المعارضة دخلت في مرحلة ما بعد القرار الاتهامي

تاريخ الإضافة الخميس 20 كانون الثاني 2011 - 6:40 ص    عدد الزيارات 550    التعليقات 0

        

المعارضة دخلت في مرحلة ما بعد القرار الاتهامي

لم تكن المجموعات الشبابية التي نزلت قرابة السادسة صباح امس لبعض الوقت بشكل تجمعات مدنية، الى بعض مفترقات الطرق والشوارع الأساسية في قلب العاصمة، بتوجيه واضح من ركني المعارضة "حزب الله" وحركة "امل"، الا الايذان العملاني، بان مرحلة ما بعد القرار الظني الموعود التي حذر الكثير من رموز المعارضة مما يمكن ان يكتنفها من ابعاد، وما يمكن ان ينتج عنها من تداعيات قد انطلقت.
رسالة الامس الصباحية كانت كما بدا محدودة في الزمان والمكان اذ لم تستغرق سوى قرابة ساعة، لكنها عبارة عن رسالة مكثفة بالدلالات المضمرة ومشحونة بالمغازي وابرزها:
- ان هذه الخطوة العاجلة ستليها لا ريب خطوات اخرى قد تكون مماثلة او مختلفة، ولكن بدا جلياً انها خطوة في سباق متدحرج متدرج.
- ان هذه الخطوة تنطوي ضمناً على رسالة لمن روّجوا الفكرة ان الامن خط احمر وان الشارع خيار مستبعد لن يلجأ اليه احد، قد اخطأوا كثيرا وتداعت اساسات رهاناتهم التي بنوها من منطلق ان "حزب الله" والمعارضة باتا اعجز من ان تكرر تجارب مماثلة باستخدام الساحات والميادين والازقة الواسعة والضيقة على حد سواء.
- ان المعارضة تطلق هذا التحرك الميداني العملاني بعد ساعات على تسليم المدعي العام للمحكمة الدولية دانيال بلمار  قاضي الامور التمهيدية دانييل فرانسين مسودة القرار الاتهامي لتثبت فعلا انها عند تحذيراتها السابقة المكررة بأن ثمة يوما آخر وشأناً آخر بعد الاجراء المستجد في اروقة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
- ولا ريب ان تزامن هذه الخطوة في الشارع مع وصول وزيرا الخارجية التركي والقطري الى بيروت في محاولة جديدة لانقاذ الوضع اللبناني الواقف على تخوم مرحلة غير محددة، هو ايضا رسالة لهذين الموفدين اللذين يمثلان ولا شك تحركاً اقليمياً عربياً - دولياً موحى به اما لجس نبض الاطراف او لفرض صيغة تسوية معينة. وبالطبع فحوى الرسالة ان كل الخيارات مفتوحة بما فيها بل في مقدمها الخيار الذي سبق التحذير منه. ولا ريب ان ثمة تساؤلا مطروحاً فحواه هل ان هذه الحركة في الشارع التي تشبه الى حد بعيد التظاهرات الطيارة التي انتجتها الاتحادات الطالبية اليسارية في اوائل عقد السبعينات في محاولة منها لزيادة التناقضات مع النظام، ولربط النزاع معه، هي كل ما في جعبة المعارضة من اوراق مواجهة توعدت بها مراراً وتكراراً ومنذ اشهر.
دوائر القرار المعنية بالموضوع في "حزب الله" ما برحت تقيم على رغبتها في عدم الإفصاح عن نوع خطوتها التالية. في سياق المواجهة المفتوحة مع مرحلة ما بعد صدور القرار الظني، لكنها لا تنكر ان ما حصل هو عبارة عن "رأس جبل"، تحركات بعضها ثابت ومقرر وبعضها الآخر متحول، ستحصل وفق ردود الفعل ما يمكن أن ينجم عن  تداعيات وتطورات.
"خطة المواجهة" لا تقتصر على حدود ما حصل في الشارع امس، فهي وفق الدوائر عينها، بدأت عملياً منذ حزم وزراء المعارضة أمرهم واستقالوا مع الوزير الحادي عشر، لتنهار حكومة الرئيس سعد الحريري، بشكل فاجأ الكثيرين، وخصوصاً الخصوم في الداخل والخارج مما جعلهم يسرعون في خطواتهم وردود فعلهم، ومن بينها التعجيل في خطوة تسليم القرار الظني بعد ظهر أول من امس، لعل ذلك يعيد التوازن الى المشهد السياسي الذي بدا على مدى نحو يومين مائلاً بالكامل لمصلحة المعارضة.
لم تكن خطوة اسقاط حكومة الحريري في مقابل خطوة اسقاط المسعى السوري - السعودي الذي أبدت المعارضة تجاوباً حياله وروّجت طويلاً لاهميته واعتبرته خشبة خلاص، هي نهاية المطاف، إذ ان المعارضة ما لبثت ان أكملت ما اعتبرته "انتصاراً" سياسياً بإسقاط الحكومة، بالسعي الى تأليف حكومة وفق معاييرها هي ومقاييسها. وفي مقدمها ان لا تكون برئاسة الحريري، وذلك قبل أن يبادر رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط الى النكوص عن تعهدات كان أعطاها للمعارضة في بيروت وللقيادة السورية في دمشق بأنه الى جانبهم في معركة إبعاد الحريري عن رئاسة الحكومة، وقبل أن يطلق مقولته الاخيرة بأنه لا ينبغي ان نمشي في خيارات سياسية تخالف التوجهات الأعظم في الطوائف، لأن ذلك يشعرها بالتهميش والاقصاء، فتنتقل الى مرحلة "الإحباط" مما يفضي الى اختلال المشهد اللبناني القائم على قواعد ومعادلات دقيقة توزن عادة بميزان الذهب. ولم يكن نكوص جنبلاط عن وعوده لحلفائه الجدد (أي المعارضة وسوريا) الا في مقابل وعدين أحدهما بألا يعطى أصوات كتلته، أو تلك التي يمون عليها في هذه الكتلة، في الاستشارات الا بعد أن يحصل من الحريري على وعد بالالتزام المطلق لموجبات التفاهم السوري - السعودي المنجز. وحيال ذلك ثمة سؤال آخر يطرح نفسه بالحاح وهو هل ان المعارضة تخبط في حراكها خبط عشواء أم انها تلتزم نهج الواعي والمدرك كما ان الامور وما يحيط بها من تعقيدات وما يمكن أن ينتصب فيها من مفاجآت ليست في الحسبان؟
 لا تنكر الدوائر المعنية في "حزب الله" انها، خلافاً لكل ما يقال، تتصرف تصرف من خابت آماله وحوصر بعامل الوقت، وبظهور تطورات مفاجئة، بل انه ما زال في موضع المالك لزمام المبادرة والقابض على ناصية الاوضاع، منذ لحظة اسقاطه حكومة الحريري بالوسائل الديموقراطية الدستورية التي لا يرقى اليها الشك. فهو وإن تكن حساباته قد خابت في قدرته على الحصول على العدد الكافي من الاصوات التي تبيح للمعارضة التحكّم بعملية تأليف الحكومة الجديدة فإن هذه المعارضة، ما برحت قادرة على التحكّم بالمعطيات التي توصد الابواب امام تشكيل حكومة جديدة، اي ابقاء الفراغ الحكومي سيد الموقف على نحو يفرض واقعاً سياسياً تكون لها هي فيه اليد العليا.
هذا على المستوى السياسي العام. أما على المستويات الاخرى، فلا ريب، ان ثمة اعداداً دقيقاً لخطوات مرحلة ما بعد تسليم القرار الظني، وبالطبع ثمة مفاجآت، لا تخفي الدوائر عينها انها ليست بالضرورة من النوع السلس، فالمعارضة تعذر نفسها لانها سبق وان انذرت من يعنيهم الامر ان من حقها الدفاع عن نفسها بكل السبل، وكل يوم له مكيال خاص.
وهل ثمة رهان على ان ينتج التحرك التركي – القطري تطوراً يخترق جدران خزان الازمة؟
ان الدوائر المعنية في المعارضة لا تبدي كبير حماسة لهذه المبادرة المتأخرة الا انها لن تبدي الا التجاوب معها كون هذه المعارضة، كانت سباقة في الرهان على كل المبادرات التي تصدت لمسألة نزع فتيل الأزمة.

ابراهيم بيرم     
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,115,652

عدد الزوار: 6,935,448

المتواجدون الآن: 86