التسوية الحكومية لا تخدم القضية اللبنانية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 14 كانون الثاني 2014 - 7:24 ص    عدد الزيارات 291    التعليقات 0

        

 

 التسوية الحكومية لا تخدم القضية اللبنانية
شارل جبور
الخلاف مع «حزب الله» يتجاوز المساكنة الحكومية والبرلمانية واللعبة السلطوية إلى ما يتصِل بجوهر الكيان اللبناني والقضايا المبدئية المرتبطة بالتحييد ودور لبنان وحصرية السلاح... المجتمع الدولي الذي لا يقيم وزناً للأزمة السورية، على رغم عشرات آلاف الضحايا والدمار الهائل، لن يقيم أيّ وزن للأزمة اللبنانية، ولا بل يفضّل عدم التلهّي بهذه الأزمة ورَبط حلّها بالأزمات الأكبر، خصوصاً الإيرانية والسورية.
يتقاطَع المجتمع الدولي أحياناً مع القوى المصنّفة أساساً في المحور المعادي له، ولكنّ براغماتية الطرفين ومصلحتمها فرضت وتفرض هذا النوع من التعاون الذي يؤدي في المحصّلة إلى تمديد الأزمة اللبنانية وجعلها رَهن هذا التقاطع الذي، فَور انتفائِه، ينقلب طرفه الإقليمي على تعهداته.
فالتحالف الرباعي الذي تمّ برعاية دولية-إقليمية هو عَيّنة عَمّا تقدّم، حيث شَكّل اختلال ميزان القوى بعد حرب تموز 2006 محطة للانقضاض على هذا التحالف. واتفاق الدوحة عَيّنة أخرى، حيث شَكّل تراجع الاهتمام الدولي بلبنان مناسبة لإطاحة هذا الاتفاق ومحاولة لإعادة لبنان إلى زمن الوصاية.
و"إعلان بعبدا" وما سَبقه من مقررات تمّ التوافق حولها في هيئة الحوار الوطني عَيّنة ثالثة، هذه المقررات التي بقيت لفظية وحبراً على ورق. فكلّ التسويات التي يُبرمها محور الممانعة هي تسويات مؤقتة هدفها شراء الوقت بانتظار اللحظة المؤاتية لإعادة خلط الأوراق.
وقد أثبتت التجربة أنّ محور الممانعة لا يحترم تعهداته ولا يُقيم أيّ اعتبار للتنازلات الخطية التي يُقدِم عليها، مِن "حصر السلطة الأمنية والعسكرية بيد الدولة بما يُشكل ضمانة لاستمرار صيغة العيش المشترك" الذي وردَ في اتفاق الدوحة، إلى "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة والتزام القرارات الدولية" الذي وردَ في "إعلان بعبدا".
وبالتالي، الرهان على تنازلات سيُقدِم عليها في الحكومة المقبلة لا يقدّم ولا يؤخّر، لأن لا شيء يضمن عدم تراجعه عنها ما لم يتنازل عن دوره الإقليمي الذي يُبقي لبنان ساحة متقدمة في صراع المحاور، كما عن سلاحه الذي باستخدامه أو التلويح به قادر على إسقاط أيّ تسوية. وعليه، لا قيمة لأيّ اتفاق مع هذا المحور.
وإذا كانت السياسة الانتظارية التي تربط الأزمة اللبنانية بالأزمة السورية دَلّت على عدم جدواها، فهذا لا يعني التراجع نحو العودة إلى منطق المساكنة الذي جُرِّب وأثبَتَ عدم جدواه، ولا الاندفاع نحو التسلّح لإعادة تجديد الحرب الأهلية، إنما الصمود وتعليق العمل بالنظام اللبناني، لأن لا ممارسة ديموقراطية في ظلّ الوصاية والسلاح.
وعلى رغم أنّ خطوة من هذا النوع تفتح الوضع باتجاه المجهول، ولكنها تستدعي أيضاً اهتماماً دولياً، من منطلق أنّ انفجار الوضع اللبناني يؤدي إلى تفجير إقليمي، ما يفتح عندئذٍ باب المعالجات الجدية القادرة على اجتراح حلول نهائية للأزمة اللبنانية بدلاً من حلول مؤقتة.
وفي هذا السياق بالذات، أي الحلول المؤقتة، يندرج تنازل "حزب الله" الحكومي الذي يصبّ في الخانة الإيرانية لا اللبنانية في ظلّ تزايد الحديث في الإعلام الأميركي عن تحالف موضوعي بين واشنطن ومحور الممانعة ضد التكفيريين، وحاجة إيران لإعطاء مزيد من الإشارات عن دورها في صناعة الاستقرار تثبيتاً لهذا الدور وتوسيعاً له واستبعاداً لتحجيمه بعد الانتهاء من المفاوضات النووية. وبالتالي، تنازل الحزب على غرار انسحاب الجيش السوري من لبنان، يأتي تنفيذاً لأجندة خارجية أو في خدمة أجندة خارجية.
فالتنازل الذي أقدم أو سيقدم عليه "حزب الله" هَدفه جَرّ 14 آذار للمساكنة معه خدمة لأهداف إيران الانفتاحية في هذه اللحظة السياسية، وقبولها بالمساكنة يعني مَنحه الغطاء الذي يريده والإقرار بدوره الذي يسعى لتشريعه دولياً عبر التسليم لاحقاً بسلاحه لحماية الحدود اللبنانية-الإسرائيلية والتصدي للقوى التكفيرية التي هي من صناعة محور الممانعة أو بسببه.
 واشتراط الانسحاب من سوريا للمساكنة مع "حزب الله" غير كاف، على رغم أنه ليس بهذا الوارد، والقرار في هذه المسألة لا يعود إليه، فضلاً عن أنّ انخراطه في سوريا مسألة مستجدة، والمشكلة الأساسية معه تتصِل أولاً وأخيراً بسلاحه.
وبالتالي، حان الوقت للحلول الجذرية التي تدفع المجتمع الدولي إلى الالتفات للقضية اللبنانية تجنّباً لاندلاع حرب إقليمية، والمدخل إلى هذه الحلول فكّ أيّ ارتباط مع الحزب ولو اقتضى ذلك تفريغ كل المؤسسات التي تبيّن أنه يتلافى انهيار ما تبقى منها توفيراً للحماية التي يريدها، فهو كان غَضّ النظر عن استقالة الرئيس نجيب ميقاتي تنفيساً للاحتقان السنّي، ويريد اليوم الشراكة مع السنّة في الحكومة لوَضعهم في مواجهة مع القوى التكفيرية، هذه الشراكة التي تأتي في اللحظة التي تخوض فيها المعارضة السورية أشرَس معاركها السياسية، عشيّة "جنيف 2"، مع النظام السوري وإيران التي تقف خلفه وأمامه...

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,522,554

عدد الزوار: 6,953,645

المتواجدون الآن: 57