هل من دور للعرب؟

تاريخ الإضافة الخميس 18 كانون الأول 2008 - 9:14 ص    عدد الزيارات 818    التعليقات 0

        

بقلم كلوفيس مقصود     
يحتفل العالم الاسلامي والامة العربية بعيد الاضحى المبارك الذي يدفع المسلمين الى الصلاة والدعاء، ولكن يجب ان يكون العيد ايضاً مناسبة للمراجعة والتأمل. نشير الى الحاجة الملحة الى دمج الصلاة مع المراجعة والدعاء مع التأمل. فنحن جميعاً عرباً ومسلمين، نواجه تحديات صعبة ومصيرية، معظمها محاولات تطويق من الخارج وعدوان على شرعية حقوقنا الوطنية والقومية، ومنها تخطيط لتشويه صورة العرب وتزوير متعمد لدور الاسلام ورسالته ولكن لو كانت النواقص في الحالة العامة محصورة بمن ليسوا منا، لكان في استطاعة التعبئة العامة مواجهتها كما كان يحصل عندما كانت المواجهة واضحة في اثناء حركات الاستقلال الوطني والنضالات القومية. آنذاك كانت اعياد الاضحى مناسبات للشكر والاستنارة والتعرف الى بعضنا البعض والتعريف او بالاحرى التذكير، بالقيم والمناقب كي نجعل حيوية الثقافة الاسلامية كما هي في الواقع رافداً للحضارة الانسانية.
حبذا لو جاء عيد الاضحى مثلما كنا نحييه في غابر الزمان! ولكن ان نقول "حبذا" كتمنٍ، لا يعني ولا يجوز ان يعني اجترارا للتذمر او الاستقالة من التحريض، بمعنى ان المراجعة تنطوي على نقد الذات، لا للطمها. كما ان التأمل بدوره ينطوي على استشراف الرؤية واكتشاف عناصرها المضيئة وبالتالي التركيز على تفعيل طاقاتنا الكامنة في اختراق ظلاميات تغلق امام العالم الاسلامي والامة العربية مساحات وافرة لحضور ملهم.
لكن النواقص كثيرة، منها مستحث ذاتياً وليست دائماً من فعل الخارج، مما يعني ان معركتنا مع الخصوم تستوجب وحدة المواقف في كل ما يتعلق بالمصير والتهديدات الناتجة من اطماع في اوطاننا والساعين الى السيطرة على مقدراتنا وثرواتنا والمتعهدين دعم المشروع الصهيوني وخصوصاً التسامح مع عدواناته المتواصلة. لكن النقص الاكثر فداحة يكمن في الانقسامات الخطيرة بين الاقطار العربية وداخلها، مما يهدر طاقاتها ويبعثر مجهوداتها ويفقدها الحصانة التي توفر التلاحم في ما بينها ومناعة الوحدة الوطنية داخلها. فبدون هذه الحصانة المطلوبة، لا تؤخذ حقوقنا الشرعية بالجدية الضامنة لتلبيتها، كما ان التبعثر الذي يميز تعاملنا في المجال الدولي يحرم العرب وكثيراً من دول العالم الاسلامي الاحترام المرغوب فيه لتأمين التجاوب الكامل او حتى النسبي، مع الاهداف التي ندعو الى انجازها تمهيداً لضمان حقوقنا الوطنية والانسانية والانمائية.... ينطلق تشديدنا في مناسبة عيد الاضحى المبارك على مواجهة نقدية للذات عربياً واسلامياً، من استمرار استراتيجية مواجهة اسرائيل المرتبكة، كما ان الارتباك يتفاقم بشكل خطير حيث التشرذم في قيادة الشعب الفلسطيني وتداعياته المتواصلة. ولعل افدح الاضرار تكمن في المشاهد المأسوية في غزة، والتي ان استمرت دون معالجة فورية وجذرية فان ما تبقّى من صدقية لعدالة القضية الفلسطينية عرضة لاخراجنا القسري من اهليتنا لصناعة مستقبل الأمة بأسرها. فالعالم لن يفهم هذا التقاعس في التعبئة من جهة والضغط من جهة اخرى لاختراق هذا الحصار الاجرامي، وهو مجزرة انسانية تسبب ازمة وجدان لا اعتقد أن اي عربي او مسلم يتحملها... واذا كانت القضية الفلسطينية حاضراً وتاريخيا محورية – ويجب ان تبقى – فان ما يحصل في دارفور والصومال والعراق من ادمان لنزف الدماء والهدر لحيوية قائمة وممكنة، من شأنه الاستمرار في ترجيح القنوط على الامل، التشاؤم على التفاؤل والعبثية على ضرورة التحريض والوعي. اذا كان هذا التشخيص ينغص علينا فرحة العيد، فهذا يعود الى ان ما هو حاصل لم يعد محصورا في حال الامة العربية، بل ان ما قد يحصل بين الهند وباكستان اثر العملية الارهابية على مومباي، يزيد التعقيدات التي بدورها قد تجعل جنوب آسيا وما يسمى الشرق الاوسط ساحة لفوضى هدامة قد يصعب على المجتمع الدولي ضبط انفلاتها، وبالتالي الالحاح على ضرورة اتخاذ اجراءات فورية، خصوصاً ان الحكومتين الديموقراطيتين في اسلام أباد ونيودلهي اصيبتا بمزيد من الوهن، مما يعزز فرص المتربصين من اصوليين هندوسيين واسلاميين لتهديد الامن، لكون الدولتين لديهما اسلحة الدمار الشامل، وخصوصاً ان شبكات الارهاب من الذين يتلطون وراء شعارات دينية ليس عندها اي رادع اخلاقي وديني يمنعها من استعمال اي سلاح يتوافر للقيام بالعمليات التي تستهدف اشاعة الخوف واجهاض كل احتمال للانسان والانسانية للمشاركة في الاستفادة من مشاريع البناء والتطوير ومن دفء العلاقات الانسانية اجمالا، والتي بدورها تثري الثقافة. كما ان الارهاب يستهدف تدمير التطور حتى يرتدع كل من يبادر الى اثراء المعرفة، وكل من يساهم في مكافحة الامراض، وكل من يبدع في مجالات الفن والاداب والعلوم، وكل من لديه قدرة على رفع مستوى الحياة.
صحيح ان الارهاب قد حرّف بعض التطورات الواعدة، الا ان مكافحته أدت الى إرساء سياسات طمأنة أفضت الى اجراءات عُلقت في اثناء تطبيقها حقوق دستورية ومدنية، لكونها ربطت بين ضرورات الطمأنة ومقتضيات الامن..... لذلك نجد ان كلاً من الهند وباكستان لديه نظم ديموقراطية. وفي الهند الديموقراطية متواصلة الى حد كبير، وفي باكستان متقطعة الا انها أنيا قائمة. وثمة حاجة لان تبقى متمكنة، على رغم ان رئيسها علي زرداري وحكومته المنتخبة لا تزال غير مستقرة بما يضمن امساكها الكامل باجهزة الحكم، وهذا ما اعترف به الرئيس الباكستاني.
في الهند، جاءت العمليات الارهابية في مومباي لتضع حزب الكونغرس العلماني في موقع الدفاع ازاء تحدي حزب اليمين الهندوسي الذي يعزز التشكيك في "ولاء" المسلمين، ولا يزال تراث جواهر – لال نهرو وانديرا غاندي ماثلاً في الدفاع عن النظام الحامي لحقوق كل الهنود، خصوصاً المسلمين الذين اختاروا البقاء مواطنين في الهند بعد التقسيم عام 1947، وكان هذا الانتماء جعل الهند تقول انها ثالث دولة اسلامية من حيث عدد السكان المسلمين، مما ساهم تاريخيا في تعزيز علاقاتها مع الدول العربية والعالم الاسلامي اجمالاً. الا ان هذه العلاقات طرأ عليها بعض التعديل بحيث تطورت العلاقات الاستراتيجية مع اسرائيل، رغم اصرار الهند على التزاماتها حيال القضية الفلسطينية. وعلى رغم صحة ادعائها في هذا الشأن فان قضية كشمير المجمدة دوليا تبقى مرشحة لانفجارات – موقتة في معظمها – لكنها في خلفية استمرار التوتر، والذي يبقى ذريعة لباكستان انها هي المؤهلة لضمها، لكون معظم سكانها مسلمين، ولأن الهند مصرة على علمانية نظامها لا تجيز لها التخلي عنها لكون اكثرية سكانها من المسلمين. في كلا الحالتين، تبقى الاوضاع متوترة، لكن بدون فتيل الانفجار ما دام النظامان مترسخين في نظم غير شمولية يفرض على المجتمع الدولي الحرص على الحد من الانزلاق في اي صدام بين الدولتين.
التحدي للعرب في هذا الصدد يكمن في انهم اكثر اهلية – اذا نسقوا مواقفهم – للاسهام في معالجة جذرية لهذا الخلاف بين الهند وباكستان، لأن العرب كانوا دوماً جسر التواصل بين هذين الشعبين، وكان الاسلام هو العامل اللاحم والجاذب حتى عندما تحاربا عام 1965، وكنت شاهداً على ما قام به العرب وقياداتهم من جهد بنّاء ادى الى اختزال الصراع وعودة العلاقات الصحية بينهما..... هل من دور لنا؟... صحيح ان موقع العرب الآن عالميا ليس كما كان في السابق، لكن هذه مناسبة، عيد الاضحى المبارك، لأن نقوم او على الاقل ان نساهم ايجاباً في القيام بمبادرة تعيد توظيف رصيد تاريخي ثقافي، لعل هذا يسترجع حضورنا الفاعل ويساهم في سد الثغر في واقعنا الراهن، ونستعيد للامة العربية نجاعتها وللعالم الاسلامي حضوره كمنارة مضيئة في خدمة السلام والعدالة، في كل مكان وزمان. عندئذ لا نعود نردد: بأي حال عدت يا عيد"؟

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,795,344

عدد الزوار: 6,915,395

المتواجدون الآن: 121