نقاش صريح حول المشاركة في الحكومة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 14 كانون الثاني 2014 - 6:16 ص    عدد الزيارات 271    التعليقات 0

        

 

نقاش صريح حول المشاركة في الحكومة
بقلم صلاح سلام
المشاورات الناشطة بين قوى 14 آذار، حول المشاركة في الحكومة العتيدة مع حزب الله، تستحق وقفة نقاش صريح، نظراً لأهمية القضية المطروحة على الوضع العام، وبالنسبة لكل لبناني، فضلاً عن خطورة المرحلة التي تعيشها المنطقة، وفي المقدمة لبنان وسوريا.
أصبح معروفاً أن ثمة وجهتي نظر بين مكونات 14 آذار من مسألة المشاركة، ويبدو أن هذا الواقع سحب نفسه أيضاً، ولو بحجم أقل على نواب كتلة تيّار المستقبل.
{{ وجهة النظر الأولى تقول بالإقدام على المشاركة في الحكومة، لأن ايجابياتها أرجح من سلبياتها، ولأن مكاسبها السياسية والوطنية أكبر من خسائرها، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار النتائج الإيجابية على الحركة الاقتصادية، وحالة الركود المهيمنة حالياً على القطاع السياحي والتجاري.
{{ وجهة النظر الأخرى، تنطلق من مبدأ رفض تقديم المزيد من التنازلات لحزب الله، وعدم التراجع عن المواقف والسقوف العالية المطروحة في الخطاب السياسي، وفي مقدمتها اشتراط انسحاب الحزب من سوريا، وتجديد التزامه بإعلان بعبدا، قبل الخوض بأي كلام حول المشاركة في الحكومة.
مثل هذا النقاش يبقى متوقعاً، ويعتبر ظاهرة صحية، نظراً للطبيعة المركبة لتحالف قوى 14 آذار، الذي يضم تيارات وأحزاباً من منطلقات مختلفة، وتعمل لأهداف متباينة، ولكن التقت جميعها في ساحة العمل معاً من أجل مشروع الدولة، ورفع رايات الحرية والسيادة والاستقلال، في اللحظة التاريخية التي أعقبت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفجّرت المشاعر الوطنية المكبوتة في صدور الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، تحت ضغط ممارسات نظام الوصاية وأجهزته الأمنية المختلفة!
ولكن ما هي المعطيات والمبررات التي يستند إليها كل فريق في الدفاع عن وجهة نظره؟
* * *
ثمة فرصة للبلد يجب أن لا نفوتها، يقول مؤيدو المشاركة، على اعتبار أن تشكيل حكومة سياسية جامعة خطوة أساسية، لإخراج البلاد والعباد من حالة الإحباط والتخبط السائدة منذ فترة، بسبب استفحال الانقسامات الداخلية، وما تسببت به من فراغ متمادي، وشلل في المؤسسات الدستورية والإدارات العامة، يهدد مشروع الدولة الذي ندافع عنه، خاصة في حال حصول الفراغ المقيت في رئاسة الجمهورية، في ظل حكومة مستقيلة، ومحاصرة بصلاحيات تصريف الأعمال.
ويرى أصحاب هذا الرأي من قوى 14 آذار، أن التوصل إلى التأليف بعد عشرة أشهر من الانتظار المراوغ والمُمل، يُلبي مطالب ورغبات الأكثرية الساحقة، وخاصة جمهور 14 آذار، من الهيئات الاقتصادية والمالية والسياحية والتجارية، التي تشكو من تفاقم حالات الكساد والإفلاس، بسبب مشاعر الخوف والقلق المسيطرة على الشارع اللبناني، خاصة بعد عودة مسلسل التفجيرات والاغتيالات، والاهتزاز الدائم في الوضع الأمني، وما يصاحبه من توتير وتصعيد في الخطاب السياسي.
ويذهب مؤيدو المشاركة أبعد من ذلك في الحديث عن ميزان الأرباح والخسائر، في حال تسريع خطوات التأليف، ويعددون بعض المكاسب، على سبيل المثال لا الحصر، على النحو التالي:
1 - طي صفحة حكومة 9-9-6، وإسقاط معها سابقة الثلث المعطل، التي ابتدعها اتفاق الدوحة، وكادت تتحوّل إلى قاعدة، عرفاً، في تشكيل الحكومات الائتلافية في لبنان.
2 - إنهاء العمل بالمعادلة الثلاثية: الشعب - الجيش - المقاومة، التي كرّستها البيانات الوزارية منذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى عام 2005، واستبدالها بصيغة مستوحاة من إعلان بعبدا، ومشاريع السياسة الدفاعية المطروحة على طاولة الحوار.
3 - تحقيق المداورة الكاملة للحقائب الوزارية، بحيث لا تُعدّ أية حقيبة حكراً على طائفة معينة، أو وقفاً على جهة سياسية محددة، كما كان يحصل مؤخراً، حيث تمّ تكريس المالية للسنّة والخارجية للشيعة، والداخلية للموارنة، والدفاع للأرثوذكس.
4 - فتح الأبواب أمام الاستحقاق الرئاسي لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري بين 25 آذار و25 أيار، أو الاتفاق خلال هذه المهلة على التمديد للرئيس ميشال سليمان، إذا اقتضت الضرورة ذلك، ولم يتم التوصّل إلى تفاهم خارجي على شخص الرئيس الجديد.
ويشدّد المدافعون عن المشاركة من قوى 14 آذار ونواب المستقبل، على أن هذه المكاسب الأربعة بالذات، هي في صلب مطالب ومواقف هذا التحالف العريض، والذي يتعرّض تماسكه لاختبار جديد.
ويضيف هؤلاء إلى المكاسب السابقة، نقاط أخرى، قد لا تتسع هذه العجالة لتفاصيلها، ولكن نورد بعض بنودها باختصار كلي:
1 - إنهاء مرحلة «حكومة حزب الله»، والإتيان بحكومة رئيسها خرَج من صفوف 14 آذار، والأكثرية فيها سترجّح غالباً كفة مجموعة 14 آذار، في المواقف السياسية العامة التي تتلاقى فيها مع المجموعة الوسطية وخاصة رئيسي الجمهورية والحكومة.
2 - سحب الصراع السياسي، والذي اتخذ طابعاً مذهبياً، وهدّد بتفجير فتنة لا تُبقي ولا تذر أكثر من مرّة، من الشارع إلى داخل المؤسسات الدستورية، مع كل ما يعنيه ذلك من تنفيس حالة الاحتقان، وتعزيز الأمن والاستقرار، وخلق الأجواء المناسبة لعودة الزوار العرب والاستثمارات الخليجية والخارجية إلى البلد.
3 - إعادة الحياة إلى المجلس النيابي، وتحريك المشاريع النائمة في أدراجه، وإشاعة المناخات المناسبة لتمرير الاستحقاق الرئاسي، انتخاباً أم تمديداً.
ويستبق أصحاب الرأي بالمشاركة في الحكومة زملاءهم المعارضين، بالإجابة على بعض التساؤلات من نوع:
{{ ألا تعني المشاركة التراجع عن المطالبة بانسحاب الحزب من سوريا..؟ ثم، ولعل هذا الأهم، ألا تشكّل تغطية لقتال حزب الله إلى جانب النظام السوري؟
ويأتيك الجواب صريحاً ومباشراً: الاشتراك مع الحزب بحكومة سياسية جامعة، لا ولن يسقط المطالبة المستمرة لقوى 14 آذار بانسحاب مقاتلي الحزب من سوريا، وتجديد التزامه بإعلان بعبدا.
ويتساءلون: هل اشتراك الحزب في حكومات الرئيسين السنيورة وسعد الحريري أسقط المطالبة بوضع سياسة دفاعية تقضي بتحويل إمرة سلاح الحزب إلى قيادة الجيش، وحصر قرار الحرب والسلم بالدولة اللبنانية؟
وكذلك الأمر بالنسبة لتغطية وجود الحزب في سوريا: هل أدّت مشاركة الحزب في حكومات الرئيسين السنيورة والحريري إلى تغطية عناصره تجاه المحكمة الدولية، أو إلى منع إدراج جناحه العسكري على لائحة المنظمات الإرهابية الأوروبية.
أما الكلام عن تنازلات تقدمها دائماً قوى 14 آذار، فلا يعبّر دائماً عن الواقع الحقيقي، خاصة بالنسبة لمواقف حزب الله الأخيرة، الذي قدّم، وحلفاؤه، عدداً من التنازلات المهمة، وبعضها رئيسي، في التخلي عن الشروط التي عطّلت تشكيل الحكومة طوال الأشهر السابقة.
- ألم يتراجع الحزب عن معادلة 9-9-6، التي طرحها السيد حسن نصرالله شخصياً في خطاباته أكثر من مرّة؟
- ألم يتخلَ الحزب عن ثلاثية الشعب، الجيش، المقاومة، التي كانت محور البيانات الوزارية السابقة؟
- ألم يُقنع الحلفاء، وخاصة العماد عون، بمسألة المداورة بين الحقائب الوزارية، بما فيها وزارتي النفط والاتصالات؟
ويختتم المدافعون عن المشاركة في الحكومة مع الحزب نقاشهم الصريح بالقول:
ومع كل ذلك، فإذا كانت التنازلات تؤدي إلى إنقاذ الوطن وحماية مشروع الدولة، فهي عمل وطني بامتياز!

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,597,896

عدد الزوار: 6,956,791

المتواجدون الآن: 76