الدور الإقليمي لتركيا: تساؤلات حول المؤهلات الاقتصادية..

تاريخ الإضافة الخميس 19 نيسان 2018 - 7:04 ص    التعليقات 0

        

الدور الإقليمي لتركيا: تساؤلات حول المؤهلات الاقتصادية..

الحياة...حسين معلوم .. لم تكن تصريحات وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، منذ أشهر، حول «إن تركيا لن تصبح أبداً عضواً في الاتحاد الأوروبي، ما دام يحكمها أردوغان»، مجرد وجهة نظر شخصية، ولم تكن، في الوقت نفسه، نتيجة الخلافات المتصاعدة بين تركيا وألمانيا، بقدر ما كانت تُعبر عن رؤية ألمانية لحقيقة الوضع الداخلي في تركيا، سواء على المستوى السياسي، أو على الجانب الاقتصادي. تصريحات غابرييل، تلك، جاءت في حوار أجرته معه صحيفة «بيلد» واسعة الانتشار (24 آب- أغسطس الماضي) أكد فيه: «ليس هذا لأننا لا نريدهم، وإنما لأن الحكومة التركية وأردوغان يهرولان بعيداً من كل ما تدافع عنه أوروبا». ترى، هل هذا يُفسر، أيضاً، الموقف الفرنسي من انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً إذا لاحظنا اقتراح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على نظيره التركي (في كانون الثاني- يناير الماضي)، «شراكة» بدلاً من الانضمام (؟). وهو الاقتراح الذي رفضه أردوغان. أياً كان الأمر، فلم يكن وزير الخارجية الألماني هو الوحيد الذي انتقد سياسات أردوغان، وتحديداً منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. التقرير الذي أصدرته مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية، في واشنطن (13 آب- أغسطس الماضي)، كان تكفّل، كذلك، بتوجيه انتقادات حادة إلى الرئيس التركي، إذ أكد أن «استغلال أردوغان لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تقويض الديموقراطية، أدى أيضاً إلى آثار كارثية على البلاد». وأوضح التقرير أن «الرئيس التركي استغل حالة الطوارئ في البلاد لتأسيس حكم المراسيم المباشرة»، مؤكداً أنه «إذا لم يُنه أردوغان تدخله الكارثي في الأسواق التركية، فإن الاقتصاد المتقلب في البلاد قد يصبح أحد الضحايا القادمين من الانقلاب». لا نغالي، إذاً، إذا قلنا إن تصريحات وزير الخارجية الألماني، وتقرير مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية، يعطيان مؤشرات سلبية حول الاقتصاد التركي، ومستقبله، خصوصاً تلك المتعلقة بـ «تسييس» النظام التركي للبنوك. أضف إلى ذلك بعض التقارير الأخرى، ومن بينها تقارير صندوق النقد الدولي، التي تشير إلى ارتفاع الدين الخارجي لتركيا، في عهد أردوغان. هذا، فضلاً عن فقدان الليرة التركية نحو 6.5 في المئة من قيمتها أمام الدولار، هذا العام، بسبب مخاوف من أن تؤدي مساعي أردوغان نحو خفض سعر الفائدة، إلى بقاء التضخم عند مستوى يبتعد كثيراً من الأعلى في 14 عاماً، فضلاً عن ارتفاع العجز في ميزان المعاملات التجارية. ولعل ذلك كله، ما يطرح التساؤل حول مستقبل تركيا السياسي والإقليمي، في إطار هذه الوضعية الاقتصادية. رغم أن أردوغان أعلن، عند توليه رئاسة الحكومة التركية، أن هدف تركيا هو التحول إلى واحد من أكبر عشرة اقتصادات في العالم بحلول العام 2023، تاريخ الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس الجمهورية التركية الحديثة، رغم ذلك، فإن الأرقام الدالة على قيمة الديون التركية، خصوصاً الخارجية منها لا تؤشر إلى إمكانية تحقيق هذا الهدف الطموح. فمن بين سلسلة من المعوقات التي تهدد بأزمة طويلة، قد تواجه الاقتصاد التركي، وتتسبب في مصاعب كثيرة لوضعية هذا الاقتصاد، تأتي مشكلة الديون في المقدمة، فقد أعلنت وزارة الخزانة التركية (22 أيار- مايو الماضي)، أن إجمالي أرصدة الديون، الذي يشمل الديون المستحقة على مؤسسات القطاع العام، والبنك المركزي، والشركات الخاصة، والأفراد، بلغ 223.4 بليون دولار، في نيسان (أبريل) 2017، في حين بلغ إجمالي ديون الحكومة المركزية 217.5 بليون دولار. فإذا تناولنا مشكلة الديون، قبل ذلك بسنوات، وتحديداً في العام 2014، سنجد أن إجمالي ما كان ينبغي سداده، مع نهاية العام 2015، وصل إلى 166.6 بليون دولار. يعني هذا، أن مؤشر الديون التركية يسير في شكل متصاعد منذ نهاية العام 2013، إلى منتصف العام 2017. وهو ما يعني، أيضاً، أن الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام التركية، قبل سنوات ثلاث، من أن تركيا سدّدت آخر قسط من ديونها، وأنها أصبحت «دولة بلا ديون»، لم يكن سوى مناورة، لدفع الأتراك إلى تبني نظام يتولى الرئيس بموجبه سلطات تنفيذية، بديلاً عن النظام البرلماني، الذي حكم تركيا لعقود طويلة مضت. فقد كان هذا القسط الأخير، من الديون المستحقة على تركيا، لمصلحة صندوق النقد الدولي، وبالطبع، لم يشمل الديون المستحقة لحكومات أجنبية، وبنوك، ومؤسسات مالية وغير مالية، وكذا لا يشمل سندات الاقتراض التي أصدرتها تركيا في الأسواق العالمية. إلا أن المشكلة، هذه، ستزداد حدتها بالتأكيد في إطار المتاعب التي تواجه الليرة التركية، وفي ظل سياسات أردوغان في شأن «تسييس البنوك». فهو لم يكتف بتقليص صلاحيات وزير الخزانة، بعد صراع بينه وبين البنك المركزي التركي، بل عارض أكثر من مــرة رفع سعر الفائدة، رغم التراجع في قيمة الليرة التركية. ونلاحظ أن أردوغان منذ نهاية العام 2016، وهو يتدخل في عمل السياسة المصرفية، حيث طالب المواطنين بتحويل مدخراتهم الدولارية إلى الليرة، لإنقاذها من التدهور التاريخي الذي سجلته قيمتها، بعد أن بلغت 3.6 أمام الدولار. ولنا أن نلاحظ، أيضاً، أن الرئيس التركي مازال يتمسك بموقفه هذا، إذ تعهد أخيراً بخفض أسعار الفائدة، رغم ملامسة الليرة التركية أدنى مستوياتها أمام الدولار: 4.1. في هذا السياق، تبدو ملامح المشكلات الاقتصادية التي تواجهها تركيا، والتي ستستمر، على الأقل في المدى المنظور. فمع ارتفاع سعر الدولار، ستنكشف أكثر فأكثر مواطن الخلل، وهو الأمر الذي يؤشر إليه تراجع التصنيف الائتماني للاقتصاد التركي من جانب الوكالات الدولية، ورفع كلفة الديون الخارجية، والتراجع النسبي في جاذبية الاستثمار على خلفية تناقص قيمة العملة التركية، فضلاً عن السياسات التركية الداخلية منذ الانقلاب الفاشل الذي شهدته البلاد.

 

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,523,062

عدد الزوار: 6,898,655

المتواجدون الآن: 91