مرحلة التلاقي بين الرئيس التوافقي والحركة الاستقلالية

تاريخ الإضافة الأربعاء 25 آذار 2009 - 2:54 م    عدد الزيارات 740    التعليقات 0

        

ميشال سليمان بين ساركوزي والأسد....
مرحلة التلاقي بين الرئيس التوافقي والحركة الاستقلالية

بقلم عبد الكريم أبو النصر     
"كشف ديبلوماسي غربي بارز معني مباشرة بالملف اللبناني ان فرنسا هي اول دولة غربية ايدت بقوة ترشيح المرشح التوافقي الاستقلالي الملائم الوحيد لهذا المنصب، وحاولت تأمين انتخابه كرئيس نهاية 2007 مباشرة بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود. ولقي هذا الموقف الفرنسي دعما من ثلاث دول عربية معنية بالامر لكن الرئيس بشار الاسد رفض آنذاك انتخاب سليمان وحاول تأمين انتخاب مرشح وثيق الصلة بدمشق غير العماد ميشال عون". وأوضح "أن هجمات حزب الله وحلفائه على بعض مناطق بيروت والجبل في ايار 2008 كانت جزءا من عملية الضغط المسلح على الغالبية النيابية لارغامها على قبول المرشح الرئاسي الذي يدعمه النظام السوري، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل ووضع اتفاق الدوحة حدا نهائيا لها، فاضطر الاسد الى دعم انتخاب سليمان نتيجة اجواء عربية ودولية ليست ملائمة لسوريا ونتيجة الالحاح الفرنسي على دمشق".

وضمن هذا الاطار، اكد لنا ديبلوماسيون اميركيون واوروبيون سابقون ان النظام السوري عمل منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي على اضعاف دور رئيس الجمهورية الماروني وصلاحياته ثم قام بعد اتفاق الطائف عام 1989 باستبعاد جميع المرشحين الاستقلاليين من اجل تأمين وصول رئيس للبنان "تطمئن اليه دمشق كليا وترضى عنه"، وبحيث يعطي هذا الرئيس الاولوية لتنفيذ تعليمات السوريين. وهذا ما يفسر معارضة الاسد الاولية لانتخاب ميشال سليمان... وجاءت زيارة الدولة التي قام بها هذا الاسبوع الرئيس سليمان الى فرنسا وما لاقاه خلالها من حفاوة وتكريم كبيرين لتؤكد، وفقا لديبلوماسي فرنسي "دعم فرنسا القوي للرئيس التوافقي ولمنهجه ومواقفه ولكل ما يقوم به من اجل حماية استقرار لبنان وامنه واستقلاله وتشجيع الافرقاء على معالجة مشاكلهم عبر الحوار. وهدفت هذه الزيارة ايضا الى تكريس الصداقة العميقة بين البلدين والى تأكيد الالتزام الفرنسي التام بحماية استقلال لبنان وامنه واستقراره. وفي الوقت نفسه اكد لنا مسؤول اميركي بارز "ان ادارة الرئيس باراك اوباما تدعم سليمان لانه رئيس وطني واستقلالي المواقف، منفتح على العالم العربي والمجتمع الدولي، ويعمل على توجيه مسار الاوضاع في لبنان بحكمة وواقعية وبما يحمي اللبنانيين والبلد من الانقسامات العميقة. وهذا مشجع جدا". وكشف تقرير جديد اعده جهاز ديبلوماسي اوروبي ان لبنان يعيش مرحلة التلاقي بين اربعة عوامل اساسية:
اولا، وجود ميشال سليمان كرئيس وطني استقلالي توافقي واقعي وحكيم منفتح على مختلف الافرقاء اللبنانيين وعلى العالم العربي والمجتمع الدولي، وحريص على اقامة علاقات جيدة وقوية مع سوريا ليس على اساس التبعية لها بل على اساس المساواة والندية والاحترام المتبادل لاستقلال وسيادة كل من البلدين، وكذلك على اساس الصدق والمصارحة والمكاشفة وليس الخجل والضعف والخوف والكذب، وبما يحقق المصالح الحيوية المشروعة للبلدين بشكل متكافئ ومتوازن وعادل.

ثانيا، وجود حركة استقلالية سياسية وشعبية قوية تدعمها غالبية كبرى من اللبنانيين ومن مختلف الطوائف وتؤمن حماية داخلية للبنان المستقل السيد.
ثالثا، وجود محكمة دولية خاصة بلبنان، هي الاولى من نوعها في الشرق الاوسط، مهمتها الحقيقية انتزاع سلاح الاغتيالات الذي يستخدمه اعداء لبنان المستقل لمحاولة تحقيق اهدافهم السياسية، وتأمين حماية دولية للقوى الاستقلالية عبر ملاحقة ومحاسبة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وشخصيات وطنية اخرى، ومن اجل انهاء زمان الافلات من العقاب الذي عانى منه اللبنانيون طويلا.
رابعا، وجود قرار اميركي – اوروبي – عربي دولي يقضي باستخدام وسائل جديدة لتكريس وتدعيم استقلال لبنان وسيادته وقراره الحر، ولمنع استخدامه كساحة مواجهة مفتوحة مع اسرائيل ودول اخرى خدمة لمصالح سوريا وايران، وهذه الوسائل الجديدة تتركز على التجاور مع نظام الرئيس الاسد من اجل عقد "صفقة" معه لمصلحة لبنان والقوى المعتدلة في المنطقة تتضمن دفع هذا النظام الى تغيير سياساته وتوجهاته اللبنانية والاقليمية جذريا وتقبل الواقع اللبناني الاستقلالي الشرعي فعلا والتخلي نهائيا عن اي مساع لزعزعة اوضاع هذا البلد او لمحاولة فرض الهيمنة السورية مجددا عليه، وذلك كله في مقابل تحسين العلاقات الثنائية مع سوريا ومساعدتها على تطوير اوضاعها وتأمين مصالحها الذاتية المشروعة من دون ان يمس ذلك مصالح اللبنانيين او عمل المحكمة الدولية.... واوضح التقرير ان هذه العوامل الاربعة هي في حال مواجهة وصدام مع وجود معارضة لبنانية تساندها سوريا وايران تتبنى سياسات وتتخذ مواقف وقرارات تتناقض مع ما يريده فعلا اللبنانيون في غالبيتهم العظمى. وشدد التقرير على ان "الصدام بين الاستقلاليين وانصار الارتباط بالمحور السوري – الايراني سيبلغ ذروته في الانتخابات النيابية التي ستجري يوم 7 حزيران المقبل والتي ستكون بمثابة استفتاء حقيقي لتحديد مدى الدعم الشعبي للقوى الاستقلالية وخصومها، وللرئيس سليمان والمرشحين الموالين له".

"انحياز" ميشال سليمان.... وقال لنا ديبلوماسي عربي بارز متتبع للشؤون اللبنانية والسورية: "يخطئ من يعتقد ان ميشال سليمان مراقب محايد لمسار الاوضاع في لبنان وحول لبنان، صحيح ان رئيس الجمهورية هو منذ انتخابه في وضع دقيق وحساس وصعب يتطلب منه الحذر الشديد واحترام مجموعة توازنات والتفكير مليا في اي قرار يصدره او اي اعمال وممارسات يقوم بها نتيجة عوامل داخلية واقليمية ودولية معقدة، لكن سليمان ليس مجرد وسيط محايد بين الافرقاء اللبنانيين بل هو منحاز الى مشروع الدولة العادلة والقوية بمؤسساتها الشرعية الفاعلة، ومنحاز ايضا الى المشروع الاستقلالي السيادي الذي يحفظ وحده الكيان اللبناني بخصوصياته وفرادته وطابعه الديموقراطي التعددي، كما انه منحاز الى مشروع السلم الاهلي والوحدة الوطنية الذي يتطلب عدم استخدام السلاح والعنف في الصراع السياسي الداخلي والذي يحمي وحده الامن والاستقرار ويضمن لابنائه حياة طبيعية يستحقونها"... واضاف: "ميشال سليمان ليس محايدا بين التعاطي العربي – الدولي مع لبنان والتعاطي السوري – الايراني مع هذا البلد، بل ان رئيس الجمهورية منحاز الى التوجه اللبناني المنفتح على سائر الدول العربية وعلى المجتمع الدولي بما يؤمن حماية عربية – دولية لاستقلال هذا البلد وسيادته، وهو منحاز ايضا الى الموقف المطالب باقامة علاقات متساوية وندية مع سوريا تكون بعيدة كليا عن الشوائب والممارسات الخاطئة السابقة وهو ما يؤمن وحده المصالح المشروعة للبلدين".
ويقول ديبلوماسي اوروبي معني بالملف اللبناني: "ان الاقتناعات الوطنية للرئيس سليمان والقائمة على ضرورة اقامة دولة مستقلة عادلة وقوية تجعله يتخذ موقفا من سلاح حزب الله مختلفا جذريا عن موقف العماد ميشال عون وحلفاء سوريا وايران عموما. فسليمان يرفض تأمين تغطية مسيحية ووطنية لدولة حزب الله المسلحة، وإن لم يقل ذلك صراحة، بل يعمل في اطار مؤتمر الحوار الوطني الذي يرعاه، وبشكل تدريجي، لايجاد ضوابط لسلاح حزب الله من اجل منع استخدامه في الصراع السياسي الداخلي كخطوة اولى تمهد "لاقناع" الحزب لاحقا بضرورة وضع هذا السلاح في تصرف الجيش اللبناني حين تصبح الظروف الاقليمية والدولية ملائمة كذلك، وعلى اساس ان العوامل الاقليمية والدولية هي الاكثر تأثيرا على مصير هذا السلاح. وهذا الموقف يلقى دعما دوليا عربيا واسعا".
كتلة الرئيس..... ووفقا لهذا الديبلوماسي الاوروبي الذي زار لبنان مرارا فان الرئيس سليمان يرفض تماما ان يقتصر دوره على تنفيذ تعليمات واوامر جهة اقليمية ما، كما كانت الحال سابقا، كما يرفض ان تقتصر مهمته على القيام بدور الحكم بين الفريقين الاساسيين في البلد. وصحيح ان سليمان يتمنى ان يتم، في الوقت الملائم وفي اطار من التوافق الوطني الواسع، اجراء بعد التعديلات في الدستور من اجل تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية من دون الانتقاص من صلاحيات الحكومة ومجلس النواب، لكنه يدرك ايضا  ان الدستور الحالي المنبثق من اتفاق الطائف يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات حقيقية اذا عرف كيف يمارسها لخدمة وطنه وليس لخدمة دولة اخرى، وهي صلاحيات تعطيه القدرة على التعامل بفاعلية مع الفريقين اللبنانيين الاساسيين بحيث يتمكن من التأثير عليهما او على احدهما لتجنب الشلل او التعطيل وتوجيه مسار الاحداث في الاتجاه الملائم واتخاذ القرارات المناسبة التي ينتظرها اللبنانيون في غالبيتهم العظمى. وفي الوقت نفسه يدرك سليمان انه ليس قادرا على القيام بذلك فعلا ما لم تكن لديه كتلة نيابية موالية له ومنبثقة من الانتخابات المقبلة، وتضم مستقلين استقلاليين مما يسمح له بممارسة دور مؤثر وفاعل داخل الحكومة المقبلة وفي مجلس النواب الجديد. ووفقا لهذا الديبلوماسي الاوروبي فان مثل هذا الدور الذي يطمح اليه سليمان شرعي وينسجم تماما مع الدستور الحالي ومع صلاحيات رئيس الجمهورية المحددة في هذا الدستور.
وفي هذا المجال اكد التقرير الذي اعده جهاز ديبلوماسي تابع لدولة اوروبي بارزة: "ان ميشال سليمان يؤمن بضرورة اعتماد صيغة الديموقراطية الدستورية الميثاقية المنسجمة في الوقت نفسه مع متطلبات الواقع اللبناني المعقد، وهي صيغة تفترض التوفيق بين صلاحيات الغالبية النيابية التي يختارها الشعب والتي من غير الجائز الانتقاص منها، والحاجة الى اشراك المعارضة في اتخاذ القرارات وادارة شؤون البلد، لكن من دون ان تمتلك هذه المعارضة القدرة على تعطيل البلد وعمل الحكومة وعلى شل مؤسسات الدولة. وعلى هذا الاساس يرغب سليمان في ان يتم، في مرحلة ما بعد انتخابات السابع من حزيران المقبل، تشكيل حكومة دستورية وميثاقية في وقت واحد تعكس نتائج هذه الانتخابات وارادة الشعب اللبناني وتكون ذات طابع وفاقي. وهذا يعني، عمليا، تشكيل حكومة تشارك فيها المعارضة ولكن من دون ان تمتلك الثلث المعطل، وتحصل فيها الغالبية النيابية المنبثقة من الانتخابات على غالبية المقاعد الوزارية وبحيث تمتلك غالبية الثلثين او اكثر مع الوزراء المستقلين الموالين لرئيس الجمهورية. واصرار سليمان على ضرورة ان تكون الحكومة المقبلة دستورية وميثاقية معا يتطلب ان تكون مختلف الطوائف وخصوصا الكبرى منها ممثلة في هذه الحكومة، ويتطلب ايضا ان تمارس الغالبية النيابية فيها دورها الحقيقي والدستوري، وخصوصا ان الدستور لم ينص اطلاقا على منح المعارضة الثلث المعطل في الحكومة بل ينص على ان القرارات الاساسية والمهمة يجب ان تتخذ بغالبية الثلثين مما يعني ايضا استبعاد حصول الوزراء المعارضين على الثلث المعطل.

وشدد هذا التقرير الاوروبي على "ان الانتخابات النيابية تفقد قيمتها وجدواها في لبنان اذا كانت الغالبية المنبثقة منها بارادة الشعب اللبناني الحرة ليست قادرة على ممارسة دورها الدستوري والقانوني في الحكم، وليست قادرة ايضا على اتخاذ القرارات من دون انتظار موافقة المعارضة عليها. والمرجع الاساسي الذي يجب ان يعتمد عليه اللبنانيون ويحتكمون اليه هو الدستور وليس السلاح. والدستور يدعو نصا وروحا، الى ممارسة الغالبية الحكم من دون ان يغلق الباب امام اشراك المعارضة في الحكومة وفي ادارة شؤون البلد شرط عدم اقدام المعارضة على تعطيل اتخاذ القرارات لحماية مصالح جهات اقليمية مرتبطة بها".

وقال لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع: "لقد اثبت الرئيس سليمان من خلال اعماله وممارساته ومواقفه في الداخل والخارج انه ضرورة لبنانية وعربية ودولية، لذلك يتمسك به الحرصاء على استقلال لبنان وسيادته ويتحفظ او يعارضه اولئك الذين يشعرون بالحنين الى زمان الهيمنة السورية. فبينما يعمل حلفاء سوريا وينشطون من اجل محاولة اقناع اللبنانيين بان عليهم ان يعتادوا على ان مصيرهم مرتبط الى الابد بالمصير السوري، فان الرئيس سليمان يعمل مع الاستقلاليين على اساس ان النظام السوري هو الذي يجب ان يعتاد على وجود دولة لبنانية مستقلة، وذات سيادة يقرر ابناؤها مصيرهم وخياراتهم بانفسهم، وهو موقف يلقى دعما دوليا وعربيا حقيقيا واسعا".

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,700,137

عدد الزوار: 6,909,215

المتواجدون الآن: 103