تركيا تعمل لإقامة نظام الأكثرية في سوريا ومنطقة حدودية عازلة... كما تقدم نفسها كزعيمة للشرق الأوسط

تاريخ الإضافة الخميس 23 حزيران 2011 - 8:26 ص    عدد الزيارات 454    التعليقات 0

        

غسان عبدالقادر::

أعلن اليوم وزير الخارجية السورية وليد المعلم عملياً أن العلاقات مع اوروبا غير مأسوف عليها بسب المواقف التي أتخذتها دول الاتحاد تجاه سوريا والعقوبات التي صبتها على اركان النظام. ولكن الملفت في حديث الوزير المعلم كان الإصرار السوري على "العلاقات الجيدة مع تركيا مع طلب اعادة النظر في سياستها" على الرغم من مواقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب ارودغان والتي لا تقل حدة عن تلك الغربية. وقد رأى الكثير من المحللين أن الرسالة الأساسية في كلام المعلم كان موجهاً بالدرجة الأولى للجارة الشمالية بعد المهلة الزمنية التي جاءت على شكل انذار مدته 7 أيام للرئيس بشار الأسد من أجل الشروع بإصلاحات بطريقة بفهم منها أنّ الغرب قد سلّم الملف السوري الى تركيا.

وفي هذا الإطار، كان لموقع 14 آذار لقاء خاص مع الدكتور محمد نورالدين، ابرز المتخصصين بالشؤون التركية في العالم العربي. ويشغل نورالدين منصب أستاذ التاريخ واللغة التركية في الجامعة اللبنانية، وهو مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في بيروت، وكاتب دوري في صحيفة السفير، وله العديد من المؤلفات التي تتمحور حول القضايا التركية المعاصرة.

الدكتور نورالدين بدأ حديثه باستعراض لتاريخ السياسة الخارجية التركية فقال "لا ريب أن التحوّل في الموقف التركي تجاه سوريا شكل مفاجأة للعديد من المراقبين والمتابعين والمحللين. فتركيا أعتمدت على سياسة العمق الإستراتيجي متوجهة نحو العالم العربي حيث شكلت سوريا جغرافياً بوابة العرب بالنسبة لتركيا، ورأى الكثيرون أن النجاح التركي الأبرز في هذا السياق كان على الساحة السورية بالتحديد. كما اعتدنا على السياسة التركية ان تكون على مسافة واحدة من الجميع، حتى داخل الدولة الواحدة، وهذا ما خبرناه في لبنان حين لعبت تركيا دور الوسيط بين قوى 8 آذار وقوى 14 آذار. لذا فقد كان التحوّل نحو اعتماد موقف يمكن ان يوصف بالسلبي تجاه سوريا مما يعني أنّ الأتراك يغامرون بعلاقاتهم مع السوريين دون ادنى شك وبهذا الانجاز المركزي في سياستهم الخارجية. وهنا اريد ان الفت نظركم إلى أن العلاقة مع سوريا لا تقتصر على دمشق بل هي تشمل شبكة من العلاقات الاستراتيجية على مستوى المنطقة التي تمتد من العراق إلى سوريا وصولاً الى لبنان وبالطبع ايران، وهذا يشكل الحزام الجنوبي الشرقي للجمهورية التركية والذي يشكل محوراً واحداً".

وعن بداية التغير في السياسة التركية أعتبر نورالدين "أن قيام الثورات العربية شكل حافزاً للاتراك للتخلي عن سياستهم السابقة بعدم التدخل؛ فرأينا كيف طلب اردوغان من الرئيس المصري مبارك الرحيل عن السلطة، كما شاهدنا مواقف اردوغان التي تدرجت بالنسبة للوضع في ليبيا من الوقوف الى جانب القذافي إلى المشاركة غير المباشرة في التدخل العسركي للناتو. وأخيراً، جاء دور سوريا حيث طالب قيادة النظام بالتغيير فضلاً عن احتضان المعارضة السورية في الداخل التركي. فانتقلت تركيا من سياسة التأثير من خلف الحدود عبر القوة الناعمة إلى التدخل المباشر في الشؤون الداخلية".

وإذ استبعد الدكتور نورالدين ان تعود العلاقات التركية السورية الى سابق عهدها مشدداً على ان الثمن الذي تتوقعه تركيا هو ثمن مرتفع للغاية، تابع قائلاً: "الآن ما زال الأتراك يتيحون بعض المجال للنظام في سوريا للاستجابة لطلباته كما ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أكدّ اليوم في مؤتمره الصحافي على حرصه على افضل العلاقات مع تركيا. ولكن في حال قرر الأتراك السير بالقطيعة مع دمشق بشكل صارم فإنه لا بدّ أن الأثمان التي عرضت عليه هي مجزية لأنها قد تخسر محوراً كاملاً على مستوى الشرق الأوسط".

وبالنسبة لهذه الأثمان، رجح نور الدين أن تكون "السياسة الخارجية التركية قد مالت اكثر الى العرب منذ مؤتمر دافوس والحرب على غزة، لتصل ذروة التوتر مع اسرائيل في الهجوم على اسطول الحرية والسفينة مرمرة. هذا الهجوم اعتبر رسالة غربية (أمريكية-أوروبية) لاردوغان أن تركيا لا يمكنها السير بسياسة عالية السقوف كتغطيتها للبرنامج النووي الايراني مع البرازيل على سبيل المثال من دون ان تكون منسجمة مع الاطار الموضوع من قبل الغرب. وقد حمل ذلك نواة مسار تراجعي من الموقف من اسرائيل حيث ادركت تركيا منذ ذلك الحين أن اي طموح لها في سبيل التمتع بدور في الشرق الأوسط ومحيطها في البلقان القوقاز لا بد لها ان تتبع سياسات تنسجم مع الغرب ومنها العلاقات مع اسرائيل. وهناك مؤشرات ومحطات عديدة تدل على هذا التحوّل منها اجتماع احمد داوود اوغلو مع بنيامين اليعاز في العام 2010، وارسال طائرات تركية لاخماد الحرائق في الجليل، واجتماع مبعوث اسرائيل ومدير الخارجية التركية في جنيف في مطلع كانون الأول 2010. وبعد انتهاء الانتخابات النيابية الأخيرة، كان هناك حدث له دلالاته الكبرى وهو عدم مشاركة سفينة مرمرة في اسطول الحرية نتيجة تمنّ من اوباما لاردوغان قبل عشرة ايام من الانتخابات بغية تفادي التوتر في العلاقة مع اسرائيل. لذا ارى انه لم يكن مفاجأة تماماً".

وعن أسباب هذا التحوّل، أشار إلى "أنّ احتضان تركيا للمعارضة السورية وعلى رأسهم الأخوان المسلمين جاءت بفعل القواسم المشتركة الفكرية بين جزء من حزب العدالة والتنمية من جهة وبين الحركات الإسلامية السنية في العالم العربي مثل الأخوان المسلمين في مصر وفي سوريا وفي تونس. وبالتالي هناك رهان تركي معيّن أعلن عنه اردوغان عند القاء خطابه من على شرفة حزب العادلة والتنمية عندما اهدى الانتصار لبيروت والقاهرة ورام الله ودمشق وسراجيفو وسكوبيا في مقدونيا، وهي رسالة للمنطقة والغرب ان تركيا باتت جاهزة لتكون زعيمة المنطقة ولتقود التحول والتغييرات فيها. وأنا أتوقع أن اي استبدال للنظام في سوريا وفق العرف المتبع في الدول العربية سيكون لصالح الأكثرية والتي هي في الحالة السورية تشير الى الطائفة السنية على اعتبارها اكثرية عددية. ووفق رؤيتي هذا هو التخطيط التركي المدعوم غربياً بالنسبة للوضع في سوريا".

ووفق العطيات المتوفرة، رجح نورالدين أن تقوم تركيا "بإنشاء منطقة عازلة في شمال سوريا في حال انتشار الفوضى وانفلات زمام الأمور بشكل شبه كامل لأن الهم التركي يكمن في عدم حصول فراغ أمني وبالتالي ستحاول ملء هذا الفراغ إذا ما حصل حيث يتلخص الخطر الكامن بأن يستفيد من ذلك حزب العمال الكردستاني. الشريط الديمغرافي الكردي داخل سوريا هو مصدر الخوف والقلق لدى الأتراك لأن الإحتمالات تشير إلى رغبة لدى حزب العمال للإفادة من أي حالة فوضى في الداخل السوري للتحرك نحو الأراضي التركية. وبموازاة ذلك، أستبعد تماماً ان تكون تركيا جزءاً من حملة عسكرية ضد سوريا برية أو جوية وإن كان ذلك ضمن قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي او حلف شمال الأطلسي. وهنا نريد ان نذكر أن تركيا رفضت ان تكون عامل احتلال في العراق، كذلك لن تكون طرف في احتلال سوريا بالقوة العسكرية خصوصاً أننا امام الذكرى المئوية للطلاق العربي التركي مع ثورة الشريف حسين".

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,798,167

عدد الزوار: 6,915,548

المتواجدون الآن: 86