العلاقات الاقتصادية اللبنانية - السوريةلتوفيق كسبار: أرقام واقتراحات

تاريخ الإضافة الأربعاء 6 تموز 2011 - 6:34 ص    عدد الزيارات 1335    التعليقات 0

        


 

العلاقات الاقتصادية اللبنانية - السوريةلتوفيق كسبار: أرقام واقتراحات
إعداد ديانا سكيني

تمثل دراسة الباحث الاقتصادي توفيق كسبار "العلاقات الاقتصادية اللبنانية - السورية: الوضع الراهن وآفاق المستقبل" المنجزة برعاية وزارة الاقتصاد والتجارة وبرنامج الامم المتحدة الانمائي، اول دراسة منهجية تتناول الموضوع منذ عام 1996 وذلك من منظار تجارة البضائع وتجارة الخدمات المالية وغير المالية والاستثمارات، وفي ما يلي ابرز المعطيات التي تناولتها الدراسة بالتحليل.
بدأت تجارة البضائع بين لبنان وسوريا تتنامى من حيث قيمتها النقدية بعد ان تم تخفيض التعرفات الجمركية في اواخر التسعينات. ويعترف المسؤولون والمراقبون بأن الارقام المسجلة لتجارة البضائع التي تتيحها دائرة الجمارك هي ادنى بكثير من الارقام الفعلية لسبب رئيسي متصل بالتهريب الحاصل في الاتجاهين.
وتبين الارقام المسجلة في دائرة الجمارك اللبنانية أن الصادرات من لبنان الى سوريا سجلت بين العامين 2007-2009 220 مليون دولار كمتوسط سنوي، بينما بلغت الواردات 237 مليون دولار. ويجمع مسؤولو الجمارك، وكذلك التجار ورجال الاعمال الملمون على ان الصادرات والواردات الفعلية تمثل في غالب الاحيان اضعاف تلك الارقام.
وتعد تجارة البضائع ضئيلة نسبة الى اجمالي الناتج المحلي او الى اجمالي حجم التبادل التجاري للبلدين، فهي تمثل حاليا اقل من 4% من اي منهما. وتراعي هذه النسبة تهريب البضائع في الاتجاهين، وهو لا يزال ضخما رغم تراجعه اذ يستأثر بنسبة 50% تقريبا من الصادرات او الواردات المسجلة. ويتم تهريب البضائع في الاتجاهين لتفادي دفع مختلف الضرائب والرسوم ولتجنب التعقيدات والتأخيرات الناجمة عن الرقابة الجمركية على الحدود. وللقائمين على التهريب حافز اضافي هو التهرب من دفع ضريبة القيمة المضافة التي تصل حاليا الى نسبة 10 %.
ومن اللافت ان 62 % فقط من البضائع المستوردة من سوريا الى لبنان قد استفادت من الغاء التعرفات الجمركية بموجب الاتفاقات الثنائية المبرمة. كما يعد بارزا ان مستوى تجارة البضائع بين لبنان وسوريا، حتى بعد تعديل ارقامها، يبقى منخفضا جدا بكل المقاييس. ففي الفترة 2007-2009 لم يصل المجموع الكلي للتجارة اللبنانية مع سوريا (الصادرات+ الواردات) الا الى 3.8 % من المجموع الكلي للتجارة اللبنانية الاجمالية والى 2.4 % من المجموع الكلي للتجارة السورية الاجمالية.
اما بالنسبة الى اهم الواردات من سوريا فهي منتجات الحليب ومشتقاته، والخضار، وحجر البناء والاسمنت الابيض، والحديد والفولاذ. اما صادرات لبنان الى سوريا فهي من الفاكهة والمكسرات، والمشروبات والاسمنت الاسود والاسمدة الزراعية.
وتبرز عقبات اساسية أمام تجارة البضائع بين البلدين تتمثل اساسا في حواجز غير جمركية تشمل على الجانب السوري ضرائب ورسوما مختلفة واستخدام اسلوب القوافل في تنقل الشاحنات من سوريا واليها. واما الاجراءات الجمركية على جانبي الحدود فهي طويلة وبطيئة. كما ان المدفوعات غير الرسمية شائعة. ولذا تصل كلفة النقل بين البلدين الى ما يقارب ضعف المبلغ المتوقع.

الخدمات غير المالية
 
اما تجارة الخدمات غير المالية فتتكون اساسا من استيراد خدمات العمالة السورية ومن حركة سياحية نشطة اذ قارب عدد السياح المليون سنويا في كلا الاتجاهين. وتتوافر العمالة السورية في كل القطاعات، وبالاخص في قطاعي البناء والزراعة.
وتحدد بعض التقديرات نسبتهم في القطاع الزراعي بما يراوح بين 30 و40 % من مجموع اليد العاملة الزراعية في لبنان. وقدرت دراسة صادرة عام 2008 ان قرابة 75% من العمال السوريين في لبنان يعملون في قطاع البناء. ويمثل عدد العمال السوريين في لبنان 10% من اليد العاملة في سوريا التي قدرت بـ 5442000 عامل في عام 2008.
وقدر مجموع العمالة السورية في لبنان في عام 2010 بـ670000 عامل يمثلون ما يعادل 410000 عامل منتظم (بدوام كامل). وقدرت تحويلات هؤلاء الى سوريا في عام 2010 بـ 1.7 مليار دولار.
وعلى صعيد الخدمات غير المالية ايضا، يبرز التبادل في خدمات متنوعة منها السياحة حيث بلغ مجموع السياح في كل من البلدين العام 2009 قرابة 0.8 مليون (وفقا لمعطيات وكالات ومكاتب السفر). وانفق السياح السوريون في العام نفسه قرابة280 مليون دولار بينما انفق السياح اللبنانيون في سوريا حوالى 290 مليون دولار.
على صعيد قطاع التعليم، تبين الارقام اللبنانية العائدة الى صيف 2010 وجود 15000 الى 20000 تلميذ سوري في المدارس اللبنانية.
ويشمل التبادل في الخدمات غير المالية ايضا قطاع الكهرباء بحيث بلغ مجموع ما استورده لبنان من سوريا في العام 2010 391.228 ميغاوات/ساعة بكلفة 50 مليون دولار. اما على صعيد التبادل بين البلدين في قطاع الصحة فالبيانات معدومة.

الخدمات المالية
 
تغلب على تجارة الخدمات المالية ودائع الافراد السوريين في المصارف الموجودة في لبنان والتي قدرت بـ 21 مليار دولار في آخر تشرين الثاني 2010، أي ما يمثل زهاء 20% من اجمالي ودائع هذه المصارف. كما تبرز الاعتمادات المستندية التي يفتحها العديد من رجال الاعمال للاستيراد الى سوريا. ويرجح ان قيمة الاعتمادات هذه قد بلغت 1.3 % مليار دولار في عام 2009.
ويعزى جزء لا بأس به من الودائع السورية في مصارف لبنان الى اعتبارات تجارية، بخلاف الاموال التي تودع لاغراض التوفير او الادخار الشخصي، والتي تودع في العادة خارج لبنان وبالاخص في اوروبا. ولكن بفعل الانظمة والقوانين الصارمة التي صدرت في اوروبا والولايات المتحدة بشأن الودائع المصرفية، خاصة تلك التي يملكها غير المقيمين، فإن ودائع سورية خاصة تحولت في الآونة الاخيرة الى المصارف اللبنانية.
ويلاحظ ان اجمالي الاستثمارات السورية في لبنان-ومعظمها يتم من افراد- هو اكبر بكثير من حجم استثمارات اللبنانيين في سوريا- وهذه تتم من قبل مؤسسات خاصة. الا ان الاستثمارات اللبنانية ازدادت بشدة في السنوات الاخيرة في مختلف قطاعات الاقتصاد السوري، وخاصة في قطاع المصارف بل وفي الصناعة ايضا. وهناك حاليا ستة مصارف خاصة تعمل في سوريا بمساهمة لبنانية كبيرة، ومنها المصارف اللبنانية الكبرى من حيث رؤوس اموالها او ودائعها او اجمالي اصولها. وحصة المصارف اللبنانية من مجموع اصول المصارف السورية تبلغ 20 %، ويصل مجموع عدد موظفيها الى 2200 موظف تقريبا، ما يمثل اكثر من نصف عدد العاملين في المصارف الخاصة وحوالى 30% من مجمل العاملين في كل المصارف. ولثلاثة او اكثر من مصارف لبنان الكبرى اليوم شركات تأمين تابعة لها تعمل في سوريا. كما ان نصف شركات التأمين الخاصة الـ 12 العاملة في سوريا حاليا مملوك جزئيا من لبنانيين.

حساب المدفوعات
 
يتضح من محاولة اولية لحساب المدفوعات بين لبنان وسوريا في عام 2009 ان التدفقات تسيطر عليها تحويلات العمال السوريين، بينما لا تمثل تجارة البضائع الا جزءا ضئيلا منها. ويقدر اجمالي الايرادات + المدفوعات المدرجة في بند الحساب الجاري بـ 3.1 مليارات دولار فقط، اي بما يقل عن 4% من اجمالي الناتج المحلي للبلدين مجتمعين. وفي غياب اي بيانات وافية، ليس واضحا لمصلحة اي من البلدين ترجح كفة ميزان المدفوعات. ومهما يكن الجواب، فالارجح على اي حال ان الرصيد الاجمالي لميزان المدفوعات ضعيف نسبيا.

خلاصة
 
تبين استنتاجات الدراسة ان مستوى العلاقات الاقتصادية بين لبنان وسوريا ضعيف، وان العنصر الغالب في العلاقات الاقتصادية هو التحويلات والمعاملات الماليةـ وان عوائق التبادل التجاري كثيرة ومعظمها قابل للتذليل.
وتخلص الدراسة الى ضرورة تحديث النظم والاجراءات الجمركية في كلا البلدين تحديثا جذريا، وتشجيع المشاريع الصناعية المشتركة، وتشجيع الاستثمارات المشتركة في ما بين مؤسسات القطاع الخاص، وتشجيع التدريب على يد المؤسسات اللبنانية. كما ان في مقدور الشركات اللبنانية ان تقدم التدريب المطلوب في سوريا لقطاعي السياحة والمصارف.
ويبقى الاهم ان توسيع العلاقات التجارية يتطلب ما تتيحه الصناعة التحويلية وحدها، ألا وهو زيادة مطردة في كل من انتاج البضائع والانتاجية الاقتصادية- التي هي اصلا متدنية جدا في كلا البلدين. ولذا فان افضل ما يجب التركيز عليه في هذه المرحلة هو تيسير قيام مشاريع صناعية مشتركة بين شركات خاصة لانها ستستفيد من وفورات كبيرة وغير مستغلة بعد فتكون قوة دفع لنمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين واتساع مداها.
اما الخلاصة الابرز فتتمثل في القول أن المشكلات والحلول المتصلة بالعلاقات الاقتصادية اللبنانية السورية واضحة ومعروفة. فالقرارات السياسية على ارفع المستويات هي الحاسمة في دفع هذه العلاقات قدما، وبالاخص في عزلها عن التأثيرات السلبية للاحداث السياسية.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,613,816

عدد الزوار: 6,904,085

المتواجدون الآن: 86