صفقة أوباما: انقلاب إيراني قبل المصالحة... وواشنطن لطهران: التخلي عن القنبلة النووية أو المواجهة

تاريخ الإضافة الأربعاء 15 نيسان 2009 - 7:06 م    عدد الزيارات 656    التعليقات 0

        

 

   "أكدت ادارة الرئيس باراك أوباما في اتصالات مع دول عربية واوروبية معنية بالأمر انها لن تتحاور مع القيادة الايرانية باسم الولايات المتحدة وحدها ودفاعاً عن المصالح الاميركية فحسب، بل انها ستحرص في محادثاتها مع الايرانيين على حماية مصالح حلفائها واصدقائها في الشرق الاوسط وفي الساحة الدولية وتأمينها ومن ضمنها مصالح الدول والقوى العربية المعتدلة. وشددت على انها ترفض تقبل النظام الايراني كما هو بتوجهاته وخططه وممارساته الحالية بل تريد من خلال انفتاحها الحذر عليه دفعه الى التخلي عن نزعاته وسياساته العدوانية والتوسعية، ووضع حد لتدخلاته السلبية الخطرة في شؤون الخليج والعراق وفلسطين ولبنان وساحات اخرى، مما يشكل تهديداً جدياً وغير مقبول للأمن والاستقرار والسلام في المنطقة. واوضحت انها ليست راغبة في التحاور الى ما لا نهاية مع القيادة الايرانية بل تريد عبر الحوار معها لوضعها امام خيارين: إما سلوك طريق التفاهم والسلام والبناء والمصالحة مع اميركا والمجتمع الدولي ومع المجموعة العربية عموماً والتخلي بالتالي عن نهج الاذى والتخريب، وإما سلوك طريق المواجهة مع اميركا والكثير من الدول عبر الاصرار على مواصلة نشاطاتها ومساعيها لانتاج السلاح النووي ولزعزعة الامن والاستقرار في ساحات اقليمية عدة".... هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية في باريس وثيقة الاطلاع على ملف الاتصالات الاميركية – الايرانية. واوضحت ان التغيير الاميركي في التعامل مع ايران هو تغيير في الشكل والاسلوب وليس في الجوهر والمضمون اذ ان المطالب الاميركية التي سيتم تقديمها الى الاسرائيليين هي ذاتها المطالب التي قدمتها اليهم ادارة الرئيس جورج بوش والتي تلقى دعماً دولياً واسعاً. وذكرت هذه المصادر ان ادارة اوباما على اقتناع بأن التوصل الى "صفقة كبرى" مع ايران عبر الحوار تؤدي الى معالجة القضايا الثنائية والاقليمية العالقة والى مصالحة تاريخية بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية "أمر بالغ الصعوبة" بسبب وجود تباعد كبير بل تناقض عميق بين طموحات واهداف كل من البلدين. واكدت هذه المصادر ان ادارة اوباما اتخذت قرار التحاور مع القيادة الايرانية استناداً الى ثلاثة عوامل اساسية هي الآتية:
الاول، الاقتناع الاميركي بأن ايران تسعى جدياً وبمختلف الوسائل الى امتلاك السلاح النووي، وهذا ما اكده أخيراً في شهادته امام الكونغرس الاميركي مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ليون بانيتا.
الثاني، عامل الوقت، إذ ان المعلومات الجديدة التي تلقتها ادارة اوباما تفيد ان ايران ستصبح قادرة على انتاج السلاح النووي نهاية سنة 2009 او مطلع السنة المقبلة، مما يزيد من التصميم الاميركي على منع الجمهورية الاسلامية من امتلاك القنبلة النووية بمختلف الوسائل المتاحة.
الثالث، ان ادارة اوباما تريد عبر اعطاء الأولوية للحوار تعزيز قدراتها على استخدام وسائل أخرى غير الوسائل الديبلوماسية لمنع الايرانيين من امتلاك السلاح النووي في حال رفضت الجمهورية الاسلامية التجاوب مع هذا الانفتاح الاميركي عليها والتخلي عن مشروعها النووي التسلحي والاكتفاء بمشروع نووي للاغراض السلمية والمدنية، وهو مشروع سيلقى حينذاك دعماً اميركياً ودولياً واسعاً اذا ما تم التوصل الى صفقة سلمية بين واشنطن وطهران. وفي حال وصل الحوار الاميركي – الايراني الى طريق مسدود، فإن ادارة أوباما تكون اظهرت للعالم انها استنفدت كل الوسائل الديبلوماسية لوقف البرنامج النووي التسلحي الايراني المرفوض من المجتمع الدولي والمجموعة العربية عموماً، وان علهيا بالتالي استخدام وسائل اخرى لتحقيق هذا الهدف منها تشديد العقوبات الدولية على ايران، ومنها كذلك استخدام القوة العسكرية ضد المنشآت النووية والعسكرية الايرانية "كخيار أخير".
حقائق الخلاف النووي... وكشفت مصادر ديبلوماسية غربية وعربية وثيقة الاطلاع ان ادارة أوباما اكدت لعدد من الدول العربية والاوروبية ان قائمة المطالب الاميركية لم تتبدل، وان لديها ثلاث اولويات في تعاطيها مع القيادة الايرانية هي الآتية:
- الاولوية القصوى هي لوقف البرنامج النووي الايراني التسلحي.
- الاولوية "الثانية" هي لدفع ايران الى وقف تدخلاتها السلبية وغير الشرعية والخطرة في شؤون لبنان وفلسطين والعراق وبعض الدول الخليجية العربية الاخرى بما يتعارض ومصالح شعوبها.
- الاولوية "الثالثة" هي لدفع ايران الى وقف دعمها للقوى المتشددة المؤمنة بالعنف وابرزها "حزب الله" و"حماس"، والى وقف تعاونها السري مع تنظيمات ارهابية كتنظيم "القاعدة". وشددت ادارة أوباما في اتصالاتها العربية والاوروبية هذه على ان الهدف الكبير للانفتاح الاميركي الحذر على ايران هو التوصل، خلال فترة قصيرة نسبياً لن تتعدى بضعة اشهر، الى اتفاق يقضي بوقف كل الخطط الايرانية لانتاج السلاح النووي، واذا لم يتم التوصل الى مثل هذا الاتفاق فليس ثمة جدوى او فائدة من التفاهم حول قضايا اخرى لان المهم والاساس هو القضاء على التهديد الجدي والخطر الذي يمثله امتلاك الجمهورية الاسلامية القنبلة النووية. واكدت المصادر ذاتها ان الخلاف بين اميركا وايران حول الملف النووي عميق وليس من السهل التوصل الى "حل وسط" في شأنه، اذ انه يتركز حول المسائل الاساسية الآتية:
اولاً، ترى اميركا ان امتلاك ايران السلاح النووي يشكل اكبر تهديد لمصالحها ولمصالح حلفائها ولموازين القوى في الشرق الاوسط وللامن والسلم الاقليميين والدوليين، بينما ترى القيادة الايرانية ان برنامجها النووي بجوانبه المختلفة، التي تشمل تخصيب الاورانيوم في اراضيها وامتلاكها القدرات التكنولوجية المتطورة اللازمة لانتاج السلاح النووي، عامل مهم من عوامل دورها الاقليمي وجزء اساسي من قوتها الدفاعية ومصالحها الحيوية والاستراتيجية التي تصفها بأنها "شرعية".
ثانياً، ترى اميركا ان من مصلحة السلم الاقليمي والدولي، وكذلك من مصلحة ايران، ان تمتلك برنامجاً نووياً متطوراً للاغراض السلمية والمدنية تتعهد الدول الكبرى دعمه خطياً، لأن الاصرار الايراني على انتاج السلاح النووي يفتح باب السباق نحو التسلح النووي في الشرق الاوسط ويقضي على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية التي وقعتها الجمهورية الاسلامية ودول عدة في العالم، وقد يدفع اسرائيل الى شن حرب "وقائية" جوية او صاروخية على المنشآت النووية الايرانية لأن القنبلة الايرانية تشكل تهديداً لوجود الدولة العبرية وفقاً لاقتناعات المسؤولين الاسرائيليين. في المقابل ترى ايران انه ليس كافياً ان تمتلك برنامجاً نووياً سلمياً تعتمد في تطويره على مساعدة دول أخرى، بل ان من حقها ان تسعى الى تحقيق "الاستقلال النووي" بحيث تمتلك القدرات التكنولوجية النووية المتطورة الكافية التي تسمح لها بانتاج السلاح النووي اذا ما اتخذت قراراً سياسياً بالاقدام على مثل هذه الخطوة.
ثالثاً، ترى اميركا ان تخلي ايران عن برنامجها النووي التسلحي في مقابل تعزيز وتطوير علاقاتها في مختلف المجالات مع سائر الدول الغربية والعربية سيشكل الدليل الأقوى والأوضح على رغبة الجمهورية الاسلامية في السلام وفي الاندماج في المجتمع الدولي وفي محيطها الاقليمي، وعلى رغبتها في التجاوب مع المطالب الدولية والعربية التي تدعو الى وقف مساعيها لانتاج السلاح النووي. ولكن اذا تمسكت ببرنامجها النووي التسلحي فإن ذلك سيعكس تصميم ايران على فرض هيمنتها على الخليج العربي وعلى بعض دول المنطقة العربية وعلى تغيير موازين القوى لمصلحتها ولمصلحة حلفائها بوسائل العنف والتهديد المختلفة، مما يشكل حينذاك تحدياً كبيراً لاميركا وللمجتمع الدولي وللمجموعة العربية عموماً.
في المقابل ترى ايران ان رضوخها للمطالب الاميركية والدولية وتخليها بالتالي عن برنامجها النووي التسلحي يشكل هزيمة سياسة واستراتيجية للجمهورية الاسلامية تؤدي الى تقليص حجم دورها في المنطقة والى وضع حد لطموحاتها الاقليمية، وهذا خيار مرفوض حتى الآن من القيادة الايرانية.
ثمن الصفقة الاميركية – الايرانية.... وفي هذا الاطار قال لنا ديبلوماسي غربي مطلع على هذا الملف: "ان القيادة الايرانية تتصرف على اساس ان مصير الجمهورية الاسلامية كلها متوقف على مصير برنامجها النووي وعلى طبيعة هذا البرنامج. وهذا تصور خاطئ كلياً، وقد فشلت مختلف الجهود الاوروبية والدولية والعربية التي بذلت في السنوات القليلة الماضية في تغيير هذا الاقتناع الايراني الراسخ. والواقع ان تخلي ايران عن برنامجها النووي التسلحي وعن نشاطاتها الثورية الحالية سيبدل طبيعة النظام الايراني وتوجهاته لكنه لن يضعف الجمهورية الاسلامية والدور الايراني في المنطقة، بل انه سيعزز قدرات ايران ومواقعها اقليمياً ودولياً، اذ انه سيمهد لتقارب وتعاون واسعين، وفي مجالات عدة نووية سلمية واقتصادية وتجارية وتكنولوجية وسياسية وامنية بينها وبين الدول الغربية وعلى رأسها اميركا وبينها وبين الدول العربية عموماً، والقيادة الايرانية ترفض حتى الآن قبول مثل هذه الصفقة. واضاف: "هذا هو المضمون الحقيقي والاساسي للرسالة التي وجهها الرئيس أوباما الى شعب ايران وقيادتها لمناسبة عيد النوروز حيث اوضح جوهر سياسته حيال هذا البلد قائلاً ان "من حق ايران ان تأخذ مكانها الصحيح بين الدول"، لكن ذلك لن يتحقق "بالارهاب او بالاسلحة بل بالتحركات السلمية"، وايضاً عبر ممارسة "مسؤوليات حقيقية". وشدد أوباما في رسالته على ان مقياس "العظمة الحقيقية للشعب الايراني وللحضارة الايرانية لا يتجسد في القدرة على التدمير بل في القدرة على البناء والابداع".
واكد لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع وخبير في الشؤون الايرانية: "يجب ان تتخذ القيادة الايرانية ثلاثة قرارات كبرى لتحقيق تحول ايجابي بل تاريخي في مسار العلاقات الايرانية – الاميركية. وهذه القرارات هي الآتية:
الاول: قرار استراتيجي كبير يقوم على الاقتناع بأن امتلاك السلاح النووي لن يجلب لايران العظمة والانتصار الكبير بل الدمار والخراب وسيجعلها في حال مواجهة قاسية مع الكثير من دول العالم، ولذلك فمن الافضل التخلي عن المشروع النووي التسلحي والاكتفاء ببرنامج نووي متطور للاغراض السلمية والمدنية يلقى دعماً دولياً واسعاً. وسكون ثمن هذا القرار الاستراتيجي تعزيز علاقات ايران مع سائر دول العالم في مختلف المجالات الحيوية والاساسية.
الثاني، قرار سياسي يقضي بأن تعتمد القيادة الايرانية سياسة جديدة ومختلفة حيال القضايا العربية تنسجم مع ما تريده المجموعة العربية عموماً، مما يتطلب ان توقف ايران تدخلاتها السلبية والخطرة في شؤون عدد من الدول العربية، وان تمتنع عن محاربة الانظمة العربية الشرعية الرافضة تدخلاتها، وان تضع حداً للدعم العسكري المالي الذي تقدمه الى تنظيمات وقوى متشددة متحالفة معها ومع سوريا من اجل زعزعة الاوضاع والامن والاستقرار في عدد من الساحات الاقليمية ومنها لبنان وفلسطين، ومثل هذه السياسة الجديدة والبناءة تتطلب من القيادة الايرانية ان تقبل قرارات المجموعة العربية والشرعية العربية وتحترمها في ما يتعلق بسبل تسوية النزاع العربي – الاسرائيلي وسائر المشكلات العربية، وهو ما يمهد حينذاك لقيام تنسيق وتعاون بين ايران والدول العربية والدول الكبرى لمعالجة قضايا الشرق الاوسط في اطار من الاحترام المتبادل لمصالح مختلف الاطراف.
الثالث، قرار واقعي ومرن يقضي بـأن تتفهم القيادة الايرانية ان القضايا الثنائية العالقة بينها وبين اميركا، كالعقوبات المفروضة عليها والاموال والارصدة الايرانية المجمدة، لن تحل خارج اطار صفقة سلمية اميركية – ايرانية، وان الاصرار الايراني على تسويتها قبل التوصل الى اي تفاهم مع ادارة أوباما حول الملف النووي سيؤدي الى فشل محاولات التقارب بين البلدين. واوضح هذا الديبلوماسي الاوروبي "ان انفتاح ادارة أوباما على النظام الايراني يضع هذا النظام امام لحظة الحقيقة وامام الخيارات الحاسمة. فلن يحدث اي تحول ايجابي كبير في العلاقات الاميركية – الايرانية ما لم يحدث، اولاً، انقلاب في سياسات النظام الايراني يجعل هذا النظام يتخلى عن فرض مطالبه وشروطه وتصوراته النووية والثورية على الدول الاخرى، ويوافق على التعايش والتفاهم السلميين مع المجتمع الدولي ومع المجموعة العربية، ويقبل ان يدفع ثمن الاندماج في المجتمع الدولي بما يحقق له مكاسب وفوائد عدة ويؤدي في الوقت نفسه الى تعزيز الأمن والاستقرار وفرص السلام في الشرق الاوسط".
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,121,772

عدد الزوار: 6,754,587

المتواجدون الآن: 105