سنة 2008 المحطات الساخنة

لعلها المفارقة الأشد تعبيراً عما أحدثته سنة 2008 وسط معادلة معسكري 14 آذار و8 آذار ان تحمل نهايات السنة توازناً بالغ الهشاشة بين استخلاص العبر والدروس على ضفتي المعسكرين في مسألة قرار الحرب والسلم، فيما يمضي الفريقان في المشي على حبل مشدود فوق قاع الملفات المصيرية المفتوحة على مجهول.
والواقع ان السنة الآفلة كانت سنة المبارزة فوق الوادي السحيق، وعلى حبل مشدود ايضاً. انزلق لبنان بقوة مخيفة نحو بدايات استحضار حرب أهلية، ولكنه لم يسقط في القاع وأمكنه النجاة في اللحظة الحاسمة. ولأن الطبيعة تأبى الفراغ وتلفظه وغالباً ما تملأه حتى بالفوضى اذا عزّ النظام، بدأت نذر الفوضى تدبّ مع الاشهر الخمسة الأولى من السنة محمولة بإرث الفراغ الدستوري في رئاسة الجمهورية الى أن حلّ ايار، شهر المحطات المصيرية الثلاث التي اختصرت هذه السنة اللبنانية بكل تداعياتها، وحددت وجهة الدفة على نصف انفجار أهلي ونصف حلّ في أقل من ثلاثة أسابيع.
لم يهرول لبنان مرة نحو استعادة فصول قاتمة وسوداء من صفحات الحرب الأهلية منذ ولادة اتفاق الطائف مثلما فعل "بعضه" في أيار 2008. ولم يثبت لبنان مرة قدرته في اللحظة الأخيرة على تجنب السقوط في الدمار العميم مثلما فعل في ايار نفسه. كأنها معادلة المدمن في آخر مراحل الاستشفاء، التي غالباً ما تقوده إما الى الموت وإما الى الشفاء