الأمن من أولويات التنمية الإقتصادية!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 25 شباط 2014 - 5:11 ص    عدد الزيارات 640    التعليقات 0

        

 

الأمن من أولويات التنمية الإقتصادية!
بقلم د. ماجد منيمنة
غادرتنا حكومة مستقيلة وجاءت حكومة جديدة؛ إمتلأت الرئات بهواء الأمل من جديد بحثاً عن صلاح في قلوب المسؤولين وأهل الحل والعقد وإصلاح في أحوال المواطنين ومعيشتهم. ومن باب أن في الحركة بركة وباعتبار أن التغيير سُنة الحياة ويساعد في القضاء على أي خمول ومحاربة ما قد تسببه الاستمرارية من فساد أو إفساد, فإن من الضروري أن نستبشر بالحكومة الجديدة وببرنامجها الذي نتطلع أن يلامس أماكن الوجع وأن يداوي الجروح التي عانى منها المواطنين في الفترة السابقة من تفجيرات واغتيالات وعمليات أمنية طالت أجسادهم وممتلكاتهم وأرزاقهم والتي زادت من آلامهم وأحزانهم وأثقلت كاهلهم وأرهقت حياتهم ونغصت معيشتهم وأيامهم.
و المطلوب اليوم من الحكومة الجديدة إيجاد السبل الناجعة لتولي الأمن وفرضه على الساحة الوطنية ومحاربة الإرهاب بصرامة والانتصار للتنمية وتعزيز النهج الإقتصادي الناجح وفتح فرص الإستثمار بأفضل التسهيلات والمميزات والتصدي للفساد والمفسدين والفقر والغلاء والبطالة، وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين في جو من الأمن والأمان والإحتضان السياسي للمؤسسات العسكرية. ولو تمكنت الحكومة من تحويل هذه الأولويات إلى واقع ملموس فلا شك أنهاستنجح وستنتصر للتفاؤل الكبير الذي يعيشه المواطن في وقت لا يستطيع فيه أن يخفي خوفه من اللحظات الصعبة والمُرة التي يتحول فيها الأمل إلى سراب. 
المطلوب من هذه الحكومة أن تفعّل آليات المساءلة والمحاسبة خاصة أن الحديث يدور منذ فترة ليست بالقصيرة عن الإصلاح، وعليها أن تضع نصب عينيها المحاولات العديدة التي إستهدفت الإصلاح وتحاول التركيز على السلبيات التي واجهت هذه العملية المتمثلة بالتسيب والفساد وإعتلال الممارسة الإدارية التي تفتقر إلى معايير الكفاءة.والمطلوب كذلك من الحكومة إيجاد مصلحين، ويفترض بالمصلحين أن يكونوا صالحين، لأن الإصلاح هو في يد الحكومة، فالإصلاح يقوم به الوزير في وزارته وفق برنامج الحكومة، ولن يستطيع أي وزير أن يتهرب من الإصلاح بحجة عدم وجود آليات ناظمة للتغيير, لأن البيان الوزاري والدستور هما الحصانة الحقيقية لمن يريد أن يسلك الطريق المستقيم.
ومن هنا فإن الحكومة يمكنها أن تعيد لبنان إلى موقعه الجغرافي السابق والترويج له وتسويقه في المنطقة بعد أن تعيد الأمن والأمان الى ساحته الداخلية.إن الحكومة مطالبة بإقرار الذمة المالية وإيجاد آليات تقوم علىالمساءلة والمحاسبة وإيجاد ضوابط تحد من الفساد المالي والإداري، ذلك أن آليات المساءلة والمحاسبة مازالت منقوصة الفعالية من جراء إستشراء الفساد في مفاصل المجتمع والدولة وضعف الثقافة الديمقراطية.
إننا جميعاً نحلم في أن يغدو لبنان نموذجاً يحتذى به بما يملك من المقومات والفعاليات التي تؤهله لذلك، ولن يتحقق ذلك إلا عبر حوار وطني يجمع كل الأفرقاء والإلتزام التام بإعلان بعبدا والإنسحاب العسكري لحزب الله من الميدان السوري وضبط الحدود المشتركة من قبل السلطات اللبنانية.
صحيح أن الحكومة ستلاقي بعض الصعوبات إذا ما أرادت أن تنجز المشروع الديمقراطي بكل تفاصيله نتيجة للإضطراب والخلط والتشويه والتسفيه من بعض دعاة الديمقراطية وبعض معارضيها، لكن ذلك لا يعفيها من المضي قدما ًنحو إنجاز هذا المشروع، وينبغي أن تخلق الحكومة دلالة مشتركة لمفهوم الديمقراطية،خاصة أنها مازالت تحمل دلالات مختلفة،فجميع الأطراف حجّمت مفهوم الديمقراطية إلى مجرد آلية للمنافسة على السلطة، وعلى الحكومة أن تفعل الحوار وإيجاد خطاب تصالحي يعزز السعي إلى مقاربة مفهوم مشترك للديمقراطية.
ومثلما نطالب الحكومة، فإننا نطالب القوى السياسية جميعهاأن تدرك أن توافقها وتصالحها يعد عاملاً حاسماً في التغيير الديمقراطي وفي إكتمال شروط الممارسة لها، ولن يتم ذلك إلا من خلال رؤية بعيدة المدى، يتم من خلالها تكريس مفهوم الدولة وتنمية المؤسسات الديمقراطية وتكوين المواطن الديمقراطي القادر علىالممارسة الديمقراطية في المجتمع. إن الحكومة مطالبة بأن توصل السلطة المحلية إلى كل القرى اللبنانية، وهي مطالبة أيضاً عبر وزارة الثقافة أن توصل المراكزالثقافية إلى كل المحافظات.إن السبيل الوحيد للتغيير هو تثقيف الإنسان اللبناني وإعداده فكرياً بشكل يحميه من الأفكار المتطرفة، وعلى الحكومة أن تفكر كيف تحرر الناس من الجهل والتخلف لكي يكونوا مؤهلين لسلوك طريق التحرر والتقدم ولكي يصبحوا جزءاً من تحولات العصر والخروج من كهوف التاريخ. وعندما نركز علىهذا المشروع الديمقراطي نكون قد تقدمنا بقفزات ثابتة نحو بناء مجتمع موحد وبدأنا بوضع الحجر الأساس لبناء الدولة الحديثة، لأن عدم فهم الديمقراطية يولد العنف والحروب الداخلية، فالعنف بكل أشكاله وبكل إستهدافاته هو الذي يولد الصراع والاختلاف، ويحول دون الحد الأدنىمن التوحد حول قضايا الوطن.
إن الحكومة معنية بإنجاز التقدم، والتقدم مقترن بالحرية والديمقراطية وله الأولوية على كل حديث آخر.وأهم نقطة أمام الحكومة هي تفعيل مبدأ المواطنة الكاملة المتساوية؛ فهي مصدر الحقوق ومناط الواجبات وليس الدين أو المذهب أو أي إعتبار ديني أو إجتماعي، فلو حققنا مبدأالمواطنة فسيكون ذلك أهم شيء نحققه للبنان، وبذلك سنحوّل الصراعات المدمرة إلى صراع سلمي يصب في مصلحة الوطن وليس ضده.
* خبير مالي ومحلل اقتصادي.
* دكتوراه في المالية الدولية.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,134,257

عدد الزوار: 6,936,257

المتواجدون الآن: 109