ما معنى المحافظة على الوحدة الإسلامية لدى "حزب الله"

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 نيسان 2009 - 12:19 م    عدد الزيارات 686    التعليقات 0

        

النائب مصطفى علوش.....
"كنا لو كان الخميني
   عمّنا والمعارضة يد واحدة عندنا
دسنا شاهنا وأمريكانو بنعلنا
               وابتدينا بثورة من أوسع طريق"
كلمات للشاعر الشعبي أحمد فؤاد نجم
المعلم علي شريعتي..... يقول الدكتور علي شريعتي (1933 ـ1977)، ملهم الثورة في إيران، ان التغيير السياسي يجب أن يهدف إلى بناء "المجتمع التوحيدي" من منطلق انه يعكس الإيمان بالله الواحد على الأرض، فيكون هذا المجتمع ملكاً للإنسانية جمعاء دون تباينات أو تناقضات تدفع إلى الخلاف. وقد حاول شريعتي طرح رؤياه لتطوير الفكر الإسلامي، وخصوصاً الشيعي، من خلال إعادة تعريف المفاهيم الشيعية الأساسية لتعكس رؤية تقدمية من خلال التركيز على فكرة "التشيع العلوي" ونبذ "التشييع الصفوي" وهو الموروث أصلاً من جملة من المفاهيم والشعائر المستوردة من عدة أديان ومذاهب، وهي بعيدة كل البعد برأيه عن التشيع الاصلي..... ففي مبدأ الإمامة، رفض شريعتي التفسير الصفوي (وهو المتبع اليوم في إيران في مبدأ ولاية الفقيه) الذي يعتبر الإمام نوعاً من الآلهة، أو على الأقل كياناً خارقاً، أو وسيطاً بين البشر والإله، كما رفض في الوقت نفسه الفكر المقابل الذي يدعو إلى تأجيل أمور الأمة إلى حين عودة المهدي (الغيبة). وهنا، ركز على دور الناس في صنع السياسة والفكر للتحضير للمجتمع المثالي الذي سيقوده الإمام الغائب، مجتمع العدل والمساواة...... ورفض شريعتي في الوقت نفسه التفسير "الصفوي" لمفهوم "التقليد" (أحد أركان الفكر الشيعي)، وهو يعني الطاعة العمياء لرجال الدين مع الاعتراف بامتيازاتهم واحتكارهم لتفسير أحكام الدين. لذلك فقد كان بطبيعة الحال في وضع المواجهة مع المؤسسة التي بناها الملالي على خلفية أكثر من أربعة قرون من "التشيع الصفوي". وهكذا فقد جاءت أفكار "المعلم" شريعتي في تناقض واضح مع الاتجاه العام للمؤسسة الشيعية الدينية من خلال رفضه سلطة الملالي ورفضه تقديسها، وبنفس الوقت تركيزه على الحراك الاجتماعي كدافع للتغيير. وقد جذبت أفكاره الثورية والاصلاحية الشباب الايراني المتلهف لايجاد قواسم مشتركة بين دينه وبين تاريخه وحضارته وبين الحداثة، فصار لهذه الافكار أصداء واسعة في مختلف أوساط المجتمع المدني في إيران. أما اليوم وبعد انقلاب مشروع ولاية الفقيه على كل الحلفاء الذين أسسوا للثورة في إيران، تبقى أفكار علي شريعتي في عمق النهج الاصلاحي الايراني الحالي، كما تعتمدها الكثير من الفئات المعارضة خارج ايران مثل منظمة مجاهدي خلق.... والجدير ذكره ان الهدف الاساسي الذي سعى إليه علي شريعتي هو تأمين ظروف الوحدة الإسلامية من خلال إزالة الشوائب والأساطير والشعائر العدائية والوثنية بنفس الوقت، والعودة إلى روح ما سمّاه "التسنن المحمدي والتشيع العلوي".
خدعة الملالي.... بعد نجاح الثورة بإسقاط الشاه سنة 1979، استبشر معظم ثوريي، وحتى أقصى يساريي العالم العربي والإسلامي خيراً ببروز تجربة جديدة في عالمهم، اعتبروها قادرة على تزويج روح الإسلام التقليدي مع ثورة الحداثة المبنية على مفاهيم حقوق الانسان والعدالة والتطور، وقد كان للمزيج الايراني الثوري والتعددي في بداية الثورة صدى كبيراً بين شعوب المنطقة لكونه مثلاً يحتذى ويمكن تقليده في كل قطر إسلامي أو عربي.... وقد كان واضحاً يومها حذر المؤسسات الإسلامية التقليدية في الترحيب بثورة إيران، في حين عمّت الاحتفالات الأوساط الثورية واليسارية بشكل عام. ولكن هذه الآمال العريضات احبطت بسرعة بعد ان انقلب الامام الخميني وأتباعه بسرعة على كل الحلفاء الذين أصبحوا خلال سنة من انتصار الثورة إما في القبر أو السجن أو الاقامة الجبرية أو في المهاجر، مصحوبين كالعادة بتهم الخيانة والكفر وما شابهها من نعوت.
تمويه المشروع بالشعارات.... ولكن الدعوة إلى الوحدة الإسلامية من خلال المنطق الثوري استمرت عبر شعارات "العداء للشيطان الأكبر"، وثورة المستضعفين، والمقاومة..". وقد كان للمثل اللبناني الثوري المتمثل بـ"حزب الله" (وهو فرع من فروع الحرس الثوري الإيراني) الأثر الأكبر في الترويج "للنجاحات" الايرانية، وذلك في غفلة من الناس عن الأهداف الاساسية للامام الخميني الذي ظهرت أخيراً في إعلان نفسه "وكيلاً معصوماً عن المهدي المنتظر" سنة 1988 في رسالته المشهورة إلى السيد علي خامنئي. ومع النجاحات التي حققها لاحقاً "حزب الله" بدماء وتضحيات اللبنانيين، أصبح الترويج لمشروع "ولاية الفقيه" مختلطاً مع مشروع المقاومة، مع العلم ان معظم الناس لا يعرفون المضمون الحقيقي لهذا المشروع.
وقد سعى "حزب الله" ونجح جزئياً في الترويج لمشروع "ولاية الفقيه" في لبنان من خلال أبواب عدة، من ضمنها نقل تجربة المؤسسات المعروفة في ايران "لبونياد" مثل مؤسسة الشهيد ومؤسسة جهاد البناء، بالاضافة إلى بسط السيطرة على الحوزات العلمية ونشر المؤسسات التربوية والصحية التي أدخلت الشريحة الأكبر من المجتمع الشيعي اللبناني ضمن شبكته. الباب الثاني كان البروباغندا المرتبطة "بنجاحات المقاومة" والتي أمّنت للجمهور الاكتفاءات النفسية بالشعور بالعزة. أما الباب الثالث والأهم لبنانياً، فهو اقتناع الجمهور الشيعي عامة بأن الارتباط بإيران، وبالتالي الغطاء الذي أمّنته من خلال واقع "حزب الله" سلاحا ووجوداً، أعطى "الطائفة" ضماناً في مسألة المنافسة على السلطة مع الطوائف الأخرى.
وهذا الواقع الأخير كان أحد أهم دوافع "حزب الله" إلى تجاوز أهمية مبدأ "الوحدة الإسلامية" من خلال المواجهات المفتوحة مع السنّة ومن أهم مظاهرها كان ما حصل في السابع من أيار، مع العلم بأن حملات التخوين والانقلاب على التوازنات السياسية التي ارساها اتفاق الطائف ليست بأقل أهمية. كما ان الصراع المفتوح اليوم مع مصر والذي وضع شعبها في معظمه في مواجهة مع "حزب الله" وبالتالي مع ولاية الفقيه هو أحد أمثلة تجاوز الوحدة.
كل ما سبق يؤكد ان رؤية "حزب الله" للوحدة الإسلامية هي ما رسمها الولي الفقيه وهي التبعية الكاملة له والتسليم الكامل بعصمته وحكمته ومرجعيته في شؤون الدين والدنيا، واية مواضيع أخرى تصبح من الثانويات..... باختصار، الوحدة الإسلامية عند "حزب الله" هي التبعية للولي الفقيه.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,079,492

عدد الزوار: 6,751,791

المتواجدون الآن: 100