30 عاماً على الثورة الإيرانية: اختبار قاس لشعارات العدالة

تاريخ الإضافة الإثنين 16 شباط 2009 - 10:59 ص    عدد الزيارات 697    التعليقات 0

        

طهران - فاطمة الصمادي

مع احتفالها بالذكرى الثلاثين لانتصارها تدخل الثورة الإسلامية في إيران في اختبار حقيقي وقاس لواحد من أبرز شعارتها وهو الرفاه والعدالة الاجتماعية. ورغم الحديث عن إنجازات كبيرة على صعيد نظام التأمين الصحي والخدمات والتعليم تتعاظم مشكلات التضخم الاقتصادي والبطالة والإدمان والانتحار.
 على مدونة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يشتكي الزوار من غياب العدالة ويذكرونه بشعاراته الأولى، وفي ذات المدونة طرح أحد المواطنين سؤالا يقول: هل من العدالة أن توقفوا الدعم عن مسحوق الغسيل في حين يستمر الدعم لوقود الطائرات وتذاكر السفر؟ أما في المجتمع فتطرح أسئلة أكثر حدة حول الارتفاع الجنوني الذي أصاب السلع الأساسية. وإن كان نجاد الذي أنتخب بوصفه «حامي المستضعفين» قد وعد في بداية حملته الانتخابية بوضع النفط على موائد الإيرانيين فهو اليوم أمام تحد محرج بفعل الغلاء وغياب الكثير من العناصر الأساسية عن الموائد.
ومثل العديد من القضايا الإشكالية الحساسة في ايران تتضارب الإحصاءات المتعلقة بمعدلات الفقر في هذا البلد، لكن مصادر حكومية تقول إن 20 في المئة من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر، وفي وقت يحدد فيه خبراء هذا الشأن خط الفقر المطلق في طهران ليصل الى 395 ألف تومان (380 دولاراً) فإنه في المدن والمحافظات الأخرى 160 ألف تومان، وأعلنت وزارة الرفاه الإيرانية أن خط الفقر الشديد يصل الى 28 ألف تومان في الشهر أو ما يقل عن ألف تومان بما يعادل دولاراً واحداً في اليوم.
وتشكل هذه المعضلة تحدياً حقيقياً لحكومة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد الذي توشك دورته الرئاسية على الانتهاء خصوصاً وأن حملته الانتخابية حملت شعارات محاربة الفقر والعدالة.
قبل أشهر كان علي عسكري المعاون الاقتصادي لنجاد يتحدث لطلبة إحدى الجامعات الإيرانية مؤكداً أن غياب العدالة في توزيع الثروة واحد من أهم أسباب هذه المشكلة، وأوضح عسكري أن 20 في المئة (15 مليون شخص) من الإيرانيين يصنفون تحت خط الفقر واعتبر أن حدوث ذلك في مجتمع يتحدث كثيراً عن قيم الأخوة والتعاضد ليس بالأمر الجيد، وأشار الى أن الحكومة توزع سنوياً سلعاً أساسية تصل قيمتها الى خمسة بلايين دولار ومع ذلك تبقى فئات لا تصلها هذه المعونات. ووفقاً لعسكري فإن 60 في المئة من الدخل الاقتصادي منحصر بيد 20 الى 30 % من المواطنين وما تبقى في يد افراد محدودين وهذا ما يمكن وصفه «بالتوزيع غير العادل للفرص».
ويرى الخبير الاقتصادي حسن أكبري أن الأرقام التي ذكرها عسكري تصنف ضمن خانة «الأرقام المتفائلة « ويرى أن مستشار الرئيس الإيراني تحدث عن معدلات أعلى من معدلات كانت قد أعلنتها مؤسسات رسمية أخرى وتقول إن في ايران تسعة ملايين فقير، ويؤكد اكبري أن المعدلات تتجاوز ذلك بكثير، خصوصاً أنه يرى أن الأرقام التي كشف عنها عسكري تتضمن الفئة التي يمكن القول بأنها تعيش تحت خط الفقر الخشن، ويرى أنه وبالنظر للأرقام الحكومية فإن 50 في المئة من الإيرانيين يمكن اعتبارهم فقراء كما أن 70 في المئة من المواطنين يعيشون بـ 40 في المئة من دخل البلد وهذا يعكس فجوة طبقية كبيرة وينذر بتلاشي الطبقة المتوسطة وانضمامها للطبقة الفقيرة.
ويدعو نادر مهدي زادة الخبير في العون الاجتماعي الى تعريف واضح «لخط الفقر الخشن « وينقل عن بعض الخبراء الاقتصاديين القول بوجود مليوني شخص يعانون الفقر القاسي والجوع، ويشدد على أن الخطوة الأولى لمعالجة المشكلة هي تقديم تعريفات دقيقة لخط الفقر المطلق والشديد والخشن.
 وكان الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جواد زاهدي قد نشر بحثاً موسعاً حذر فيه من ما أسماه بـ «تسونامي فقر» يهدد الجمهورية الإسلامية. وأكد أنها وهي البلد الغني تواجه وبصورة مقلقة اتساعاً لرقعة الفقر، وقال إن اسباباً عديدة جعلت منه ظاهرة مخيفة في إيران وأهمها تشجيع الإنجاب في العقدين الماضيين واتساع الاستثمارات غير المناسبة، ورافق ذلك غياب المساواة والفساد الإداري و ارتفاع التضخم، وضعف القطاع الخاص وشيوع الفساد الأخلاقي والاقتصادي، وأضاف زاهدي، أن غياب مظلة الرعاية جر الطبقات الدنيا والقشرة المتوسطة الى حفرة الفقر.
ومع كل زيارة يقوم بها نجاد داخل إيران يكشف عن جيوب فقر جديدة تؤكد أن نيته الصادقة لا تكفي لحل المشكلة، وتصطدم جهود الرجل الذي سجلت حكومته إخفاقاً كبيراً في الملف الاقتصادي بـ «مافيات الاقتصاد»، وسبق لنجاد ومن على منابر مدينة قم أن عقد محاكمة اتهم فيها مسؤولين كثيرين في حكومته بالتقصير وحملهم مسؤولية الإخفاق في الملف الاقتصادي، وشمل نجاد بالاتهام البنك المركزي ووزارة الاقتصاد والمالية والجهات الرقابية والجمارك، وأعلن صراحة أن هذه المؤسسات واقعة تحت تأثير المافيات الاقتصادية التي تحاول الالتفاف على قراراته وإجهاضها. وحسب اتهامات الرئيس الإيراني فهذه المافيات تسيطر على النفط والبنوك ولديها اذرع متنفذه في المؤسسات التشريعية. نجاد الذي اعتذر للناس واعترف بثقل المسؤولية أكد ان الفساد متغلغل في قطاع المساكن، واشار في أكثر من مرة الى قروض بالبلايين قدمتها البنوك لأشخاص محددين.
ومن غير المنصف أن يلقى بكامل الإخفاق الاقتصادي على عاتق نجاد وسياساته ويرى الاقتصادي والأستاذ الجامعي محمد يوسفي أن الاقتصاد الإيراني «مصاب بمرض مزمن»، ويؤكد أن إجراء جراحة له من دون معرفة دقيقة بتاريخ المرض وجذورة مسألة غير ممكنة، ويعتقد يوسفي أن العلاج قد يكون «خارجاً عن قدرة الرئيس الإيراني»، ويشير الى أن مشكلات الاقتصاد الإيراني معقدة وبنيوية ولها ابعاد اجتماعية وثقافية وسياسية. فإجراءات كخفض النفقات وإيجاد تحولات اقتصادية مسألة ضرورية لكنها غير كافية، ويدعو يوسفي الى ايجاد الظروف المناسبة للاستثمار وأهمها الأمان كحل «لايمكن اجتنابه للخروج من الأزمة».
ذريعة لكافة الخصوم وشعار العدالة ذاته هو الذي يرفع للهجوم والمعارك السياسية بين الخصوم من كلا التيارين المحافظ والإصلاحي، فبينما يتجه نجاد لإعلان ترشحه مجدداً لمنصب الرئاسة يتحدث التيار الإصلاحي بزعامة الرئيس السابق محمد خاتمي عن برنامج إنقاذي لإيران من «تبعات حكم نجاد» كما يؤكد أحد أبرز الشخصيات الإصلاحية محمد علي أبطحي. ولا يتوقف التيار الإصلاحي الذي تصدر الاقتصاد برنامجه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عن دعوة الحكومة الحالية بأن تعترف بأخطائها وأن تعلن الأرقام الحقيقية للتضخم. ويرى الكثير من متابعي الشأن الاقتــصادي أن شجاعة نجاد في الاعتذار للناس عن ما يعانونه اقتصادياً واعترافه بالتقــصير يجب أن يصــاحبه إعــلان صريح عن أسماء الشخصيات والمافيات التي اتهمها بأنها «تسعى لإيصال نسبة التضخم الى 70 في المئة وتحاول إفشال حكومته».

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,059,807

عدد الزوار: 6,750,626

المتواجدون الآن: 97