إمارة رفح الإسلامية والقاعدة في قطاع غزة

تاريخ الإضافة الأربعاء 19 آب 2009 - 11:39 ص    عدد الزيارات 695    التعليقات 0

        

 ياسر الزعاترة
كأن قطاع غزة لا تكفيه المصائب التي يعيشها في ظل الحصار الإسرائيلي العربي، حتى تُعلن فيه إمارة إسلامية من رفح تكفّر حماس ومن يشاركون في الانتخابات، وتطالب كتائبها وشرطتها بمبايعة الأمير الشيخ عبداللطيف موسى: عليه وعلى من قتلوا في الاشتباكات من الطرفين رحمة الله. عندما دخلت حماس الانتخابات توقعنا شيئا كهذا، لكن الموقف يبدو أكثر سوء في واقع الحال، ففي حين توقعنا أن تميل قطاعات من الشبان إلى رفض العملية السياسية وأي شكل من أشكال التهدئة وتصر على العمل المسلح ضد الاحتلال، مع ميل بعضها إلى نموذج القاعدة، ها إننا نفاجأ بمجموعات أكثر تطرفا، تمارس أعمالا تخل بالأمن الداخلي، وتتوجه نحو الناس باستهداف حفل زفاف ومقاهي إنترنت وصالونات حلاقة نسائية ومدارس أجنبية، أو اختطاف صحفي أجنبي، في حين لم تقم سوى بعملية واحدة ضد الاحتلال لم يصب فيها أحد من جنود الاحتلال. مجموعات السلفية الجهادية في قطاع غزة هي الأكثر تشددا على ما يبدو بين تجليات التيار، وفي حين كان عليها التركيز على حرب الاحتلال من أجل الحصول على "الوكالة" الفلسطينية لتنظيم القاعدة الذي يعيش أزمة الغياب عن هذه الساحة الأكثر أهمية، بحسب ما اعترف (منظر التيار) الشيخ أبو محمد المقدسي حين انتقد التقصير على هذا الصعيد، ها هو يذهب في اتجاهات سيئة تزعزع الاستقرار الداخلي وتخدم الاحتلال.طبعا لن تقصر بعض المواقع الجهادية في تتبع الحدث، وستتهم كما فعلت سلطة رام الله حماس بقتل الناس في المساجد، مع أن القتلى كانوا من الطرفين، وقد يذهب بعض تلك المواقع حد التكفير، لكن عقلاء القوم قد يكون لهم رأي آخر، ومن قرأ على سبيل المثال مقابلة الشيخ المقدسي التي نشرتها صحيفة السبيل قبل أسابيع يدرك ذلك، حيث رفض الرجل الكثير من الأعمال التي تنسب للتيار، ما جعله أقرب عمليا إلى فكر مقاومة الاحتلال، وإن بقي على موقفه من الأنظمة والديمقراطية. مجموعة عبد اللطيف موسى ليست الوحيدة في القطاع، بل ثمة مجموعات عدة تتنافس للحصول على "وكالة" القاعدة، من بينها مجموعة (لم تعلن لها اسما) يسميها الناس "جلجلت"، قال أحد قادتها، وهو شاب في الثالثة والعشرين في مقابلة مع صحيفة فلسطينية قبل أسابيع إن مجموعته في انتظار عملية كبيرة ضد الاحتلال حتى تعلن عن نفسها وتحدد اسمها وتبايع الشيخ أسامة بن لادن كما وقع للتوحيد والجهاد في العراق والجماعة المقاتلة في ليبيا وفرع التنظيم في المغرب الإسلامي. المهم أن أكثر هذه المجموعات تعاني خللا في البوصلة، كما أن بعضها مدفوع من جهات داخلية وخارجية هدفها زعزعة الاستقرار الداخلي، وهو الإنجاز الأهم لحماس في القطاع. ولو ركزت على استهداف الاحتلال لما كان ثمة مشكلة معها، لكنها، ربما لصعوبة ذلك بسبب السياج الأمني، وربما لاعتبارات تتعلق بارتباطاتها وليست جميعها مرتبطة، تفجر طاقاتها في الداخل، سواء بعمليات كالتي أشرنا إليها، أم عبر المزايدة على حماس التي لا تطبق برأيها الشريعة والحدود الإسلامية (فهم قادتها للتطبيق المذكور قاصر إلى حد كبير، ولا يأخذ في الاعتبار طبيعة الظروف المحيطة، وهو لا يتجاوز الشكليات الخارجية مثل فرض اللباس وتطبيق الحدود إلى غير ذلك مما عرف في أفغانستان على سبيل المثال، فضلا عن ممارسات دولة العراق الإسلامية في منطقة الأنبار في العراق). هي مشكلة كبيرة بالنسبة لحماس، إذ أن التعامل الأمني مع الظاهرة ليس كافيا، بل لا ينبغي أن يعطى الأولوية، وطريقة التصدي للحدث الأخير لم تكن صائبة، حتى لو قيل إن الحوار الفكري لم يجد نفعا طوال الشهور الماضية، ومن الأفضل للحركة أن تستعين ببعض العلماء من خارج فلسطين، ممن يمكن أن يسمع لهم هؤلاء، وأظن أن هناك كثيرون يمكن أن يتواصلوا معهم ويقنعوا المخلصين منهم بخطأ ما يفعلون في وضع مثل وضع غزة، مع تذكيرهم بأن تجربة دولة العراق الإسلامية (مع الفارق الكبير) لم تنجح وتسببت في تراجع القاعدة بعد الصدام مع فعاليات المجتمع العراقي. المجتمع الغزي، وإن انطوى بعض تدينه على قدر من التشدد، إلا أنه لا يحتمل هذا المستوى من التطرف، لاسيما إذا أراد فرض رؤيته بالقوة على الناس، وإذا كانت بعض الممارسات الهامشية ذات العلاقة بالحرية الشخصية من جانب حكومة حماس قد لاقت كل تلك الأصداء السيئة، فكيف بمن يريد فرض منطق طالبان على الناس في القطاع، مع احترامنا لهذه الأخيرة كتعبير عن واقع اجتماعي في أفغانستان كان قابلا للتطور بمرور الوقت لو منح الفرصة؟..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,869,223

عدد الزوار: 7,006,606

المتواجدون الآن: 74