حرب غزة ومعركة سوريا

تاريخ الإضافة الجمعة 23 تشرين الثاني 2012 - 6:10 ص    عدد الزيارات 344    التعليقات 0

        

 
عبد الكريم أبو النصر

حرب غزة ومعركة سوريا

 

"الحرب الإسرائيلية الجديدة على قطاع غزة قابلة للاحتواء والتطويق على رغم الخسائر الفادحة التي توقعها وشراسة المواجهات اذ ان جهوداً حقيقية مصرية - اقليمية - غربية تبذل بموافقة الطرفين من أجل منع تحولها نزاعاً اقليمياً لكن الأزمة السورية المتفاقمة ليست قابلة للاحتواء والتطويق وهي الأكثر أهمية وخطورة من أي أزمة اقليمية أخرى وستشهد تصعيداً عسكرياً كبيراً في المرحلة المقبلة لأن الأفق مسدود أمام أي حل سياسي لها، ولأنها، في وقت واحد، حرب داخلية بالغة القسوة مدمرة للبلد وللدولة ومؤسساتها وحرب عربية - ايرانية ذات أبعاد دولية وتشكل تهديداً للأمن والسلم الاقليميين والدوليين أكبر مما يشكله الصراع المسلح الفلسطيني - الاسرائيلي الحالي".
هذا تقويم مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس معنية بشؤون الشرق الأوسط بناء على المعلومات التي تتلقاها من عواصم اقليمية وغربية عدة. وأوضحت المصادر " ان حرب غزة ليست وليدة الأزمة السورية ولم يحركها الرئيس بشار الأسد كما فعل عام 2008 بل انها تظهر ضعف النظام السوري وعزلته الواسعة الاقليمية الدولية غير المسبوقة وفقدانه دوره الاقليمي والورقة الفلسطينية - الاسرائيلية من أجل محاولة المساومة والمقايضة مع الدول المؤثرة بهدف تحقيق بعض المكاسب. وتظهر حرب غزة أيضاً سقوط محور المقاومة والممانعة لأن هدف هذا المحور لم يعد الدفاع عن الفلسطينيين والمقاومين بل بات يتركز على الدفاع عن النظام السوري ومحاولة حمايته وانقاذه من غير جدوى".
وقال لنا مسؤول أوروبي معني بالملف السوري ان أربعة أمور أو عناصر تبدلت في المشهد السوري هي الآتية:
أولاً - ان الدول الاقليمية والغربية المؤثرة تتعامل مع "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" الذي يضم الغالبية العظمى من ممثلي الثوار والمعارضين على أساس انه القيادة السورية الشرعية لعملية الانتقال من نظام الأسد الى نظام ديموقراطي تعددي يختلف جذرياً عن النظام القائم ويحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري.
ثانياً - ان نظام الأسد فقد بوضوح القدرة على تحقيق أي اختراق سياسي أو ديبلوماسي أو على معالجة أي من المشاكل الهائلة التي تواجهها سوريا ويجد ذاته في مأزق عسكري حقيقي اذ انه عاجز عن الحسم وعن الانتصار وعن فرض سيطرته مجدداً على البلد وعاجز عن اقناع العالم بأن معارضيه ارهابيون ومتمردون على الشرعية. بل ان الغالبية العظمى من الدول ترى ان هذا النظام فقد الشرعية الداخلية والخارجية ولن يكون شريكاً في عملية بناء سوريا الجديدة. في المقابل، تحقق الثورة الشعبية مكاسب كبيرة أساسية عسكرياً وسياسياً وديبلوماسياً اذ لم يسبق للمعارضة السورية ان شكلت منذ خمسين عاماً تحالفاً واسعاً كالائتلاف الوطني الذي ينشط بفاعلية من أجل اسقاط النظام ويلقى دعماً جدياً علنياً وسرياً من دول اقليمية وغربية كثيرة تؤيد مشروعه.
ثالثاً - باتت مسألة تزويد الثوار السوريين أسلحة دفاعية متطورة محور دراسة ومشاورات رسمية بين عدد من الدول الغربية الرئيسية على رأسها أميركا وفرنسا وبريطانيا على أساس ان هذه الخطوة شرعية لأن النظام يواصل حرباً على مواطنيه يستخدم فيها الطائرات والمدفعية الثقيلة والدبابات ومختلف أنواع الأسلحة ولأن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤولية حماية المدنيين والمناطق المحررة من غير انتظار حدوث توافق على ذلك في مجلس الأمن. وتزويد المعارضين السلاح أقل كلفة وأكثر جدوى من القيام بتدخل عسكري غربي مباشر في سوريا.
رابعاً - بات واضحاً ان القيادة الروسية تواجه مأزقاً سياسياً وديبلوماسياً اذ انها فشلت في انجاز أي تفاهم مع الدول الاقليمية والغربية المؤثرة يسمح ببقاء الأسد في الحكم خلال مرحلة انتقال السلطة الى نظام جديد ولو من غير أن يتمتع بصلاحيات تنفيذية. كما أن دعم موسكو لنظام الأسد شجعه على مواصلة الحرب والحاق الكوارث بسوريا، لكنه لم يعزز موقعه ولم يوفر له الحماية الحقيقية ولم يضعف الثورة الشعبية بل زادها هذا الموقف الروسي تصميماً على اسقاط النظام وسمح بتكثيف الدعم الاقليمي - الغربي لها.
وخلص المسؤول الأوروبي الى القول : "نظام الأسد عاجز عن الافادة من حرب غزة أو من أي تطور اقليمي وبات لاعباً داخلياً يكتفي بمواجهة شعبه عوض أن يتفاهم معه، كما ان هذا النظام أضعف من أن يفجر حرباً مع اسرائيل تدفع الدول المؤثرة الى الاهتمام به وعقد صفقة معه، وهو عاجز عن ايجاد أي حل ينقذ سوريا ويوفر له الحماية. نظام الأسد أخرج ذاته من المعادلة الداخلية والاقليمية والدولية وفتح بقراراته وأعماله وخياراته أبواب التغيير الكبير في سوريا. وهذه معالم ودلائل نهاية نظام".

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,972,964

عدد الزوار: 6,973,553

المتواجدون الآن: 74