حققوا الاستقرار في كراتشي ليتحقق الاستقرار في الباكستان
الأربعاء 10 تشرين الثاني 2010 - 3:48 م 
494 
0
| حققوا الاستقرار في كراتشي ليتحقق الاستقرار في الباكستان 05 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 |
في سياق الحرب المستمرة في المنطقة، تتركز مشاكل الباكستان الاقتصادية والتنموية أحياناً كثيرة من خلال منشور التطرف والإرهاب. إلا أن أكثر مشاكل الدولة إلحاحاً تنشأ أحياناً كثيرة من مشاكل في تخصيص الموارد والسياسة المحلية. لذا تشكّل كراتشي عالماً مصغّراً لمصادر قلق الباكستان التنموية والسياسية، والتي تشغل بال الباكستانيين العاديين، وهي بالتالي تستحق اهتمام المجتمع الدولي.
بحسب هيئة حقوق الإنسان في الباكستان، كانت هناك أكثر من 260 جريمة قتل مستهدفة في كراتشي خلال الشهور الستة الأولى من عام 2010. ففي منتصف تشرين الأول/أكتوبر، أدت الانتخابات المحلية إلى صدامات بين الأحزاب السياسية المتناحرة قُتل فيها أكثر من 40 شخصاً وجرح ما يزيد على 50 شخص آخر. وفي 19 تشرين الثاني/أكتوبر، قُتل 29 شخصاً في عمليات إطلاق نار واسعة من قبل مهاجمين مجهولي الهوية في يوم واحد فقط في كراتشي. وكانت الجريمة الأبرز في تلك الفترة مقتل الدكتور عمران فاروق، عضو مؤسس لحزب عقائدي سياسي مركزه كراتشي هو الحركة الوطنية المتحدة، في لندن في أيلول/سبتمبر. وقد أشارت جريمة قتله إلى انتقال حرب المواقع في كراتشي إلى أبعاد دولية.
يمكن الشعور بالنتائج الاقتصادية لعدم الاستقرار السياسي هذا في كافة أنحاء الدولة، إذ يأتي 70% من ضريبة الدخل و62% من ضريبة المبيعات اللتين تجمعهما الحكومة الباكستانية من مقاطعة السند، ويتأتى 94% منها في كراتشي، عاصمة المقاطعة. لا عجب إذن أن يقول رحمان مالك وزير الخارجية أكثر من مرة أن زعزعة استقرار كراتشي تعني زعزعة استقرار الباكستان.
تتعدد وجوه أسباب العنف في كراتشي، ويمكن إرجاعها إلى التحديات الخطيرة الحاسمة التي تواجه سكان المدينة الذين يتنامى عددهم. فمنذ خمسينات القرن الماضي، وسكان كراتشي الذين ما فتئ عددهم يتنامى يفتقرون إلى الموارد والبنية الأساسية الحضرية الحيوية.
نتيجة لذلك انتشرت مافيات الأراضي غير القانونية انتشار النار في الهشيم لخدمة احتياجات كراتشي التنموية. ولدى هذه المافيات علاقات وثيقة مع الأحزاب السياسية، حيث يسهل الحصول على أصوات السكان ذوي الدخل المحدود في المشاريع الإسكانية من خلال وعود بتوفير الماء والكهرباء أو خطوط المجاري في مناطقهم. ويمكن للرابط المتواجد بين التخطيط المدني الضعيف والحاجة للسيطرة الإقليمية في السياسة أن يقدم تفسيراً جزئياً للتصعيد الأخير في العنف: بما أن الانتخابات المحلية جارية، تحاول الأحزاب السياسية الحصول على دعم المافيات ذات التأثير القوي.
وإذا أخذنا بالاعتبار أن كراتشي مدينة مهاجرين، نرى أن للعنف السياسي كذلك بعداً عرقياً، إذ يمثل حزب الحركة الوطنية المتحدة المشارك في الحكم السكان الذين يتكلمون اللغة الأردية في المدينة، والذين تصل ارتباطاتهم العرقية إلى شمال الهند. ويدعي الحزب الغريم، وهو حزب الشعب الوطني، من ناحية أخرى دعمه لسكان المدينة من البشتون الذين يزدهر عددهم ويشملون العمّال الذين يهاجرون إلى المدينة ذات الميناء بحثاً عن فرص العمل. ومن المثير للانتباه أن كلا الحزبين يشكل جزءاً من التحالف الحاكم على المستويين الفيدرالي والإقليمي.
كذلك وقعت كراتشي، وهي موطن لأكثر من 3000 مدرسة دينية إسلامية، وبشكل متقطع منذ تسعينات القرن الماضي، في قبضة العنف العرقي. وقد اضطرت هجمات الجيش على مخابئ المتشددين المسلّحين في المناطق القبلية أعضاء الجماعات العرقية الممنوعة إلى العودة إلى كراتشي واستئناف نشاطاتهم هناك.
تحتاج الحكومة الباكستانية وبشكل ملّح إلى مراعاة نداءات المجتمع المدني والإعلام لإجراء تحقيق قضائي في أعمال القتل المستهدفة في كراتشي. وقد وعد الوزير الرئيس في السند، سيد قيّم علي شاه، منذ تموز/يوليو بإجراء تحقيقات في العنف، ولكن دون نتيجة.
يتوجب على الحكومات الغربية التي تبنّت على نحو تقليدي توجهاً أحادي البعد حيال الباكستان أن تبدي كذلك اهتماماً متزايداً باستقرار كراتشي. تستطيع جماعات حقوق الإنسان العالمية أن توجه الانتباه لضحايا العنف السياسي في كراتشي بنفس الأسلوب الذي تبرز فيه الضحايا المدنيين لهجمات العنف السياسي في الباكستان بنفس الأسلوب الذي تبرز فيه الضحايا المدنيين لهجمات الطائرات بدون طيار. ويستطيع المجتمع الدولي كذلك أن يشارك الحكومة الباكستانية المعلومات حول كيفية تشكيل لجان حقيقية ومصالحة بشكل ناجح لمساعدة الفصائل العرقية المتناحرة في كراتشي في التفاوض على السلام.
في أعقاب الفيضانات المدمرة هذا الصيف، تحمل عملية ضمان بقاء قلب الباكستان التجاري النابض متمتعاً بالسلام من أجل الازدهار الاقتصادي في كافة أنحاء الدولة، تحمل أهمية أكبر من أي وقت مضى. ولا يستطيع المجتمع الدولي البدء في التعامل مع الاحتياجات المحلية بأسلوب له معنى إلا من خلال الاعتراف بأن الجمهور الباكستاني مضطر للتعامل مع قضايا أكثر إلحاحاً من التطرف.
###
* هوما يوسف صحفية وباحثة من كراتشي، وهي حالياً مبعوثة عالمة من الباكستان في مركز وودرو ويلسون العالمي للعلماء في واشنطن العاصمة. كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.
مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية، 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2010
www.commongroundnews.org