هل تُشعل إيران الحرب لمنع سقوط الأسد؟

تاريخ الإضافة الأحد 26 شباط 2012 - 5:28 ص    عدد الزيارات 442    التعليقات 0

        

 
سليم نصار – لندن

هل تُشعل إيران الحرب لمنع سقوط الأسد؟

 

وكالة الاستخبارات الاميركية اصدرت دراسة تتوقع فيها اشتعال حرب مفاجئة، في حال أشرف النظام السوري على الانهيار الكامل.

قبل انعقاد جلسة مجلس الامن المخصصة لبحث إمكان تطبيق المبادرة العربية في سوريا، توقّع المراقبون من النظام تجميد حملته الدموية ضد المعارضة.
وبسبب تيقنه من استخدام الفيتو المزدوج الروسي – الصيني لمصلحته ضاعف النظام السوري غاراته ضد المواطنين العزل بهدف اقناع الولايات المتحدة والدول الاوروبية والخليجية بأن حربه لن تتوقف. واللافت ان هذا المشهد قد تكرر قبيل انعقاد مؤتمر "اصدقاء سوريا" في تونس، بحيث ان القوات الموالية للاسد استعملت الراجمات والمدافع الثقيلة داخل المدن والمناطق المؤيدة لـ"الجيش الحر" التابع لمجلس قيادة الثورة. وسقط في معارك التصفيات الجماعية عدد من المراسلين والمصورين الاجانب، خصوصاً بعد استهداف مبنى المركز الاعلامي في حمص. وكان من المنطقي ان تستغل الشبكة السورية لحقوق الانسان في لندن، صور القتلى والجرحى من اجل تأليب الرأي العام ضد ممارسات العنف الأعمى.
وفي رأي بعض انصار النظام، فإن صور العنف التي ترسل الى شبكات التلفزيون عبر الانترنت بهدف تشويه سمعة المسؤولين وتجريدهم من كل الصفات الانسانية... هذه الصور بالذات تعتبرها الدولة السورية وسيلة ناجعة لبعث الخوف في النفوس، وادخال الرعب الى قلوب المواطنين.
يقول امين عام الجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، ان دول المنطقة اصيبت باليأس جراء التعنّت السوري واعتماد دمشق على الفيتو الروسي – الصيني من اجل القفز فوق مبادرة الجامعة. ومع ان مؤتمر اصدقاء الشعب السوري في تونس، حاول كسب شرعية دولية تساعد المعارضة على الخروج من حال المراوحة والتشرذم... إلا انه يعرف جيداً ان نظام الاسد لن يتراجع إلا اذا تراجع الموقف الروسي – الصيني. وهذا ما دعا وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه، الى تأجيل قرار رسم استراتيجية المرحلة المقبلة، الى ما بعد اعادة انتخاب فلاديمير بوتين رئيساً للجمهورية في الرابع من آذار المقبل. وهو يتصور ان بوتين وحليفه الصيني، سيضطران الى تعديل موقفيهما على ضوء المستجدات السياسية والامنية في سوريا.
من هنا حرص الدول التي شاركت في مؤتمر تونس، على إظهار التحفظ والتهدئة لادراكها بأن التغيير سيصيب قيادتي الدولتين الداعمتين للنظام السوري. خصوصاً ان بوتين اعرب عن رغبته في اعادة تنشيط موقع بلاده الاقتصادي داخل سوريا حتى في أسوأ الظروف الامنية. وهذا ما يفسر وجود وفود روسية جاءت لدراسة العروض المطروحة مشاريع المياه والكهرباء ومختلف تعهدات البنى التحتية. والثابت ان سوريا محتاجة الى تنفيذ مشاريع مستعجلة بتكلفة 3 مليارات دولار، تعوّض بواسطتها عن الفراغ الذي احدثته العقوبات الاوروبية والاميركية.
ويستدل من حجم تكاليف مشروع إعادة تسليح روسيا، وما عرضه بوتين من تحديات لخرق حصار الحلف الاطلسي، انه يقوم بحملة تضليل وخداع من اجل ربح معركة الرئاسة بغالبية مطلقة. ذلك انه يعرف جيداً ان مشروع "حرب النجوم" الذي طرحه الرئيس الراحل ريغان، كان بمثابة الضربة القاضية التي عجّلت في انهيار الاتحاد السوفياتي. والسبب ان موسكو اخفقت في حرب المنافسة المالية، الامر  الذي ساعد على انهيارها. ومن المؤكد ان بوتين لا يريد تنفيذ اضخم برنامج تسلح (590 مليار أورو) في وقت تستدين بلاده من صندوق الكنيسة الارثوذكسية لتنفيذ بعض المشاريع الحيوية.
على صعيد آخر، يحاول الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف، الالتفاف على قرار الفيتو، بهدف الابقاء على علاقات التعاون والانفتاح مع دول مجلس التعاون الخليجي. لذلك قام ببادرة حسن نية كي يطمئن دول الخليج الى سلامة العلاقات مع الدول المعارضة لسلوك دمشق. لهذا اتصل يوم الاربعاء الماضي، بالملك عبدالله بن عبد العزيز ليطلعه على حقيقة موقف بلاده من التعاطف مع سوريا وايران.
ورد عليه العاهل السعودي بالقول: "انه كان من الاولى ان يبادر الاصدقاء الروس الى التنسيق مع العرب قبل استخدامهم حق الفيتو في مجلس الامن. أما الآن، فإن أي حوار حول ما يجري لا يجدي. ذلك ان المملكة العربية السعودية لا يمكن اطلاقاً ان تتخلى عن موقفها الديني والاخلاقي تجاه الاحداث الجارية في سوريا".
الموقف الصيني الرسمي في هذا السياق، يبدو مشوشاً وغير منسجم مع موقف روسيا. والدليل ان نائب وزير الخارجية تشاي جيون، الذي التقى الرئيس الاسد مع الوفد المرافق، ابلغه ان بيجينغ تدعم خطة الجامعة العربية لانهاء العنف.
وبعكس سياسة روسيا التي تجاهلت الدول العربية، قال جيون للاسد ان بلاده كانت ترغب في العمل مع الحكومة السورية والمعارضة والجامعة العربية والدول العربية لايجاد حل للأزمة.
وكان بهذه المصارحة يحاول ان ينأى بموقف بلاده عن موقف روسيا. علماً بأن الصين اتخذت قرارها في ضوء مصالحها مع روسيا لا مع سوريا. وكان الدافع الى استخدام الفيتو، يتمثل في محاولة دعم العلاقات مع الجارة الكبرى... والابتعاد عن نظرية "الربيع العربي" التي تطالب الدول بمزيد من الديموقراطية والشفافية. وترى القيادة في بيجينغ ان هذه المطالبة تشجّع المعارضة بين المنشقين الصينيين الذين ينشطون في الساحات العامة ضد هيمنة الحزب الواحد.
اضافة الى هذا المعطى، فإن موسكو تشعر بأن الغرب اسقط لها أهم زبونين، هما صدام حسين ومعمر القذافي. لذلك اقنعت شريكتها بيجينغ بأن الانحياز لنظام الاسد، قد يوفر لهما فرصة إصلاح الضرر ولو بصورة جزئية على الأقل. كما يوفر لهما المجال لإقناع الدول العربية والغربية بأن إنهاء الأزمة السورية لا يمكن ان يتحقق من غير تعاونهما.
على مستوى آخر، فان اسقاط نظام الاسد اصبح هدفاً سياسياً لدول عدة بينها: الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية ودول الخليج العربي وتركيا. والسبب ان إسقاط النظام الذي اوصل نفوذ ايران الى البحر المتوسط، سيحل محله نظام معاد لطهران، حسبما اعلن برهان غليون. وترى واشنطن ان تغيير توازن القوى في المنطقة سيضرب نظام الملالي في الصميم، بحيث تضطر ايران الى التخلي عن برنامجها النووي والانصراف الى ترتيب الوضع الداخلي.
ومن المؤكد ان هذا الموضوع الخطير سيكون على جدول اعمال محادثات باراك اوباما وبنيامين نتنياهو يوم الاثنين المقبل في البيت الابيض. وهو يوم الحسم بالنسبة لرئيس وزراء اسرائيل الذي جاء الى واشنطن لمطالبة اوباما بتنفيذ تعهده حول مشاركة بلاده في منع ايران من امتلاك سلاح نووي. وترى صحيفة "معاريف" انه سبق لوزير الدفاع ايهود باراك ان نقل الى الادارة الاميركية خطة ضرب المفاعلات النووية الايرانية خلال الصيف المقبل. ولكن الصحيفة تتوقع لهذه المغامرة العسكرية، ان تفرز تداعيات مرعبة قد تشعل منطقة الشرق الاوسط بنار آبار النفط، كما تشعل اسعار النفط بطريقة غير مسبوقة ستساعد حتماً على انهيار البورصات العالمية وتمدد "الربيع العربي" الى دول الاتحاد الاوروبي.
ومع انهيار الاقتصاد العالمي، يصبح من المتعذّر تجديد ولاية اوباما لدورة ثانية في تشرين الثاني المقبل. لهذا تتوقع الصحف الاسرائيلية عقد صفقة سياسية تدعو الى تأجيل موعد الضربة العسكرية الى ما بعد فوز اوباما بالانتخابات، مقابل توقيع اتفاق ملزم بأن تشارك الولايات المتحدة في العملية الحربية المؤجلة.
الفريق المكلّف مراقبة المفاعلات النووية الايرانية، غادر طهران بعدما اتهمها بعرقلة مهمته التقنية. وفي هذا الوقت هدد مرشد النظام علي خامنئي، كل الدول التي تتآمر على بلاده، بثأر من الله. وقد اعطى وزير الدفاع الايراني هذا الوصف للمناورات التي تستمر اربعة ايام.
وكالة الاستخبارات الاميركية، اصدرت دراسة تتوقع فيها اشتعال حرب مفاجئة، في حال شارف النظام السوري على الانهيار الكامل. وهذا ما يعنيه وزير الدفاع الايراني في قوله ان بلاده مسؤولة عن امن الدول الاسلامية المجاورة. بل هذا ما عناه امين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، عندما تحدث في خطابه الاخير عن امتلاك سلاح امضى من الصواريخ. وكان بذلك التلميح يشير الى معركة التصفية النهائية، اي معركة اطلاق الصواريخ التي تحمل رؤوساً كيميائية وتغطي اجزاء كبيرة من مساحة اسرائيل.
وسط هذه العاصفة الدولية، علا صوت رئيس "جبهة النضال الوطني" النيابية وليد جنبلاط، كصيحة نشاز تصوّر البعض انها تراجع عن موقفه المؤيد لسوريا بعد أحداث ايار 2007. ويقول انصاره ان موقفه السابق كان نابعاً من اقتناعه بأن الأذى سيلحق بالطائفة الدرزية اذا هو اختار خطاً آخر. ومن ذلك الاقتناع ينطلق هذه المرة ليحذّر دروز سوريا من الوقوع في الشرك المنصوب لهم.
وكان جنبلاط بهذا التحذير يشير الى سقوط اكثر من مئة وخمسين قتيلاً من الطائفة الدرزية التي الفت حب التعايش مع سائر الطوائف، وخصوصاً الطائفة السنية. ومع ان الدروز في سوريا لا يزيد عددهم على 3 في المئة، إلا انهم يتمتعون باحترام الجميع بسبب مواقفهم المشرّفة اثناء ثورة سلطان باشا الاطرش ضد الانتداب الفرنسي. وقد أكرمه الرئيس حافظ الاسد، وامتدح بطولاته، وأمر بدفنه وسط احتفال رسمي، مثله مثل كبار القادة التاريخيين الوطنيين. وكل ما يريده جنبلاط من نظام بشار الاسد هو تحييد موقف الدروز في معركة لا يريدهم ان يخرجوا منها لاجئين في لبنان او الاردن.

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,341,371

عدد الزوار: 6,887,392

المتواجدون الآن: 77