المسيحيون بالعراق وأجواء الاغتراب الديني والمذهبي بلبنان

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 تشرين الأول 2008 - 6:59 ص    عدد الزيارات 1139    التعليقات 0

        

رضوان السيد

أعجبني البيان الذي أصدره الفريق العربي للحوار الإسلامي ـ المسيحي، بشأن ما يجري في العراق، لكن ذلك غير كاف، ولا بد أن تنهض جهات إسلامية كبرى في سائر البلدان بالتنبيه الى مصائب ومِحَن هذا الخطر، والذي يمكن أن ينتشر في كل البلدان، وبحسب الظروف والترتيبات الطائفية الموجودة. فقد نبّه الفاتيكان مثلاً الى ضرورة حماية الحرية الدينية في العراق والهند. ذلك أن المسيحيين يتعرضون في الهند، ومن جانب الهندوس المتشددين، للملاحقة والاضطهاد. وفي العراق نفسه، في الأماكن التي لا مسيحيين فيها، انتشر في السنوات الماضية، كما هو معروف، داء الفتنة بين الشيعة والسنّة.
بيد أن هناك حقيقة لا يمكن إنكارها ولا التنكّر لها: ليس شيء من هذا التوتر والتوتير والتمييز عفوياً أو تلقائياً؛ بل هو مخطط ومنظّم، وإلا فقولوا لنا لماذا لم يتعرض المسيحيون بالعراق للاضطهاد بهذا الشكل من قبل؟ ولماذا حصل التوتر بين الشيعة والسنّة في لبنان الآن، وليس عندما دخلت الميليشيات الى بيروت بالسلاح عام 1984؟! وهكذا فلا ينبغي الاختباء وراء الأصابع بحجة أن الوضع معقّد بالعراق. هو معقّد بالفعل، لكن الجميع عرباً وأكراداً بتلك المنطقة هم من المسلمين. فلا شك أن المهجّرين للمسيحيين هم من المسلمين، وينتمون الى هذا الفريق أو ذاك، أو أنهم ـ كما في كل مرة يُراد فيها تجهيل الفاعل ـ من القاعدة، ومن الغرباء! ولا شك أن المُراد من وراء التهجير التأثير على التوازنات السكانية وعلى الأملاك. ففي المناطق المجاورة يدور صراع عنيف بين العرب والأكراد على الأرض والموارد والسكن والسلطة. وفي الصراع يمكن أن يكون المسيحيون عامل خير وتوازن، كما يمكن أن يتضرر من ورائهم البعض أو الفريق الذي يريد السيطرة بمفرده أو الانفصال، ولذلك يقوم بتهجيرهم!
ولو أن ذلك حصل قبل عشرين عاماً مثلاً لأثار استنكاراً كبيراً. لكن الآن المناعة فُقدت، وضعُفعت القوى الحافظة للاستقرار، والمذكّرة بالعيش التاريخي؛ فإن الأوباش والأوشاب هم الذين سيطروا، وهؤلاء يمكن إيهامهم، كما يمكن استئجارهم وتحويلهم. ولذا فإن رفع الصوت المطّرد يدفع لإعادة النظر والتفكير، بحيث لا نُسلم بأن تخلو هذه الناحية أو تلك من المسيحيين! أما استعادة المناعة فتحتاج الى عمل كثير وطويل المدى، ينبغي البدء به الآن حيث يمكن ذلك في أي بلد عربي!
ويبقى أمر آخر. ففي العراق يلعب الصراع على السلطة دوراً كبيراً في التحريض والابتزاز الطائفي. بمعنى أن السياسيين العراقيين يستقطبون العواطف والمخاوف والهواجس بطرائق التخويف من الآخرين، والذين يشعرون بدورهم بالانزعاج، بسبب تصويرهم بأنهم متعصبون أو إرهابيون. وهذا الأمر يحدث في لبنان منذ سنوات، أي يقال لهذه الطائفة أو ذاك إنك مضطهدة، والمعتدي عليك هذا الطرف! فينزل سيل من الشتائم في وسائل الإعلام موجه لطرف واحد ووحيد، تمهيداً لغزوه معنوياً أو مادياً! وتُستثار بدون داع طائفة كريمة لا تُعاني من الاضطهاد ولا التهميش... فلنعتبر بالدرس العراقي. وإن لم نستطع الإسهام بالتهدئة في العراق، فلا أقل من أن نحفظ ذلك في بلداننا، والله الموفّق.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,221,349

عدد الزوار: 6,941,026

المتواجدون الآن: 122