تحضير لمشروع قرار »١٧٠١ فلسطيني« بعد »إنجاز« إسرائيلي ميداني؟

تاريخ الإضافة الأحد 4 كانون الثاني 2009 - 2:40 م    عدد الزيارات 744    التعليقات 0

        

خضر طالب

بغض النظر عن كل المواقف المعلنة »تضامناً مع غزّة«، ثمة نقاش يحتدم خلف كثافة الخطب والبيانات التي تنهال يومياً، ويكشف حقيقة الانقسام الحاصل في الشارع اللبناني، ترجمة للانقسام العربي بين محورين يتصارعان في مختلف الساحات المفتوحة أمام تلك المواجهة المستمرة منذ نحو أربع سنوات، والتي كان أحد أبرز مفاتيحها القرار ،١٥٥٩ الذي كان رئيس الحكومة آنذاك عمر كرامي قد تنبأ بأن يؤدي إلى انقسام بين اللبنانيين، فإذا بذلك القرار »يشقّ« لبنان بالوكالة عن الانشقاق بين المحورين: »محور الاعتدال« و»محور المواجهة«.
في النقاش الدائر ما يقوم على قاعدة »وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة«، ومنه ما يصل إلى حدود الخلاف حول ما إذا كانت حركة المقاومة الإسلامية ـ »حماس« حركة مقاومة فلسطينية تقوم بالدفاع عن فلسطين، أو إذا كانت »جماعة مسلحة« فرضت نفسها بقوة السلاح و»تسرق« القرار الفلسطيني و»تأخذ« الفلسطينيين إلى الانتحار...
وما بعد ذلك النقاش الساخن بحثٌ في نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته، ليس فلسطينياً فقط، وإنما في كل المنطقة العربية، بما فيه من إقرار ضمني أن تلك المواجهة الدائرة على أرض قطاع غزة إنما هي مواجهة بالوكالة عن المشروعين.
في بعض الشعارات المرفوعة لبنانياً، ما يسأل عن صواريخ »حزب الله« وغيابها عن تلك المواجهة لمؤازرة غزة ضد العدوان الاسرائيلي، سرعان ما تتلقف قيادات إسلامية حليفة لـ»حزب الله« تلك الشعارات وتبلغ بعض حامليها جواباً »واثقاً« من حقيقته: »هاتوا لنا الفتوى السياسية والشرعية من المراجع التي تستطيع إصدارها، ونحن نضمن لكم أن صواريخ »حزب الله« ستكون في المواجهة«.
ووسط ذلك الجدل الذي يعبر عن استمرار حالة الانقسام اللبناني بين المعسكرين، من دون حصول تغيير جدي في مواقف الأطراف السياسية، بدأ استشراف ما بعد غزة وفقاً لاحتمالات النتائج المحمولة على أمنيات أنصار المعسكرين.
ويذهب المراهنون على هزيمة »حماس« إلى الجزم بأن المسار الذي بدأ في ٢٠٠٥ سيتواصل، وأن التوازن الذي اختل بسبب ٧ أيار لن يستمر على حاله بعد غزة. وفي اعتقاد أصحاب هذا الرأي أن هزيمة »حماس« هي ضربة لكل المشروع الذي تمثّله أو تقاتل باسمه، أي سوريا وإيران و»حزب الله«، وأن إنهاء سيطرتها على قطاع غزة إنما يستعيد الشرعية الفلسطينية إلى هذا القطاع، ويوحّد القرار الفلسطيني عشية الشروع في مفاوضات جدية حول قيام الدولة الفلسطينية، في حين أن استمرار الانقسام الفلسطيني على حاله يعني ضياع فرصة قيام الدولة الفلسطينية.
أما لبنانياً فسيحصل تكريس للوضع اللبناني الذي نشأ بعد الانسحاب السوري، وستكون الانتخابات النيابية مفصلية في استئناف المسيرة التي انطلقت بعد هذا الانسحاب.
ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن هناك وهماً كبيراً بحصول تغيير في المنطقة لصالح المحور السوري ـ الإيراني، في حين أن كل التطورات تؤكد أن الأمور على حالها وأن الالتزام العربي والدولي بلبنان ما يزال قائماً ولم يتغير.
في المقابل، يعتقد القائلون بهزيمة المشروع الإسرائيلي أن »حماس« ستصمد، وأن صمودها انتصار أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية، وأن تجربة لبنان ستتكرر في غزة، وبالتالي فإن كل المشروع الذي تحمله طائرات العدوان على غزة سيسقط أيضاً، وستكون هناك »لجنة فينوغراد« جديدة.
وفي مضمون هذا الرأي ما مفاده أن صمود »حماس« سيكون زلزالاً كبيراً في المنطقة ربما تفوق قوته بدرجات الزلزال الذي نتج عن الإنجاز الذي حققه »حزب الله« في عدوان تموز على لبنان، وأن ارتداداته ستستمر طويلاً في كل المنطقة، وستكون تداعياته تاريخية وكبيرة جداً، ومن بين أبرزها انتصار مشروع المواجهة وسقوط محور الاعتدال، مع ما يعني ذلك من انعكاسات مباشرة على التوازنات اللبنانية التي قامت على أساس هذا الاصطفاف الإقليمي ـ الدولي.
وفي اعتقاد أصحاب هذا الرأي أن حركة »حماس« بدأت تربح بالسياسة قبل أن تربح عسكرياً، في حين أن »حزب الله« لم يربح في السياسة بمستوى حجم انتصاره العسكري، إلا أنه ستكون هناك نتائج ملموسة داخلياً وإقليمياً تماماً كما كانت نتائج فشل عدوان تموز.
خارج الرهانين ثمة كلام متداول في بعض الأوساط الأوروبية عن سيناريوهات معدة سلفاً للتعامل مع قطاع غزة، وهي سيناريوهات تراعي الاحتمالات التي ستنتج عن العدوان الإسرائيلي الراهن، والذي لا يملك مقومات الاستمرار لوقت طويل على غرار ما حصل في عدوان تموز ٢٠٠٦ على لبنان لاعتبارات عديدة.
وتتحدث بعض تلك السيناريوهات عن التحضير منذ الآن لقرار »١٧٠١ فلسطيني« سيكون مضمونه عملياً مشابهاً لما تضمنه القرار بشأن لبنان، خصوصاً لجهة المراقبة الدولية للبحر والجو والبرّ، وتحديداً خط الحدود مع مصر، والذي يتضمن معبر رفح والأنفاق »غير الشرعية« لمنع تهريب السلاح إلى حركة »حماس«، فضلاً عن وضع المعابر الأخرى تحت مظلة السلطة الفلسطينية، التي ربما تعلن قريباً عن خطة »النقاط السبع«، أو ما يشبهها، لتشكل أرضية لمثل هذا القرار، الذي ما زال يحتاج إلى إنجاز إسرائيلي عسكري ميداني يدفع حركة »حماس« إلى الرضوخ والقبول به، بعد أن تبين أن إمكانية القضاء عليها غير متوافرة.
الشبه كبير بين العدوان على لبنان والعدوان الحالي على غزة، وكذلك التداعيات والصياغات والاصطفافات، وربما إلى حد التطابق في بعض المفاصل، وهو ما يزيد من حدة النقاش اللبناني المعلن منه، أو ذلك الذي يجري بالهمس خجلاً من مزاج عام لا يستطيع إلا أن يكون في خندق المواجهة ضد إسرائيل.
لكن الأسئلة التي يبدو أنها ستتصدر ما بعد غزة، قد بدأت تُناقش منذ اللحظة إقراراً بفشل العدوان وبما ستحققه »حماس« قبل أن يتحقق: انتصار؟ كيف؟ بأي ثمن؟ ألم يكن الأجدى أن يحصل فك الحصار المستمر على غزة بالمفاوضات؟ أليست »حماس« هي التي خرجت على السلطة الشرعية الفلسطينية؟ أليست »حماس« هي التي صادرت قرار الحرب والسلم؟ ما لنا ولهم... ألم يكفِ ما دفعنا في لبنان من أثمان عن كل العرب؟

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,238,222

عدد الزوار: 6,941,669

المتواجدون الآن: 120