قبول ايران بشروط مؤتمر اسطنبول مؤشر لتصدع اقتصادي بالغ

تاريخ الإضافة الأحد 22 نيسان 2012 - 7:36 ص    عدد الزيارات 428    التعليقات 0

        

قبول ايران بشروط مؤتمر اسطنبول مؤشر لتصدع اقتصادي بالغ

بقلم سليم نصار – لندن

 

توقّف دول اتحاد الامارات عن التعامل بالريال الايراني أحدث هزة اقتصادية اثّرت على مشاريع الخدمات والتنمية في الجمهورية الاسلامية خصوصاً ان هناك أكثر من ثمانية آلاف شركة ايرانية مموهة في الامارات، وهذا تفسير ممكن لزيارة التحدي التي قام بها الرئيس الايراني الى جزيرة ابو موسى.

في جلسة مجلس الوزراء السعودي، اثير موضوع الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى جزيرة ابو موسى. ورأى الجميع ان نجاد قد تجاوز بعمله الاستفزازي كل الخطوات القانونية المتفق عليها بين طهران ودولة الامارات المتحدة. أي الخطوات التي تخضع للمفاوضات الثنائية او التحكيم الدولي للفصل في قضية جزر الامارات الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، استغرب الزيارة غير المتوقعة التي قام بها الرئيس الايراني بعدما قطعت الدولتان مراحل متقدمة في التفاوض على آلية مناسبة لانهاء الخلاف. وعلّق على كلامه من طهران وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، مكرراً رغبة بلاده في اقامة علاقات جيدة مع الامارات. ولكنه وصف عملية ضم الجزر الثلاث الى السيادة الايرانية بأنه قرار نهائي غير قابل للتفاوض. وهدد صالحي مختلف الدول العربية المعنية، بأسوأ الاحتمالات اذا هي تصرفت بأسلوب بعيد عن الاصول الديبلوماسية.
وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، عقدوا اجتماعاً طارئاً في الدوحة برئاسة وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل – رئيس الدورة الحالية – بهدف مناقشة ما وصفه بـ"الاحتلال الايراني لجزر تابعة للامارات العربية المتحدة". واعربوا عن تضامنهم مع قضية يعتبرونها جزءاً لا يتجزأ من الأمن الخليجي.
في الوقت ذاته، كانت اسطنبول تستضيف سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون، اضافة الى ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، وممثل المانيا.
الوزيرة اشتون اختصرت طبيعة المحادثات بالقول انها كانت "بناءة ومفيدة"، وان استئنافها في بغداد (23 ايار المقبل) سيكون مثمراً جداً شرط المحافظة على الاجواء الايجابية.
وحول مفاوضات اسطنبول، اصدر الجنرال حسين سلامي، نائب قائد "الحرس الثوري"، بياناً، أعلن فيه "ان الدول الست الكبرى امتثلت لارادة الشعب الايراني في استيفاء حقوقه النووية المشروعة!". وجاء في ختام البيان: "ان اجتماع اسطنبول تمخض عن نتيجتين باهرتين، الاولى ان الغرب امتثل لحقيقة ان ايران لا تريد سلاحاً نووياً. ومثل هذا الموقف ينسجم مع رؤية المرشد علي خامنئي بأن ايران لا تسعى مطلقاً الى امتلاك سلاح نووي. أما النتيجة الباهرة الثانية، فيمكن تسجيلها ضمن انجازات مقاومة الشعب الايراني، كونها تعترف بحقنا في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية".
ويستفاد من المحصلة التي عرضها نائب قائد "الحرس الثوري"، ان ايران قد تراجعت عن قرار تصنيع القنبلة الذرية، لقاء وعود مغرية سوف يكشف عن تفاصيلها في مؤتمر بغداد المقبل. وقد كُلّفت الشخصية الثانية في الحرس الثوري – اي الجهاز الحاكم من وراء الستار – بتطمين الشعب الى النتيجة المرضية.
وفي هذا السياق، يرى المراقبون ان طهران حققت في مؤتمر اسطنبول امرين مهمين: الاول، ان الدول الكبرى وعدتها بمنع اسرائيل من تسديد ضربة وقائية استباقية إذا هي أوقفت عملية تخصيب الاورانيوم لاغراض عسكرية... واكتفت باستخدامه لغايات مدنية سلمية.
والسبب الثاني، ان تتعهد ايران بتجميد كل مسعى لامتلاك سلاح نووي، مقابل الغاء كل القرارات الدولية والعقوبات التي تستهدفها.
وهذا ما يفسر استياء رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، وتخوفه من عواقب الفترة الزمنية التي منحت لايران قبل انعقاد مؤتمر بغداد.
في مطلق الاحوال، يتبين من تصريحات كبار المسؤولين الايرانيين، ان اهتمامهم كان منصباً على ضرورة الغاء العقوبات الاقتصادية كثمن لأي تقدم في المفاوضات. وهذا ما اوحى به رئيس لجنة الامن القومي في البرلمان علاء الدين بروجردي، الذي أكد في تصريحه الاخير: ان الغاء العقوبات الاقتصادية، سواء المصرفية او النفطية، سيكون في مقدم الاولويات التي سيطرحها الوفد الايراني في قمة بغداد. وقال ان طهران ستكتفي من عملية التخصيب بما يؤمن حاجات البلاد. وفي تركيا، نشرت الصحف خلاصة الموضوع المركزي الذي أثاره الوفد الايراني والمتعلق بأهمية شطب ستة قرارات دولية منها اربعة مرفقة بعقوبات. وقد أتبع الاميركيون والاوروبيون هذه القرارات باصدار حظر تجاري ومالي ونفطي. ومن المتوقع ان يدخل القرار المتعلق بالنفط حيز التنفيذ في الاول من تموز المقبل. كذلك فتحت واشنطن الباب لفرض عقوبات جديدة على ايران في نهاية حزيران المقبل.
من خلال هذه المشكلة المعقدة يمكن تفسير زيارة التحدي التي قام بها الرئيس احمدي نجاد لجزيرة أبو موسى.
صحيح ان دول مجلس التعاون الخليجي التزمت كلها تطبيق قرارات المقاطعة... ولكن الصحيح ايضاً ان توقف دول اتحاد الامارات عن التعامل بالريال الايراني، أحدث هزة اقتصادية أثرت على مشاريع الخدمات والتنمية في الجمهورية الاسلامية. خصوصاً  ان هناك أكثر من ثمانية آلاف شركة ايرانية مموهة فتحت فروعاً لها في أبو ظبي ودبي والشارقة وأم القوين وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة.
كل ذلك لخدمة أربعمئة ألف ايراني يعيشون في هذه المشيخات ويستعينون بخدماتها في حقلي الاستيراد والتصدير وكل ما هو غير نفطي.
اضافة الى هذا، فإن مشكلة التجار الايرانيين تتعدى هذه المحظورات لتدخل في أزمة مزدوجة: أي أزمة رفض التبادل بالريال الايراني من قبل المصارف الخليجية... وأزمة فرض القيود الحكومية المتشددة على اخراج العملة الصعبة من ايران. لهذه الاسباب راجت عمليات تهريب الاموال بالحقائب المنقولة جواً الى أوروبا، أو بحراً الى دبي.
الادارة الاميركية تسعى من وراء زيادة العقوبات الاقتصادية، الى مضاعفة الاعباء المعيشية على المواطنين العاديين بحيث يؤدي الضغط الى حدوث عصيان مدني يجبر النظام على تغيير سياسته النووية المكلفة.
وتشير ارقام الأمم المتحدة الى الاضرار التي الحقتها العقوبات بالطبقات الوسطى والفقيرة. كما تؤكد مصادر المعارضة ان نسبة ثمانين في المئة من الشعب تعيش تحت خط الفقر. وان الدولة اضطرت الى اقفال عدد كبير من المصانع بسبب ندرة المواد الخام وصعوبة المعاملات لشرائها. ويجمع المراقبون على القول ان قبول طهران بشروط مؤتمر اسطنبول، ليس أكثر من مؤشر بالغ الدلالة، الى وجود تصدع اقتصادي حاولت حكومة نجاد امتصاص عواقبه. من هنا القول ان مؤتمر بغداد المقبل يشكّل مرحلة جديدة من مراحل التقدم في مجال تخصيب الاورانيوم... أو حل مشكلة سوريا... أو البحث عن دور اقليمي يلجم تصرفات ايران داخل محيطها.
بين الاسباب الضاغطة التي دفعت الولايات المتحدة الى تشجيع حلفائها الأوروبيين للمشاركة في مؤتمر اسطنبول، ما كشفت عنه صحيفة "هآرتس" الشهر الماضي. فقد ذكرت ان موسكو أبلغت الرئيس باراك أوباما بضرورة اتخاذ أقصى درجات الحذر في التعامل مع موضوع اسقاط النظام في سوريا. ونقلت عن مصادر اميركية مسؤولة ان التخوف من مهاجمة سوريا مثلما هوجمت ليبيا، هو تهديد ايران بالانتقام في مواقع استراتيجية مثل البحرين وينابيع النفط في دول مجلس التعاون الخليجي. كل هذا في سبيل افتعال أزمة دولية كبرى تصرف الانظار عن سوريا الى منطقة الخليج.
وقد أكد قائد القيادة المركزية في الجيش الاميركي الجنرال جيمس ماتيس، هذه التهديدات، مشيراً الى حروب الظل التي تخوضها ايران في افريقيا والشرق الاوسط. وقال ان خفر السواحل اليمنية نقلوا صوراً حية لعشرات القوارب التي يستخدمها "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري، في نقل الاسلحة المتطورة الى المتمردين الحوثيين. في ضوء هذه المستجدات التي تربك ايران وخصومها معاً، قررت واشنطن رفع العقوبات عن نظام الملالي مقابل التزامه بعدم تصنيع اسلحة نووية.
ويبدو ان مؤتمر اسطنبول كان الاختبار الاول لعملية تسوية طويلة سوف تكون بغداد محطتها الثانية.
ومن المتوقع ان تعرض الدول الغربية على ايران تسوية شاملة تدخل فيها حليفتها سوريا، مستوحاة من طبيعة النظام الاقليمي الذي فرضه "الربيع العربي". وهو نظام يحول الدول الايديولوجية الاسلامية جمهوريات حديثة مثل تركيا. وبما ان الأسرة الدولية تتطلع الى ايران كقوة ثورية متفجرة منذ عام 1979، فإن تحولها من "قضية" الى "دولة" يقتضي المرور في مراحل عدة.
تقول الوزيرة اشتون، انها تتوقع من محادثات بغداد المقبلة، خطوات ملموسة بهدف التوصل الى تسوية تفاوضية شاملة تعيد الثقة الدولية في الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني. أي التخصيب لتأمين الحاجات الداخلية للبلاد.
لهذا تبدو التوازنات الاقليمية القائمة، مرشحة للتغيير انسجاماً مع واقع الانظمة الجديدة. وفي مؤتمر بغداد، ستخير الدول الكبرى المرشد علي خامنئي، بين ابقاء النظام قضية ثورية منفلتة... أو تحوله سلطة منضبطة تعين المنطقة على ترسيخ قواعد الاستقرار الاقليمي؟!

 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,951,172

عدد الزوار: 7,049,224

المتواجدون الآن: 68