في معنى تعليق المبادرة العربية

تاريخ الإضافة الخميس 22 كانون الثاني 2009 - 7:07 ص    عدد الزيارات 770    التعليقات 0

        

عبدالله اسكندر
حسناً فعل الرئيس اللبناني ميشال سليمان باعتراض بلده على تعليق المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، خلال «قمة غزة» في الدوحة، حتى لو كان تعليل هذا الاعتراض بأسباب لبنانية داخلية تتعلق بالتوافق عليها في البيان الوزاري ونص الدستور اللبناني على رفض توطين الفلسطينيين الذين تنص المبادرة العربية على تطبيق القرارت الدولية في شأنهم، ومنها القرار 194 الذي يضمن حق عودتهم. وعندما اقدم الرئيس اللبناني على هذا القرار، رغم ما يمكن ان يؤدي إليه من تعقيدات لبنانية - لبنانية ورغم الملابسات التي رافقت حضوره «قمة غزة»، فإنه لم يظهر شجاعة سياسية فحسب، وإنما عبر ايضاً عن ضرورة استمرار الحماية السياسية لبلده، المكتوي بنيران الاعتداءات الاسرائيلية وبنيران استمرار النزاع المسلح مع الدولة العبرية.
صحيح ان المبادرة العربية الصادرة في بيروت العام 2000، لم تحم لبنان من العدوان الاسرائيلي في 2006. كما انها لم تحم سكان غزة، ومعها الضفة الغربية، من الممارسات الاسرائيلية القاتلة. وصحيح ايضاً ان المبادرة لم ينتج عنها حتى الآن أي تقدم سياسي عملي وملموس في الحل الذي تدعو إليه، ولا أي تغيير في الحياة اليومية للفلسطينيين. والصحيح ايضا ان البلدان العربية التي اجمعت على هذه المبادرة، خصوصاً تلك المعنية مباشرة بالنزاع، ظلت سياستها أسيرة المسار الواحد (المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية المباشرة والمفاوضات السورية - الاسرائيلية غير المباشرة والقرار الدولي 1701 المنظم للجبهة اللبنانية - الاسرائيلية)... في اي حال، لا تكمن الأهمية السياسية في المبادرة العربية في ما قدمته عمليا. وانما تكمن اساسا في كونها الاداة السياسية الوحيدة التي بلورها العرب للتعامل مع النزاع مع اسرائيل، في وقت يجمع العرب (سواء استنادا الى المبادرة او استناداً الى اعتبارات خاصة) على ان السلام خيار استراتيجي، حتى عندما يشكك بعضهم بجدوى العملية السلمية راهنا. وبذلك يستبعدون الخيار العسكري تماما كسبيل لحل النزاع.... في مقابل ذلك، ينبغي الأخذ في الاعتبار ان المبادرة اكسبت الديبلوماسية العربية دفعة قوية في الساحة الدولية حيث تميل الغلبة للمصلحة الاسرائيلية. ومنها اكتسب العرب حجّتهم في حل عادل ودائم يطالبون به منذ عقود. وبها اقنعوا دولا فاعلة في الغرب بضرورة البدء سريعا بمفاوضات جدية مع اسرائيل التي لا توفّر مناسبة للتهرب من هذا الاستحقاق. ومعها ازداد الانحياز الدولي، بما في ذلك لدى صانعي القرار في اوروبا والولايات المتحدة، الى ضرورة الحل الذي يجمع العرب على كونه سلميا وعبر التفاوض. وساهم تمسكهم بالإجماع على مكوناته بزيادة ثقل الدفاع عن مواقفهم. ومن دون مبادرة السلام العربية، وما بُذل من جهود في اطارها، لما استقطبت قضية الحل في الشرق الاوسط هذا الاهتمام الدولي الحالي، استنادا الى الاستعداد العربي للتسوية.... وبتعليق المبادرة لا يخسر العرب هذه الاداة الوحيدة في ديبلوماسيتهم المشتركة والمطلوبة فحسب، وإنما يسدّون على انفسهم وعلى غيرهم افق الحل السياسي، وسيدخلون في مرحلة من تعميق الهوة العربية - العربية، مع كل ما يعنيه ذلك من اضعاف وتشتت. وبذلك تتحول الرغبة في معاقبة اسرائيل على عدوانها الهمجي في قطاع غزة الى عقوبة للذات وتعرية لها.
اما اعتبار هدف تعليق المبادرة هو الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها في غزة، فهو في احسن الاحوال تبسيط لما يشهده القطاع من تعقيدات ومقدمات ادت الى العدوان، وجواب غير مناسب للظرف الراهن حيث أولوية الأولويات لوقف قتل الفلسطينيين واغاثة من يبقى حيا منهم، وضمان عدم تعرضهم لاحقاً لمثل هذا العدوان. وهذا ما حاولت الديبلوماسية العربية ان تفعله باستصدار القرار 1860 وما تحاول مصر، الوسيط الوحيد بين «حماس» واسرائيل، ان تفعله. وأي إغراق لهذا الجهد في الجدل النظري عن اطماع الصهيونية ومعنى السلام (بما فيه المبادرة العربية) او في المصالح الذاتية والحزبية، يساهم في اغراق سبل التوصل سريعا الى وقف للنار، وفي اغراق المركب العربي المثقوب.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,154,462

عدد الزوار: 6,757,576

المتواجدون الآن: 122