بين النذائر والكبائر

تاريخ الإضافة الأحد 12 كانون الثاني 2014 - 7:37 ص    عدد الزيارات 290    التعليقات 0

        

بين النذائر والكبائر

بول شاوول

 

تهطل علينا، نحن اللبنانيين اليوم كالعادة النذائر من كل حدب وصوب. ومن كل لون وصوت وشكل وجنس ولسان. وجلّها تهديد. وسواد. وإعلان حروب. ورفع مطارق وسيوف. أف! كل هذا الحصار الدموي والإعلامي والسياسي يسبق اليوم أو يُمهد، أو يمانع، أو يطارح تأليف الحكومة.
إيران، عبر "حرسها الثوري" (الفاسد) تهددنا بأسبوعين دمويين..(!) أميركا أوباما تحذر الأميركيين من زيارة لبنان.. جنرال الخير والبركة ميشال عون يذكرنا بـ 1975. (مع من كنت يا ميشال عون عندها، ولا سيما في 1982، عند الغزو الصهيوني لبنان؟) وحزب الله الذي تحوّل فجأة داعية للتعاون الأميركي الإيراني (سبحان مغير الأحوال)، يشهر "رموزُه" أصابعهَم ويمطّطون زلاعيمهم، إنذاراً ووعيداً بـ 7 أيار جديد "مجيد".. إذا ما تألفت حكومة "الأمر الواقع". أي إذا مارس رئيسا الجمهورية والرئيس المكلف حقهما الدستوري. وسليمان فرنجية (الصغير) يهاجم رئيس الجمهورية بنبرة شجاعة وواثقة "متوعداً" (كما أُمليت عليه مواقفه بنزع الشرعية عنه. ما غيرو. سليمان وزير البنغو أي صاحب أهم مشروع تربوي وانمائي وثقافي عبر فتح صالات البنغو للفقراء)! ولم يتورع جماعة سماحة المملوك ومُفجرّو سيارتي طرابلس امام المسجدين، واغتيال 11 شهيداً من 14 آذار حتى اليوم.. وتجنيد العميل شاكر العبسي ليقوم بعدوانه في نهر البارد... لا يتورع هؤلاء عن عزف مقطوعة جديدة من تأليف نظامي البعث وولاية الفقيه، وتلحين المالكي وغناء حزب الله وبعض مرتزقته تتهم 14 فيها آذار بالداعشية.
طبعاً، من اخرج شاكر العبسي من السجن وارسله إلى نهر البارد، ومن افلتَ المجرمين من سجون العراق وسوريا، وفتح لهم مخازن الأسلحة ودفق عليهم المال في العراق والشام، ليس كثيراً عليه ان يزوّر هوية "هؤلاء" (من صناعة إيرانية عراقية سورية) ويخلع عليهم لقب "داعش" لتذكرنا بهوية أخرى اسمها فتح الاسلام! هؤلاء "الداعشيون" الذين يحاربون الجيش الحر "دفاعاً عن النظام" ويخترقون "الأنبار" اختراقاً إيرانياً... صاروا فجأة 14 آذار وتحوّل حزب الله مُنجبُ فنّاني الاغتيال بإبداع قل مثيله، تحول "علمانياً" و"مدنياً" وثورياً على طريقة ماركس وانجلز ولينين وستالين وماوتسي تونغ... وصار بعض غلمانه يزايدون على غرامشي وسارتر وطه حسين وجبران خليل جبران... انقلبت الصورة ثم انقلبوا فوقها. فباتوا من أرباب "الحضاريين" يمدون ايديهم "السمحاء" للشيطان الأكبر أميركا لكي يُعينهم على محاربة الارهاب. فجأة تحول "الشرير" الأميركي "خشبة خلاصهم". ومن الارهاب الذي صنعوه، ووضّبوه وأطلقوه... صنعوا دراكولا ونسبوه إلى 14 آذار بكل ألوانها. أي فبركوا فرنكشتين داعش (كما شاكر العبسي) واعطوه هوية جديدة باسم 14 آذار وتيار المستقبل، وخصوصاً السُّنة! صارت الثورة التكفيرية الخمينية رمز الليبرالية الأميركية والأوروبية وخصوصاً الاسكندنافية. فبات حزبا الكتائب والقوات وبطرس حرب والرئيس سعد الحريري وكارلوس اده والنائب فتفت ومثقفو وإعلاميو 14 آذار "داعشيين". رائع! وها هم، ومن خلال حلفهم المعلن الآن مع الأميركيين والاسرائيليين طبعاً، يغيرون "هوية" التُّهم من اسرائيل إلى السعودية. (كما غيروا وجهة البندقية من مزارع شبعا إلى الشعب العربي السوري واللبنانيين) ومن "عملاء" الصهيونية إلى عملاء السعودية والوهابية... أحلوا بعض دول الخليج العربية محل اسرائيل كعدو جديد. وصارت التهم والتبريرات جاهزة اليوم: محاربة التكفيريين المتمثلين بـ 14 آذار وبجمهوره وبناسه كذريعة جديدة لكل مغامرة عدوانية شبيهة بـ 7 أيار. ونتذكر، قبل الحلف الاسرائيلي الإيراني الأميركي انهم كانوا يعمدون إلى اتهام رموز 14 آذار بالعمالة لاسرائيل... ثم يغتالونهم ليتهموا اسرائيل بالجريمة. اليوم، وقد وضعت اسرائيل في مصاف "المنقذ من الضلال" فها هم يمارسون اللعبة ذاتها، مع تغيير "العدو": يتهمون رموز 14 آذار بالتكفيرية ثم واذا استهدفوهم سيتهمون التكفيريين. لعبة المجرمين هذه. ومن يسمع ويشاهد ويقرأ اعلامهم في "منارهم" الظلامي، تُصبْه الدهشة، حتى الشك حتى صار كاتب هذه السطور يتساءل: "اتراني داعشياً" من دون أن اعرف؟ أتراني "سلفياً" من دون أن ادري. أصرت تكفيرياً على الطريقة الخمينية وبن لادن والظواهري من دون أن أدري، وصار حزب الله المؤسَّس على التكفيرية والارهاب فجأة مبشراً بالحرية، والتعددية والسلم والانفتاح والحضارة. حتى صرت عندما افتح محطة "المنار" انتظر أن أشاهد برنامجاً عن جان بول سارتر، وعن ريمون آورن وميشال فوكو واستعراضات غنائية وأمسيات لأم كلثوم وفريد الأطرش وفيروز وزياد وأيديت بيا وشارل ازنافور... ثم أدير المحطة على "المستقبل" لاراها مجلببة بالسواد وبالحشمة وبالبرامج الخالية مما "لا يُرضي الله" "عزّ وجل".... من "الخلاعة" والملابس المكشوفة والشعر المسدل؟ هل جعلوني أحلم؟ كأن اذهب إلى المقهى والقى هناك مثلاً محمد رعد يحتسي الكابوشينو أو الشيخ نعيم قاسم يشرب الكوكا كولا.. او ادخل إلى السينما وأجد قربي الشيخ محمد يزبك؟ أف! رائع. فصانعو القتل والظلامية والمتفجرات والتزمت والكانتونية والانغلاق... ها هم فجأة يفتحون الأبواب لا ليخرجوا منها بل ليُزِجّوا الطرف النقيض وراءها. وأعجب من أين يُؤتُون هذه القدرة العجائبية، الخلاقة، التي تتمكن وبلحظة واحدة من تحويل طبائع الناس ومساراتهم وهوياتهم وتواريخهم وعقولهم... بل وتنقلهم من موقع إلى موقع.. بكلام سحري يُشبه كلام "الأنبياء" والرسل! حزب العجائب اقتلع بيئته اللبنانية العريقة بعروبتها وانتمائها الوطني إلى امكنة أخرى حتى يمكن القول إلى "مذهب" آخر مصنوع في إيران... فهذا الحزب القادر على توليد "ترانسفيرات" مذهبية وعقائدية وفكرية من مواقع الليبرالية الحضارية والوطنية والديموقراطية إلى الظلامية، هو قادر على أن يقتل ويتهم الضحية بالقتل، وهو قادر على أن يمارس في بيئته وفي لبنان كل أنواع التكفير والارهاب، ليتهم سواه بها! وهو قادر على أن يُصَوّر للعالم (أقصد من يصدقه) ان "تيار المستقبل" و14 آذار هم الذين يحاربون في سوريا وليس هو. وهم الذين يسقط منهم مقاتلون في سوريا.. وليس هم! وبحسب ما صرح أحدهم" ان 14 آذار يدفنون قتلاهم في سوريا سراً" وهم، أي حزب الله حزب الشفافية والصراحة والصدق يعلن وعلى عكس "تكفيريي" 14 آذار أسماء "شهدائه"... واحداً واحداً! صورة صورة. وان حزباً قادراً على لحس تواقيعه، وعن نقض مواقفه وعن التنكر لأرائه واتهام الآخرين بهذه الممارسات هو حزب قادر على نكران موافقته حول اعلان بعبدا مثلاً! او موافقته على المحكمة. أو ضربه الحوار. أو حتى قلب الصورة الواقعية في ما يخص مطالبة اليوم بحكومة ميثاقية وهو الذي قام بانقلاب وألف حكومة من لون واحد برئاسة ميقاتي.
ولم نعد نستغرب أو نعجب عندما نسمع أصواتهم ملعلعة، وأصابعهم المستعارة البلاستيكية تشهر وتتهم 14 آذار بالتكفيرية لتعلن عليها "حرباً صليبية" بعدما اعلنت عليها "حرباً" صهيونية. وبلا عجب يا عجبي، ان يشنف اللبناني أذنيه بسماع نواف الموسوي أو محمد رعد او الشيخ نعيم قاسم وهم يتهمون من أقصوهم عن الحكومة بالسلاح، بأنهم غير "ميثاقيين" ويتهمون رئيس الجمهورية بأنه يريد فرض حكومة أمر واقع سواء كانت حيادية أو غير حيادية. يعني حكومة حيادية تعبتر غير ميثاقية وحكومة القمصان السود "أسانس" الميثاقية. حتى ان "ميشالهم" عون أطال الله فكره السديد والمديد يتحدث عن انقلاب ينفذه الرئيس سليمان اذا ما فكر حتى بحكومة توضع ضمن صلاحياته. الرئيس سليمان انقلابي وحكومة ميقاتي التي احتلت فيها كتلة عون عشرة مقاعد وزارية... غير انقلابية! حتى ان رموزهم بسحنهم الحضارية الأميركية الجديدة يتهمون 14 آذار بجر البلاد إلى التقسيم (في حال تأليف الحكومة على غير هواهم) وهم قد قسموا البلاد أصلاً مجموعة كانتونات في الضاحية وبعض الجنوب والبقاع تقسيماً مذهبياً ظلامياً وقمعياً، بالقوة والإرهاب عائماً على بحر من الأسلحة والمتفجرات من كل نوع. وفي هذا الخضم والغبار الدموي الطافح من سوريا ومن خلال عبق بداية أعمال المحكمة الدولية وتفجيرات الضاحية وطرابلس (أين المتهمون بالتفجير؟ يا حزب الله! اتراهم أُدرجوا في خانة القديسين كما سماحة المملوك وأين قاتل الضابط سمير حنا ومغتال السلمان أمام بوابة "مقام" السفارة الإيراني) في هذا الخضم الصاخب، ها هم يستمرون في ادوارهم السابقة: إحداث انقلابات متتالية للهيمنة على الدولة. من تعطيل مجلس النواب إلى تفريغ الحكومة. إلى تهديد موقع الرئاسة الأولى. عبر شروط (مدججة بوعيد الدم!) بتنا نحفظها غيباً فهم يريدون الثلث الإيراني المعطل! سواء مقنعاً أو سافراً ليتحكموا بمصير الحكومة الجديدة. أي يريدون حكومة ايرانية بشهود زور لبنانيين من 14 آذار يتمكنون من خلاله وبكل وطنية وايمان (إيمانهم يختلف حقاً عن ايمان بن لادن وداعش وشاكر العبسي! فهو ارقى ترهيباً واغتيالاً وتدميراً!) ومن الثلث الايراني المعطل في الحكومة اللبنانية إلى خردة "الشعب الجيش المقاومة" وهي وصفة مسمومة، تورط الشعب اللبناني والجيش بكل موبقات حزب المقاومة السابقة. ومن قال لكم ان الشعب اللبناني يوافق على زجه في حرب سوريا وباسمه! انهم يريدون ان يضرجوا ضمير الشعب اللبناني بدماء الشعب السوري، خدمة لتعزيز دور "إيرانهم" في المنطقة. فهذا الثلث المعطل الذي اودى بالحكومة السابقة أخطر من قنبلة موقوتة. إنه مجموعة قنابل ستنفجر كل يوم في وجه الحكومة اذا ما قبلت 14 آذار به. اما الجيش وما احرصهم عليه! سبحان الله. المجد لله. فيجب لكي يكون وطنياً ان يبقى أضعف من "مقاومتهم" السابقة! اي جيشاً ملحقاً بهم شبيهاً بالجيش اللبناني عندما قسمته الميليشيات في السبعينات واستولت على عتاده وأسلحته، فصار لبنان بلا جيش أمام "جيوش الميليشيات" ولهذا، عندما يتمسكون بهذه الصيغة فكأنهم يقولون "نحن الجيش" والجيش فصيل من سرايانا "العدوانية" ميليشيا أقوى من الجيش: يعني حزباً أقوى من الدولة، ينهب المرافئ. ويحمي المتهمين بالقتل وتجار الكبتاغون واللحوم الفاسدة ومصدري الأدوية المزورة ورعاة فساد حلفائهم في الحكومة وخارجها! ونظن ان الحزب وخلفه (مرتزقته وحلفاؤه) لن يقبل بالتخلي عن بعض الوزارات المهمة (باعتبار انه ورثها عن اجداده كعقارات خاصة كتلك التي يحتلونها ويصادرونها في الضاحية والجنوب ويبنون عليها يلاتهم ومحالهم!) فالاتصالات وهي عين الأمن لن يتركوها لأنهم يريدونها عيناً أمنية عمياء! والطاقة ان قلنا الطاقة يعني الكهرباء... ثم النفط، والله ولا بحرب اهلية يخلونها! مشاريع. تلزيم. فلوس. هيمنة. نهب. سرقة. فكأن الله جعل النفط عندنا من اجلهم فقط: من اجل الجنرال او غير الجنرال. وهل يمكن ألا تثير وزارة العدل لإشكالاً كبيراً من خلال بدء اعمال المحكمة الدولية وجرائم الحزب التي تلفلف ... تبقى وزارة الخارجية. تصوروا الوزير منصور ومواقفه لتعرفوا انهم يريدون وزير خارجية سورياً أو ايرانياً في الحكومة اللبنانية! هذا الحزب، يبدو ان فائض "جنونه" زاده جنوناً وفائض غروره زاده سوريالية وشعوراً بالعظمة الجوفاء الوهمية. وفائض شهوته إلى السلطة زاده شبقاًَ بها وفائض تعطشه إلى الدم وسّع جغرافية تورطه وقتاله وعنفه... وفائض عمالته لإيران اصابه بالتفسخ والشيزوفرانيا والفصامية بين ادعائه "الوطنية" وارتهانه المطلق بايران.
وفائض استراتجيته لتقسيم لبنان، زاده انعزالية، يستعيد الخمينية التكفيرية الأولى، و"العبسية" (شاكر العبسي) الثانية، والداعشية الثالثة كأنه بات نتاجاً مُصنَّعاً من هذه المكونات يضاف اليها وراثته كل موبقات الطغاة العرب وغير العرب!
فهل تصدق 14 آذار كلمة من كلماته. او وعداً من وعوده؟ او اتفاقاً من اتفاقاتها معه! انها المُعضلة: عليك ان تصدق من لا تصدقه، لكي تحاول، وبظروف معينة، تمرير الكارثة او الكوارث!
وحزب الله هو حزب الكوارث بامتياز!

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,864,271

عدد الزوار: 7,046,039

المتواجدون الآن: 82