عالما جائزة نوبل للاقتصاد والقطبة المخفية في الاقتصاد اللبناني

تاريخ الإضافة السبت 15 تشرين الأول 2011 - 6:10 ص    عدد الزيارات 1268    التعليقات 0

        


 

عالما جائزة نوبل للاقتصاد والقطبة المخفية في الاقتصاد اللبناني
بقلم  مروان اسكندر

حاز جائزة نوبل للاقتصاد لسنة 2011 استاذان جامعيان اميركيان هما توماس سارجنت وكريستوفر سيمز تركز اهتمامهما على دراسة تفاعل تعدل اسعار الفائدة مع التضخم والنمو والحوافز، وتفاعل النظام الضريبي مع الاستهلاك والاستثمار والمبادرة، وتفاعل سعر صرف العملة مع حجم الصادرات والواردات وتالياً حساب الميزان التجاري والعجز أو الفائض على حساب ميزان المدفوعات... إلخ.
اطار دراسات الاستاذين يتمحور على قرارات الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي الاميركي) والانظمة الضريبية المعتمدة لدى وزارة المالية والتأثير العام على الاقتصاد الكلي، اي على معدل النمو وتوافر فرص العمل في المقام الاول.
في المقابل، في لبنان انشغال عامر بقضايا الاجور والتعويضات والضمان الصحي الشامل بصورة خاصة. وبالتأكيد الانشغال في لبنان له مبرراته، فتعديل مستويات الاجور سواء منها الحد الادنى او الشطور الاعلى، مجمد منذ عام 1996. وهذا الواقع لا يجوز في اي بلد ينعم بنظام اقتصادي حر ولا بد من تلافي محاذيره اذا كان للمجتمع ان ينعم بالاستقرار الاجتماعي.
موضوع الاجور والتعويضات وتأمين الكفاية في مقابل العمل للافراد والعائلات أمر بالغ الاهمية في اي مجتمع. لكن هذا الموضوع روتيني ويجب ان تحدد سياسات تعديل الاجور على اساس جداول واضحة ترتبط من جهة بالتضخم وفي الوقت ذاته تربط بمعدلات الانتاجية. وحتى تاريخه لم نحرز تقدما ملحوظا على هذا الصعيد، بل نشهد بوادر ازمات تتلاحق بين سنة واخرى وليس بالضرورة في سنوات متلاحقة.
الموضوع الجديد في لبنان فكرة الضمان الصحي لجميع اللبنانيين بحيث لا تكون ثمة فئات مضمونة والنسبة الكبرى من اللبنانيين، وخصوصا المسنّون الذين يحتاجون الى العناية الطبية أكثر من غيرهم، غير مضمونين، والاقتراح الذي طرحه الوزير شربل نحاس جدير بالاهتمام والتقدير شرط توافر شروط نذكر بعضا منها في ما يلي، بالمقارنة مع منهجية الاستاذين الحائزين جائزة نوبل للاقتصاد هذه السنة.
الحائزان جائزة نوبل عندما يحللان تأثيرات تعديل الفوائد والضرائب على مستويات النشاط والعمالة وسعر صرف العملة، يفترضان ضمنا ان المؤسسات المعنية بتنفيذ الاجراءات المتعلقة بالفوائد، والتضخم، ومستويات الضرائب وتحصيلها، هي مؤسسات منتظمة في أعمالها وفي تجهيزها وفي تعاملها مع المواطنين افراداً ومؤسسات، وهذا هو العنصر الغائب عن محادثات الاجور والانتاجية والتضخم  والعمالة والتغطية الصحية في لبنان.
ان غياب التحليل عن الاجهزة الادارية المعنية بتنفيذ السياسات الصحية في لبنان يجهض أهم اقتراح مطروح لتحسين أوضاع الطبقات التي تعاني تكاليف المعيشة ودعم القدرة على تأمين العناية الصحية مهما بلغت ضرورتها. ولتوضيح الصورة من حيث أهمية الانتظام الاداري وقدرات التحقق على فاعليته نعود الى مثل اعطيناه في مقالنا الاسبوع المنصرم.
اشتراكات الدولة في الضمان الصحي والتعويضات العائلية لفئة السائقين العموميين تبلغ 90 مليون دولار سنويا، وفي الوقت ذاته دعم البنزين للسائقين العموميين تبلغ كلفته 192 مليون دولار. بكلام آخر، الانفاق من المال العام لمصلحة السائقين العموميين يبلغ سنويا، وهذا الانفاق في تزايد ان لم يضبط بصورة قانونية وادارية فعالة، 282 مليون دولار سنويا.
على سبيل التحليل، يمكن القول إن تخصيص هذا المبلغ ومبلغ يماثله من القطاع الخاص، لتنفيذ خطة مدروسة ومنضبطة للنقل العام، يمكن ان يوفر منافع بالغة الاهمية لاكثر من مليون لبناني ولبنانية بحيث يستفيدون من شبكة حديثة للنقل العام قد تشمل النقل بواسطة قطارات كهربائية سريعة ونظيفة بين المدن اللبنانية. وفي حال توافر خدمات كهذه ولو بعد سنوات، تنخفض كلفة استيراد البنزين كما مستويات استهلاكه، الامر الذي يؤدي الى وفورات على حساب ميزان المدفوعات، وانتاجية أكبر تتأتى من توفير الوقت على الطرق، وهناك هدر ناتج من هذا التأخير يتجاوز مئات الملايين من الدولارات سنويا.
إن أهم متطلبات الانجاز في لبنان في الوقت الحاضر الذي يواجه فيه البلد تباطؤاً للنمو وازدياداً لحجم المديونية، الامر الذي يضغط على امكانات النمو مستقبلا، اختيار المشاريع المفيدة اجتماعيا، مثل الضمان الصحي الشامل لجميع اللبانيين، مع تأمين الشروط الادارية والفنية التي تكفل تحقق المنفعة من المشاريع المقررة. وهذا الامر يسري بالنسبة الى مشاريع الكهرباء، والمياه، وتكرير المشتقات النفطية، ومشاريع العناية بالبيئة. وفي كل من هذه المجالات حاجات ملحة تأخير الانتباه اليها يساهم في دفع لبنان نحو مزيد من التقهقر على صعيد منشآت البنية التحتية، واستفادة المواطنين من خدمات تساعد في رفع مستوى الحياة، وتسهل زيادة الانتاجية.
إن الامر الذي يفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي ينذر بعواقب وخيمة على صعيد مقاييس الحداثة والنظافة والرقي ومستويات الصحة، التركيز المطلق على ضرورات تأمين التمويل، ضمن حدود مقبولة للاستدانة، دونما تفكير في المدى الطويل، ونتائج اهمال الحاجات الملحة.
سنوات، بل أربعة عقود انقضت، منذ 1973 وحصول الصدامات بين الجيش والمقاتلين الفلسطينيين، ومن ثم بين الفلسطينيين والسوريين ومقاتلين لبنانيين، وبين اللبنانيين أنفسهم، ونحن في دوامة اللاعمل واللاإنتاج.
وحدها سنوات تحرك الرئيس رفيق الحريري في بناء المطار والطريق المؤدي اليه، ومباني الجامعة اللبنانية، والمستشفى الحكومي والمدينة الرياضية والمدارس المهنية، وتوسيع طاقة الانتاج الكهربائي وانجاز بعض الجسور واطلاق مشروع اعادة اعمار الوسط، وفّرت للبنان بصيص أمل في اللحاق بالعصر الجديد، لكن التوجه عاد وانكفأ، بل تراجع مع اغتيال الرئيس الحريري والاحداث التي عاناها لبنان بعد ذلك.

 

 

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,396,768

عدد الزوار: 6,890,620

المتواجدون الآن: 99