لبنان.. بلد صغير يختزل الشرق الأوسط

تاريخ الإضافة الجمعة 24 حزيران 2011 - 7:19 ص    عدد الزيارات 522    التعليقات 0

        

لبنان.. بلد صغير يختزل الشرق الأوسط
كاتب أميركي يرى أنه لن يحصل على حريته كدولة حتى يحدث تغيير في كل من سوريا وإيران
لندن : أمير طاهري

 

هناك طريقتان لقراءة هذا الكتاب الغريب. الطريقة الأولى هي قراءته كقصة مثيرة يلقي فيها مراسل جريء بنفسه في طريق محفوف بالمخاطر بحثا عن «القصة الخفية» لبعض من أكثر الجماعات خطورة في العالم. أما الثانية، فهي قراءتها كوصف ثاقب لوضع لبنان المحزن، وسياساته المثالية في الوقت نفسه.

مايكل توتين هو مراسل أميركي مستقل ومحلل سياسي قام بتغطية أحداث وقعت في القوقاز والبلقان والشرق الأوسط. ويبدو أنه اختار لبنان ليكون موضوع كتابه الجديد، لأن هذه الدولة الصغيرة والضعيفة تعكس جميع مواطن الخلل في سياسات الشرق الأوسط.

على أحد المستويات، يصف توتين لبنان كجزء من الجمهورية الإسلامية، ومركز متقدم في حرب إيران غير المباشرة ضد إسرائيل. وعلى مستوى آخر، يتعدى لبنان الذي يصفه توتين في الكتاب كونه مجرد حجر شطرنج في هذه اللعبة الخطيرة التي تلعبها القوى الإقليمية الكبرى سعيا لتحقيق مصالحها المتضاربة في الأغلب. كما يعرض صورا لجميع الشخصيات السياسية اللبنانية البارزة. ومن المدهش أن معظمهم وافق على قضاء وقت طويل معه، وفي بعض الأحيان فتحوا قلوبهم له كأنه صديق قديم. لقد راقت لي على وجه الخصوص الصورة التي رسمها لوليد جنبلاط، قائد الدروز، وسمير جعجع، قائد الميليشيات المسيحية السابق.

يظهر جنبلاط كرجل محبط ومتعب مستعد للتخلي عن منصبه، إذا ما استطاع ذلك، والتقاعد في قصره الجبلي والتفرغ لقراءة كتب المؤلفين اليساريين المنبوذين. ويخبر توتين بأن السوريين مسؤولون عن اغتيال والده كمال جنبلاط، وأن حزب الله كان قادرا على قتله بناء على أوامر من طهران.

ويقول جنبلاط لتوتين «يجب وقف الرحلات الجوية الإيرانية إلى بيروت، لأنها من الممكن أن تجلب أسلحة وأموالا لحزب الله»، كما يتحدث جنبلاط بإصرار قائلا «يجب طرد السفير الإيراني». وقد نبذ جنبلاط الادعاءات «الاشتراكية» له ولحزبه، وقال «جنبلاط الاشتراكي مات منذ وقت طويل مضى. مات بموت والدي. كان يحلم أن تغير الأحزاب اليسارية لبنان. كان هدف والدي هو تغيير لبنان. وهذا أيضا أحد أسباب قتله. فقد كان ينظر إليه العالم العربي على أنه يدعم الشيوعيين». بعبارة أخرى، كان اغتيال كمال جنبلاط جزءا من خطة حافظ الأسد الشاملة للتخلص من الأحزاب اليسارية وزعمائها في كل من سوريا ولبنان.

ويعتبر توتين أن الطريقة التي أهان بها الطاغية السوري بشار الأسد جنبلاط قاسية ومؤثرة. كتب توتين «كان وليد جنبلاط على وشك الذهاب إلى دمشق والاعتذار عن معارضته للنظام الذي قتل والده، وصديقه رفيق الحريري، والكثير من أصدقائه. وقد أسهم الأسد في جعل المحنة مخزية للغاية وأجبر جنبلاط على التوسل لطلب (الامتياز) هذا».

وازدادت الأمور سوءا عندما أعلن حسن نصر الله على الملأ أنه طلب من دمشق أن توجه لكمة لجنبلاط. وقد ترك توتين جنبلاط ولديه انطباع بأن «أمير الحرب في قلعته يعد رجاله ببطء، لكن بإصرار في الوقت نفسه، لاستسلام آخر»، لحزب الله هذه المرة.

أما جعجع فهو يساند فريق اليمين من الطيف السياسي بلا حياء، كما أنه لا يخفي أي أوهام عن تغيير لبنان. لكنه، على عكس جنبلاط، ليس مستعدا للاستسلام لأي شخص من دون قتال.

ويصور توتين جعجع كراهب محارب. فقد استغل جعجع السنوات التي قضاها في السجن بعد اتهامه بالقتل لدراسة المسيحية، ديانته عند الميلاد، بتعمق. ويدعي أن هذا علمه أن يضيف «بعدا روحانيا» إلى الحياة التي يسودها القتال حتى الآن. ويصور توتين اللواء السابق ميشال عون، الذي ترأس أكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني، كمهرج أناني مهووس برغبته في أن يصبح رئيسا للبنان.

يظهر هذا الكتاب في بعض الأحيان كإعلان عن حب لبنان. فمن الواضح أن توتين مفتون بالثقافة اللبنانية بكل تنوعاتها الغنية.

بوابة فاطمة هو اسم لقرية تقع على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وكانت نقطة الوميض في الحرب الصغيرة عام 2006 والتي كبدت حزب الله خسائر فادحة ولم تحقق لإسرائيل انتصارا كاملا. ويوضح توتين أن فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني هو الذي خطط لهذه الحرب وأدارها، واستخدم حزب الله اللبناني كتغطية محلية له. كما يصور توتين طموح طهران في إنشاء إمبراطورية باسم الإسلام، بقوله «في ربيع عام 2010، افتخر آية الله محمد باقر خرازي، رئيس حزب الله الإيراني، بأن طهران ستكون عاصمة (إيران عظمى) جديدة في القريب العاجل، وأطلق عليها اسم الولايات المتحدة الإسلامية. هذه الإمبراطورية الجديدة ستمتد من أفغانستان حتى البحر المتوسط وسيستلزم هذا تدمير إسرائيل».

ووفقا لما ذكره توتين، فإن لبنان لن تحصل على حريتها كدولة حتى يحدث تغيير في نظام كل من سوريا وإيران. لذا، يرفض توتين التفاؤل «على المدى القصير»، لكنه يبدو متفائلا باحتمال تحسن الوضع على المديين المتوسط والطويل. ويقول «الأنظمة الديكتاتورية دائما ما تدمر نفسها بنفسها وتزول بسرعة». لذا فمن المؤكد أنه سينتهي كل من نظام الخميني وحكم أسرة الأسد في دمشق.

وعلى الرغم من أنه قد تم تأليف كتاب الطريق إلى بوابة فاطمة أوائل هذا العام، فإنه نشر مع بداية الثورة الشعبية الحالية ضد استبداد الأسد في سوريا. لهذا، من الممكن أن يبدو اعتراض توتين على «النزعة التشاؤمية على المدى القصير» نوعا من العجلة. فلا يعلم أحد كيف ستنتهي الثورة الحالية في سوريا، أو إلى أين ستؤدي هذه الثورة بهذه الدولة المهمة. لكن يبقى شيء واحد مؤكد، هو أن أسرة الأسد قد فقدت قدرا كبيرا من سلطاتها التي تكفل لها إملاء أوامرها على لبنان في ما يتعلق بالسياسات التي يجب أن يتبعها.

يربط توتين «السلام الحقيقي» في دول شرق البحر المتوسط بتغيير النظام في كل من سوريا وإيران.. وكتب «سيكون هناك سلام حقيقي.. عندما يستولي مواطنو إيران على مقاليد السلطة، وعندما يفقد الأسد سيطرته على سوريا، وعندما يكون لبنان الملاذ الأخير لجميع أبنائه».

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,157,361

عدد الزوار: 6,937,345

المتواجدون الآن: 102