حقيقة التعهدات المتبادلة بين الأسد واسرائيل ورسالة عربية الى أوباما: الأولوية لفلسطين وليس للجولان

تاريخ الإضافة الخميس 18 كانون الأول 2008 - 9:11 ص    عدد الزيارات 788    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبو النصر     
"حذّر مسؤول اميركي سابق، يعمل حالياً في فريق الرئيس المنتخب باراك اوباما، المسؤولين السوريين خلال اتصالات جرت معهم أخيراً "من ان نظام الرئيس بشار الاسد سيتحمل مسؤولية فشل عملية التفاوض السورية – الاسرائيلية اذا ما تمسك بضرورة انسحاب اسرائيل الكامل من الجولان المحتل الى حدود 4 حزيران 1967 واراد في الوقت نفسه الاحتفاظ بتحالفه الوثيق مع ايران و"حزب الله" و"حماس" والقوى المتشدّدة الأخرى المعادية للسلام في المنطقة.
وجاء هذا التحذير بعدما ابلغت الحكومة الاسرائيلية سراً الى السوريين عبر الوسيط التركي انها ترفض الالتزام رسمياً الانسحاب الكامل من الجولان الى حدود يتم التفاهم في شأنها قبل ان تحصل على ضمانات في شأن حاجاتها ومتطلباتها المائية والأمنية وقبل ان تحصل ايضاً على رسالة خطية رسمية تحدّد فيها القيادة السورية طبيعة  العلاقات ونوعيتها التي ستقوم بينها وبين ايران و"حزب الله" وحماس وغيرهما من التنظيمات المتشددة في حال تم التوصل الى اتفاق سلام سوري – اسرائيلي. وفي هذا الاطار طلبت ثلاث دول عربية معنية بالأمر من الرئيس أوباما اعطاء الاولوية وتركيز جهود ادارته على حل النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي وليس على حل النزاع السوري – الاسرائيلي اولاً، لأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع مع الدولة العبرية وحتى مفتاح السلام في المنطقة".
هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية وعربية وثيقة الاطلاع في باريس، واوضحت ان الرئيس الأسد هو الذي قدم اساساً اقتراحاً يقضي بتبادل التعهدات الرسمية بين سوريا واسرائيل وخصوصاً في ما يتعلق بموضوع الانسحاب من الجولان وذلك قبل بدء المفاوضات المباشرة بين البلدين. وقد حدث ذلك حين قدم الأسد في ايلول الماضي الى الحكومة الاسرائيلية، عبر رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، وثيقة تتضمن 6 نقاط تحدّد مطالب سوريا لتحقيق السلام. وشدد على ضرورة حصوله على رد اسرائيلي عليها. واطلق المسؤولون الاتراك على هذه الوثيقة اسم "وديعة الأسد" وأكدوا لرئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت ان الرئيس السوري مستعد للانتقال الى مرحلة التفاوض المباشر مع اسرائيل بعد تلقيه الرد الاسرائيلي الخطي عليها والمقبول منه وبعد مجيء ادارة اميركية جديدة "مقتنعة" بضرورة تحقيق السلام بين البلدين. واكدت المصادر الاوروبية المطلعة ان النقطة الأهم في هذه الوثيقة السورية تتضمن مطالبة الحكومة الاسرائيلية بالالتزام خطياً ورسمياً وبوضوح مبدأ "الارض في مقابل السلام" والانسحاب الكامل من الجولان الى خط 4 حزيران 1967، وبتحديد عدد من النقاط على خط الحدود هذا لتأكيد الانسحاب الاسرائيلي رسمياً اليه... واوضحت المصادر الاوروبية المطلعة ان خط الرابع من حزيران 1967 "ليس موضع تفاوض او مساومة" بالنسبة الى الأسد، وان الرئيس السوري يريد تجنّب تكرار تجارب والده الراحل حافظ الأسد مع اسرائيل لأن المفاوضات السورية – الاسرائيلية فشلت أساساً في عهد ادارة كلينتون بسبب الخلاف على حجم الانسحاب من الجولان، اذ رفض الاسرائيليون الانسحاب الى حدود 4 حزيران 1967. وعلى هذا الأساس يريد بشار الأسد الحصول على التزام خطي اسرائيلي بالانسحاب الكامل من الجولان الى حدود 4 حزيران 1967 قبل بدء المفاوضات المباشرة بين البلدين لضمان نجاحها ولتأليف تغطية سياسية ملائمة لها، وبهدف اقناع حلفاء سوريا بجدوى هذه المفاوضات وشرعيتها ما دامت تنطلق من ضمان استعادة الارض المحتلة بالكامل.
حقيقة "وديعة رابين"... الواقع ان قضية الانسحاب الاسرائيلي من الجولان الى حدود 4 حزيران 1967 بالذات هي قضية اساسية بل جوهرية بالنسبة الى كل من سوريا واسرائيل. فقد رفض حافظ الاسد توقيع اتفاق سلام مع اسرائيل عام 2000 في عهد ادارة كلينتون، وبعد جولات عدة من المفاوضات، لأن ايهود باراك رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك وافق على الانسحاب الكامل من الجولان ولكن ليس الى حدود 4 حزيران 1967، اذ انه طالب بتعديل طفيف في هذه الحدود لكي تحتفظ اسرائيل بالسيادة الكاملة على بحيرة طبرية وبشريط حدودي يبلغ عمقه 400 متر حول البحيرة للسماح للاسرائيليين بالتحرك بحرية في هذه المنطقة. وحين قدم الرئيس السابق كلينتون هذا العرض الاسرائيلي الى الاسد في قمة جنيف في آذار 2000 رفضه وأصر على وصول السوريين الى الضفة الشرقية الشمالية لبحيرة طبرية وهو ما ينسجم تماما مع خط حدود 4 حزيران 1967 وما يؤدي الى منح سوريا حق المشاطأة وفقاً للقانون الدولي ويسمح لها بالتالي بتقاسم مياه هذه البحيرة مع اسرائيل. وفشلت المفاوضات آنذاك بسبب تمسك باراك بموقفه. ووفقا لما قاله لنا ديبلوماسي اميركي مطلع: "ان بحيرة طبرية تشكل خطاً احمر بالنسبة الى اسرائيل لأنها تؤمن لها اكثر من ثلث مواردها المائية. ولن يستطيع اي رئيس حكومة اسرائيلي قبول تقاسم مياه هذه البحيرة مع سوريا او التخلي عن خضوعها للسيادة الاسرائيلية الكاملة وإن وصلت المفاوضات مع السوريين الى طريق مسدود. ولذلك رفض جميع رؤساء الحكومات الاسرائيلية التعهد خطيا بالانسحاب من الجولان الى حدود 4 حزيران 1967 لأن ذلك يعني وصول السوريين الى ضفة بحيرة طبرية وتقاسم مياهها مع الاسرائيليين"... ماذا عن "وديعة رابين" الشهيرة التي يتمسك بها المسؤولون السوريون ويقولون انها تتضمن تعهدا رسميا من اسحق رابين رئيس الحكومة الاسرائيلية الراحل بالانسحاب الكامل من الجولان الى حدود 4 حزيران 1967 في مقابل السلام الكامل بين البلدين؟
الحقيقة ان "وديعة رابين"، وخلافا لما يشاع، لم تتضمن تعهدا اسرائيليا بالانسحاب الى حدود 4 حزيران 1967. وهذا ما كشفه بوضوح دنيس روس منسق عملية السلام سابقا والذي قام بدور محوري في مفاوضات السلام الفلسطينية – الاسرائيلية والسورية – الاسرائيلية في عهد ادارة كلينتون والمرشح لأن يتولى منصبا مهما في ادارة اوباما. واوضح ان "وديعة رابين" هي على النحو الآتي: "مطلع آب 1993 عقد اجتماع مهم بين اسحق رابين رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك ووارن كريستوفر وزير الخارجية الاميركي. وقد شاركت فيه. واكد رابين للوزير الاميركي في هذا الاجتماع انه مستعد لأن يقدم الى الولايات المتحدة، وليس الى سوريا، تعهدا رسميا بأن اسرائيل ستنسحب بشكل كامل من الجولان، من دون تحديد خط 4 حزيران 1967 بوضوح، في مقابل السلام الكامل مع سوريا، واقدام حافظ الاسد على تلبية حاجات اسرائيل ومطالبها الحيوية وامتناعه عن ربط اتفاقه المحتمل مع الدولة العبرية بمصير مفاوضات السلام الفلسطينية – الاسرائيلية. وطلب رابين من كريستوفر ان ينقل هذا التعهد الى الاسد وان يؤكد له ان حاجات اسرائيل ومطالبها الحيوية المرتبطة بهذا التعهد هي الآتية:
أولاً، إن الانسحاب الاسرائيلي من الجولان يجب ان يتم على مراحل وليس دفعة واحدة، وخلال فترة زمنية تستمر خمس سنوات.
ثانياً، يجب ان توافق سوريا على تطبيع العلاقات مع اسرائيل وتبادل التمثيل الديبلوماسي والسفراء معها بعد تنفيذ المرحلة الاولى من الانسحاب من الجولان وقبل اتمام الانسحاب الكامل من الارض السورية.
ثالثاً، التطبيع الكامل للعلاقات بين سوريا واسرائيل يجب ان يشمل التبادل التجاري، والتعاون السياحي بين البلدين.
رابعاً، يجب ان يتم التفاهم على ترتيبات امنية بين البلدين ترضي الاسرائيليين، وان يتولى الاميركيون ادارة محطات انذار مبكر يتم وضعها في مرتفعات الجولان لضمان الامن بين البلدين بعد توقيع اتفاق السلام.
خامساً، يجب ان تتم تلبية حاجات اسرائيل من المياه.
وطلب رابين من كريستوفر احاطة هذه القضية بالسرية التامة وعدم كشف مضمون هذا التعهد الى ان تبدأ المفاوضات بين سوريا واسرائيل على اساسه".
ووفقا لما قاله لنا ديبلوماسي غربي مطلع على هذه القضية: "ان رابين كان يعني بالانسحاب الكامل من الجولان الانسحاب الاسرائيلي الى الحدود الدولية التي رسمتها بريطانيا وفرنسا بين فلسطين وسوريا عام 1923 ، مما يتيح لاسرائيل فرض سيطرتها الكاملة على بحيرة طبرية وعلى بعض منابع المياه ومصادرها في الجولان، ولم يكن واردا لدى رابين اطلاقا التخلي عن السيادة الكاملة على بحرية طبرية والسماح للسوريين بالوصول الى ضفتها وتقاسم مياهها مع الاسرائيليين، ولذلك لم يتم التوصل الى اتفاق سلام سوري – اسرائيلي آنذاك على اساس وديعة رابين"... واضاف: "إن وديعة رابين تتضمن مطالبة سوريا بتقديم تنازلات جوهرية لاسرائيل، وهي في اي حال ليست وثيقة خطية موقعة من السوريين والاسرائيليين، ولذلك فهي ليست ملزمة قانونيا لأي رئيس حكومة اسرائيلية".
المأزق السوري – الاسرائيلي.... وضمن هذا الاطار، اكدت لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية وثيقة الاطلاع ان ايهود اولمرت بعث اخيرا الى بشار الاسد عبر الاتراك برد خطي على طلبه الحصول على تعهد اسرائيلي بالانسحاب الكامل من الجولان الى حدود 4 حزيران 1967 كشرط لبدء المفاوضات المباشرة مع اسرائيل. وقد طلب اولمرت في رده هذا من الاسد ان تحدد سوريا خطيا ورسميا تصورها لطبيعة ونوعية العلاقات التي ستقوم بينها وبين ايران و"حزب الله" و"حماس" والقوى المتشددة في حال تم التوصل الى اتفاق سلام بين البلدين، ووفقا لهذه المصادر الاوروبية فان اولمرت مستعد لتعهد بالانسحاب الكامل من الجولان مع التمسك بسيادة اسرائيل الكاملة على بحيرة طبريا، ولكن في مقابل تعهد الاسد بالتخلي عن تحالفه الاستراتيجي مع ايران، وبوقف كل انواع الدعم لـ"حزب الله" وحماس وغيرهما من التنظيمات المتشددة المعادية للسلام، على ان يقدم الرئيس السوري تعهده هذا بالصياغة التي يراها ملائمة... واكد لنا ديبلوماسي غربي مطلع ان "الاسد يرفض تقديم اي تعهد لاسرائيل بالتخلي عن تحالفه مع ايران وبوقف كل انواع الدعم لـ"حزب الله" وحماس وخصوصا قبل انتهاء المفاوضات بنجاح، ولذلك فان عملية التفاوض السورية – الاسرائيلية ستواجه مأزقا حقيقيا اذا لم يتراجع السوريون عن مطلبهم الاساسي المتعلق بحجم الانسحاب من الجولان، ولم يظهروا مرونة اكبر في التعامل مع مطالب اسرائيل المتعلقة بوضع بحيرة طبرية وبمصير التحالف السوري – الايراني".... وفي هذا المجال كشفت لنا مصادر ديبلوماسية عربية وثيقة الاطلاع ان ثلاث دول عربية معنية بالامر قدمت اخيرا الى الرئيس المنتخب اوباما، خلال اتصالات معه ومع بعض مستشاريه، طلبا يدعوه الى اعطاء الاولوية للعمل على حل النزاع العربي – الاسرائيلي بشكل شامل وتركيز الجهود الديبلوماسية على المسارات الثلاثة الفلسطيني والسوري واللبناني في وقت واحد، على اساس مبادرة السلام العربية وقرارات مجلس الامن ذات الصلة. واكدت هذه الدول العربية في اتصالاتها انه اذا لم تكن ادارة اوباما قادرة على حل النزاع العربي – الاسرائيلي بجوانبه المختلفة، فيجب ان تعطي الادارة الاميركية حينذاك الاولوية لحل النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي وليس لحل النزاع السوري – الاسرائيلي، لأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع مع اسرائيل ولأن الفلسطينيين يعانون من الاحتلال وليست لديهم دولة ويستحقون ان تتركز كل الجهود الاميركية والدولية على تأمين حقوقهم ومطالبهم المشروعة... وأبدت هذه الدول استعدادها الكامل لمساعدة اوباما على حل المشكلة الفلسطينية بطريقة عادلة وبما يؤدي الى قيام الدولة الفلسطينية في اقرب وقت ممكن.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,722,526

عدد الزوار: 6,910,378

المتواجدون الآن: 104