الخطة الدولية: إنهاء دولة "حماس" المسلحة

تاريخ الإضافة السبت 10 كانون الثاني 2009 - 4:33 م    عدد الزيارات 760    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبو النصر 

"تم التفاهم بين الدول الاجنبية والعربية البارزة والمؤثرة على خطة عمل سيجري تطبيقها تدريجا لاحتواء الحرب الاسرائيلية المدمرة على قطاع غزة وللخروج من المأزق البالغ الخطورة الذي يواجهه الفلسطينيون. وتتضمن الخطة العناصر الاساسية الآتية:
أولا، ضرورة انهاء دولة "حماس" المسلحة المستقلة في غزة ودفع هذه الحركة الفلسطينية للعودة الى الشرعية الفلسطينية التي تمثلها السلطة الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس، بعدما فشلت "حماس" في ادارة الصراع مع اسرائيل والحقت بممارساتها الخاطئة اضرارا وخسائر هائلة بالشعب الفلسطيني وبقضيته وتحالفت مع المحور السوري – الايراني ضد غالبية الدول العربية والمجتمع الدولي واعطت ذرائع للاسرائيليين لخوض اكثر الحروب شراسة ضد غزة واهلها.
ثانياً، ضرورة قيام المجتمع الدولي عبر مجلس الامن بتبني صيغة جديدة لوقف اطلاق النار والعمليات العسكرية المختلفة بين اسرائيل و"حماس" وحلفائها بصورة دائمة ومستمرة تقوم على ضمانات دولية واقليمية، وعلى ايجاد آلية دولية ملائمة لتحقيق ذلك يمكن ان تشمل نشر قوة دولية او مراقبين دوليين على طول الحدود بين الدولة العبرية وغزة، وترتيبات امنية اخرى واتخاذ اجراءات فاعلة لمنع تهريب الاسلحة الى القطاع، ولحماية الفلسطينيين من اي اعتداءات اسرائيلية.
ثالثاً، ان اي مخرج للحرب الحالية يجب ان يشكل الخطوة الاولى نحو اطلاق عملية سلام جديدة بين الفلسطينيين والاسرائيليين بقيادة ادارة الرئيس باراك اوباما وبمشاركة دول معنية اخرى ومساعدتها بحيث يكون الشريك الفلسطيني فيها هو السلطة الوطنية بقيادة محمود عباس الذي يمثل جميع الفلسطينيين. وضمن هذا الاطار يجب دعم جهود مصر لتحقيق المصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية بما يؤدي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تحترم الاتفاقات الموقعة وتطبقها وتقبل متطلبات المجتمع الدولي، ويهدف برنامجها السياسي الى حل النزاع سليما مع اسرائيل".
هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية وعربية وثيقة الاطلاع في باريس. واوضحت ان هذه الحرب الاسرائيلية ضد غزة هي جزء اساسي من المعركة الدولية مع المحور السوري – الايراني وتشكل بديلا مؤقتا من الحرب التي كان الاسرائيليون ينوون شنها ضد ايران قبل نهاية عهد ادارة الرئيس جورج بوش لمنعها من انتاج السلاح النووي. واكدت المصادر ذاتها ان حرب غزة ترمي الى تحقيق الاهداف الاساسية الآتية:
أولا، تسديد ضربة قاسية الى المحور السوري – الايراني في جبهة اساسية له هي الجبهة الفلسطينية، واظهار عجز هذا المحور عن مساعدة حليفته "حماس"، وكذلك عن تأمين الحماية العربية والدولية لها بعدما شجعها على تنفيذ الانقلاب وتسلم الحكم في غزة في حزيران 2007 تمهيدا لاسقاط السلطة الفلسطينية والامساك بالقرار الفلسطيني بدعم من السوريين والايرانيين.
ووفقا لمعلومات المصادر الاوروبية المطلعة، فان نظام الرئيس بشار الاسد، وبالتفاهم مع القيادة الايرانية، اراد من خلال تشجيعه "حماس" على التخلي عن التهدئة وتصعيد المواجهة العسكرية مع اسرائيل تفجير ازمة اقليمية محدودة ومؤثرة لدفع الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما الى اعطاء اولوية للتفاوض والحوار مع المسؤولين السوريين والايرانيين حول مجموعة من القضايا الاقليمية والثنائية. لكن اسرائيل احبطت توجه الاسد هذا وشنت حربا جوية وبرية وبحرية مدمرة لـ"حماس" و"دولتها" في غزة ومحرجة اشد الاحراج لدمشق وطهران.
وبدا واضحا ان السوريين ليسوا راغبين في فتح جبهة الجولان امام العمليات العسكرية لمساعدة "حماس"، وان الايرانيين ليسوا راغبين في ارسال مقاتلين الى غزة للوقوف الى جانب حليفهم.
ثانياً، هدف هذه العملية ليس انهاء حكم "حماس" في غزة بالقوة المسلحة وبقرار اسرائيلي لان ذلك ليس قابلا للتحقيق، بل ان الهدف هو التمهيد لانهاء حكمها بقرار فلسطيني شعبي وسياسي عبر الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستجري في مرحلة لاحقة. وما تريد اسرائيل تحقيقه فعلا هو اظهار فشل "حماس" في ادارة الصراع معها من خلال تدمير مقومات دولتها وركائزها في غزة كما فعلت ضد "دولة" ياسر عرفات في لبنان خلال غزوها هذا البلد عام 1982، كما تريد اظهار عجز "حماس" عن تحقيق اي مكاسب سياسية او عسكرية او معيشية للفلسطينيين.
ووفقا لما قاله لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع: "في الوقت الذي يلقى محمود عباس دعما عربيا ودوليا واسع النطاق له ولسياساته ولسعيه الى حل النزاع سلميا، فان "حماس" تجد نفسها في عزلة حقيقية عربيا ودوليا نتيجة ممارساتها الخاطئة التي جعلت ابناء غزة يواجهون معاناة ليس لها سابق".

"القوة المفرطة" وتحذير "حزب الله"

ثالثاً، ارادت اسرائيل من خلال عملية غزة ان توجه رسالة الى مختلف الدول والاطراف مفادها انها استطاعت في العامين الماضيين تصحيح الاخطاء التي ارتكبتها خلال حربها مع "حزب الله" صيف 2006، وان عملية غزة تشكل تعويضا لعملية لبنان هذه، وان الدولة العبرية ليست "نمراً من ورق" بل استعادت قدرتها على ردع اعدائها وخصومها ومواجهتهم بكثير من الفاعلية الحربية، وانها اصبحت جاهزة مجددا لاستخدام "القوة المفرطة" ضد الذين يريدون مقاتلتها.
ووفقا لما قاله ديبلوماسي اوروبي مطلع: "ان قوة الردع والترهيب هذه ناتجة ليس فقط من قدرات اسرائيل الحربية والتكنولوجية والقتالية، ومن امكاناتها المتطورة والمتفوقة على سائر الدول العربية، بل ناتجة ايضا من تفهم الكثير من الدول الكبرى والبارزة والمؤثرة لاهداف عملية غزة وابعادها. وهذا في ذاته يشكل رسالة تحذير قوية الى المسؤولين السوريين والايرانيين الداعمين لـ"حماس" والذين دفعوها الى الابتعاد عن محور الدول المعتدلة الذي تمثله مصر والسعودية والاردن والغالبية من الدول العربية".
رابعاً، احد اهداف هذه العملية الحربية ايضا توجيه رسالة تحذير حازمة الى "حزب الله" ومن يدعمه مفادها ان حرب صيف 2006 لن تكون آخر الحروب، وان ما يحدث في غزة يمكن ان يتكرر في لبنان في حال قرر الحزب تفجير المواجهة مع الدولة العبرية انطلاقا من الاراضي اللبنانية.
ووفقا للمصادر الاوروبية المطلعة، فان المسؤولين الاسرائيليين حرصوا على ان يبلغوا رسالة التحذير هذه الى جهات دولية لكي يتم نقلها الى المعنيين بالامر في بيروت ودمشق وطهران. وهذا ما يجعل "حزب الله" يميل الى الحذر الشديد ويمتنع حتى الآن عن تقديم دعم عسكري الى "حماس" عبر تسخين جبهة القتال فعلا مع اسرائيل لان المناطق اللبنانية، وخصوصا تلك الخاضعة لنفوذ الحزب، ستتعرض حينذاك لعمليات تدمير هائلة في وقت لم يتمكن اللبنانيون حتى الآن من اعادة بناء واصلاح كل ما خلفته حرب 2006 من دمار وخراب.
خامساً، عملية غزة تهدف كذلك الى توجيه رسالة الى دمشق مفادها ان اسرائيل ليست مهتمة بمصير مفاوضات السلام مع نظام الاسد اذا كانت هذه المفاوضات ستعزز مواقع حلفاء سوريا، بل انها مصممة فعلا على استخدام مختلف الوسائل لتفكيك التحالف المتشدد الذي يضم سوريا وايران و"حزب الله" و"حماس" من خلال اضعاف قدراته تدريجا.
واستنادا الى ديبلوماسي اوروبي مطلع "ان عملية غزة يجب ان تجعل نظام الاسد يقتنع تماما بانه ليس ممكنا تحقيق السلام مع اسرائيل ما لم يوافق السوريون على انهاء تحالفهم مع ايران المتشددة وعلى وقف كل انواع الدعم لـ"حماس" و"حزب الله"!

تنسيق مع فريق أوباما

سادساً، عملية غزة هذه متفق عليها مسبقا، من حيث اهدافها الاساسية، مع ادارة بوش وايضا مع فريق الرئيس الجديد اوباما، مما يجعلها جزءا من الاستراتيجية التي ستعتمدها الادارة الاميركية الجديدة، بعد تسلمها مهماتها في 20 كانون الثاني الجاري، والتي ستتعاطى على اساسها مع ملف النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي ومع المحور السوري – الايراني.
ووفقا للمصادر الاوروبية المطلعة فان احد المسؤولين الاسرائيليين الكبار ابلغ الى باراك اوباما، خلال الزيارة التي قام بها الى اسرائيل في تموز الماضي، وجود خطط لخوض حرب حقيقية ضد دولة "حماس" المسلحة في غزة على اساس ان هذه الحركة الفلسطينية ليست راغبة في التوصل الى اي نوع من التفاهمات السلمية مع الدولة العبرية، بل ستستغل اي تهدئة او هدنة امنية من اجل الاستعداد عسكريا لمواصلة القتال ضد الاسرائيليين. وهذا ما دفع اوباما آنذاك الى عقد مؤتمر صحافي في بلدة سديروت التي تتعرض للقصف انطلاقا من غزة والى التأكيد صراحة انه "اذا كان احدهم يقصف منزلي بالقذائف والصواريخ فانني سافعل كل شيء ممكن لوقف اعمال القصف هذه. واتوقع ان يفعل الاسرائيليون الشيء ذاته". وبعد بدء عملية غزة اكد احد مستشاري اوباما لجهات اوروبية ان الرئيس الجديد "يتفهم تماما" دوافع اسرائيل وحرصها على الدفاع عن امنها وابنائها وحماية اراضيها من عمليات القصف، وان يكن ليس راغبا في الاعلان عن ذلك صراحة لانه لم يتسلم مهماته بعد.
سابعاً، عملية غزة هذه تمهد بصورة غير معلنة لعملية سياسية – ديبلوماسية ستقوم بها ادارة اوباما لاضعاف المحور السوري – الايراني المتشدد وتفكيكه، والمستند لبنانيا الى "حزب الله" وفلسطينيا الى "حماس" واقليميا الى قوى وتنظيمات، بينها تنظيم "القاعدة"، تستخدم العنف والسلاح والترهيب لمحاولة تحقيق اهدافها. ومن اجل تحقيق هذا الهدف تنوي ادارة اوباما اجراء مفاوضات منفصلة مع كل من ايران وسوريا، وليس بالضرورة في وقت واحد، لابعاد احد البلدين عن الآخر ولمحاولة  التوصل مع كل منهما الى تفاهمات وفقا للشروط الاميركية والدولية وليس وفقا للشروط السورية والايرانية، وبما يؤدي الى وقف خطط الجمهورية الاسلامية لانتاج السلاح النووي، والى وضع حد لطموحاتها التوسعية الاقليمية، وبما يؤدي ايضا الى دفع نظام الاسد الى تنفيذ المطالب الدولية المدعومة عربيا والمتعلقة بلبنان وفلسطين والعراق والمنطقة عموما، واذا فشلت هذه العملية السياسية – الديبلوماسية فستلجأ ادارة اوباما حينذاك، بالتعاون مع عدد من حلفائها، الى استخدام العقوبات الاميركية والدولية والاجراءات القسرية وربما الخيار العسكري لدفع النظامين السوري والايراني الى وضع حد لخططهما المختلفة المزعزعة لامن المنطقة واستقرارها، والهددة لمصالح دولها ولمصالح الكثير من دول العالم وفي مقدمها الولايات المتحدة.
ويبدو واضحا من معلومات هذه المصادر الاوروبية ان حرب غزة تشكل المرحلة الاولى في "عملية متدحرجة" تهدف الى ايجاد امر واقع جديد ليس فقط في الساحة الفلسطينية بل ايضا في منطقة الشرق الاوسط.
وضمن هذا الاطار كشفت لنا المصادر الاوروبية المطلعة ان مسؤولا عربيا كبيرا اكد لزعيم اوروبي "ان ما قامت وتقوم به "حماس" ليس مقاومة وطنية حقيقية بل مجرد عمليات انتحارية تجلب المزيد من المآسي للشعب الفلسطيني وتلحق اضرارا كبيرة بقضيته. فالمقاومة الوطنية الحقيقية تستند الى قاعدة شعبية موحدة بينما عملت "حماس" على تقسيم الفلسطينيين وتمزيق وحدتهم واضعافهم بقوة السلاح والعنف والتسلط. والمقاومة الوطنية الصحيحة تأخذ في الحساب موازين القوى المختلفة في تعاملها مع العدو لكي تتمكن من تحقيق الانجازات والمكاسب للفلسطينيين، لكن "حماس" تجاهلت كليا موازين القوى العسكرية والسياسية والديبلوماسية وخدعت الفلسطينيين لانها اعطتهم الانطباع بانها قادرة على تحقيق الانتصارات غير المتكافئة مع اسرائيل، فجرتهم من معاناة شديدة الى معاناة اشد".
واضاف هذا المسؤول العربي الكبير: "ان المحور السوري – الايراني يريد من الدول العربية ان تتخلى عن مبادرة السلام وعن خيار السلام في التعامل مع اسرائيل، وان ترضخ لاستراتيجية "حماس" وحلفائها وتؤمن الدعم والتغطية لها وان تضحي بالتالي بمصالحها الحيوية من اجل ارضاء هذا المحور، في الوقت الذي يرفض نظام الاسد اعتماد خيار المقاومة المسلحة لاستعادة الجولان المحتل، كما يرفض اي نوع من انواع المواجهة العسكرية مع اسرائيل من اجل دعم "حماس"، وفي الوقت الذي تكتفي ايران بدفع الاموال واطلاق التهديدات الكلامية وتمتنع عن القيام بأي مجازفة عسكرية في التعامل مع اسرائيل. وغزة تدفع فعلا ثمن هذه الاخطاء الفادحة التي ارتكبتها "حماس" بدعم وتغطية من النظامين السوري والايراني".    

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,149,161

عدد الزوار: 6,757,186

المتواجدون الآن: 124