44 عاماً على «فتح»: هل تتجدّد السياسة الفلسطينية؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 31 كانون الأول 2008 - 5:33 م    عدد الزيارات 737    التعليقات 0

        

راسم المدهون... (* كاتب فلسطيني)
تصادف هذه الأيام ذكرى انطلاقة حركة التحرير الفلسطيني «فتح»، والتي شكّلت على الدوام العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية. وهو دور بارز صارت واضحة للجميع فاعليته وتأثيره بقيادة فتح للبرنامج السياسي الوطني للمنظمة، أي لمجموع الفعاليات الوطنية التي تستهدف تحقيق إنجاز وطني عام يخص كل الفئات الشعبية والسياسية، وهو البرنامج الذي اتجه منذ نهايات 1974 إلى «النضال من أجل تحقيق دولة فلسطينية مستقلة في المناطق الفلسطينية التي جرى احتلالها في حرب الخامس من حزيران 1967»، والذي أصبح برنامجا متبلورا بصيغة أدق وأكثر وضوحا بعد دورة المجلس الوطني الفلسطيني التي عقدت في العاصمة الجزائرية عام 1988 وحملت اسم «دورة إعلان الاستقلال»، خصوصا وقد تمخضت عن قبول فلسطيني لأول مرة بقرار مجلس الأمن الشهير 242.
لقد كان لذلك القبول دوره الحاسم في إنهاء الرّفض الأميركي للحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف بها. هو سياق سياسي صاخب، معقّد ومتشعب كما هي مسارات قضية فلسطين، ومع ذلك يمكن ملاحظة الدور البارز، الإستراتيجي والتكتيكي الذي لعبته فتح كي تضمن باستمرار بقاء المنظمة جزءا رئيسا من معادلة التسوية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وهي حال تحققت عبر محطات سياسية وكفاحية متعدّدة لعل أبرزها على الإطلاق الانتفاضة الفلسطينية الكبرى مع نهايات العام 1987 والتي كان لفتح الدور الأبرز في إنضاج عوامل اشتعالها كما في استمرارها، وهي الانتفاضة التي شكّلت الرّافعة الأهم لاتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية عام 1993 وأهم نتائجه تأسيس «السلطة الوطنية الفلسطينية» وعودة القيادة الفلسطينية ومعها أكثر من مائة وثلاثين ألفا من كوادر فصائل المنظمة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. اليوم، وبعد أربعة وأربعين عاما طويلا على الانطلاقة الأولى لحركة فتح كيف يبدو المشهد الفلسطيني؟
مراقبة ما يجري على الساحة الفلسطينية اليوم تكشف حالة انحدار غير مسبوقة على كافة الصعد، وفي كل المستويات، فالمشروع الوطني الفلسطيني وعنوانه الأهم الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية بات يواجه موانع حقيقية من اتجاهين:
الأول تقوده الدولة العبرية التي ترى في قيام دولة مستقلة للفلسطينيين انحسارا فعليا لمشروعها التاريخي في الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، وفي الوقت ذاته تأكيدا لوجود نقيضها الشعب الفلسطيني والذي قامت أسطورة الحركة الصهيونية على نفي وجوده جملة وتفصيلا. يمكن هنا رؤية المحاولات المستميتة والمتواصلة التي بذلتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لإيصال كل محاولات تحقيق التسوية مع الطرف الفلسطيني إلى طريق مسدود، وفي الوقت نفسه العمل بصورة حثيثة على تهويد الأرض الفلسطينية من أجل جعل قيام الدولة الفلسطينية أمرا مستحيلا فعليا على أرض الواقع
الثاني والمشروع السياسي الذي تقوده حركة المقاومة الإسلامية حماس، والذي ينطلق من رؤية مختلفة بل متناقضة مع المشروع الاستقلالي، إذ هو مشروع تتجاذبه تطلعات سياسية تنتمي لفضاء «إسلامي» خارجي أكثر مما يرتبط بوشائج محلية تحقق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني، أو هو بلغة «الإسلام السياسي» ينظر إلى فلسطين باعتبارها «أرض وقف إسلامي» لا تخص شعبها بقدر ما تخص المسلمين في كافة أرجاء الأرض، وهي المفاهيم التي وضعت هذا المشروع وأصحابه في موقع النقيض للمشروع الذي تقوده فتح، ومن ثم النقيض لفتح كحركة وطنية سياسية.
هي حالة غير مسبوقة بالتأكيد، وتنطوي على صراع بالغ الخطورة سرعان ما تجسّد في الحالة التي نشهدها هذه الأيام وأبرز سماتها الانقسام على كافة المستويات وما يتضمنه من صراعات دموية أدت إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية عمليا، والتمهيد لفصله سياسيا وقانونيا بعد التاسع من كانون الثاني (يناير) كما تؤكد حركة حماس من خلال تنصيب نائب رئيس المجلس التشريعي أحمد بحر رئيسا للسلطة بدعوى انتهاء مدّة رئاسة الرئيس أبو مازن، أي الانتقال بالانقسام الرّاهن إلى حالة وجود سلطتين ورئيسين بغض النظر عن شرعية وقانونية السلطة التي ستنشأ، وبغض النظر عن ما سينتج عن نشوء تلك السلطة «الواقعية» من تعميق للانقسام وزيادة الصعوبات أمـام محـاولات تجـاوزه واستعـادة الوحدة.
هي مصاعب جديدة تضاف إلى مصاعب الحالة الفلسطينية «التقليدية»، وأهمها تردي الحالة العربية، وغياب أدنى درجة من التضامن مع قضية فلسطين وكفاح شعبها، وهي مصاعب تصبح مضاعفة وعصيّة على الحل بالنظر إلى هشاشة النظام الرّسمي العربي، وعجز جامعة الدول العربية عن لعب دور فاعل في إنهاء الصراعات الفلسطينية – الفلسطينية ومساعدة الأطراف الفلسطينية على توحيد صفوفها في مواجهة الاستحقاقات المختلفة.
تواجه حركة فتح حاملة المشروع الوطني الفلسطيني كل ذلك بليـاقة أدنى، إذ تعيش حالة من الترهل وغياب الوحدة الحقيقية من صفوفها، وحاجتها الماسّة إلى تجديـد إطاراتها القيـاديـة وإعادة النظر في علاقاتها بالجماهير الفلسطينية وصولا إلى تصحيح هذه العلاقة بعد سنوات من وجودها في السلطة وقيادة مؤسساتها بما جرّه ذلك من تبعات ومسؤوليات عن العديد من أشكال الفساد الحقيقية أو التي فبركها لها خصومها من أجل تقليص دورها وحضـورها في الأوسـاط الشعبية.
هي استحقاقات تتفاعل اليوم بين صفوف أبناء حركة فتح وكوادرها على مختلف المستويات، وتجد عنوانها الأبرز في المؤتمر العام للحركة الذي يعلّق عليه الجميع آمالهم في تحقيق نهضة جديدة للحركة تساعد في رص الصفوف وتوحيد المواقف السياسية والتنظيمية والعودة من جديد إلى الحيوية في العلاقة مع الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات.
لقد بات المؤتمر غاية أو أقرب إلى الغاية، خصوصا وأنه هو ذاته يشهد تجاذبات حول موعد انعقاده ومن يحضره والقيادة التي ستنشأ عنه... هي الذكرى الرابعة والأربعون لانطلاقة حركة فتح. حدث بارز على الصعيد الوطني الفلسطيني يتطلع نحوها الفلسطينيون كي تكون حافزا لتجاوز المأزق الرّاهن والعودة من جديد إلى قيادة الدفة بكفاءة أعلى واقتدار أكبر.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,738,852

عدد الزوار: 6,911,589

المتواجدون الآن: 107