لبنان يواجه تحديات مع دخوله مرحلة استكشاف النفط..

تاريخ الإضافة الأحد 4 شباط 2018 - 6:52 ص    عدد الزيارات 1332    التعليقات 0

        

لبنان يواجه تحديات مع دخوله مرحلة استكشاف النفط..

الحياة...وليد خدوري .. من المتوقع أن يوقع لبنان في 9 من الشهر الجاري، اتفاقات الاستكشاف والإنتاج في القطعتين البحريتين 4 و9 مع كونسورتيوم من شركات «توتال» و «ايني» و «نوفاتك». ويمثل الاتفاق البداية العملية للبنان في البحث عن الموارد الهيدروكربونية في مياهه البحرية بعد سنوات من اللغط والانتظار، وبعدما بدأ معظم الدول المجاورة إما بالاستكشاف والإنتاج أو التخطيط للتصدير. تطرح المرحلة المقبلة مسؤوليات على لبنان، أولاها درس مهام شركة النفط الوطنية المزمع تأسيسها مستقبلاً لتحديد إطارها التنظيمي (علاقتها مع الحكومة والشركات الدولية) وأهدافها. وأخذت الشركات النفطية تهتم بأمور الطاقة إجمالاً، بدلاً من مراحل الإنتاج الهيدروكربوني والمراحل اللاحقة للإنتاج (النقل والتكرير والتسويق، إضافة الى الصناعات البتروكيماوية). فاهتمام الشركات النفطية في الألفية الجديدة يشمل مجال الطاقة برمته (الهيدروكربون والشمس والماء والرياح والبيئة)، خلافاً للقرن العشرين حيث استحوذ النفط على الصناعة. تكمن أهمية الشركة الوطنية في كون الدولة المالك الوحيد لها، ما يعني أن سياساتها تقرر من جانب الحكومة. لكن من المهم تحديد هذه العلاقة بين الطرفين. فما هي وظيفة الشركة، أهي تحقيق الربح للدولة، أم مجرد تنفيذ السياسات الحكومية؟ وفي حال الربح، فهل يحق لها الاستثمار دولياً؟ ومن يدير الشركة، وزارة النفط، أم مجلس إدارة تعينه الحكومة من مسؤولين في الوزارات والمناطق الإنتاجية ذات العلاقة وخبراء؟

يعتمد نجاح الشركة الوطنية على حجم الاحتياط وتوسيع استثماراتها المربحة محلياً وفي الخارج. فالشركات الوطنية تخدم مصلحة بلادها أولاً، وتعمل أيضاً لتعزيز أرباحها بانتهاز الفرص الاقتصادية عالمياً. وهي في حاجة الى رأسمال ضخم لتنفيذ مشاريعها. فصناعة النفط والطاقة تدخل نطاق العولمة بكل معنى الكلمة. عانت الشركات الوطنية العربية مصاعب جمة خلال العقود الماضية، نظراً للاضطرابات السياسية الشرق الأوسطية، وشيوع الفساد الذي امتد الى معظم المؤسسات الرسمية. لكن، على رغم هذه التحديات، استطاعت الشركات الوطنية، إما لوحدها أو بالتعاون مع الشركات النفطية العالمية، تحقيق اكتشافات مهمة وتطويرها، وتحقيق معدلات إنتاج عالية ومستمرة. طبعاً، هناك تفاوت في أداء الشركات. فحافظ بعضها، إما منفرداً أو بالتعاون مع الشركات العالمية، على مرتبة الصدارة العالمية في تصدير النفط الخام أو الغاز المسال. لكن، في الوقت ذاته، تقوقعت شركات وطنية بسبب الاضطرابات السياسية وإخفاقها في التخطيط الناجح للاستثمار الخارجي، ما أدى الى توسع بعضها دولياً ثم الاضطرار الى بيع الأصول بأسعار منخفضة. هناك معياران لتقويم الشركات الوطنية، مدى نجاحها في إنتاج الطاقة، ثم في دعم الصناعة المحلية والاقتصاد الداخلي. ومن الملاحظ أننا لم نذكر مدى تمكنها من توفير فرص عمل جديدة. والسبب هو أن الصناعة النفطية هي صناعة رأسمالية، في حاجة الى الاستثمارات الضخمة، والخبرات الهندسية والاقتصادية والإدارية المتخصصة. ثانياً، الحوكمة، وضرورة توفير الأطر اللازمة لتنفيذ المعايير المهنية الدولية. كما من المهم رسم القواعد التنظيمية والأهداف الواضحة عند تأسيس الشركة. من الممكن أن يتيح اكتشاف البترول في المياه اللبنانية فرصة لإعطاء زخم مهم للبلاد في مرحلة سياسية واقتصادية حرجة. لكن الشركة الوطنية ليست عصا سحرية لتحسين اقتصاد البلد. فهو في حاجة الى استقرار سياسي واقتصادي، والى كبح الفساد. ففي حال استمرار هذه التحديات، ستنتقل عدواها لصناعة الطاقة الحديثة والشركة الوطنية. ومن ثم سيتقلص دورها الى أضيق الحدود. يدور النقاش في لبنان حول أهمية تأسيس الشركة الوطنية حالياً، أو في وقت لاحق، بعد بدء الاكتشافات في السنوات المقبلة. ومن الأجدى أن يدور النقاش الحالي في دوائر الدولة واللجان البرلمانية الفرعية حول التصورات المستقبلية للشركة. فإذا تقرر إنشاؤها الآن، فهل هناك حاجة ماسة لها حالياً، وهل سيؤدي ذلك الى تكديس الموظفين من دون خطط ومشاريع للتنفيذ قريباً؟ فعلى سبيل المثل، من المتوقع في بادئ الأمر تزويد محطات الكهرباء والمصانع في مختلف إرجاء البلاد بالغاز. هذا يتطلب تشييد شبكة أنابيب برية أو بحرية لتربط البلاد بإمدادات الغاز. ويتوقع توافر هذه الخطط. لكن، هل هناك استعداد لتنفيذها قريباً؟ هل هناك مخصصات مالية متوافرة لها؟ والخطوة الثانية ستليها بسنوات، عند معرفة حجم الاحتياط الغازي وتقرير وجهة التصدير في ضوئه. فهل سيكون التوجه للأسواق الإقليمية أو الأوروبية؟ وهل ستشارك لبنان دولٌ اقليمية أخرى، مثل مصر وقبرص، في مشاريع التصدير؟.. يتطلب التصدير توافر احتياطات غازية ضخمة كافية لعقود وبعد احتساب الإمدادات للسوق المحلية. وهذه المشاريع للنقل بالأنابيب أو الغاز المسال، تتطلب في الحالتين اتفاقات طويلة المدى لا تقل عن عقدين لكل اتفاق. والأهم، سيتم اللجوء الى المصارف العالمية لاقتراض بلايين الدولارات لتنفيذها. وحتى لو أن الشركات الدولية ستتحمل مسؤولية التصدير، فإن موقع لبنان الاقتراضي (مالياً وسياسياً) سيؤثر حتماً في القروض وفوائدها. وتتطلب هذه الاتفاقات سنوات من المفاوضات مع الجهات المتعددة الطرف ليتم استكمالها. طبعاً، لا تنقص لبنان الخبرة في أسواق المال العالمية. لكن التحدي الآن هو طغيان التجاذبات المختلفة على معظم أوجه السياسات المحلية، ما يعرقل الوضع ويضيف تكاليف باهظة على الاستثمارات. يعاني لبنان من خلافات في وجهات النظر والمصالح مع بعض الدول المجاورة حول حدود المناطق الاقتصادية الخالصة في مياهه الجنوبية والشمالية، ولأسباب مختلفة. فهناك حال الحرب مع إسرائيل في الجنوب التي تمنع التفاوض مباشرة. وهناك عدم التوصل الى اتفاق حتى الآن حول الحدود البحرية مع سورية، نظراً الى الظروف السياسية بين البلدين. ويذكر أن الخلافات هذه لا تكمن في الحدود فقط. إذ هناك أيضاً الحقول المشتركة العابرة الحدودَ. إذ إن المكامن البترولية لا تعرف الحدود السياسية بين الدول. هذا يستدعي إما مفاوضات مباشرة أو بواسطة طرف ثالث مع الدولة المجاورة للتطوير والإنتاج المشترك للحقل ذاته. وتدل التجارب الدولية، بخاصة في الشرق الأوسط، الى أن أحد الطرفين ينتهز الفرصة، عند عدم توافر اتفاقات، لاستغلال الحد الأقصى من احتياطات الحقل المشترك منفرداً، ما قد يؤدي الى تدخلات عسكرية.

* كاتب عراقي متخصص بشؤون الطاقة

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,269,602

عدد الزوار: 6,942,956

المتواجدون الآن: 104