هل قرّر القطبان الشيعيّان بعث الروح مجدّداً في المجلس الشيعي؟

تاريخ الإضافة الخميس 25 كانون الأول 2008 - 7:51 ص    عدد الزيارات 789    التعليقات 0

        

ابراهيم بيرم     
قبل ايام قليلة اخطأ رئيس مجلس النواب نبيه بري في اجتماع كوادر حركة "امل" في المصيلح، عندما خاطب الشيخ عبد الامير قبلان بصفته رئيسا للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، لكنه تدارك على الفور ليخاطبه بموقعه الحالي وهو نائب رئيس المجلس.
لم يكن الامر زلة لسان، او خطأ عابرا بل هو، وفق المطلعين عن كثب على الخريطة الشيعية الداخلية، خطأ متعمد ينطوي ضمنا على تلميح يقارب التصريح فحواه ان لحظة تعيين الشيخ قبلان بالاصالة في المنصب الذي شغله قبله الامام موسى الصدر ثم الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين قد باتت قاب قوسين او ادنى. ولم يعد سرا ان هذا الامر قد تم بناء على تسوية بين قطبي الساحة الشيعية بلا منازع حركة "امل" و"حزب الله" وهي تسوية عناوينها العريضة بحسب المصادر على النحو الآتي:
- تعيين الشيخ قبلان رئيسا، بموجب آلية دستورية يتم الاعداد لها بواسطة لجنة خبراء قانونيين ودستوريين.
- تعيين نائب رئيس خلفا للشيخ قبلان (من علماء الدين) ويبدو ان ثمة توجها راسخا الى ان يشغل هذا المنصب عالم دين من منطقة البقاع على الا يكون حزبيا بل يزكيه "حزب الله" ويوافق عليه الرئيس بري.
وهذا التفاهم، اذا بقي ثابتا فيعني وضع حد نهائي لمعلومات كانت سرت في السابق مؤداها ان الحزب يريد تسمية احد علمائه الدينيين القياديين لهذا المنصب.
- تألفت لجنة علمائية – زمنية مهمتها درس سبل ملء الشغور الحاصل منذ مدة في الهيئتين الشرعية والتنفيذية للمجلس، بالاعضاء الذين يحظون بطبيعية برضا الطرفين الاساسيين الممسكين بزمام القرار السياسي للطائفة الشيعية. على ان تراعي عملية الاختيار مسالة رفد الهيئتين بوجوه جديدة من رجال الدين وبكوادر متعلمة وكفية تحظى بالاحترام وتدل على ان ثمة رغبة اكبر في اعادة وصل المجلس بالطاقات وبالقطاعات المهنية في الطائفة.

- العمل لاحقا على تفعيل عمل اللجان المتعددة في المجلس، والمنصوص عنها في نظامه الداخلي، بعد رفدها ايضا بوجوه ورموز كفية وراغبة بالعمل على انهاض المجلس من سباته القسري.

- العمل لاحقا على ملء الشواغر الادارية والفنية في ملاكات المجلس.

واذا كان المشاركون في ورشة تطوير المجلس يفضلون عدم تحديد افق زمني لنهاية هذه العملية فان السؤال المطروح بإلحاح هو هل فعلا انفتحت ابواب ورشة انهاض المؤسسة الشيعية الاعلى، وبعث الروح فيها واعادة مد جسور الاتصال والتواصل بينها وبين القاعدة الشيعية العريضة وخصوصا النخب منها، التي تشكو ضمنا التهميش والاقصاء؟

الواضح ان الشيخ قبلان بدأ قبل مدة جهودا حثيثة لاعادة بث دورة حياة في اروقة المجلس وقاعاته الواسعة على طريق المطار، تمثلت اولا باستقبال اعضاء الجسم الاعلامي والصحافي للطائفة الى مأدبة سحور في الباحة الخارجية للمجلس، ولفت ذلك اليوم ان عددا من هؤلاء كانوا يلجون بوابة المجلس للمرة الاولى وان بعضهم يعاود الدخول اليه بعد طول انقطاع.
قبل يومين استضاف المجلس محامي الطائفة لمناسبة عيد الغدير، على أن تكون لهذه الخطوة استتباعات باستضافة الجسم الطبي بعد مدة، ثم جسم المهندسين فالتجار الى آخر السلسلة الطويلة.
يقر القريبون من المجلس ان هذه الخطوات مجتمعة تأخرت عن موعدها، واستطرادا تأخرت جسور العلاقة بين المجلس ومن يتعين ان يكونوا حاضرين معه وفي صلب نشاطه وموقعه، طويلا الى درجة ان بعضهم صار يشكك بجدوى المجلس وبتحقيق الغاية من وجوده المتأخر نسبيا عن بقية الطوائف اللبنانية.

لكن هذه الرؤية لها عند هؤلاء ما يبرّرها. فالمجلس كان دائما متعثر الخطى، ومكتوباً عليه ان يمر بظروف صعبة جدا. فلم يكن قد مضى على انشائه وانطلاقته سوى اعوام قليلة حتى اندلعت الحرب الاهلية اللبنانية التي هجّرت المجلس من مقره في الحازمية وبعد ذلك بأقل من ثلاثة اعوام غيّب رمزه الاكبر مؤسسه الامام الصدر وما زال. وبعدها تتالت النكبات الوطنية والحروب في الجنوب التي جعلت المجلس في وضع صعب يديره بالوكالة نائب رئيسه الامام الشيخ شمس الدين الذي توفى عام 2001 تاركا فراغا مدويا في عمل المجلس وفي الموقع السياسي للمجلس الذي اغنته شخصية الامام الراحل وغزارة علمه وسعة اطلاعه وعراقته في الفقه والسياسة والاجتماع.

ولا ريب ان الشيخ قبلان سعى لاحقا الى انهاض المجلس وتزخيم الحياة فيه عبر سلسلة خطوات، لكن التطورات المتسارعة التي اعقبت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما تلاها من ازمات وانقسامات وطنية حادة وضعت الطائفة برمتها في عين العاصفة، حالت دون استكمال الرحلة التطويرية التي كان بدأها مع حفنة من معاونيه وحواريه.

وعليه يضيف هؤلاء، وبما ان الامور عادت نسبيا الى طبيعتها بعد اتفاق الدوحة، وانتفت الى حد بعيد مظاهر الازمات الوطنية، صارت قوى الطائفة السياسية امام مهمة لا يستهان بها وهي التوجه الى اعادة الاعتبار الاكبر للمجلس ودوره وموقعه الذي فقده في مراحل متعددة بفعل الظروف والتطورات المعروفة.

ومع ان كل المعطيات والوقائع توحي ان الطرفين الشيعيين الرئيسيين يطمحان فعلا الى اعادة انهاض المجلس من كبوته وتفعيله، فان السؤال الذي يطرح نفسه هل الامر مجرد صفقة سياسية تتصل بتقاسم هذه المؤسسة الام، او انها خطوة نوعية عملانية في اتجاه تفعيل المجلس مؤسسات ودورا ليجسد بالفعل المهمات التي انشئ من اجلها نهاية عقد الستينات من القرن الماضي؟

وتزداد اهمية السؤال انطلاقا من اعتبارات عدة استجدت وافضت الى توسيع الحاجة الى المجلس ودوره، وفي مقدمها:

- اتساع جسم علماء الدين في الطائفة الى حدود غير مسبوقة تعزز دور الطائفة سياسيا واقتصاديا.

- تنامي مؤسسات الطائفة الوقفية والتربوية والصحية والثقافية.

- تطور القدرات المالية والعلمية للطائفة وابنائها.

- تطلع المرجعية الشيعية العليا في النجف الاشرف الى دور ريادي وعملي اوسع، بعدما استعادت الحوزة العلمية في المدينة الاقدس لدى الطائفة الشيعية حريتها ودورها اثر زوال نظام صدام حسين الذي قمعها على مدى عقود اربعة وافقدها تألقها ورمزيتها وتاريخيتها مذ تأسست على يد شيخ الطائفة الشيخ الطوسي قبل اكثر من الف عام في محيط مرقد الامام علي.
ولم يكن امرا عابرا ان يدشن المرجع الاعلى للطائفة السيد علي السيستاني اول انجازاته في لبنان باقامة صرح ثقافي ضخم وحديث على تخوم مقر المجلس (مركز الامام الصادق).
وثمة من يرى في النخبة الشيعية ان ثمة صعوبة كبرى في ان يسعى المجلس الى استعادة دوره السياسي المرجعي الذي كان له ايام مؤسسه الامام الصدر. واذا كان الطرفان الشيعيان الابرزان، قد بلغا حدود التفاهم على اهمية انهاض المجلس واعطائه مساحة اوسع في الحضور السياسي فان ذلك على بداهته لا يعني اطلاقا ان في مقدور المجلس استعادة ما فقده سياسيا.
واذا كانت حركة "امل" التي انطلقت في الاصل من رحم المجلس على يد مؤسسه قد قضمت بعد غياب السيد الصدر حيزا كبيرا من دور المجلس وتركته، فان "حزب الله" وما فرضه على الارض من وقائع سياسية واجتماعية وعسكرية اكمل حلقات الاجهاز على الدور السياسي المستقل والمؤثر للمجلس وعلى شخصيته الاعتبارية.
ومع ذلك التشخيص ثمة من يرى ان للطرفين الشيعيين مصلحة كبرى في اعادة الاعتبار الى المجلس لاعتبارات عدة ابرزها:
- ان يكون المجلس مؤسسة رمزية جامعة تحت عباءتها كل القوى والمرجعيات والمؤسسات الشيعية.

- ان التجربة السياسية القاسية الاخيرة لركني الطائفة اثبتت لهما الحاجة الملحة الى المجلس ودوره.

- من شأن هذه المؤسسة اذا ما فعلت ان تخفف الضغوط المتزايدة لفاعليات الطائفة ونخبها على كلا الطرفين، لان هذه النخب رفعت الصوت منذ مدة تسأل الجميع عن موقعها ودورها ولماذا يتم اهمالها واقصاؤها واختزالها؟

ولا ريب ان هذه النخب تتصرف من موقع ان لها دالة وفضلا على الطرفين الشيعيين فلم تخذلهما في وقت الشدة ولكن من حقها ان تسأل عن الأجر!

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,166,806

عدد الزوار: 6,758,447

المتواجدون الآن: 128