جلد الذات...

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 شباط 2009 - 9:04 م    عدد الزيارات 779    التعليقات 0

        

يوسف فخر الدين.... * كاتب سوري
كثيرا ما رفضنا النقد القاسي للذات، تحت عنوان رفض «جلد الذات». وكثيرا ما هربنا من مواجهة تعقيدات واقعنا، بتمرير المسؤولية بين بعضنا البعض، كسبحة يجتمع على تلاوة التسابيح عليها مجموع المشاركين في العمل السياسي.... وفي تداعيات هزيمة غزة المدوية، الهزيمة التي جعلها منكروها من المتشدقين بالنصر موضوعا للجدل باستمرارية تلتزم نكران الهزائم المعتاد في أمتنا، تتردد دعوات جدية ومبررة لجلد الذات. دعوات لا تنطلق من لوم الذات على ضعفها على مقياس العدة والتدريب، إنما لسلوكها مسلكاً يظهر غياب إستراتيجية تتعامل مع اختلال موازين القوى المهول لمصلحة العدو، الإستراتيجية التي أنتجت الانتفاضة الأولى مثالاً لها، والتي أهملتها قوى الإسلام السياسي بإصرار، في الوقت الذي ذهبت أطراف أخرى وعلى رأسها قيادة حركة فتح لتجاهلها بطريق آخر، طريق التكيف مع قوى العدو كقدر لا فكاك منه.
دعوات «جلد الذات» تأتي رداً فورياً على هزيمة تساوي في أهميتها الإستراتيجية هزيمة 1967، حين انهارت القناعة العامة بالمشروع القومي بلمح البصر، وفي مواجهة اندفاع قوى الإسلام السياسي في إنكار للهزيمة بجرأة تتعدى جرأة القيادات القومية، التي وجدت من بين صفوفها عقلانية الاعتراف بالهزيمة حين وقف ممثلها وممثل المشروع القومي، جمال عبد الناصر، بين يدي مواطنيه والعرب عموما معترفا بالهزيمة وداعيا لإستراتيجية تجاوز آثارها، الأمر الذي اتضح لاحقاً أنه شرط حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973، بل لحظة انطلاق الإعداد الفعلي لها.... وفي الإنكار، والاندفاع لإدعاء النصـــر، تبطـــن قــــوى الإسلام السياسي الخوف من تأثير المعـــركة على شعبيتها، الخوف من أن تتحول للحظة بدء فقدان شعاراتها ووعودها لبريقها. وفي الإدعاء بالنصر تجاهل ضروريات النضال الوطنــي المطلوب استخلاصها على مستوى الحالة السياسية الفلسطينية برمتها، والتي لا يمكن إدراكها دون الإقرار بالهزيمة، ودراسة أسباب الضعف التي منعتنا من توقع الاجتياح وحجمه، والإجماع الدولي الذي انعقد، بالتأكيد ليس بضربة ساحر، لتأييده. وكذلك دراسة إن كان هناك إمكانية لتلافيها، وخلق ظروف صراع أكثر إيجابية لنا، وتفحص آثار الاجتياح ومنها العمرانية السياسية التي تهدد بالتحول لبوابة الضغط والابتزاز للشعب الفلسطيني وقواه في الزمن المقبل. استيعاب الدرس هو ما يتيح لنا رفع سوية مواجهة الواقع الذي أنتجه الاحتلال، بما فيه من تحديات ترخي بثقلها على مستقبل الشعب الفلسطيني وحقوقه.
هذا يعيدنا إلى ضرورة «جلد الذات»، لأنه يتضمن إدراك مواطن العجز في الحالة الوطنية بعمومها، ويسهم في الخروج من مسعى تصفية الحسابات السياسية مع قوى الإسلام السياسي، والسقوط في هاوية السجال التي تندفع أطراف عدة نحوها. نفهم من «جلد الذات» أنه يتضمن إدراك تقاسم المسؤولية عن الهزيمة بين كل أطراف العمل السياسي، ويوجه إلى استدعاء العقل الفلسطيني الوطني بكليته لنقاش الحالة الراهنة. وفي تحقق هذا المسعى تثبيت لوحدة الشعب يسبق نتائج التفكير نفسه، ويمهد لتفكير هادئ خارج السجال السياسي، فيجعل دراسة الاجتياح واستخلاص توصيات لسبل مواجهة التحديات، تلك التي نتجت عنه والتي سبقته في آن واحد، أمراً ممكناً.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,041,375

عدد الزوار: 6,931,988

المتواجدون الآن: 87