الاقتصاد وسحابة التعفن الفكري

تاريخ الإضافة السبت 5 أيار 2012 - 6:09 ص    عدد الزيارات 1042    التعليقات 0

        

 
بقلم مروان اسكندر

الاقتصاد وسحابة التعفن الفكري

 

الاقتصاد اللبناني يحتاج الى تفكير جديد، والى نظرة مختلفة عن النظرة السائدة والتي حالت دون تنفيذ أي مشروع حيوي في لبنان منذ انجاز سد شبروح.
لبنان يحتاج الى تحقيق نظام اقتصادي حر يتقلص فيه دور الدولة الى نسبة 30 في المئة من الدخل القومي بدل الـ50 في المئة حالياً التي يمكن احتسابها عن سبيل اضافة ارقام الموازنة، الى موازنة بلدية بيروت، وطيران الشرق الاوسط، وكازينو لبنان، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وشركة انترا، والجزء من موازنة كهرباء لبنان بعد حسم التسليفات المتوافرة من الدولة والتي يفترض انها استثنائية، وقد صارت شبه دائمة وهي تشكل الجزء الاكبر من عجز الموازنة منذ سنوات. ويضاف الى كل ذلك عدد من المؤسسات العامة التي باتت تحوز موازنات ملحوظة مثل مؤسسة ضمان الودائع ومصرف الاسكان الخ.
أي دولة يبلغ فيها مدى القطاع العام نسبة 50 في المئة او يزيد من الدخل القومي لا يمكن ان تحقق نمواً مستداماً بمعدلات تسمح باستيعاب شبابها في القوى العاملة في مقابل تعويضات مقبولة.
اتساع نطاق دور الدولة في الاقتصاد اللبناني كان حصيلة الاحداث التي مر بها لبنان، وانهيار عدد كبير من مؤسساته والتزام الدولة دور مقدم الخدمات تعويضاً للمؤسسات المنهارة، ومن ثم وبعد اتفاق الطائف صار الدافع الرئيسي لتوسيع دور الدولة، وحصر الخدمات الرئيسية بمؤسساتها، هو التوزيع الطائفي للوظائف، واختلاق التشريعات التي ترسخ دور الدولة في تقديم الخدمات، ولو على حساب تردي هذه الخدمات وإساءتها الى مجرى عمل القطاع الخاص بفاعلية.
الدور التسلطي الطائفي معالمه واضحة ونتيجته استقرار سحابة العفن على اذهان المسؤولين. لا نقول ان المسؤولين جميعاً منغرسون في الافادة الطائفية والمذهبية ولو على حساب نمو الوطن، بل نقول ان تسلط البعض على خدمات ذات اهمية كبرى او مجالات تجارية ولو على حساب منافسة الدولة - مثل مد خطوط خدمة الحزمة العريضة مع خطوط الحزمة التي يجري تنفيذها بموجب عقد مع وزارة الاتصالات - نتيجته ان الدولة لا تحقق المنفعة الكلية خدماتياً ومالياً وان الفئة المتسلطة تستطيع توفير خدمات الاتصال لمن تشاء من المناصرين في مقابل تكاليف رمزية، وبالتأكيد خدمات مستمرة دون تقطيع، وتالياً يكتسب هؤلاء ميزة تنافسية في البلد ويسبقون من يعملون في المجال ذاته دون وجه حق.
سحابة العفن على فكر السياسيين لن تزول ما دام اللبناني يتقبل التقهقر في مقابل مواطني المنطقة، وما دام يسعى الى الانجاز خارج لبنان. لكن هذا الواقع المرير يؤدي الى تراكم الثروات الفردية وافقار البلد. والمطلوب تنشيط الاداء الاقتصادي وترفيعه لتحسين المداخيل وتأمين مصادر التمويل لأكفياء وتوسيع المنافع الاجتماعية.
اليوم كل اهتمام اهل الدولة منصب على تفاصيل اقرار بنود الموازنة التي تتجاوز أرقام آخر موازنة أقرّت، والنقاش يجري في شأن الاصول القانونية، لا من زاوية الانماء وكفاية حاجات المواطنين.
وارقام الموازنة تبنى على اسس محاسبية، ما هو الدخل، ما هو حجم الانفاق، كيف يمكن حصر العجز بنسبة لا تزيد، عن سبيل الافتراض، حجم الدين العام الى الدخل القومي، وتالياً ومن هذه المنطلقات الضيقة يتركز التفكير على وسائل اكتساب الدخل عبر اقرار ضرائب متنوعة منها زيادة الضريبة على القيمة المضافة، وعلى عائدات الادخار المصرفي، والامر الاكيد ان هذه الضرائب في المناخ الذي نعيشه وهو يقرب من مناخ الانكماش، ستسبب اضراراً كبيرة في مجال التحويلات الى لبنان والتي ستقصد مناطق اخرى. وللتنبيه فقط نشير الى ان مصارف الخليج تنافس المصارف اللبنانية في الحجم وسيولتها في تحسن وفوائدها غير خاضعة للضرائب.
اذا اردنا اشاحة سحابة العفن عن فكر السياسيين اقتصادياً في لبنان، علينا اشراك عشرات الآلاف من اللبنانيين في تملك اسهم في شركات توفر لنا نقل الغاز، وانشاء محطات كهربائية تعمل على الغاز بطاقة 2500 ميغاوات، وشركات تختص بحفظ المياه وتنقيتها وتوزيعها دون خسارة كبيرة في القنوات المهترئة والمكشوفة لمختلف الجراثيم، وعلينا تالياً تبني نظام متطور للتخصيص يطبق بصورة تحفظ حقوق المساهمين والمستفيدين على حد سواء، والخدمات التي كانت مخصصة وتعمل بشكل جيد فرض استعادة امتيازاتها عام 2002 فسددت الحكومة ملايين الدولارات في مقابل الاسترداد ومن ثم ماذا فعلت؟
اعادت تلزيم الشبكتين لشركات اختصاصية منها ما كان اصلاً من اصحاب الامتيازين الاولين، لكن التلزيم لم يلزم الشركات ترفيع خدمات الشبكات فبتنا نشكو من اسوأ خدمة وتقطيع لا مثيل له واضرار فادحة، والوزير يعد ويعد ويعد وليته يعد ايامه المتبقية في مسؤولية أضاعها، كيف لا وخدمات شبكة حلفائه اكثر انتظاماً واقل كلفة، وهي انجزت اساساً على حساب شبكات الدولة.
اقتصاد لبنان يجب ان يخرج من قمقم التعصب الاعمى لدور الدولة. عام 1994 انجز رفيق الحريري رخصتي الخليوي ووفر خدماتهما، كما انجز مليون خط ارضي لا تزال خدمتها افضل من خدمات الخليوي، فماذا انجزتم حضرة المتمسكين بسيطرة الدولة على الاقتصاد، ماذا انجزتم كحكومات متعاقبة، ووزراء متعالين، ومديرين مغيبين؟ حان الوقت لتولي القطاع الخاص، بعشرات الآلاف من المواطنين، إنقاذ البلد من سحابة العفن التي تآكلت عافيته.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,785,935

عدد الزوار: 6,914,905

المتواجدون الآن: 118