"لقاء الإنتماء اللبناني"

تاريخ الإضافة الإثنين 16 شباط 2009 - 11:32 ص    عدد الزيارات 724    التعليقات 0

        

 

حسن عبّاس ، الخميس 12 شباط 2009
\"\"
 
\"\"
 

\"\"

ظهر اسم "الإنتماء اللبناني"، مرة أخرى  وبقوة، في العاشر من محرم، حين أقام مهرجاناً في "البيال" إحياء لذكرى عاشوراء. وهذا المهرجان هو ذروة عمل سياسي طويل، بدأت تتوضح معالمه الجامعة بين إحياء عصبيات عاملية قديمة وضم المستبعدين عن دائرة اهتمام "حزب الله" و"حركة أمل"، اللذين يرسمان سياسة الطائفة الشيعية. ومهرجان "البيال" هو استهلال لفت نظر وسائل الإعلام، وذروة نشاط بدأه رئيس "التيار" أحمد الأسعد في بداية تسعينات القرن الماضي.

اجتمع في "البيال" عدد كبير فاق خمسة وعشرين ألفاً، بحسب مصادر المنظمين. والدعوة إلى المهرجان وجهها "لقاء الانتماء اللبناني" إلى مناصريه، لتمييزهم من جماهير القوى الشيعية الأخرى، في أقدس مناسبات الطائفة. واختير توقيت إعلان اللقاء، في مناسبة دينية بعينها، وذلك لتبيان ارتباط سياسة "الانتماء اللبناني" بمعتقد المؤيدين والأنصار.

وهؤلاء أتوا من المناطق اللبنانية التي يتوزع عليها أبناء الطائفة الشيعية، وملأوا قاعتين من قاعات "البييل" التي جهزت إحداهما بمنبر للخطباء، والثانية بشاشة كبيرة. وبقي جزء من الحضور في الخارج. كلمات الخطباء كانت عن الدين والسياسة. وانتظر الحضور كلمة أحمد الأسعد السياسية، فدخل، "وكانت فرحة الناس بدخول البك إلى الصالة لا توصف"، بحسب تعبير الإعلامية زينة الأخوي، ابنة الإعلامي شريف الأخوي. وهي عضو مؤسس، والمنسقة الإعلامية للقاء الانتماء اللبناني. "وجدنا حماسة لدى الجماهير، فرحنا لذلك، خاصةً أن الجماهير تفاعلت بشدة مع كلمة أحمد بك الأسعد"، على ما يصف أمين سر منطقة بيروت، أستاذ الرياضيات الشاب حسين جابر، مشهد "البيال". وألقى أحمد الأسعد كلمته في الحضور، شدّ أزرهم ووعدهم بـ "مفاجأة كبيرة" في الانتخابات المقبلة.

\"\"

يختصر المشاركون في "مهرجان البييل" وقائع المهرجان بكلمة "أحمد بك الأسعد". الـ "بك" هو ابن رئيس مجلس النواب اللبناني الأسبق كامل أحمد الأسعد، سليل العائلة الأسعدية المتفرّعة من "آل علي الصغير" المتحدرة من محمد بن هزاع الوائلي الذي يقال إنه ورث إمارة جبل عامل من أبناء الأمير حسام الدين بشارة من أمراء الدولة الأيوبية، على ما يذكر محمد جابر آل صفا في كتابه "تاريخ جبل عامل". فهو إذاً سليل عائلة سياسية عريقة. ولكنه شبّ على السياسة في ظروف تفككت فيها سيطرة عائلته، وأدت إلى إقصاء الرئيس كامل الأسعد عن الانتخابات النيابية في 1992، ايذاناً ببدء حقبة "حزب الله" وقبله "أمل"، وذوى فيها نفوذ "الزعامات التقليدية" في الجنوب.

بدأ أحمد الأسعد عمله السياسي في بداية تسعينات القرن الماضي حين أطلق في 1994 "تيار لبنان الكفاءات". حاول "التيار" توسيع انتشاره في الجنوب، واجتذب عدداً من أنصار "الزعامة الأسعدية" الذين توزعوا بينه وبين والده الذي لم يكن قد اعتكف العمل السياسي بعد، إلى بعض المستقلين. وشكّل "التيار" في مسيرته "جمعية جنوب الغد" التي قامت بأعمال ثقافية واجتماعية عدة. أنشأ لجاناً تنظيمية، وحاول خلق قاعدة طلابية، وانخرط في العمل الاجتماعي من خلال مشاركته في التظاهرات التي أطلقها الاتحاد العمالي العام في رئاسة الياس أبو رزق. واقتصر العمل السياسي للتيار ، إلى اللقاءات والاجتماعات، على ترشح أحمد الأسعد الى الانتخابات النيابية في الدورة السابقة، والتي لم يحالفه الحظ فيها.

وشارك أحمد الأسعد في 2006، عضواً مؤسساً، في "لقاء الانتماء اللبناني" الذي أطلقته من فندق "الريفييرا"، شخصيات شيعية معترضة على سياسات "حزب الله" و "أمل". وجمع اللقاء شخصيات من مصادر سياسية مختلفة، وشهد مداً وجزراً، إلى أن بدأت مرحلة جديدة من مسيرته في تموز 2008، يعتبرها "الانتمائيون" مرحلة فاصلة، وانطلاقة تنظيمية فعلية رفعت أحمد الأسعد إلى مرتبة المحور الذي تدور حوله سياسات "الانتماء".

\"\"

يتعرض مناصرو "الانتماء اللبناني" لأنواع شتى من المضايقات، أبرزها حرق سيارات الى التهديدات، وهم اصبحوا مادة لشائعات كثيرة تطلق من على أكثر من منبر أحيانًا، وتكتب في بيانات لا يتبناها أحد وترمى على جوانب طرقات القرى أحياناً أخرى. وعدد السيارات المحروقة فاق الخمس عشرة سيارة. وفي يوم واحد، بعد "حشد البيال" في العاشر من محرم، حصلت خمس محاولات لحرق سيارات في صور، نجحت ثلاث منها.

ولا تتبنى جهة سياسية خلق المناخ السلبي تجاه "الانتماء اللبناني". فبعض "الانتمائيين"، كعلي عيد، يرى أن أهل القوى الشيعية المسيطرة "يوجهون أزلامهم" للقيام بهذه الأعمال. وبعضهم، كزينة الأخوي، يتهمون "جماعة حزب الله" مباشرة بالوقوف خلفها، على أساس ان "عندهم مشكلة في الرأي والرأي الآخر" وأن "سياستهم قائمة على التخوين والتكذيب والقمع والترهيب والشائعات، وغسل أدمغة الناس". وتحرض على أعضاء ومؤيدي "الانتماء اللبناني" شائعات كثيرة. يُتهمون بالعمالة لإسرائيل وأميركا والسعودية، جرياً على عادة استسهال التخوين. وهم متهمون بالمال السياسي في عملهم، وبأن مناصريهم يمحضونهم تأييدهم لقاء المال. و"تبلغ الاتهامات حد التكفير"، بحسب محمد نحلة. ويرد الأخير على هذا الاتهام بقوله: "نحن نحافظ على خصوصيتنا الشيعية، ولكننا نرفض بعض البدع، فنحن شيعة علويون لا صفويون، وبعض ما ينسب الى التشيع ليس من صلب الدين".

ويرى "الانتمائيون" أن اتهامهم بالعمالة هو "تحريض على قتلهم، ويجب أن يحاسب عليه القانون لأننا جزء من الدولة التي يتوجب عليها حماية مواطنيها وحماية كراماتهم"، يقول جمال عباس. وكَيْل الاتهامات الى أعضاء في الطائفة الشيعية التي تعمّها الرؤى الأخروية والدينية و"القداسات"، يبلغ ذروته في دعوة إلى طرد "الانتمائيين" من القرى.


\"\"

ما يواجهه ناشطو ومناصرو "الانتماء اللبناني" يتعدى الشائعات إلى الضغوط المباشرة عليهم. ففي بعلبك، وضعت متفجرات على مداخل بيت احد الناشطين، عبدو نزهة، وقام الجيش بتفجيرها. هذا الى "المراقبة بشكل مشدد"، كما يقول امين سر منطقة بعلبك الغربية، رياض زعيتر. ولكن المسألة معقدة في بعلبك بسبب طبيعة المنطقة العشائرية التي لا تسمح بالاعتداء على أبناء العشائر. يقول زعيتر ان "العشائر تحمينا، هذا بكل صراحة. إذا تعرض لنا أحد ما، فالردود عشائرية، ما فيها مزح القصة". فـ "ابن زعيتر" لا يتخلى عني أبداً مهما كان انتماؤه السياسي". وهذا ما يؤكد عليه المصري أيضاً: "منطقتنا عشائرية. الخطأ مع أي شخص يجرّ عشيرته للوقوف معه، فتركيبة المنطقة تفرض ذلك".

أما خارج بعلبك فالأمور أصعب. في الضاحية، تقول سناء نحلة، ان "بعض القاطنين في مربعات أمنية خاضعة لسيطرة حزب الله تعجبهم أفكار "الانتماء اللبناني"، لكنهم يخافون من التعبير عن قناعاتهم، ومن الانخراط في صفوفنا". "بعض الأطراف يراقب تحركات الأعضاء في الضاحية والجنوب والبقاع"، يقول حسين جابر، رغم "أننا لا نحمل سكيناً، وممنوع ان نحمل سكيناً، فكيف السلاح! إذن لمَ مراقبة أنصارنا؟". وفي الجنوب، "بعض الناس يخشون تأذي مصالحهم الخاصة إذا قاطعهم مناصرو حزب الله"، كما تلاحظ سناء نحلة. ويقول محمد نحلة ان "المقرب منا، يتم الضغط عليه بهدف إبعاده عنا، فقوى الأمر الواقع متضايقة من وجود طرف شيعي ثالث، خصوصاً بسبب فكرة الانتماء للوطن التي ينزعج منها بعضهم". ويشتد التضييق في منطقة صور، بحسب علي عيد. هناك "التهديد بالوظيفة وبحرق السيارات. يقولون للمقرب منا "دير بالك عا حالك، بكرا بنحرقلك السيارة".

ومحاصرة أنصار "الانتماء اللبناني" بلغت حد منع بث قناة "إي أن بي" التلفزيونية عن المشتركين في خدمة توصيل "الساتلايت" عبر الـ "كابلات" في الجنوب، عندما استضافت القناة المذكورة احمد الأسعد يوم السبت 24-1-2009 ، وإعادة بثها بعد انتهاء المقابلة، بحسب زينة الأخوي.
 
\"\"
 
منذ بداية عمله السياسي لم يستطع أحمد الأسعد حشد جمهور كبير. وبعد مفترق تموز 2008 "أتى "مهرجان البيال" ذروةً لمسيرته الشعبية. اتصل "الانتماء اللبناني" بمؤيديه، عملياً، في أيام عاشوراء. أحيوا المناسبة في قرية صريفا، حيث منزل أحمد الأسعد، وفي "مجمع البييل" ببيروت. ورافقت اللقاءات حملة إعلانية من وحي المناسبة. فألصقوا لوحات إعلانية مذيلة بتوقيع "الانتماء اللبناني" على مداخل مدينة بيروت، وعلى طريق المطار. وحملت اللوحات أقوالاً للإمام الحسين مثل: "انما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلعم)"، "إياكم والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شر"، "على الإسلام السلام إذا بليت الأمة براع مثل يزيد". والشعار الأخير أثار حفيظة بعضهم، فعلقوا فوقه، قرب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، شعاراً مضاداً: "على الإسلام ألف سلام إذا بليت الأمة برجل أميركي مثل احمد بك الأسعد". وذيّل الشعار المضاد بإمضاء "أصدقاء الإمام الحسين وأهالي الشياح والغبيري". وأنكرت بلدية الغبيري الموافقة على السماح بتعليقه، مع ان استعمال اللوحات المخصصة للإعلانات يقتضي تسديد بدل للبلدية. ورغم ذلك رفضت إزالته، فبقي الشعار.

وذروة النشاطات كانت في اليوم العاشر من محرّم، ذكرى عاشوراء. القادمون الى المناسبة تعرضوا لمضايقات في ضواحي بيروت الجنوبية. وكسرت سيارة أحد "الكوادر" في محلة الكوكودي، القريبة من مطار بيروت. وفاق الحشد توقعات المنظمين. ولم تتسع الكراسي المستأجرة، الموزعة على قاعتين من قاعات "البيال"، وعددها عشرون ألف كرسي، للقادمين. فبقي جزء منهم في الخارج.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,098,069

عدد الزوار: 6,752,571

المتواجدون الآن: 100