البرنامج الاقتصادي والمالي للحكومة

تاريخ الإضافة السبت 9 تموز 2011 - 6:25 ص    عدد الزيارات 1249    التعليقات 0

        


 

البرنامج الاقتصادي والمالي للحكومة

 - بقلم مروان اسكندر

القدرة على تقويم البرنامج الاقتصادي والمالي للحكومة الجديدة ترتهن بالتفاصيل المتعلقة ببعض العناوين العريضة، والكل يعلم ان الشيطان يكمن في طيات التفاصيل، وسنعرض لبعض المخاطر التي قد تكون كافية في هذه العناوين العريضة بعد التطرق الى نيات هي بوضوح ايجابية.
بالتأكيد نحن مسرورون بتبني بعض التوصيات التي نادينا بها منذ وقت قريب، مثل تشغيل مطار رينه معوض وجعله قاعدة للانتاج ومرتكزاً لتخفيف الضغط عن مطار بيروت والمساهمة في الحد من ضغط السير في العاصمة وضواحيها. كما ان اعادة تشغيل مصفاة طرابلس ان عن سبيل ترفيع تجهيزاتها المتقادمة ام بانشاء مصفاة جديدة بالمشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص امر يساعد في خفض تكاليف المستوردات وتأمين فرص عمل لعدد ملحوظ من الفنيين، والوفر على ميزان المدفوعات لن يقل عن 600 مليون دولار سنوياً. واذا انجزت مصفاة بطاقة 10 ملايين طن، أي ما يزيد على استهلاكنا المتوقع بعد ثلاث سنوات، وهي الفترة اللازمة لانجاز مصفاة جديدة، تحقق هدف آخر يتمثل في ارباح من تصدير ثلاثة ملايين طن من المشتقات، واذا توصلنا الى اكتشاف كميات من النفط ملحوظة تكون المصفاة جاهزة لتكرير هذا النفط على امل مناسبة مواصفاته لمواصفات تلك المصفاة، وهذه على أي حال يمكن تعديلها لتتناسب وانواع النفط المكتشفة.
والنشاط الثالث الذي اشار اليه البيان الوزاري يتعلق بتشغيل معامل تنقية المياه التي انجز عدد منها في الجمهورية العتيدة ولم تشغل المعامل المنجزة لان انابيب توزيع المياه على من يحتاجون اليها هي من مسؤولية البلديات التي لم تتصد لهذه المسؤولية. ان خسارة المياه النظيفة خسارة اليمة سواء للمستهلكين ام لكل من يهتم بتوافر بيئة نظيفة في لبنان.

***
 
ونعود الى العناوين العريضة التي قد تحمل في تفاصيلها اخطاراً كبيرة للاقتصاد والمواطنين وجهود اللبنانيين في الخارج، وهذه تندرج تحت بنود انجاز موازنة 2012 بحيث يمكن تخصيص الاموال للمشاريع الملحة، وتعديل النظام الضريبي ليكون اكثر عدالة، وتطبيق توصيات دراسة استعمال الاراضي Amenagement du territoire.
بالنسبة الى الموازنة كل من تابع مناقشات لجنة المال والموازنة في مجلس النواب خلال العام 2010 ممن يعرفون القضايا المالية يدرك ان المسعى الاساسي كان لاحباط اقرار الموازنة، وفي احيان كثيرة كانت المناقشات تدور حول افتراضات خاطئة، وكان المسعى الظاهر هو احراج وزيرة المال السيدة ريا الحسن، وكانت النتيجة تأخير مخصصات مشاريع حيوية في قطاعات الكهرباء والمياه والطرق من دون مبرر حقيقي، وساهم تجميد عائدات الهاتف في تحميل لبنان على الاقل 100 مليون دولار من الفوائد على اموال اقترضت في مقابل الاموال المجمدة وذلك لتسيير شؤون الدولة روتينياً.
ويدرك وزير المال محمد الصفدي ما حدث ولماذا، ورئيس الوزراء كذلك ولن يساهما على ما يأمل اللبنانيون في التذرع بأعذار واهية وكثيراً ما هي افتراضات خاطئة لتأخير تنفيذ موازنة مفيدة للبنان واللبنانيين.
البحث في الموازنة يستتبع البحث في النظام الضريبي، ولا شك في ان هنالك مجالات للاصلاح، لكن الافتراض المعمم ان الضرائب التصاعدية تؤدي الى العدالة الاجتماعية، افتراض خاطئ وظهر خطؤه في المجتمعات المتقدمة التي اعتمدته مثل فرنسا.
لكن التفكير العقائدي العقيم لا يزال له موقع في ذهنية بعض الوزراء وربما كان بينهم من سيطرح اقتراحات قدمها في السابق عام 1998 عندما وضع برنامج للاصلاح المالي انجزه فريق بالتعاون مع الوزير جورج قرم، ومن التوصيات التي تبناها فريق الخبراء عامذاك فرض ضريبة على جميع مداخيل اللبنانيين من اصحاب المصالح والثروات في الخارج، ان هم اقاموا في لبنان فترة ستة اشهر في السنة.
لقد كان واضحاً في تاريخه ان اقرار قانون كهذا يؤدي الى هجرة اصحاب الاموال والمشاريع والثروات من لبنان. وإن توجهاً كهذا من النوع الذي أقر في بريطانيا، ساهم في تهريب رؤوس الاموال واصحابها، واذا بحث في هذا الامر، حتى قبل ان يقرّ، يفقد لبنان احد عناصره الجاذبة كليا. ومعلوم ان نجاح لبنان الاقتصادي ارتهن بنتائج اعمال اللبنانيين في الخارج ونجاحاتهم، فان شرعنا ما يطاول حصيلة جهودهم في افريقيا، والخليج، واميركا الجنوبية، واوروبا الشرقية، نكون كمن يمارس الانتحار اكراماً للديماغوجية. والرئيس سليم الحص ادرك مخاطر الاقتراح واسقطه من برنامج حكومته عام 1998.
اخيراً نأتي الى بند استعمال الاراضي اللبنانية، ولا شك في ان الدراسة التي اجريت بالنسبة الى هذا الموضوع بالغة الاهمية وكل من يتلفت حوله ليرى ما يحدث لأراضي لبنان يصاب بالسوداوية. فهنالك اجرام في حق الطبيعة وانتقاص فاضح من شروط المعيشة الصحية لعدد غير قليل من اللبنانيين، وتفلت من شروط تحقيق مستويات المعيشة المتطورة.
من المؤكد ان ثمة حاجة الى دراسة هذا الموضوع واقرار برنامج حضاري لاستعمال الاراضي في لبنان، لكن القرار في هذا المجال يستوجب اولاً وقبل كل شيء آخر ازالة التعديات على الاراضي سواء منها التي يملكها مواطنون لا يستطيعون استعمال اراضيهم، ام تلك التي تملكها الدولة ومؤسساتها، او المشاعات.
وفي رأي المهندس المدني المتميز السير ريتشارد روجرز البريطاني الجنسية انه لا بد عند تطوير المدن والضواحي من معالجة التقرح الاسكاني والتعديات، ولا حاجة الى التذكير بان التعديات في منطقة "اليسار" التي اطلق الرئيس الراحل رفيق الحريري مشروعاً لتطويرها عام 1995 تشمل 35-40 في المئة من مساحة المنطقة التي هي اصلاً تضاهي اربعة اضعاف مساحة وسط العاصمة.
بداية تنفيذ مشروع استعمال الاراضي في لبنان لا بد ان تكون بازالة التقرح والتعديات، وانصاف المالكين والدولة، وبعدئذٍ يكون ثمة مجال وتأكيد للقدرة على التحكم بشروط انشائية ومدنية عصرية ومحقة. فهل تستطيع الحكومة ان تفعل ذلك؟ نحن في الانتظار مع تمني النجاح.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,732,012

عدد الزوار: 6,910,951

المتواجدون الآن: 105