خيارات حزب الله تتأرجح: التغيير الديمقراطي·· أم التهديد الإنقلابي!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 9 تشرين الثاني 2010 - 4:49 ص    عدد الزيارات 498    التعليقات 0

        

 

 خيارات حزب الله تتأرجح: التغيير الديمقراطي·· أم التهديد الإنقلابي!
صلاح سلام

لم يعد الوضع الداخلي المُربك والمتداعي يسمح باستمرار السجالات العقيمة، والتراشقات العنيفة، بين الأطراف السياسية المتواجهة، لأن التجارب المريرة أثبتت للجميع أن <حوار الطرشان> عبر المنابر الإعلامية لا يُوصل الى حل، وأن الأجدى والأنفع هو الجلوس الى طاولة حوار جدّي ومسؤول، للبحث عن مخارج وحلول لأزمة تهدد الوفاق و·· الكيان!

 

لقد أصبحت مواقف تيار المستقبل وحلفائه في <14 آذار> معروفة بوضوح، دون لبس أو إبهام، كما مواقف <حزب الله> وحلفائه في 8 آذار، خاصة في ما يتعلق بالخلاف المحتدم حول عمل المحكمة الدولية والقرار الظني أساساً، لأن بقية المتفرعات، بما فيها ملف <شهود الزور>، تبقى من تفاصيل لزوم ما لا يلزم، عندما يتركز النقاش على الموضوع الأساس·

والمفارقة الغريبة أن حدّة الخلافات بين الفريقين، وانعكاساتها السلبية على استقرار البلد ومستقبله، لم تُقنع حزب الله وحلفاءه بفتح قنوات الحوار مع تيار المستقبل وفريقه، رغم كل الدعوات التي أطلقها زعيم المستقبل للتلاقي منذ رمضان الماضي·

وفيما المشاورات والاتصالات العربية والاقليمية ناشطة عبر قنوات الحوار، أو من خلال الزيارات المباشرة، خاصة بين الرياض ودمشق، بحثاً عن صيغة حل للأزمة اللبنانية الراهنة، تبقى قنوات الحوار اللبناني - اللبناني مقفلة، والحد الأدنى من الاتصالات مجمداً، والبحث عن الحلول غائباً، أمام هذه الموجات المتتالية من التهويل والتهديد بالثبور وعظائم الأمور، فور صدور القرار الإتهامي!!

* * *

ليس من الحكمة اعتبار القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية، بمثابة نهاية العالم، حتى ولو تضمّن اتهاماً لأفراد، عملوا سابقاً، أو ما زالوا يعملون مع حزب الله·

وليس من الشجاعة إطلاق تلك المجموعة من السيناريوهات، وترويع الشركاء في الوطن عبر تسريبات تروّج لمغامرات عسكرية شبه إنقلابية، ولمخططات تقلب الطاولة على الجميع، وتعمل على رسم مشاهد من الخوف والقلق في رؤوس اللبنانيين، أين منها ما حصل في سنوات الإنقسام، من اعتصامات ومصادمات، بلغت ذروتها في أحداث 7 أيارالأسود·

وليس من الواقعية بشيء، أن يتخيّل طرفا لبنانيا، سواء كان طائفة أو حزباً أو حتى فريقاً سياسياً، أنه قادر لوحده أن يتصدى لأي خطر يتهدد أمن واستقرار البلد، أو يؤثر على تماسك صيغة العيش المشترك·

الاعتماد على القوة العسكرية وحدها، مهما بلغ فائضها، لا يحل المشاكل في لبنان، بل يزيد الخلافات تعقيداً، والتفرّد بتحديد الخيارات واتخاذ القرارات، نيابة عن كل اللبنانيين، لا يحقق انتصاراً، ولا يضمن استمراراً للطرف الذي يحاول أن يفرض إملاءاته على الآخرين بقوة عضلاته، بعيداً عن أساليب الحوار وبمنأى عن مقاييس المنطق ودون الاخذ بعين الاعتبار لقواعد المصلحة الوطنية العليا·

* * *

قد يكون بين اللبنانيين من يخشى من مخاطر تحول سلاح المقاومة الى الداخل ومن عواقب ما يصيب المعادلة الوطنية من خلل، في حال الاصرار على التصرف وكأن فريق 8 آذار دائماً على حق، وخصومه يناصرون دوماً الباطل··،

ولكن لا نخال ان بين اللبنانيين من يحاول شطب حزب الله، وما يمثل، من المعادلة السياسية، وليس من السهل على اللبنانيين السكوت على أية محاولة لاستهداف الحزب، او قياداته وكوادره، تنفيذاً لمخططات اميركية او اسرائيلية مشبوهة، وما حصل من التفاف لبناني وطني حول الجيش والمقاومة في حرب تموز 2006، ما زالت صورته حيّة في الاذهان، وكان له التأثير الكبير في إفشال العدو الاسرائيلي في تحقيق اهدافه·

ثمة خلافات موصوفة بين حزب الله وقوى سياسية لبنانية عديدة، ولكن هذه الخلافات ما زالت في اطار التنوع السياسي والديمقراطي الذي يتميز به النظام اللبناني، خاصة وان تجارب الحروب المريرة اثبتت، وبأفدح الاثمان، ان لا احد يستطيع ان يلغي احداً في لبنان، وان لا احد يستطيع ان يأخذ دور الآخر في معادلة وضعت قواعدها بدقة ميزان الذهب!

وانطلاقاً من معطيات الصيغة اللبنانية وواقعها الحالي، يصبح السؤال مبرراً ومشروعاً:

لماذا لا ينتهج حزب الله طريق الحوار مع الآخر، بدل اعتماد اساليب التهديد والتهويل والترويع، وصولاً الى الصيغة المناسبة لمواجهة تداعيات المحكمة والقرار الظني، والتوافق على خريطة قانونية صحيحة لمعالجة ملف <شهود الزور>؟·

* * *

لم يعد خافياً أن تغليب خيار القوة والإنقلاب يعني القفز بمغامرة أمنية غير محمودة العواقب، مهما كانت نتائجها الفورية، لأن هذا الخيار سيفتح أبواب جهنم أمام الفوضى المسلحة، ويتيح المجال لولوج تنظيمات التطرف والغلواء الساحة اللبنانية، والعمل على <عرقنة> الوضع اللبناني، من خلال نقل كل أمراض الفتن المذهبية والطائفية الى نسيج الوطن الصغير·

في حين أن اعتماد النهج الديمقراطي السليم متاح حالياً أمام حزب الله، كقوة سياسية رئيسية في المعادلة الوطنية، لا سيما ان الأحاديث التي يروج لها حلفاء الحزب عن تغيّر معادلة الأكثرية والأقلية، بحيث تصبح الأكثرية مع قوى 8 آذار بعد <تعهد> النائب وليد جنبلاط بالتصويت الى جانب الاقلية الحالية في مجلس الوزراء، مما يُفقد 14 آذار مقاعد الأكثرية الحالية في الحكومة، وتتم عملية تداول السلطة بين الفريقين!·

وإذا سلمنا جدلا بإمكانية تبادل موقعي الأكثرية والأقلية بين 14و8 آذار، فهذا يعني أن طريق التغيير الديمقراطي في اطار المؤسسات اصبح متاحاً للحزب وحلفائه، وهو الطريق الاسلم والأضمن من كل الخيارات الأخرى، وخاصة خيار المغامرات العسكرية والإنقلابية!·

في هذه الحالة، يحق لقوى 14 آذار أن تمارس في مقاعد المعارضة التكتيكات التي كانت تمارسها قوى 8 آذار، وفي مقدمتها التهديد بالإنسحاب من الحكومة أو من جلسات مجلس النواب، لتعطيل اي قرار لا يحظى مسبقاً بنعمة التوافق!·

منطق الامور يفرض على حزب الله انتهاج طريق التغيير الديمقراطي السليم، بكل هدوء، وبنضوج سياسي، بعيداً عن محاولات حلفائه باخفائه بوابل من القنابل الدخانية الحافلة بشتى خطابات التهديد والتهويل والترويج للإنقلاب الآتِ·· ولو على حساب الأمن والإستقرار، والصيغة والكيان!·

صلاح سلام

 

 

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,794,399

عدد الزوار: 6,915,337

المتواجدون الآن: 113