هل هذه هي فرصة الفلسطينيين الأخيرة؟

تاريخ الإضافة الجمعة 1 أيار 2009 - 11:59 ص    عدد الزيارات 738    التعليقات 0

        

باتريك سيل

هل سينتهز الفلسطينيون الفرصة الضئيلة لإنشاء دولة فلسطينية والتي أتاحها لهم تعهّد الرئيس باراك أوباما بالعمل على حلّ الدولتين في إطار النزاع الفلسطيني الإسرائيلي؟ أم أنهم سيضيعون هذه الفرصة بسبب النزاعات الفلسطينية الداخلية التي لم يتمّ حلّها بعد؟

تكمن هذه الأسئلة المُعلّقة وراء المحادثات التي أجرتها حركتا «فتح» و «حماس» في القاهرة هذا الأسبوع، في محاولة أخيرة للتوصل إلى مصالحة في ما بينهما. ويُذكر أن جولات المحادثات الثلاث السابقة التي عُقدت تحت رعاية مصر باءت بالفشل. ويبدو أن المحادثات التي جرت هذا الأسبوع لم تكن أفضل من سابقاتها بكثير، نظراً إلى الهوة الشاسعة بين الفصيلين الفلسطينيين المتنازعين.

ومن الواضح أنه في حال لم تضع حركتا «فتح» و «حماس» حدّاً لنزاعاتهما السياسية والعقائدية المريرة وتقدما على تشكيل حكومة وحدة وطنية، فسيعجز أوباما عن مساعدتهما. وستتبخّر الآمال التي يعلّقها الفلسطينيون على قيام دولتهم، كما حدث مراراً في الماضي. ولكن هذه المرة، قد تزول هذه الآمال إلى الأبد. كذلك، أدّى الانتشار المتواصل للمستوطنات الإسرائيلية إلى الإطاحة بأي احتمال واقعيّ لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

نقلت مصادر مقرّبة عن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في دمشق خالد مشعل أنه سيتعذّر التوصل إلى اتّفاق بشأن حكومة الوحدة الوطنية مع حركة «فتح» إلا في حال تمّ إلغاء الشروط الثلاثة التي حدّدتها اللجنة الرباعية، وهي التخلي عن أعمال العنف، والالتزام بالاتفاقات السابقة، والاعتراف بدولة إسرائيل. وفي خطوة غير واقعية، تتوقع «حماس» أن يضع أوباما هذه الشروط جانباً. لكنّه من المؤكد أن ظنها سيخيب في هذا الصدد.

يبدو أنه المحادثات التي جرت في القاهرة توصلت إلى اتفاق محدود حول بعض المسائل الفنيّة، كإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتضم حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى. غير أنّ هذه المحادثات فشلت في تسوية المسألة الأساسية المتمثّلة في تشكيل حكومة وحدة وطنية، بسبب الخلافات العقائدية العميقة القائمة بين الفصيلين الفلسطينيين.

وتصرّ حركة «فتح» على قبول «حماس» بالشروط الثلاثة للجنة الرباعية، إلا أن «حماس» لا تزال ملتزمة بعدم الاعتراف بإسرائيل و "بخيار المقاومة" كسبيل وحيد لاستعادة حقوق الفلسطينيين. ومن جهتها، لا تزال حركة «فتح» ملتزمة بالاستراتيجية الديبلوماسية القائمة على إجراء مفاوضات مع إسرائيل، علماً أنّ هذه المفاوضات لم تفضِ حتى الآن إلى أي نتيجة.

وأفادت مصادر «حماس» أنه في حال قبلت الحركة بالشروط التي حدّدتها حركة «فتح»، فقد تخسر مناصريها وهويتها وسبب وجودها، مضيفةً أن "حماس لا ترغب في أن تصبح شبيهة بحركة فتح".

لكن تجدر الإشارة إلى أنّ الفريقين اتّفقا على إعادة استئناف المحادثات في القاهرة في 16 أيار (مايو) الحالي، وعلى إشراك الفصائل الفلسطينية الأخرى وجامعة الدول العربية بهدف معرفة مدى الإجماع الذي يمكن التوصل إليه.

وألمحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي، أمام إحدى لجان الكونغرس الأميركي، إلى إمكانية تليين الموقف الأميركي إزاء حركة «حماس»، مما أثار امتعاض الأعضاء الموالين لإسرائيل في الكونغرس، وإسرائيل نفسها. ومع أنّ الولايات المتحدة لا تزال تعتبر «حماس» منظمةً إرهابيةً، فقد أشارت كلينتون إلى ضرورة مواصلة توفير الدعم الأميركي لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، حتى لو ضمت اعضاء اختارتهم حركة «حماس». لكنّ الوزيرة الأميركيّة شددت أيضاً على ضرورة موافقة مثل هذه الحكومة على الشروط الأميركية، لا سيما شرط الاعتراف بدولة إسرائيل.

غير أنّ هذه المسألة تبقى مسألة نظرية بحتة بسبب إخفاق حركتي «فتح» و «حماس» حتى الآن في الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية. وإلى جانب الخلاف العقائدي، يدور نزاع بين الحركتين الفلسطينيتين بشأن مسألة الأراضي. ففي حين تصرّ «حماس» على ضرورة إبقاء سيطرتها على غزة، حيث تعتبر أنها لا تزال تتمتع بدعم سكان القطاع رغم المعاناة المريرة التي واجهوها خلال الحرب الإسرائيليّة، تريد حركة «فتح» بدورها المحافظة على موقعها كالمنظمة الفلسطينية الرائدة في الضفّة الغربيّة، علماً أنّ الاحتلال الإسرائيلي يحدّ من حريتها إلى حدّ كبير.

لا شكّ أن النزاع الفلسطيني الداخلي المرير سيعقّد بصورة كبيرة مهمّة مبعوث أوباما إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل. وفي الوقت نفسه، سيسمح هذا الواقع لرئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدّد بنيامين نتانياهو بالزعم أنه لا يوجد أي فريق فلسطيني يمكن لإسرائيل التفاوض معه. وسيحاول نتانياهو أن يتمسك بسياسته القائمة على تجنب إجراء مفاوضات بشأن اتفاقية الوضع النهائي، والعمل في الوقت عينه على توسيع المستوطنات.

وفي هذه الأثناء، يبقى الوضع الميداني خطراً للغاية، ذلك لأن غياب أي هدنة مُتفق عليها بين إسرائيل وحركة «حماس» يعني إمكانية تجدد أعمال القتال في أي لحظة. وفي غياب أي اتفاق حول تبادل الأسرى، سيبقى أكثر من عشرة آلاف فلسطيني قابعين في السجون الإسرائيلية، كما سيبقى الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط الذي اعتقلته حركة «حماس» في شهر حزيران (يونيو) عام 2006 مسجوناً. إلى جانب ذلك، تمّ إغلاق نقاط العبور إلى غزة، ولا يزال القطاع تحت الحصار. وقد يؤدي هذا الأمر إلى إرجاء الآمال المعلقة على إعادة إعمار القطاع إلى أجل غير مُسمى، وقد يُحكم على سكانه البالغ عددهم مليوناً ونصف مليون نسمة والذين يجهدون للعيش بفضل المساعدات الدولية، بمواجهة المزيد من المعاناة.

وفي تقرير مؤلف من 49 صفحة تحت عنوان "العمل غير المُنجز في قطاع غزة" صدر في 23 نيسان (أبريل)، حذرت «المجموعة الدولية للأزمات» من احتمال وصول قطاع غزة مجدداً إلى نقطة الغليان. ووصف التقرير القطاع بقنبلة موقوتة. وبحسب التقرير، أدّى الهجوم الإسرائيلي العديم الرحمة الذي دام 22 يوماً بين شهري كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) الماضيين، إلى مقتل 1430 شخصاً من سكان القطاع، وجرح أكثر من 5300 شخص، وتشريد 90 ألفاً آخرين. كما تسبب الهجوم بأضرار في معامل الأقمشة السبعة الأساسية في غزة وبإغلاقها، فضلاً عن تدمير 22 معملاً من أصل معامل الأسمنت التسعة والعشرين في القطاع، والقضاء على مناطق صناعية بأكملها، وإتلاف 60 في المئة من الأراضي الزراعية الواقعة قرب الحدود مع إسرائيل، مما أدّى إلى توقّف الأعمال الزراعية على نحو شبه تام.

ويجب النظر إلى ردّ إسرائيل غير المتكافئ على صواريخ حركة «حماس» التي صنعتها بنفسها على أنه محاولة للقضاء على إرادة الفلسطينيين بالكفاح. وإذا كان هذا هو بالفعل هدف إسرائيل، فلم تنجح في تحقيقه. غير أنّ احتمال قيام الدولة الفلسطينية لا يزال بعيداً أيضاً عن الواقع.

ولم يكن الفلسطينيون وحدهم من أضاع الفرص المتاحة لهم، ذلك لأن "الحرب الباردة" المتواصلة بين الدول الإقليمية، لا سيما المواجهة القائمة بين إيران وسورية وقطر من جهة، ومصر والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى، تدلّ على أن فرصة وصول مطالبهم المشتركة إلى مسامع واشنطن قد ضاعت.

وبصورة خاصة، تجد مصر نفسها أسيرة التناقضات. ففي حين ترغب في التأكيد على الدور الرائد الذي تؤديه في المنطقة ضدّ دول التحدّي الجديدة كإيران وقطر، تريد في الوقت نفسه مواصلة تطبيق سياسة "مصر أولاً". وتخشى مصر أيضاً أن تدفع حركة «حماس» بالسكان البدو في سيناء نحو التطرّف وأن تشجّع «الأخوان المسلمين» على الوقوف في وجه النظام المصري؛ كما أنها تتّهم «حزب الله» بتدبير عمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية بالنيابة عن إيران. أما أكثر ما تخشاه الدولة المصرية، فهو سعي إسرائيل إلى الإلقاء بغزة ومشاكلها في حضنها.

وفي حين تجد الدول العربية نفسها عالقة في شراك نزاعاتها، لا يمكن اعتبار الدول الأوروبية أفضل حالاً. إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي منقسماً بشأن النزاع العربي الإسرائيلي، لا سيما حول كيفية التعامل مع حركة «حماس». ومع أنّ الاتحاد الأوروبي قد يرحّب بالاهتمام الذي يوليه الرئيس أوباما لمنطقة الشرق الأوسط، لا تزال أوروبا مترددة في تأدية دور مستقل في هذا الملف، حاكمةً على نفسها بالتالي بالاضطلاع بأدوار ثانوية.

أما في ما يتعلق بالفلسطينيين، فلا يزالون غارقين في نزاعاتهم، ولن تكون هذه المرّة الأولى التي يواجهون فيها مثل هذا الواقع، وكأنهم غير مدركين لتعرّض قضيتهم الوطنية لأشدّ مخاطر الزوال.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,605,047

عدد الزوار: 6,903,638

المتواجدون الآن: 88