واجب الانتقال من التطمين إلى الاطمئنان

تاريخ الإضافة السبت 26 أيار 2012 - 5:58 ص    عدد الزيارات 933    التعليقات 0

        

 
بقلم مروان اسكندر

واجب الانتقال من التطمين إلى الاطمئنان

 

قبل نحو شهر وفي احد المؤتمرات التي تجمع عددا ملحوظا من رجال الاعمال العرب، تحدث حاكم مصرف لبنان فأشار الى ان مراجعة ارقام عام 2011 تبين ان النمو تجاوز الأربعة في المئة. ثم اضاف ان استقرار الاوضاع الامنية والسياسية يفسح للبنان في مجال تحقيق معدل نمو على مستوى 5 في المئة هذه السنة.
كانت هذه التوقعات تبدو عقلانية وغير مبالغ فيها وارقام الاشهر الثلاثة الاولى من هذه السنة وفرت مؤشرات تساند توقعات نمو على مستوى خمسة في المئة بدل المستوى الذي قدره  خبراء صندوق النقد الدولي عندما وضعوا التوقع على مستوى ثلاثة في المئة.
الاشهر الثلاثة الاولى شهدت نمو ودائع المصارف بنسبة ثمانية في المئة، أي تقريباً ضعفي معدل النمو في الفترة المماثلة من عام 2010، وقيمة توظيفات المشتريات العقارية ارتفعت بنسبة ستة في المئة علماً بان عدد العمليات كان قد انخفض عن العام السابق، الامر الذي يثبت عودة الحياة الى القطاع العقاري بعد جمود استمر طوال 18 شهراً.
والمؤشر الواعد الذي حقق افضل نتيجة كان ارتفاع عدد الزوار بنسبة 21 في المئة وارتفاع نسبة الاشغال في الفنادق الى ما يتجاوز الـ65 في المئة، وبلوغ هذه النسبة في اسابيع معينة اكثر من 90 في المئة.
لقد استقبلت بيروت اكبر عدد من المؤتمرات والمعارض منذ زمن وظهرت المدينة كأنها استعادت طبيعتها الآمنة والدافئة والملونة بكل لون من تطورات الفن والتكنولوجيا، والوضع في سوريا على محاذيره ومآسيه اصاب التدفق السياحي الى لبنان من الاردن والعراق بضرر، وفي الوقت ذاته توافد العائلات السورية الميسورة الى لبنان طلباً للراحة او للاقامة فترة غير قصيرة امر ساهم في تنشيط الاقتصاد.
الصورة الحياتية لم يكن يعكرها سوى تبادل السياسيين التهم وانحدار التبارز الكلامي الى مستويات مهينة لمن يعتمدون الشتيمة او الاستخفاف بالآخرين. السياسيون ظهروا كأنهم غير موجودين الا لتوسيع وتعميق الاضرار الاقتصادية والتجهيزية. البلد، المفترض انه الاعمق ديموقراطية في المشرق العربي ظهر كأنه لا يزال كما كان عند نشوب احداث 1975، ذلك ان بعض الفئات لا يتورع عن استرهان مستقبل لبنان واللبنانيين لتحقيق مآربه.
عند مشارف فصل الصيف، والذي يعتبر الفصل الاكثر استقطاباً للسياحة والنشاط الاقتصادي، تفجرت احداث قلبت التوقعات رأساً على عقب بل هي بعثت في نفوس اللبنانيين مخاوف تماثل ما خبروه اعوام 1975، و1982، و1996، و2006.
لم تعد جدوى الاستثمار في لبنان او ادواته الاستثمارية كالسندات والاسهم هي السؤال، بل صار السؤال للعائلات التي خصصت مدخراتها لتعليم ابنائها، هل الاقامة المستمرة مأمونة في البلد، وهل مستقبل البلد مأمون؟
عنصر الاطمئنان يكاد يتلاشى، وتصريحات السياسيين هي هي، سواء منها التصريحات التي تحث اللبنانيين على الهدوء وتوقع الافضل، أم التصريحات الانتقادية العنيفة التي يبدو انها باتت محصورة بتيار المستقبل.
من المؤكد الوضع غير صحي سواء على الصعيد الاقتصادي ام على مستوى التنافر والتنافس السياسي.
اقتصادياً، نشكو من ضغوط اميركية تتجاوز حد المعقول بالنسبة الى العمل المصرفي، والتعاون مع سوريا لتغطية بعض الحاجات الضرورية، مثل الادوية.
ونشكو من تأخير خطوات انجاز توسيع طاقة توفير الكهرباء.
ونشكو من تأخير عمليات البحث والتنقيب عن النفط والغاز.
ونشكو من قرارات سخيفة مثل اصرار وزير الاقتصاد على بيع ربطة الخبز التي يبلغ وزنها 900 غرام بـ1500 ل. ل. ومنعه كلامياً بيع ربطة الخبز بوزن 1200 غرام بـ2000 ل. ل. الامر الذي يتماشى مع تسعيرته لكل 300 غرام بـ500 ل. ل.
ونشكو من ضيق فرص العمل للشباب لان معدل النمو لا يسمح باستيعاب الطاقات الشبابية. فالنمو لا بد ان يبلغ سبعة في المئة سنوياً ولعدد من السنوات قبل ان نستوعب نسبة ملحوظة من شبابنا المتعلم وذلك بعد سفر نسبة 30 في المئة من هؤلاء الشباب الى الخارج بحثاً عن فرص عمل.
ونشكو من تردي مؤسسات عامة ذات اهمية ومنفعة للمجتمع نظرا الى عدم توفير موازنات التشغيل والصيانة لها، ومن ابرز الامثلة مستشفى رفيق الحريري في بيروت الذي انطلق بفريق عمل مميز وبتجهيز ممتاز وخلال سنوات قليلة لم تتوافر له الموازنة في وقتها، وأهمل تطوير التجهيزات، فصار وضع المستشفى الاساسي لبيروت مشارفاً الانهيار.
ونشكو من معالجة فرع الضمان الصحي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. فالمستشفيات المتعاقدة مع الصندوق طالبت بتعديل التعريفات التي هي مجمدة منذ سنوات، في حين ان تكاليف المستشفيات في ارتفاع سنوي، سواء المعاشات، وتكاليف الكهرباء والمياه النظيفة، واسعار المعدات الخ...
المعالجة التي اقترحت تمثلت في فرض رسم اضافي على رب العمل لكل مضمون، وهذا الرسم يرفضه ارباب العمل ذلك ان فرع المرض والامومة له دين على الدولة لم يدفع منذ سنوات يبلغ 850 مليار ل. ل. وهذا الفرع يبدد على ضمان السائقين العموميين وعائلاتهم ما يوازي 80 مليون دولار سنوياً، فإلى متى يلقى العبء على الفريق الذي يسعى الى الانتاج ويواجه بالمعوقات؟
موقف الامارات وقطر والبحرين والكويت من لبنان سياسي في المقام الاول، واحترازي حيال مواطني هذه البلدان. والحكومة اللبنانية في ديبلوماسيتها الغامضة التي لا تقنع ان بالحجة ام الموقف، لن تستعيد الحماسة العربية للاصطياف والاستثمار في لبنان، وهذا الانكفاء الواسع الضرر لا يعود الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فحكومته على عثراتها، ومن اهم هذه تأخير الموازنة، والبدء بالانفاق التجهيزي، لا تزال اكثر فاعلية من حكومة الرئيس سعد الحريري التي كانت منذ اليوم الاول عرضة للابتزاز والتجميد بعد اتفاق الدوحة الذي كرس مبدئية الثلث المعطل.
اللبنانيون كشعب مسؤولون عن مستقبلهم، فان هم تراخوا وسخروا القانون والقضاء للمساومات لا يحق لهم توقع التحسين في حياتهم. والامر الاكثر ايلاماً ان المسؤولين يواجهون يومياً مفاجآت تستوجب إخماد الحرائق السياسية المفتعلة، فلا يكرسون الوقت للانجاز، واليوم احوج ما نكون الى الانجاز، على صعيد التجهيز، وتحسين التوقعات، وتنشيط الاقتصاد وإتاحة فرص العمل.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,685,171

عدد الزوار: 6,908,446

المتواجدون الآن: 91