الجهاديون والغرب: عنف وعنف مضاد؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 22 نيسان 2009 - 6:00 ص    عدد الزيارات 727    التعليقات 0

        

سمير التنير
تجتذب الدراسات والابحاث التي تتناول طبيعة العلاقة بين الإسلام والغرب اهتماماً متزايداً في الآونة الاخيرة، نظراً لما بات يشكله الاسلام لدى الكثير من الباحثين والسياسيين الغربيين من خطر استراتيجي جديد، حل محل الخطر الشيوعي، في ظل تنامي موجات العداء والكراهية، وتواصل اعمال العنف والعنف المضاد بين الجانبين. وعلى رغم خطأ عقد المقارنة بين الإسلام باعتباره ديناًن ذا بعد عالمي الانتشار وبين الغرب بصفته حيزاً جغرافياً محدد الابعاد، الا ان البعد الفكري والثقافي لطبيعة العلاقة التنافسية (والصراعية في بعض الاحيان) يجيز عقد مثل هذه المقارنات على اعتبار تمثيلها لمنظومتين متباينتين، وهو الامر الذي بات السمة الاكثر بروزاً في الوسط الفكري والثقافي للطرفين. يضاف الى ذلك استفحال مسألة وجود جاليات إسلامية وعربية كبيرة في الغرب، وما نتج منه، من تغيرات شملت النسيج المجتمعي للدول الغربية.
ان نظرة الغرب الى الاسلام، كانت ولا تزال وليدة التفاعل الاقتصادي والسياسي والثقافي بين شعوب الغرب والمسلمين. وحصيلة المتغيرات الثقافية في الغرب، الامر الذي جعلها صورة متحركة ومتقلبة، متخذة شكلاً مقلقاً حيناً وواعداً حيناً آخر. وقد وقع الغرب في اكثر الحالات اسير فهمه النمطي والجامد للاسلام. وهنا يمكن الاشارة الى ان الغرب ليس كتلة متجانسة في التفكير والخطاب، بل هناك تيارات وحساسيات متعددة. وبالتالي هناك تعددية دائمة في نظرة الغرب الى الاسلام.
يقول المستشرق غابرييلي: «يوجد عدد كبير من كبار المستشرقين يميزون بين اهتماماتهم العلمية وبين الأهداف والغايات السياسية لبلدانهم». بل وقف الكثير منهم ضد هذه الاهداف. فالاستشراق السوفياتي مثلا رفع الراية ضد الاستعمار. وناضل المستشرق أدوارد براون من اجل استقلال بلاد فارس. اما لويس ماسينيون فقد ضربه الفاشيون الفرنسيون والبوليس، لأنه أراد ان يفي بوعده الذي قطعه للعرب. كما اصبح ليون كاتياني مدعاة للسخرية في ايطاليا لانه عارض احتلال ليبيا.
ان سر اهتمام الإنسان الغربي المتعاظم بالإسلام مرده الى مزيج من الفــراغ الروحي الذي يعايشه وفراغ منهجي يسود الثقافة الغربية عموماً والعلوم الإنسانية على الخصوص، احالت الإنسان الى اوصال ممزقة من المعارف والعلوم. ومن اهم نقاط الالتباس ايضا موضوع التفرقة بين الشورى الإسلامية والديموقراطية الغربية، ذلك من حيث المنشأ والتطبيق.
لم تكن العلاقة بين الإسلام والغرب تنهج اسلوباً واحداً عبر القرون الماضية وقد عرفت تلك العلاقة صوراً كثيرة شابتها السلبية في بعض الاحيان. وكانت محكومة بالمد والجزر السياسي بين الطرفـين. الا ان تغــير الواقــع الديمــوغرافي في الغرب ووجود جاليات عربيـة ومســلمة كبيرة هناك، فضلاً عن ثورة الاتصــالات والمعلومات المجمعة للابعاد والمسافات الجغرافية، قد انعكست على العلاقة بين الطرفين، وهي علاقة بات فيها الغرب محكوماً بمتغيرات عدة جعلته مكرهاً على خوض غمار الحوار مع الآخر المسلم.
بعد أحداث 11 ايلول عام 2001، انقسم الرأي العام في الغرب، الى قسمين وذلك حول مسألة ما يسمى «الحرب على الإرهاب». ويدعي القسم الاول ان الإسلام هو الايديولوجية التي تحاول ان تخضع مجتمعات القرن الحادي والعشرين بقوانين مستمدة من الشريعة التي تشكل تهديداً «للحريات الديموقراطية في الغرب». ويقول فكتور دايفس هانسن من معهد هوفر، ان الاسلام وافكاره «يعد خليفة للفاشية، والنازية، والشيوعية، التي هددت العالم من قبل».
أما اليسار الغربي فيقول ان افكار الجهاد الاسلامي تنبع من واقع الفقر الذي تعيشه المجتمعات الاسلامية، وكرد على الاحداث التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط وخاصة في العراق وفلسطين ولبنان. ويرجع الكاتب اليساري روبرت فيســك «الإرهـاب الإسلامي» الى الوضع السياسي وانعدام العـدالة في العالم.
ويعود اليمين الغربي الى القول بأن مسألة الإرهاب تعود الى قوة العقــيدة الإســلامية، وإلى «المطامع» التي يحملها وارثوها، ولكن تلك الحركة تفتقد القدرة العسكرية والفكرية، والتأثير العالمي الذي كانت تتمــتع به الشــيوعية في أوج ازدهارها. ويقـول الليبراليون ايضا ان استيلاء المسلمين على القارة الاوروبية هو وهم، وامر مستبعد. ولكـنهم يشيرون الى ان المجتمعات التي يتمتع الاسلاميون فيها بالاكثرية السكانية، تسود فيها الايديولوجية الاسلامية، حتى ولو كان الحكم بيد غيرهم، وهم، كما يقولون، محميون بالتقليد الثقافي الذي يمنع أي انتقاد للاسلام. وهم اليوم اكثر تنظيماً وهم فاعلون في التأثير على الناس. ويسيطرون على المجتمعات الاسلامية، حتى وهم خارج الحكم. ويبقى المسلمون المعتدلون من اندونيسيا الى العراق غير فاعلين ويخسرون مواقعهم في وجه حركة تعتقد ان الله والتاريخ يقف الى جانبها.
يقارن الليبراليــون الغربيــون «الــحرب على الإرهاب» و«الحرب الباردة» ويقولون ان الإسلام كالشيوعية يلغي الفرد ويبرر استخدام العنف للوصول الى الغايات السياسية، ويأججون الكراهية تجاه الديموقراطيات الغربية، وبينما تتمركز بقايا الحركة الشيوعية في بلاد بعيدة وغير مؤثرة في العالم، اعاد المسلمون المعركة الى قلب الغرب، في نيويورك ولندن ومدريد.
ومن الواضح (يقول بعض الباحثين في الغرب) ان تكبير القوة الاسلامية وتحجيم التأثير الغربي في الفكر والمجتمعات الدولية امر غير واقعي. ويذكرون اسماء بعض المفكرين الاسلاميين التي لا يعرفها احد. كما ان قراءتهم الليبرالية للاسلام لا تجتذب الا اقلية صغيرة في المجتمعات الاسلامية وفي الغرب. ويشيرون ايضا الى ان الاتحاد السوفياتي كان منافسا قويا للغرب في ميادين متعددة منها تكنولوجيا الفضاء، والاسلحة التقليدية والنووية والالعاب الرياضية. وإذا جردنا البلاد الاسلامية من ثروتها النفطية، لرأينا انها مجتمعات عادية لا تتجاوز إنجازاتها بلداً آسيوياً مثل كوريا الجنــوبية (كما يقولون). وبناء على ذلك يمكن اختصار «التــهديد الاسلامي» ببضع جماعات متطرفة كالقاعدة وامتدادتها العالمية في مختلف البلاد الاسلامية. لكن على الرغم من ذلك تبقى الاصولية الاسلامية قوة مسيطرة ولا يمكن تجنبها وهي اقلية كبيرة تتمتع بتأييد من 10 بالمئة الى 15 بالمئة من المسلمين. ويعزو هؤلاء اسباب تخلفهم الى عدم اتباعهم للتعاليم الاسلامية ولعدم تطبيقهم للشريعة، وللمؤامرات التي يحوكها اليهود والاميركيون.
ان التعصب والحقد يسودان العالم، فالهندوس في الهند يضطهدون المسلمين، والاصوليون المسيحيون في اميركا يشنــون الحرب على الاسلام. والاصولية الاسلامية منظمة وواسعة التأثير ضد خصومها من المعتــدلين. وهم يفرضون آراءهم حتى في البلدان التي لا يحكمون فيها مثل مصر واندونيسيا. كما تعمل الولايات المتحدة على توريط المسلــمين في خــلافات داخلية لتفريغ قوتهم وتقسيمها وجعلها غير فاعلة. ولكن لا يبدو غريباً (رغم ذلك) ان ينقلب السحر على الساحر، وتشرق شمس الاسلام من الغرب.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,069,320

عدد الزوار: 6,933,356

المتواجدون الآن: 81