يخسر سوريا والعالم

تاريخ الإضافة السبت 13 آب 2011 - 5:50 ص    عدد الزيارات 520    التعليقات 0

        

يخسر سوريا والعالم

 - عبد الكريم أبو النصر

"المسؤولون الغربيون والعرب والأتراك المعنيون مباشرة بأحداث سوريا يرون أن لحظة التحوّل الكبير والجذري في هذا البلد تقترب، إذ أن المأزق الكبير الذي وقع فيه النظام يهدد وجوده، كما إن السوريين في غالبيتهم الصامتة صاروا يدعمون حركة الإحتجاج الواسعة، إستناداً الى معلومات المسؤولين الأميركيين والفرنسيين. فالرئيس بشار الأسد، على ذمة هؤلاء المسؤولين، منغلق على ذاته وإقتناعاته ورهاناته الخاطئة وهو يكابر ويحاول تجاهل وجود تحالف دولي - عربي - إقليمي ضاغط عليه ويتحرك ضده مستخدماً وسائل متنوعة من أجل دفعه الى وقف حربه على المحتجين. والأسد يواصل تطبيق إستراتيجية التحدي والمواجهة الدامية مع مواطنيه من غير أن يعرف الى أين تتجه سوريا، وهل يضطر الى السيطرة عسكرياً على مدن ومناطق عدة لوقف حركة الإحتجاج، وهل يستطيع أن يحكم ويستعيد هيبة السلطة والدولة بعد سقوط الآلاف من الضحايا وحدوث دمار وخراب واسعين، وكيف يتعامل مع المجتمعين العربي والدولي بعد الإدانات القاسية لسياساته وتوجهاته والعقوبات المفروضة عليه شخصياً؟ وهؤلاء المسؤولون على اقتناع بأن سوريا لن تعود الى سابق عهدها، وانها لن تظل خاضعة لحكم متسلط بل انها دخلت فعلاً بفضل الإحتجاجات مرحلة إنتقالية للمرة الأولى على هذا النحو منذ العام 1970، لكن ملامح هذه المرحلة الإنتقالية ومضمونها ليست واضحة الى الآن".
وأفادت مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس معنية بالملف السوري ان هذه المشاورات الغربية - الإقليمية تركزت على المسائل الأساسية الآتية:
أولاً - إن القيادة السورية لا تملك مشروع حل متكاملاً للأزمة الكبرى قابلاً للتطبيق وقادراً على طمأنة السوريين وتأمين مطالبهم الحيوية المشروعة وعلى تطوير أوضاعهم، لأنها تتصرف على أساس ان سوريا هي لها وحدها وان المحتجين يريدون إنتزاع البلد منها من طريق المطالبة بإصلاحات جذرية وعميقة. واختار نظام الأسد ما يعتقد انه "الطريق السهل"، فقدم إقتراحات لإصلاحات شكلية واستخدم العنف والقمع والقتل والإعتقالات لإحباط الإنتفاضة الشعبية، وتصرف على أساس أن ليس للسوريين مطالب وحقوق سوى تلك التي تمنحهم إياها القيادة الحاكمة.
ثانياً - ليس صحيحاً القول إن الأسد رضخ لضغوط المتشددين الذين دفعوه الى استخدام الخيار العسكري - الأمني في التعامل مع المحتجين، وانه كان راغباً في الحوار والإصلاح. لقد تبين للجهات الإقليمية والدولية التي تعاملت مع الأسد أن الرئيس السوري يريد الحوار مع مؤيديه وليس مع المعارضين وانه يدعم الإصلاح الشكلي الذي يضمن بقاء النظام كما هو. لذلك عارض منذ البداية الحل السياسي الجدي للأزمة ورفض كل النصائح التي أسديت اليه لأنه خاف من المطالب الإصلاحية الجدية التي تغير، في حال تبنيها، طبيعة النظام وتركيبته وتوجهاته جذرياً وتفتح الباب أمام التداول السلمي للسلطة.
ثالثاً - أخطأت القيادة السورية إذ تصرفت على أساس أن الخيار العسكري - الأمني يحفظ وحده هيبة الدولة والسلطة وينهي التمرد الشعبي، إذ ان هذا الخيار أضعف السلطة والدولة وحول الإحتجاجات إنتفاضة شعبية واسعة، ودفع المحتجين الى المطالبة برحيل النظام وليس الإكتفاء بدعوته الى الإصلاح. وصارت القيادة السورية أسيرة الخيار العسكري - الأمني ولم تعد قادرة على التراجع عنه وقت يدفع التصعيد مزيداً من السوريين الى المشاركة في هذه المواجهة ويكثف الضغوط الدولية على نظام الأسد وتتزايد الدعوات الى رحيل الرئيس السوري.
رابعاً - أصاب المحتجون إذ اختاروا الطريق الصعب أي الإعتماد أولاً على أنفسهم وليس على الخارج والتحرك سلمياً في مواجهة الآلة الحربية الضخمة للنظام من أجل تنفيذ مطالب حيوية مشروعة يحلم بها السوريون منذ سنوات. وهذا الخيار السلمي زاد النقمة الداخلية والخارجية على النظام.
واستناداً الى ديبلوماسي أوروبي مطلع "تصرف الأسد على أساس انه المسؤول الأول عن حماية النظام وانه مستعد لأن يخسر العالم من أجل أن يستعيد سوريا من المحتجين ويبقيها تحت سيطرته. لكن الرئيس السوري سيخسر في النهاية بلده والعالم معاً. فمجلس الأمن لم يكتف في بيانه الرئاسي بإدانة ممارسات النظام بل انه قرر، للمرة الأولى، متابعة تطورات الأوضاع في سوريا من خلال الأمين العام للأمم المتحدة مما يفتح الباب أمام إجراءات أخرى يتّخذها المجلس. لقد نقل مسؤول أميركي عن الرئيس باراك أوباما قوله: "إن الأسد أتخذ كل القرارات والخطوات الخاطئة في التعامل مع المحتجين. وهذا صحيح. والمثل يقول: حين تقع في الحفرة، توقّف عن الحفر".
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,244,006

عدد الزوار: 6,941,910

المتواجدون الآن: 131