أنهار من الدماء في ربيع الغضب العربي

تاريخ الإضافة الثلاثاء 7 حزيران 2011 - 6:27 ص    عدد الزيارات 463    التعليقات 0

        

أنهار من الدماء في ربيع الغضب العربي
الإثنين, 06 يونيو 2011
فوزي زيدان *

ويتعامل هؤلاء الحكام مع شعوبهم بطريقة فوقية، ناتجة من قناعتهم بغياب الوعي الوطني لديها وخلوّها من القيادات المخلصة، وبأنهم وحدهم المؤهلون لقيادتها إلى بر الأمان. ويتباهون بأن تمسكهم بالسلطة، وتمديد ولاياتهم بمثابة «غرم وليس غنماً» سببه خوفهم من تعريض بلادهم إلى الانقسام وعدم الاستقرار في حال تنحوا. أما حقيقة الأمر فهي غير ذلك، إذ تعود إلى استماتتهم في البقاء في السلطة لما تدر عليهم من مكاسب معنوية ومادية.

ويرفض هؤلاء الحكام تداول السلطة إلا إذا عادت إلى أحد أبنائهم، فالدول في مفهومهم ملكيات خاصة، يرسمون سياساتها ويشرفون على إداراتها ويتصرفون بأموالها وفق أمزجتهم ومصالحهم. والأمثلة على ذلك كثيرة، منها توريث الحكم في سورية بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد الذي حكمها ثلاثة عقود إلى نجله بشار الذي دخل حكمه السنة الحادية عشرة، ومحاولة الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي تربع على كرسي الحكم ثلاثة عقود توريث الحكم إلى نجله جمال ما أدى إلى قيام «ثورة 25 يناير» التي أطاحت به، كما أدت محاولة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي يحكم اليمن منذ ثلاث وثلاثين سنة توريث السلطة إلى نجله أحمد إلى قيام الانتفاضة الذي يشهدها اليمن منذ أشهر. ومن أهم أسباب الثورة اللــيبية إثارة حفيظة الليبيين من محاولة العقـيد معمر القذافي، الذي يحكم منذ إثنين وأربعين عاماً، توريث الحكم إلى نجله سيف الإسلام، حتى يضمن بقاء السلطة في عائلته.

ولا تزال أنهار الدماء الطاهرة تسيل بغزارة في ربيع الغضب الذي يجتاح العالم العربي ضد الأنظمة الشمولية والحكام المستبدين الذين يستخدمون كل الوسائل القمعية من أجل البقاء في الحكم، فالرئيس التونسي المخلوع زين العـــابدين بن علي لم يهرب من تونس إلا بعدما قتــل حوالى مئتين من مواطنيه الذين انتفـــضوا ضـــــده في «ثورة الياسمين» السلمية، ومبارك ترك وراءه أكثر من ثمانمئة قتيل قبل أن يجبره الشعب على التنحي عن الحكم، وعلي صالح متشبث بالحكم ولا يرف له جفن من قتل المئات من شعبه المطالب برحيله، ووصل به الأمر إلى التهديد بالحرب الأهلية وتدمير اليمن في سبيل بقائه في السلطة، والأسد يستخدم الوسائل القمعية نفسها ضد شعبه المطالب بالديموقراطية والحرية، وتواصل قواته الأمنية قتل المحتجين السلميين بالرصاص الحي ودكّ المدن والبلدات السورية المنتفضة بالمدفعية الثقيلة بذريعة القضاء على المندسين والإرهابيين، وكأن الأطفال الذين قتلتهم قواته ومثلت بهم، أحياء وأمواتاً، سلفيون وإرهابيون.

وتخطى القذافي في إجرامه كل هؤلاء الحكام، باستخدامه الأسلحة الثقيلة في تدمير المدن الليبية وقتل الآلاف من مواطنيه المطالبين بالحرية والكرامة. وما يثير الدهشة والاستهجان اعتراف هؤلاء الحكام، ولكن بعد اندلاع الثورات، بشرعية المطالب الشعبية وأحقيتها وعزمهم على إجراء إصلاحات سياسية تساعد في انتقال بلادهم إلى الديموقراطية، ويكمن الهدف وراء ذلك إخماد الانتفاضات وعودة الأمان إلى نفوسهم المضطربة، ولكن فاتهم أن شـعوبهم لم تعد تثق بهم.

وأسقطت الثورات العربية مقولة هؤلاء الحكام بأن بقاءهم في السلطة واستخدامهم القبضة الحديدية يؤمنان الاستقرار والرخاء لبلادهم ويبعدها عن التشرذم والتفتيت، كونها تتكون من أعراق وطوائف ومذاهب مختلفة. بينما تشير الأحداث إلى أن وجودهم في السلطة هو السبب الرئيس للاضطرابات والانتفاضات، وأن الحفاظ على الوحدة الوطنية والاستقرار الأمني يتأمن بإقامة أنظمة ديموقراطية تعددية سليمة منبثقة من انتخابات حرة نزيهة، تكفل وحدة البلاد وازدهارها، وتؤمّن الكرامة والحرية والعدالة لكل المواطنين.

* كاتب مصري

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,764,798

عدد الزوار: 6,913,798

المتواجدون الآن: 109