معلومات أوروبية: "حزب الله" لن ينفذ انقلاباً عسكرياً

تاريخ الإضافة السبت 6 تشرين الثاني 2010 - 5:01 ص    عدد الزيارات 513    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
معلومات أوروبية: "حزب الله" لن ينفذ انقلاباً عسكرياً
خصوم المحكمة يخسرون على كلّ الجبهات إذا قاوموها بالسلاح

"استبعدت دراسة جديدة قام بها ديبلوماسيون وخبراء أوروبيون، استناداً الى معلومات تلقوها من بيروت ودمشق وعواصم أخرى والى تقويمهم لمسار الأوضاع اللبنانية، أن ينفذ "حزب الله" بالتعاون مع حلفائه المحليين والاقليميين انقلاباً مسلحاً لتسلم السلطة أو عملاً عسكرياً واسع النطاق من أجل محاولة وقف عمل المحكمة الخاصة بلبنان ومنع صدور قرار ظني يتهم عناصر منه بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وربما في جرائم سياسية أخرى ومن أجل الرد على صدور هذا القرار. والدراسة التي رفعت الى جهات أوروبية رسمية شددت على أن التهديد بعمل عسكري كبير يمكن أن يقوم به "حزب الله" يدخل في سياق الحرب السياسية - النفسية - الاعلامية التي يشنها الحزب مع حلفائه على المحكمة ومؤيديها والتي تشمل دعوة أمينه العام السيد حسن نصر الله المسؤولين اللبنانيين والمواطنين الى مقاطعة المحققين الدوليين واثارة قضية شهود الزور. ولكن من المستبعد أن ينتقل الحزب من التهديد الى التنفيذ.
وأوضحت هذه الدراسة الأوروبية ان عملية عسكرية كبيرة يقوم بها "حزب الله" ستكون مغامرة بل مجازفة خطرة لن تحقق هدف وقف المحكمة ولن تؤمن للحزب مكاسب ولن تمنحه القدرة على قلب الأوضاع في لبنان لمصلحته ولمصلحة حلفائه، اذ ان عملية كهذه ستجعل الحزب يواجه تهديدات غير متوقعة داخلياً واقليمياً ودولياً تلحق به وبحلفائه الأضرار".
هذا ما أدلت به مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس تملك نص هذه الدراسة. وقالت ان الدراسة أوردت العوامل والأسباب الأساسية الآتية التي تدفع الى استبعاد قيام "حزب الله" بعمل عسكري كبير في لبنان:
أولاً - يملك "حزب الله" امكانات تسلحية وبشرية تمنحه نظرياً القدرة على تفجير الأوضاع في مناطق لبنانية عدة. لكن القول ان الحزب قادر على التصرف عسكرياً وأمنياً على نطاق واسع وكما يريد في لبنان وعلى التحكم بمسار الأوضاع فيه يتطلب وجود حال من الفراغ في وجهه ويتطلب تحديداً غياب الدولة ومؤسساتها الشرعية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية - الأمنية أو استسلام الدولة واللبنانيين عموماً للحزب ولحلفائه. وهذا الافتراض خاطئ تماماً ويتناقض مع الحقائق والوقائع في الساحة اللبنانية ومع التأكيدات والتطمينات التي تلقتها جهات عربية ودولية بارزة من أركان الحكم اللبناني ومن القيادات الرسمية المدنية والعسكرية والأمنية.
ثانياً - اذا انطلق "حزب الله" من قضية المحكمة أو حاول استغلالها لينفذ عملاً عسكرياً كبيراً من أجل محاولة فرض ارادته وشروطه على اللبنانيين فانه لن يصطدم بالاستقلاليين المتمسكين بالمحكمة بل بالدولة ومؤسساتها الشرعية، فيكون الحزب شرع في تنفيذ انقلاب مسلح على الدولة لتغيير الأوضاع في البلد لمصلحته ولمصلحة حلفائه بالقوة وبطريقة غير دستورية وغير قانونية وغير شرعية. وستكون حينذاك القوى العسكرية والأمنية النظامية في خط الدفاع الأول عن الدولة والمواطنين وستعمل على احباط خطط الانقلابيين المسلحين. وأفادت الدراسة الأوروبية أن المعلومات التي تملكها دول عربية وأجنبية وجهات دولية معنية بمصير لبنان تفيد ان الجيش "لن يسمح بتكرار عملية 7 أيار 2008 العسكرية التي قام بها "حزب الله" في بيروت وبعض المناطق الجبلية، ولن يقف على الحياد ويترك المسلحين يتصرفون كما يريدون ولن ينحاز الى أي فريق بل انه سيتدخل مع القوى الأمنية بكل حزم وتصميم لمنع تفجير الأوضاع ولحماية الوطن وأبنائه من أي حركة مسلحة أو فوضى أمنية ادراكاً منه انه يملك الشرعية والصلاحيات الكاملة للقيام بذلك وان الجيش يضمن وحدته ويتجنب الانقسام والتفكك اذا ما أدى واجباته وحافظ على أمن المواطنين وسلامتهم وعلى السلم الأهلي والنظام". ولن يتمكن "حزب الله" من السيطرة على الحكم فعلاً من خلال تنفيذ عملية عسكرية خاطفة وسريعة، نتيجة موازين القوى المختلفة في الساحة اللبنانية، بل ان السعي الى تحقيق هذا الهدف سيفجر حرباً أهلية طويلة تلحق الخراب والدمار بالبلد ولن يخرج أي فريق منها منتصراً. وهذا الواقع البالغ الخطورة يجعل "حزب الله" يمتنع حتى الآن عن اتخاذ قرار بتنفيذ عمل عسكري تغييري كبير.

 

المجازفة بمصير لبنان

ثالثاً - قيام "حزب الله" بعمل عسكري كبير يسقط عنه صفة التنظيم المقاوم لاسرائيل اذ يكون استخدم "سلاح المقاومة" في الداخل على نطاق واسع ليحاول أن يفرض بالقوة على اللبنانيين عموماً مطالبه وشروطه. ومثل هذا التطور يعني أن تنظيماً لبنانياً متحالفاُ مع سوريا وايران يريد أن يحكم البلد بالقوة المسلحة وليس من خلال الانتخابات النيابية والعملية الديموقراطية، وهو لن يستطيع تنفيذ عمل كبير كهذا من دون الاتفاق سلفا مع القيادتين السورية والايرانية. وحصول ذلك سيخلف انعكاسات سلبية على علاقات نظام الرئيس بشار الأسد مع دول عربية وأجنبية بارزة وسيزيد التصميم الدولي والعربي على مواجهة النظام الايراني وخططه الاقليمية وسيفتح الباب أمام تحركات دولية وعربية واقليمية جدية لاحباط أي محاولة انقلابية كهذه ولمنع ضم لبنان الى المحور المتشدد السوري - الايراني بسبب التداعيات الخطرة لمثل هذا التحول في موقع هذا البلد.
رابعاً - أي عمل عسكري كبير يقوم به "حزب الله" سيتخذ طابعاً طائفياً نظرا الى تركيبة النظام اللبناني التي يعكسها خصوصاً تقاسم السلطة بين الأفرقاء على أساس طائفي وليس على أسس سياسية وحزبية. ومثل هذا العمل العسكري سيعني ان الطائفة الشيعية التي يقودها "حزب الله" تريد أن تخرق ميثاق العيش المشترك وتفرض ارادتها وسلطتها على طوائف أخرى، مما يؤدي الى فتنة عميقة ويفجر نزاعاً طائفياً بالغ الخطورة. ومثل هذا التطور لن يحقق للحزب المكاسب بل سيلحق به الأضرار.
خامساً - أي عمل عسكري كبير يقوم به "حزب الله" سيقضي على التوافق الوطني وعلى اتفاق الدوحة الموقع في أيار 2008 والذي حظر استخدام السلاح والعنف في الصراع الداخلي لأي سبب من الأسباب، كما انه سيقضي على اتفاق الطائف الذي أنهى عام 1989 الحرب الأهلية ووضع صيغة جديدة لتقاسم السلطة وصلاحيات الحكم وتوزيع المسؤوليات والمناصب والوظائف على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وهي صيغة تبناها الدستور اللبناني. والانقلاب على الطائف يطيح صيغة المناصفة هذه ويفتح الباب أمام محاولة الفريق المسلح فرض صيغة أخرى سيرفضها أفرقاء كثر وخصوصاً اذا ما اعتمدت المثالثة مما يقلص الى حد كبير نفوذ المسيحيين في البلد وضعف دورهم. وهذا الأمر، في حال حصوله، يزرع بذور نزاعات وفتن داخلية عميقة تستمر طويلاً.
سادساً - قيام "حزب الله" بعمل عسكري كبير لمحاولة وقف عمل المحكمة أو لمنع صدور القرار الظني أو لمواجهة القرار الظني اذا تضمن اتهاماً لعناصر من الحزب بالتورط في جريمة اغتيال الحريري ورفاقه وربما في جرائم أخرى، يعني ان الحزب مستعد للمجازفة بمصير لبنان ولزعزعة أمنه واستقراره ولجره الى حرب أهلية من أجل محاولة "اقناع" اللبنانيين ببراءة عناصره وبعدم مشاركتهم في هذه الجرائم أو من أجل معاقبة المسؤولين عن صدور القرار الظني، وبذريعة انه يريد حماية المقاومة الوطنية من أي اتهامات مسيئة اليها كهذه. وهذه مسؤولية كبيرة يتحملها "حزب الله" في حال انتقاله من المواجهة السياسية مع المحكمة الى المواجهة المسلحة معها ومع المتمسكين بها. وذريعة استخدام القوة المسلحة من أجل حماية المقاومة من تداعيات القرار الظني لن تقنع الغالبية العظمى من اللبنانيين، كما ان هؤلاء لن يقتنعوا فعلاً بأن الرد الملائم والصحيح على أي قرار ظني يكون بتفجير الأوضاع في البلد. واذا ما قام "حزب الله" بعمل عسكري كبير في الساحة اللبنانية فانه لن يكون في حال دفاع مشروع عن الذات اذ ان أي فريق لم يعتد عليه ولم يهاجمه بل انه سيكون في موقع المعتدي على المواطنين المتمسكين سلمياً بالعدالة والمطالبين بمعرفة حقائق الجرائم السياسية - الارهابية التي هزّت لبنان وزادت تصميم المجتمع الدولي على تأمين الحماية له. وأي عمل عسكري كبير له يلحق الأضرار والأذى بخصوم "حزب الله" وحدهم بل بجميع اللبنانيين من مختلف الطوائف والانتماءات فيجعلهم يدفعون ثمناً باهظاً وهم الذين يواجهون ظروفاً معيشية وحياتية بالغة القسوة. ولن يلقى العمل العسكري الكبير دعماً شعبياً جقيقياً خصوصاً ان الرد الملائم والمناسب والطبيعي على أي اتهام يمكن أن يوجهه المدعي العام الدولي دانيال بلمار الى أشخاص معينين يكون بتكليف محامين مهمة الدفاع عنهم أمام المحكمة الخاصة التي أنشأت مكتباً للدفاع تؤمن تمويله من موازنتها وهو ما ليس له وجود في أي محكمة ذات طابع دولي.

 

خسائر على كل الجبهات

سابعاً - قيام "حزب الله" بعمل عسكري كبير بسبب المحكمة يجعل الحزب في حال مواجهة ليس مع الغالبية الواسعة من اللبنانيين فحسب بل أيضاً مع المجتمع الدولي ومع دول عربية واقليمية عدة، كما ان عملاً كهذا ستكون له انعكاسات سلبية على العلاقات بين السنة والشيعة في المنطقة. وهذا الوضع يزيد حجم الأخطار التي يواجهها "حزب الله" سواء نتيجة تحالف الحزب الوثيق مع ايران التي تخوض معركة قاسية كبرى مع المجتمع الدولي بسبب برنامجها النووي واستراتيجيتها الاقليمية، أم نتيجة استعدادات اسرائيل لشن حرب على الحزب ومواقعه وكذلك على مواقع ومنشآت عسكرية في سوريا من منطلق ان امكانات الحزب التسلحية تشكل "تهديداً استراتيجياً" للدولة العبرية وفقاً لما يقوله المسؤولون الاسرائيليون. ولن يستطيع "حزب الله" تجاهل هذا الواقع الاقليمي - الدولي وهو يخوض معركته مع المحكمة ومؤيديها.
ثامناً - اذا نفذ "حزب الله" عملاً عسكرياً كبيراً فانه سيخسر على كل الجبهات. فهو، أولاً، لن يكون قادراً، بامكاناته الذاتية، على تسلم الحكم مع حلفائه بالقوة المسلحة لأنه سيصطدم في وقت واحد بالجيش والقوى الأمنية وبالواقع الطائفي الذي لن يسمح لطائفة بأن تهيمن وحدها على البلد، كما أنه سيصطدم بتصميم اللبنانيين وفي غالبيتهم الكبرى على الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم ومكتسباتهم بكل الوسائل المتاحة وقد أثبتوا انهم قادرون على ذلك حين أنهوا بانتفاضتهم السلمية الضخمة مرحلة الهيمنة السورية على البلد. ولن يستطيع "حزب الله"، ثانياً، "اقناع" نظام الرئيس الأسد بارسال قواته مجدداً الى لبنان لمساعدته على تسلم السلطة لأن ذلك يشكل انتهاكاً فاضحاً لسيادة لبنان واستقلاله ولقرارات عدة أصدرها مجلس الأمن وسيدفع الدول الكبرى الى التدخل بسرعة لاحباط أي محاولة سورية كهذه في حال حصولها، وهي مستبعدة. ولن يستطيع "حزب الله"، ثالثاً، من خلال عمله العسكري انهاء مهمة المحكمة ومنع صدور القرار الظني أو وقف تداعيات مضمون هذا القرار، مما يعني انه سيفشل في تحقيق هدفه الأساسي هذا. وسيكون "حزب الله"، رابعاً، في وضع داخلي صعب وحرج سياسياً وعسكرياً وشعبياً اذا ما عرّض لبنان وأبناءه لأخطار كبيرة بذريعة حماية المقاومة من القرار الظني، ولن يستطيع اقناع الكثيرين بأن المسؤولين عن الأوضاع المتفجرة في البلد هم أهالي ضحايا الاغتيالات والمتمسكون بالعدالة وليسوا الذن نفذوا هذه الاغتيالات أو الذين يستخدمون السلاح للاستقواء على الآخرين.
وخلصت الدراسة الأوروبية الى القول: "ان هذه العوامل والأسباب تدفع الى الاعتقاد ان "حزب الله" لن ينفذ انقلاباً عسكرياً ولن يقوم بعمل عسكري كبير ضمن سياق معركته مع المحكمة، وان أي محاولات أخرى يقوم بها كالدعوة الى العصيان المدني أو اسقاط الحكومة أو شلّ الحياة السياسية لن تحقق له أهدافه بل ستكون لها انعكاسات سلبية عليه وعلى حلفائه وستزيد تصميم المجتمع الدولي على محاسبة المتورطين في الجرائم السياسية - الارهابية، وهم المسؤولون الحقيقيون عن المأزق الخطر الذي يواجهه لبنان واللبنانيون حاليا. وفي أي حال، ان "حزب الله" لم يتجاوز حتى الآن الخطوط الحمر في معركته مع المحكمة ولم يتخذ القرار العسكري الكبير الذي يعرضه ويعرض لبنان لأخطار جسيمة".
 

بقلم عبد الكريم أبو النصر     

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,398,686

عدد الزوار: 6,948,347

المتواجدون الآن: 92