العراق محط الآمال للتعجيل في نمو الشرق الأوسط

تاريخ الإضافة الإثنين 10 كانون الثاني 2011 - 6:08 ص    عدد الزيارات 1286    التعليقات 0

        


 

العراق محط الآمال للتعجيل في نمو الشرق الأوسط

- بقلم مروان اسكندر

لا بد من أن نعترف بأن تطورات العراق حولت الانتباه للمهتمين بالشأن اللبناني عن الرتابة المزعجة التي خلفتها مواقف المسؤولين اللبنانيين وتمسكهم باعذار واهية كي لا يقرروا اجراءات ذات أهمية للاقتصاد اللبناني والمواطن اللبناني.
بالطبع قضية الموازنة هي أبرز ما علق في انتظار قطع الحساب. ولا شك في أن الموقف دستوري، لكنه مخالف لموجبات النمو وتحريك الاقتصاد وتطوير المرافق الأكثر تفاعلاً مع حياة الناس، أي الكهرباء، المياه، الاتصالات، المواصلات، بما فيها رحلات شركات الطيران وانتظام الشؤون الادارية والتنظيمية في مطار رفيق الحريري الدولي.
نسأل بالفعل، هل عدّلت قوانين لتسهيل شؤون الناس أم لا مدى سنوات. وهل عدّل الدستور بصورة جوهرية في الطائف، وحتى بصورة جوهرية وان غير تعاقدية في الدوحة، فلماذا لا يمكن تسيير شؤون الانفاق العام مع العودة الى قطع الحساب والمحاسبة في ما بعد كما هو الامر في غالبية الدول؟
هل يا ترى هنالك كما يبدو أحياناً تصميم على شلّ الاقتصاد اللبناني الخاضع للممارسات التنظيمية، أم هنالك مسعى لتوسيع رقعة الممارسات خارج نطاق التعامل العادي واليومي، وتالياً تقوية فريق على فريق آخر على سبيل اضعاف هذا الفريق اقتصادياً وسياسياً في مقابل اعتماد الفريق الآخر على "الفيتو" والعمل خارج نطاق رقابة القوانين؟
يجب أن يعرف اللبنانيون ما هو الاتجاه الذي يدفعون صوبه، وهل يخدم المصلحة العامة والمواطن اللبناني في المدى الطويل أم لا. واستناداً الى المؤشرات المتوافرة والتي ساهمت في تأخير مشاريع تطوير الكهرباء، وتحسين شبكات توزيع المياه وتوسيعها، وتطوير شبكة الاتصالات وخفض تكاليفها وتحسين شروط السير، وربما لسنة على الاقل تشغيل مطار رينه معوض للرحلات الطارئة ولعمليات الشحن الجوي، يبدو ان المسعى التعطيلي هو المهيمن على شؤون البلد.
يكفي أن نقدر الخسائر التي لحقت بلبنان نتيجة تأخير الموازنة من دون إغفال ضرورات انجاز قطع الحساب ولو بعد تحريك المخصصات للتأكد من حسن استعمالها، لكن موقف رئيس لجنة المال الذي حاول أن يكون قدر المستطاع محايداً لم يتخط حدود مهنته، أي ممارسة القانون بحرفيته، فأضعنا فرصاً للنمو لن تعوض بسهولة، كما تكرست صورة العجز عن الانجاز لدى المواطنين حينما يقيسون انجازات ممثليهم، ان في مجلس النواب أم في مجلس الوزراء.
***
 
وهنا ننتقل الى الموضوع الذي هو في الاساس منطلق المقال. العراق أخيراً بدأ يسير نحو لملمة الجروح واستعادة الروح، وحينما يكون العراق بخير كما هو مأمول في المستقبل غير البعيد، تكون أوضاع لبنان، وسوريا، والسعودية أكثر راحة وترحرحاً.
واقتصاد العراق سوف يكون سنة 2011 ثاني اقتصاد في المشرق العربي من حيث الحجم المالي بعد السعودية. لكن اقتصاد العراق سيكون من حيث المشاريع القائمة والتخطيط الانمائي التطويري، الأكثر ديناميكية في المشرق العربي. وتنشيط انتاج النفط العراقي والعودة الى تصريف بعضه عبر الخطوط الممتدة الى سوريا، ولبنان، وزيادة طاقة الخط الممتد عبر تركيا، أمر يساهم في انعاش اقتصادات البلدان الثلاثة، كما قد يقدم العراق على الاشتراك في توسيع طاقة التكرير في سوريا، التي هي تحتاج الى ذلك، وفي استعادة طاقة تكرير في لبنان.
إذا افترضنا أن دخل النفط سيوازي 35 في المئة من الدخل القومي العراقي، وهذه النسبة تقترب من نسبة مداخيل النفط الى الدخل القومي السعودي، وعلى افتراض تحقق معدل 90 دولاراً للبرميل وانتاج ثلاثة ملايين برميل يومياً في العراق سنة 2011، يكون الدخل اليومي 270 مليون دولار والدخل السنوي على مستوى 97 مليار دولار، والدخل القومي على مستوى 280 مليار دولار، اي ما يوازي 9300 دولار سنوياً لكل فرد، ذلك ان عدد العراقيين يقدّر بـ30 مليون نسمة.
ان ايرادات النفط على المستوى المشار اليه تسمح بتخصيص ما لا يقبل عن 30 مليار دولار سنوياً للأعمال الانشائية في مختلف المجالات وخصوصاً في قطاعات الكهرباء والمياه والزراعة والطرق. والأمر المهم ان تتوافر في العراق الشركات التنفيذية للمشاريع المنوي انجازها.
من المعلوم ان الشركات اللبنانية استطاعت ترسيخ نشاطاتها في مجالات التغذية، والانشاءات، وتوليد الكهرباء والاتصالات الخليوية. وهنالك مؤسسات لبنانية باشرت العمل في مجال الفندقة والصناعة. والعراق كما هو معروف كان السوق الاكبر للصادرات اللبنانية اوائل الثمانينات، وفي الإمكان توقع توسع نشاط الشركات والمؤسسات اللبنانية في شمال العراق، كما في البصرة. أما موضوع الصادرات فرهن باتفاقات النقل البري والى حد ما النقل الجوي ما بين لبنان وسوريا والاردن والعراق.
هنالك مسعى لتحقيق تكامل اقتصادي يفترض تحرير التجارة بين سوريا ولبنان والاردن وتركيا وقد بات من الواضح والملح ان يتوسع هذا المسعى ليشمل العراق وذلك لأسباب عدة واضحة.
من جهة أولى، الاقتصاد العراقي بحجمه المتوقع أكبر من اقتصاد سوريا ولبنان والاردن بنسبة الضعفين، وتالياً الفرص المتاحة للتكامل كبيرة ومهمة. والعراق منفتح على التعاون مع هذه الدول كما مع تركيا التي للعراق معها تعاون اقتصادي ملحوظ منذ سنوات. ويذكر ان خط النفط الذي يمتد من العراق الى جنوب تركيا على المتوسط انجز لتعويض خطوط النفط التي كانت تنقل النفط العراقي الى سوريا ولبنان والتي توقفت لأسباب سياسية.
التوجه السائد حالياً، وهو توجه ايجابي، يعكس تحولاً جذرياً في العلاقات بين بلدان المشرق العربي وتالياً ليس ثمة ما يحول دون تشغيل الخطوط الى سوريا ولبنان سوى أعمال إعادة التأهيل التي قد تستغرق بضعة أشهر، يصير من الممكن بعدها تسهيل تصدير النفط العراقي من بانياس وطرابلس وربما استعمال بعضه في مشاريع توسعة مصفاة بانياس وبناء مصفاة جديدة في طرابلس بمساهمة عراقية.
وجدير بالذكر ان هذه الفكرة، طرحت منذ صيف 2008 خلال زيارة قام بها الرئيس فؤاد السنيورة لبغداد ولقيت ترحيباً من رئيس الوزراء العراقي الذي يرأس من جديد الحكومة العراقية.
المهم ألا نفوّت فرصة دمج العراق في مساعي التكامل الاقتصادي وتحرير التجارة بين سوريا والاردن وتركيا ولبنان. ولا شك في ان الوقت قد حان للانفتاح بدل الانغلاق والتقدم على مسارات تشابه مسارات تحرير الاقتصاد والتجارة بين البلدان الاوروبية وخصوصاً في عقد الثمانينات.
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,088,538

عدد الزوار: 6,934,302

المتواجدون الآن: 86