب العمل الاقتصادي.
اللبنانيون يشكون من تقطع الكهرباء، ومن سوء خدمات الاتصالات والانترنت، ومن شح المياه في المنازل، ومن اختناق السير، الأمر الذي يؤدي الى هدر محروقات السيارات وأوقات المواطنين على طرق تعج بالسيارات وتشكو من عدم توافر شروط السلامة.
استناداً الى كل ما ذكرنا عن وضع الاقتصاد اللبناني وأوضاع معيشة اللبنانيين، علينا التركيز على برنامج عملي يساهم في ترفيع التجهيز الأساسي، وتنظيم السير، وتشجيع الاستثمار، وان يستمر برنامج كهذا سنوات. وقد استشعرت الحكومة اللبنانية هذا الامر وعقدت ندوة طويلة بالتعاون مع وكالة التمويل الدولية والاتحاد الأوروبي استمرت على مدى يومين للبحث في مشاريع التشركة بين القطاع العام والقطاع الخاص من أجل تطوير خدمات الكهرباء وتحسينها، وتوفير المياه والاتصالات، وتحقيق مشاريع بيئية نافعة منها مشاريع الاستفادة من الطاقة المستدامة.
التشركة او المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص مدخل مفيد وملح لمعالجة مشاكل وتحديات اللبناني وتحدياته، والمواقف السياسية من هذا المدخل أكثر مرونة مما هي بالنسبة لمشاريع التخصيصية، إنما هنالك مستوجبات لا بد من تحقيقها قبل الإقدام على مشاريع التشركة بنجاح، وإذا لم نؤمّن الأرضية المناسبة لن تنجح مشاريع التشركة ولن نشهد التطور المرتجى في المستقبل المنظور.
استشعاراً لضرورات المرحلة، واقتناعاً بأن الحكومة الحالية ليست أقل قدرة من أي حكومة بديلة على إجراء الإصلاح، نود التركيز على ثلاثة مستوجبات أساسية لإنجاح التشركة، والبدء بتحسين الخدمات الأساسية، وتشجيع تدفق الاستثمارات الى لبنان، وإعادة الفوائض الى حساب ميزان المدفوعات:
أولاً: هنالك شركة قائمة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهي تتمثل في عمل ونشاط شركة ناجحة حالياً، وان تكن هذه الشركة قد استهلكت منذ عام 1970 حتى تاريخه اصولا تبلغ قيمتها حالياً اكثر من 1,2 مليار دولار، قبل ان تستعيد توازنها وصحتها المالية.
الشركة هي شركة إنترا للاستثمار التي أنشئت بعد انهيار بنك إنترا عام 1966. والشركة تأسست عام 1970، وأسهمها تسيطر عليها وزارة المالية ومصرف لبنان بنسبة 42 في المئة، وهي بدورها تملك أسهم بنك التمويل كاملة، وغالبية أسهم كازينو لبنان، إضافة الى أملاك عقارية ملحوظة.
منذ 1970 حتى تاريخه، تقرر مجالس إدارة شركة إنترا، وبنك التمويل، وكازينو لبنان، سياسياً دونما التفات الى مطالب وحقوق سائر المساهمين من القطاع الخاص الذين يملكون 58 في المئة من الأسهم، وهذا المثل، وان تكن الشركة تتمتع حالياً بإدارة جيدة، لا يشجع على مشاركة الدولة، خصوصا ان مشاريع التشركة تفترض إعطاء القطاع العام مميزات أساسية في عمليات التصويت للمساهمين.
ثانياً: العقبة الثانية في وجه نجاح التشركة، وهي السبيل الوحيد المتوافر للانعتاق من الأزمة المستحكمة بالاقتصاد والمجتمع اللبناني، تتمثل في ضعف السوق المالي، وضعف حركة تبادل الأسهم والسندات التي تنحصر بأسهم شركة سوليدير وأسهم وسندات عدد بسيط من المصارف وشركة الترابة الأقدم في لبنان.
السوق المالية كي تنجح يجب ان تتمتع بتشريع حديث يماثل التشريعات المعمول بها في الأسواق العالمية والأسواق الإقليمية، ومن هذه التشريعات أسواق البحرين، ودبي، والاردن، كما يجب ان يكون للقطاع الخاص الدور الأساسي في إدارة السوق المالية، من أجل تأمين الديناميكية والسيولة في السوق.
ثالثاً: الشرط الثالث وربما الأصعب تحقيقاً، يتمثل في توافر تشريعات حديثة لقوانين الشركات والحوكمة، كما إنشاء محاكم، أو وسائل لفض الخلافات التجارية والمالية خلال أشهر لا سنوات وبتكاليف معقولة ومقبولة. ومن المفيد التذكير بان وسائل التقاضي الحالية تستغرق سنوات وتستوجب رسوما هي من الأعلى في العالم قياساً بقيمة القضايا المتنازع عليها.
إن مدخل التشركة أو المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص بات أكثر الأمور إلحاحاً بالنسبة الى مستقبل لبنان، إنما هنالك قضايا لا بد من حلها قبل الإقدام على خطوات التشركةـ منها القضايا والتحديات المشار إليها أعلاه.
في خضم الأزمات المالية والاقتصادية العالمية والتطورات السياسية والميدانية في المنطقة لا بد للبنان ان يُظهر مقداراً من الشجاعة وبُعد النظر في مواجهة ما يعوق تطور البلد ويقعده منذ عشر سنين على الأقل.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,102,362

عدد الزوار: 6,934,818

المتواجدون الآن: 79