من أجل قيامة لبنان المثال...

تاريخ الإضافة الأربعاء 22 نيسان 2009 - 3:12 م    عدد الزيارات 663    التعليقات 0

        

بقلم كلوفيس مقصود    
هل يمكننا في يوم القيامة ان نطمح الى ان تكون الانتخابات النيابية المقبلة تمهيداً لقيامة الاجيال اللبنانية من مستنقع النظام الطائفي الذي افقد لبنان الوطن صناعة يستحقها ووحدة متكاملة تجعله لمواطنيه حصراً لا اطارا لطوائفه؟ طبعا لا نتوقع ان تؤول نتائج الحملة الانتخابية الحالية الى قيام دولة المواطن، لكن الفترة الفاصلة عن السابع من حزيران يجب ان ترافقها حملة يقودها من سوف يقترعون في الانتخابات المقبلة ومن حُرموا المشاركة فيها على رغم القانون الذي منحهم هذا الحق... ولعل فائدة هذا الحرمان تكمن في ان هذه الفئة ستكون بمنأى عن مشاركة هي في الواقع اجترار لانتخابات سابقة، مما يعطل طموحات الاجيال الجديدة الى جعل لبنان منارة لنهضة واعدة وقادرة، للبنان الحيوي العربي.
لذا، فالحملة الانتخابية يجب ان ترافقها حملة ترسخ معالم مستقبل لبنان المحصن والذي يقوم بالتعبئة المطلوبة لطلائع الناخبين الجدد، كقوى المجتمع المدني من اتحادات المرأة ومنظمات حقوق الانسان ونشطاء البيئة ومكافحة الفقر الى جانب اساتذة الجامعات ومعلمي المدارس واتحادات العمال والمزارعين والمهنيين وجميع الذين بحكم التزاماتهم لم تمسهم لوثة الطائفية، ومارسوا بالتالي مهماتهم كمواطنين على رغم محاولات تهميشهم سياسياً.... هذه الطلائع مع مؤسسات المجتمع المدني، عليها مواكبة الحملة الانتخابية القائمة بحملة موازية، وليست بالضرورة منافسة، وكأنها تمهد لتكون الانتخابات تنافسا بين توجهات برامجية، وتكون في هذه الاثناء ألغت القواعد الطائفية الحالية التي استولدت التوجه لغرائز الخوف من الآخر، وأدت كما حصل، الى تفاقم النزاعات وتغليب العصبيات المتزمّتة على صلابة الاعصاب التي ترسخ الثقة بالنفس، وبالتالي فهي نقيض ما تغذيه الطائفية، اي الخوف من الآخر وتخويفه، وهذا ما يجعل الانطواء والتقوقع مدخلا لاغتراب اللبنانيين بعضهم عن بعض، وهو ما يجب استبداله بطرح البدائل التي اختبرها الناخب وعاش في اجوائها وعمل على بلورتها، ومن ثم الافادة من انجازات المجتمع المدني في صنع القرارات السياسية والمصيرية.
المطلوب من اجيال الناخبين الجدد ونشطاء المجتمعات المدنية الاستمرار في حملات التعبئة والتنوير وارساء قواعد العمل المستقبلي من خلال الدعوات المكثفة لسياسات بديلة وتأمين حقوق مطلبية والعمل على بلورة رؤية مستقبلية حتى تكون الانتخابات بعد اربع سنوات – وإن امكن اقل – خاتمة المستنقع الطائفي وبداية للبنان، حيث اهلية المواطن لا انتماؤه الطائفي هي التي تعرّف هويته الوطنية... وحدها!
هذه الحملة التثقيفية والتنويرية، المطلوب من طلائع الناخبين الجدد، بالتنسيق مع هيئات المجتمع المدني، القيام بها في موازاة الحملة الانتخابية الحالية، لتمكين اللبناني من المقارنة بين الخطابين الطائفي والمطلبي المبرمج، والذي بدوره تجاوز وبالتالي اسقط المنطق الطائفي المستند الى حسابات الحصص بدلاً من مقاييس الاهلية والكفاية. هل يعني هذا التوجه الغاء الطوائف؟ بالطبع لا. هل يعني الغاء الطائفية؟ نعم. يستتبع هذا الحسم توضيح الفرق الجوهري بين نظام طائفي مستند الى تعددية الطوائف ونظام يتمتع بالتنوع الطائفي، للتغلب على الخوف من الآخر وقدرته على التخويف. التنوع من شأنه تفعيل التداخل بين المواطنين، في حين ان "التعددية" تحصر التعامل المصيري السلبي او الايجابي بين "ملوك" الطوائف. يستتبع هذا التوصيف ان التنوع يثري اللحمة الوطنية في حين ان التعددية تفقدها المناعة وتعرضها كما حصل في فترات كثيرة لضرب السلم الاهلي ولتكاذب متواصل في فترات المهادنة بين زعماء الطوائف. اذاً، فالتحدي الذي يواجه – او بالاحرى يجبه – طواقم الاجيال الطالعة ونشطاء المجتمع المدني صعب ومعقد ويتطلب التزاماً للحوار حول الخيارات والاستماع بدقة الى البدائل المطروحة، وان تعي هذه الطلائع التعقيدات القائمة، وأن يتسم تعاملها مع الاحداث بالانفتاح، مع التشديد على الثوابت المبدئية والاستعداد المستمر للتكيف مع المستجدات، والاهم ألا يتحوّل الثبات المبدئي جزما يؤول الى تأكيد ان التجارب العقائدية والحزبية التي اختبرها لبنان والتي كثيرا ما اثرت الثقافة السياسية فوّتت على نفسها فرصاً عديدة لكونها اوقعت ثوابتها الشرعية في مصيدة الجزم، فأفقدت نفسها جدلية العلاقة بين الثابت والمتغير..... في هذه اللحظة المفصلية التي تشتد فيها الازمات في الامة العربية اجمالا يتوقع العرب، كما المجتمع الدولي، ان يخرج لبنان من كونه ساحة لتصفية حسابات الغير، فيصبح عنصرا جاذباً للطاقات الفكرية والثقافية وبالتالي قدرة تتمكن من ان تكون نموذجاً لجعل الامة العربية تتجاوز تعدديتها وتحتفل بتنوعها، وبالتالي وحدتها. لبنان العربي مرشح جدي لأن يضطلع بدور تنويري اكبر من حجمه، لأن تاريخه برهن عن صدقية عطاءاته قبل ان يترسخ نظامه في مستنقع الطائفية.
في يوم القيامة، نتمنى ان تدفع المناسبة اللبنانيين في المستقبل القريب الى الاحتفال بقيامة لبنان المثال الذي يقتدى به، بدلا مما هو عليه نموذجا لاجتنابه والاغتراب عنه. الحملة التنويرية للأجيال الجديدة ومؤسسات المجتمع المدني مسؤولة عن هذه النقلة، خلال السنوات الاربع المقبلة، وآنذاك يكون التعميم على هذا الانجاز مدخلا لمواطني لبنان جميعا، ليهنىء بعضهم البعض الآخر: حقّاً قام!

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,158,206

عدد الزوار: 6,757,839

المتواجدون الآن: 120