نحن وهــم

تاريخ الإضافة الأحد 8 شباط 2009 - 9:15 م    عدد الزيارات 1570    التعليقات 0

        

 بقلم مروان اسكندر

هم، الدول الاثنتان والعشرون الاغنى في العالم التي تتشكل من مجموع الدول الاوروبية الاعضاء في السوق المشتركة، اضافة الى سويسرا في أوروبا، والولايات المتحدة وكندا في شمال اميركا، واليابان في جنوب شرق آسيا، وأوستراليا ونيوزيلندا في أوقيانيا.
بالكاد يبلغ عدد سكان هذه الدول 950 مليوناً، أي أقل من 16 في المئة من عدد سكان الكرة الارضية المقدّر بستة مليارات نسمة.  ومداخيلها تزيد على 60 في المئة من حجم انتاج السلع والخدمات في العالم.
أما نحن، فأعضاء في كتلة الدول النامية، باستثناء الصين وروسيا والبرازيل وتركيا التي حققت مستويات دخل تتجاوز المستويات المتعارف عليها للدول النامية.  وبحسب قياس القوة الشرائية لدخل الفرد في كل من هذه الدول (باستثناء الصين)، لا يقل المعدل الوسطي لهذا الدخل عن عشرة آلاف دولار سنويا، وفي روسيا تجاوز عام 2008 مبلغ  16 الف دولار استناداً الى نشرة "الايكونوميست" عن توقعات 2009.
ضمن هذه الكتلة المحيدة عن الحاجة الى المعونات والمنح والقروض الميسرة من دول العالم الصناعي ومؤسساته، ثمة عدد من السكان يساوي 28 في المئة من مجموع سكان الكرة الارضية. 
تضاف الى هذه الدول الخارجة عن دائرة العوز الدول العربية النفطية التي يبلغ عدد سكانها في أقصى حد نسبة 1٫2 في المئة من سكان العالم.  وسكان دول جنوب شرق آسيا المتوثبة مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وتايوان وسنغافورة التي تشكل نسبة اثنين في المئة من سكان العالم.
اما نحن، سكان العالم الثالث المحتاجين الى المعونات المالية والفنية والاقتصادية، فنمثل ما يزيد قليلاً على 50 في المئة من سكان العالم، وغالبيتنا متركزة في القارة الافريقية والشرق الاوسط حيث معدلات النمو في مختلف هذه الدول متدنية نسبياً.
ولننظر الى الارقام على صعيد المساعدات التي يفترض ان توفرها الدول الغنية للدول الفقيرة من أجل تضييق الهوة الفاصلة بين سكان المجتمعات الصناعية وسكان البلدان النامية، علما بأن عقد الستينات شهد توجه هيئات الامم المتحدة الى تخصيص اثنين في المئة من الدخل القومي للدول الصناعية لتمويل الانماء في الدول النامية او المتخلفة بحسب المقاييس المتعلقة بكل دولة.  لكن هذه النسبة لم تتحقق في أي وقت، وقد اضطرت سلطات هيئة الامم المتحدة الى خفض استهدافاتها، فأقرت منذ التسعينات هدفاً لمستويات المساعدات الانمائية من الدول الصناعية على مستوى 0٫7 في المئة، أي اقل من واحد في المئة من حجم الدخل القومي للدول الصناعية المتقدمة.
وبحسب احصاءات 2006 لمنظمة التعاون والانماء الاقتصادي التي تضم الدول الاثنتين والعشرين التي اشرنا اليها سابقا، بلغت نسبة المعونات الانمائية المقدمة من هذه الدول واحداً في المئة من أسوج، و 0٫89 في المئة من نروج واللوكسمبورج، و0٫80 في المئة من هولندا، و 0٫80 في المئة من الدانمارك.، أما بقية نسب التمويل الانمائي من الدول الصناعية، وخصوصا الكبرى منها، فهي دون النصف من واحد في المئة.  وعلى سبيل المثال، كانت نسبة تقديمات الولايات المتحدة 0،17 في المئة وهي الادنى من مجموع الدول ما عدا اليونان التي وفرت 0٫16 في المئة مساعدات.  وللمقارنة فقط، نشير الى ان المساعدات الفرنسية كانت على مستوى 0٫47 في المئة، والمساعدات البريطانية 0٫52 في المئة.
وتشير الدراسة، التي تندد بمستويات المعونات التي تبلغ، بعد احتساب حجم اقتصادات كل من الدول المعنية نسبة 0٫30 في المئة فقط في مقابل معدل وسطي مستهدف يساوي 0٫7 في المئة، أي ان المحقق يوازي نسبة 40 في المئة فقط من المستهدف، الى ان أعلى مستويات للمعونات الانمائية تحقق على نطاق دولي كمعونات للدول النامية من المملكة العربية السعودية التي وفرت نسبة أربعة في المئة من دخلها القومي للمساعدات الانمائية، وهذه نسب غير مسبوقة في النصف الثاني من القرن العشرين وحتى تاريخه.
عودة الى أرقام أقل تعقيداً وأكثر اتصالا بواقع حياتنا.  ان المساعدات من الدول الصناعية للدول النامية بلغت 104 مليارات دولار.
لقد ابتدأت ازمة التسليف العقاري في الولايات المتحدة بتفجر حافظة سندات عقارية اميركية لدى مصرف "نورثرن روك" في بريطانيا، وتجاوزت خسائر هذا المصرف التي توضحت بصورة كاملة في نهاية شهر ايلول 2007 مبلغ 52 مليار جنيه استرليني، أي ما كان يساوي بسعر صرف الجنيه ازاء الدولار حينذاك 104 مليارات دولار.  بكلام آخر، ان خسائر مصرف في بريطانيا، كان يعتبر على صعيد حجم ميزانيته سادس أكبر مصرف في البلاد، بلغت مجموع مستوى المساعدات الدولية من الدول الصناعية لدول يزيد عدد سكانها المحتاجين على 3،2 مليارات نسمة، أو نصف سكان العالم.
المفارقة تبدو واضحة الى حد كبير عندما ننظر الى مخصصات انقاذ اقتصادات الدول الصناعية.
فرنسا تخصص لبرامج الانقاذ أكثر من 500 مليار دولار أي خمسة اضعاف مجموع المساعدات للدول النامية.
الولايات المتحدة، بعد اقرار اقتراحات الرئيس الجديد باراك أوباما واحتساب ما توافر خلال ادارة جورج بوش، تكون قد خصصت 1200 مليار دولار لعمليات الانقاذ، أي ما يوازي مساعدات الدول النامية من مجموعة الدول الصناعية طوال 12 سنة.
و التعداد يكف عند هذا الحد، فهناك 2000 مليار دولار مخصصة من الصين وبريطانيا والمانيا لعمليات انقاذ مؤسساتها وابعاد شبح البطالة ومخاوفها عن المواطنين، والتمسك بخيوط النظام الاقتصادي الحر الذي تعرضت صدقيته لكثير من المساءلة والتشكيك.
نعم، هناك نحن وهنالك هم، ولن يكون هناك اندماج معنوي ما لم نستطع في الدول النامية الافادة من الفرص التكنولوجية المتاحة للاسراع في التطوير، وما لم نقدم على برامج تكاملية تمكننا من استعمال الموارد الطبيعية والكفايات البشرية بفاعلية اكبر.
إن الارقام تظهر فجوة لا يمكن سدها، لكن الارقام ليست بالضرورة مؤشراً قاطعاً.  ففي أوائل السبعينات كانت اليابان في بداية النمو، والصين تمكنت من تجاوز غالبية مراحل التخلف تقنياً وفنياً وإن يكن هناك 400 مليون صيني يعانون من الفقر، علما بأن الصين خلال 20 سنة تمكنت من تحسين مستويات معيشة 400 مليون مواطن ورفعها الى مستويات مقبولة دوليا، وهذا مثل يقتدى به.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,047,583

عدد الزوار: 6,932,235

المتواجدون الآن: 80