فصل التقسيمات عن القانون هـل هـو خطـوة مبـررة؟

تاريخ الإضافة الثلاثاء 26 آب 2008 - 9:16 ص    عدد الزيارات 1172    التعليقات 0

        

احمد زين

يناقش مجلس النواب في جلسته المقررة اليوم اقتراح قانون يقضي بتحديد الدوائر الانتخابية. وبإقرار مثل هذا الاقتراح تصبح الأحكام الأخرى المتعلقة بالانتخابات هامشية، ربما ليس لعدم أهميتها، انما لأنها ستحكم الانتخابات في لبنان وليس في أي بلد آخر.... ولكن حتى عشية الجلسة بادر البعض الى طلب تأجيل مناقشة الاقتراح وإقراره، مبرراً ذلك بأسباب، في مقدمها التريث ريثما يتم إنجاز إعداد مشروع قانون متكامل، وخصوصاً أن لجنة الادارة والعدل النيابية ما زالت تتابع المهمة الموكولة اليها في هذا الإطار، متخوفاً من أن يكون فصل الدوائر الانتخابية عن بقية أحكام القانون إجراء لإبقاء الأحكام السائدة على ما هي عليه من خلال المماطلة بدرسها لاحقاً!
قد تبدو الأسباب المعلنة لطلب تأجيل اقرار تحديد الدوائر الانتخابية منطقية من الوهلة الأولى، إلا أن الواقع غير ذلك تماماً، رغم مخالفة الدوائر المقترحة في اقتراح القانون لما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، ولكن هذا التحديد قد خضع لتجربة طويلة سابقة استمرت منذ سنة ١٩٦٠ وحتى ،١٩٩٢ وساهمت الى حدود بعيدة في كل ما حصل على المستوى الوطني من نتائج خلال تلك الحقبة. فاقتراح القانون لم يأت من فراغ او من ابتداع مخيلة مقدميه. فهو واحد من البنود التي تم التوافق حولها في اتفاق الدوحة. هذا الاتفاق الذي أخذ إجراءات التنفيذ بتشكيل الحكومة الحالية بالصورة التي حصلت يجب ان يستكمل باتخاذ الاجراءات التنفيذية لبقية البنود، ومنها الدوائر الانتخابية وفق التحديد الذي تم التوافق حوله، والذي اخذ به اقتراح القانون وخصوصاً ان ما نص عليه اتفاق الدوحة يقضي باعتبار كل البنود متكاملة مع بعضها، ولا يجوز تجزئتها بتنفيذ واحد دون الآخر. صحيح ان اتفاق الدوحة لم يصدر عن مؤسسة دستورية من صلاحياتها وضع البنود الواردة في النص، بحيث تصبح ملزمة، إلا أنه من حيث توقيته والمعطيات التي فرضت اجتماع من اجتمع للتوصل الى هذا الاتفاق، يرتقي الى اعتباره متخذاً من قيادات وطنية تفاهمت على حد أدنى من القواسم المشتركة لتجاوز قطوع وطني خطير كان داهماً. وبهذا المعنى يمكن القول إن اتفاق الدوحة جاء كاتفاق الطائف من حيث الظروف التي أدت الى هذا وذاك. والاتفاقان متشابهان في الغطاء الدولي والعربي، ومن حيث الغاية التي نشداها. واذا كان اتفاق الطائف قد جاء باسم النواب وحدهم، فإن مفاعيل مثل هذا الاختلاف تبقى شكلية في تأثيرها، لأن ما قرره النواب عندما خرجوا باتفاق الطائف، كانوا قد اعربوا عن نيتهم في إقرار ما تم التوصل اليه ولم يعتبروه نافذ الإجراء فوراً بدليل أنهم ما إن وطأوا أرض الوطن حتى عقدوا الجلسات الرسمية لمجلس النواب لإقرار الاتفاق والعمل بما تبقى من نصوص كان مطلوباً تنفيذها فوراً.
بهذا المعنى يمكن القول إن المطالبة بتنفيذ اتفاق الطائف او بتنفيذ اتفاق الدوحة، تقتضي إقرار اقتراح الدوائر الانتخابية في جلسة اليوم، وذلك عملا بالإجراءات التي تكون مطلوبة لاحترام أي اتفاق وطني.
قد يرى البعض أن تجزئة إقرار أحكام قانون تخالف أصول التشريع، ولكن مثل هذا الاعتقاد في غير محله لأسباب عديدة، منها ان التجزئة جاءت عملاً بنص اتفاق وطني، وأن قانون الانتخاب في لبنان كان وما زال وسيبقى الى أجل غير مسمى عبارة عن تحديد الدوائر الانتخابية. أما بقية الاحكام فتكون ثانوية رغم أهمية بعضها الكبرى. إلا ان المراهنة على مدى الالتزام وصيانة التطبيق، تسقط مثل تلك الأهمية الى اسفل السافلين... ورغم هذا وذلك يمكن القول إن تجزئة إقرار قانون ليست مخالفة لأصول التشريع ولو بمقدار يتصوره البعض. فهناك قانون انتخابات نافذ الإجراء، فما المانع من تعديل بعض بنوده. أما القول بأن إقرار تحديد الدوائر قد يؤدي الى التأجيل او الامتناع عن إقرار بقية الأحكام المطلوب تعديلها فهو في غير محله، لأن إقرار الدوائر يعطل إمكان الاختلاف على بقية تلك الاحكام ويجعل درسها وإقرارها »تحصيل حاصل«. فأحكام قانون الانتخابات الخارجة عن تقسيم الدوائر الانتخابية، ربما كانت وحدها التي تتعارض مع المثل الانكليزي القائل إن الشياطين تكمن بالتفاصيل. فهل يتابع النواب اليوم العمل بموجب اتفاق الدوحة، أم سيحقنونه بالمصل الذي حقنوا به اتفاق الطائف؟ .... 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,246,636

عدد الزوار: 6,942,014

المتواجدون الآن: 128