لبنان على مفترق طرق الأزمات

تاريخ الإضافة الخميس 23 آب 2012 - 7:34 ص    عدد الزيارات 352    التعليقات 0

        

 

لبنان على مفترق طرق الأزمات
بقلم رضوان السيّد
عندما تتعدّد الأزمات يذهب اللبنانيون الى التصرف مع آخرها للاعتقاد أن الثالثة تأكل الثانية، والثانية تأكل الأولى. أمّا الواقع فهو أن الأزمات تتوالد وتتراكم دون أن تزول أو تأكل اللاحقة السابقة. ومنذ حوالى الأربعة عقود، تميّز لبنان بأن الأزمات ما عادت أسبابها أو عوامل إثارتها واستفحالها داخلية. وبداية تلك الأزمات الصراع على القضية الفلسطينية منذ دخولها إلى لبنان أواخر الستينات، وتصاعد قوتها بعد طرد قوات الفصائل الداخلة بمنظمة التحرير من الأردن. وبعد خروج القوات الفلسطينية من لبنان في الثمانينات، صار الصراع على أرض لبنان على دور سورية بالمنطقة، وهل الزعامة لسورية أم للعراق. وعندما اضطر بشار الأسد للخروج بجيشه من لبنان على أثر استشهاد الرئيس الحريري، ما انتهت صراعات نظامه على أرض لبنان، ليس لمعاندة اسرائيل، ولا لأنه ربّى أنصاراً أقوياء بلبنان، بل لأنه كان ومنذ أيام حافظ الأسد، قد شارك النظام الإيراني في صراعه على الأدوار ومناطق النفوذ مع العرب ومع الأميركيين، وقد انتهت إحدى مراحل هذه المُغالبة التي شاركت فيها جهات متعددة بالمنطقة وخارجها عام 2010، بخروج الأميركيين من العراق (تاركينه تحت رحمة إيران)، وعودة السفير الأميركي الى سورية، واستيلاء حكومة بزعامة حزب الله في لبنان، وشهد العامان 2011 و2012 انقلاباً هائلاً في مشهد العالم العربي المستكين والضائع: قامت الثورات العربية، فحاصرت سائر الجمهوريات الخالدة ومنها جمهورية الأسد الوراثية - وحوصرت إيران على أرضها اقتصادياً وعسكرياً - وشعر الإيرانيون وأنصارهم، والروس، أن هذه الظواهر كلها إنما كانت لإعادة الهيمنة وإخراجهم من كل شيء!
لا نعرف بالضبط ماذا يريده الروس (والصينيون) من الأميركيين. لكن الذي نعرفه أن الإيرانيين يريدون إشعارنا (وربما إشعار الأميركيين) أن كل العرب في لبنان وسوريا والعراق والأردن معرضون للانهيار دولاً ومجتمعات ومستقبلاً إن لم نسلم بالسطوة التي استقرت لهم ولحلفائهم بسوريا والعراق ولبنان، أو على الأقل إن لم نصبر عليهم حتى يكونوا قد سووا مشكلتهم مع الولايات المتحدة، ليس بشأن النووي وحسب، بل وبشأن دورهم في المنطقة، أما الأميركيون فيجيبونهم بأنه لا مكان لهم بالمنطقة الواقعة بين الفرات والبحر المتوسط غرباً. والعرب الشبان اسلاميين وقوميين يقولون لهم: بل ولا مكان لكم بالعراق أو شرق الفرات، أما ما تذكرونه عن المقاومة والممانعة فهو شأننا باعتبارنا أهل المنطقة، والناس الذي تحتل إسرائيل بلادهم، والناس الذين غزت الولايات المتحدة اراضيهم وسيادتهم، وشاركتموهم انتم في ذلك على مدى حوالى العقد من الزمان!.
أين يقع لبنان من ذلك كلّه، وماذا الآن؟ لبنان الآن ساحة كما كان. فبعد ضعف العراق ثم سقوطه استقر الأمر لحافظ الأسد فيه. وعندما اضطرب الأمر على بشار الاسد بعد العام 2000 لاختلال التوازن مع إسرائيل، وصعود المعارضة لسطوته في لبنان، جمع الشيعة اللبنانيين من حوله في عين التينة عام 2004، وجدّد للحود، ثم انصرف لمقاتلة معارضيه بالاغتيالات واعمال التفجير حتى بعد خروجه من لبنان، وتسليمه بالكامل لإيران وحزب الله، فحتى حلفاء سوريا السياسيين كان الحزب هو الذي يزودهم بالمال والسلاح بعد العام 2006. وتقول ايران الآن بكل لسان ان بشار الاسد هو بالنسبة لها خط احمر، وتدافع وستدافع عنه بشتى الوسائل. وهي قامت بذلك بالفعل، وما قصّر حزب الله في ذلك ابداً، إنما للمرة الأولى افترق الملفان ليس في لبنان فقط، بل وفي العراق أيضاً. فخطط التفجير الأخيرة التي قبض من أجلها على الوزير السابق ميشال سماحة، ما كان حزب الله داخلاً فيها، وكذلك الأمر بالنسبة للتحرشات على الحدود في شمال لبنان وشرقه. بل إن هذه الاحداث هي صراعات النظام السوري الخاصة مع المسلمين السنّة وليس في لبنان فقط، بل وفي العراق أيضاً. وليس ببعيد أن يحاول ذلك في الأردن إن وجد فريقاً مستعداً لتحمل هذا العبء!
ما كتم المسلمون السنّة في لبنان، ثم في الأردنّ وأخيراً في العراق، سرورهم بالثورة على النظام السوري، ومسارعتهم لدعمها بشتّى الوسائل. وقد أشعرهم الثوار السوريون منذ الأيام الأولى بدرعا أنهم إنما ثاروا من أجلهم ومن اجل مظالمه أيضاً عندما رفعوا شعارات مثل: الثأر لرفيق الحريري، ولا إيران ولا نصر الله بدّنا ناس يخافوا الله! ومن المعروف أنّ حكومة لبنان منذ ما قبل شهرين على قيام الثورة بسورية هي حكومة الأسد ونصر الله. ولذلك فقد اعتمد بشار الأسد عليها في إزعاج أهل السنّة ومحاصرتهم، وقد كان من ضمن حصارهم استخدام رئيس لحكومة لبنان من طرابلس، كان معروفاً بشراكته مع بشار الأسد منذ زمن. بيد أنّ الأحداث تفاقمت، والثورة لم تخمد، والسنّة ما سكتوا عما نزل وينزل بهم وبإخوانهم في سورية. ولذا فإنّ المسؤولين اللبنانيين المتورطين وغير المتورطين، أرادوا بالفعل النأي بأنفُسهم. وتجاهُل استحثاثات الأسد لهم على المصارعة والمحاصرة والتفجير. ولذل فقد استخدم الأسد بعد ميشال سماحة، قصص العشائر الشيعية والخطائف، وربما بدون تعاوُنٍ مباشر من الحزب.
لبنان اليوم إذاً- وربما العراق والأردن- على مفترق طرق الأزمات في سورية ومن حولها: المالكي يعود للاستعانة بالأميركيين في الجيش والأمن، والرئيس اللبناني غاضبٌ من الأسد يصدّر الإرهاب إلى لبنان. والأردن يحذّر السفير السوري بعمان من الاعتداء على السيادة.
الشيعة العرب بدأوا يدركون أنّ المستقبل ليس لنظم الأقليات المتحالفة والمتحكمة. وأنهم من أهل البلد وعليهم أن يعيشوا مع غيرهم فيه. والسعودية تقول لإيران: إنّ الخلاف السياسي لا يتأسس على الخلاف المذهبي، وإنّ العرب مستعدون - كما كانوا دائماً - لجوار حسن مع إيران، وإنّ هذا الجوار أفضل بكثير من التحالف مع الأميركيين أو غيرهم على تقاسُم المنطقة العربية.
لكن علّة العلل الآن تبقى في الطبقات والفئات السياسية التي تكونت في الحقبة الماضية: حقبة الأقليات والمغالبة والاعتماد على الخارج قضايا وقوى في استمرار السيطرة على الداخل.

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,843,577

عدد الزوار: 7,044,960

المتواجدون الآن: 89